الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الذكرى السنوية لوفاة الدكتور علي كريم سعيد

سلمان شمسة

2004 / 2 / 24
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


 ها هو العام يمر بأيامه ال(365) سريعاً و يكاد ينقضي على رحيل الكاتب والسياسي الدكتور علي كريم سعيد، الذي خسرناه نحن الذين صادقناه عن قرب وعرفناه بعمق، لأنه كان متميزاً بدماثة الأخلاق والوفاء الكبير لوطنه أولاً ولأصدقائه ثانياً ويتمتع بمشاعر إنسانية ووطنية صادقة وعميقة ويتميز  بعلاقات واسعة وعميقة مع شرائح وطنية وسياسية من مختلف الأحزاب الوطنية أو الكردية وحتى الإسلامية .
          لقد انتهت حياة الدكتور علي كريم  بعد قيامه بموسم الحج في مدينته الحبيبة الثانية(دمشق)، بعد مدينته الحبيبة الأولى (النجف الأشرف) الذي كان يأمل ويتمنى العودة لها لكي يتغلغل بها أكثر وهي المدينة التاريخية والثورية التي كان يأمل التَمعن بها وببناياتها وآثارها ومدارسها وقبة الإمام علي بن أبي طالب(ع) التي تنورها.
         لم يكن علي كريم بعثياً إعتيادياً ، بل كان وطنياً حقيقياً قبل وأعمق من أن يكون بعثياً. ويدلل على ذلك قطعاً كتبه التي ألفها وهي : أصول الضعف ( دراسة في الميل العربي المشترك)، عراق 8 شباط 1963( من حوار المفاهيم إلى حوار الدم). ويحتوي الكتاب الثاني مفارقة جعلت هذا الكتاب لا يُباع أو يوزع في دمشق، لأن البعثيين السوريين اعتبروا أن الدكتور علي قد تجاوز على حزب البعث وفضح بعض أسراره، رغم أن الأساس بالكتاب هو مراجعات في ذكريات وزير خارجية حزب البعث ( طالب شبيب) بعد استلام حزب البعث السلطة بإنقلابه ، الذي أدى لإستشهاد الزعيم عبد الكريم قاسم وقتل الكثير من الشيوعيين العراقيين  ونحر ثورة 14 تموز، التي هددت مصالح الإستعمار البريطاني ومصالح أمريكا في المنطقة فساعدوا البعثيين بالوصول إلى القصر  الجمهوري ليس مرة ً واحدة ، بل مرتين حيث ساعدت المخابرات البريطانية وصول البعثيين إلى السلطة مرة ً أخرى في 17- تموز-1968. وقد كانت تعليقات وهوامش الدكتور علي كريم  أقرب للحقيقة وفيها إدانة لتسلكات وتجاوزات البعثيين. أما كتابه الثالث (البيرية المسلحة – حركة حسن سريع وقطار الموت) وهو كتاب أنصف الشيوعيين العراقيين أروع إنصاف وفضح جرائم البعث العراقي بالمعطياة التاريخية والمشاعر الصادقة، لدرجة أثارت بعض الإحتجاجات القاسية من قبل البعثيين حتى اليساريين منهم والقريبين منه، بل أنهم تعجبوا أن يكتب الدكتور علي كريم كتابه بذلك الإسلوب المنصف لنضالات الشيوعيين وبنفس الوقت يوجه الإتهامات القاسية للبعث العراقي. علماً بأن البعث قام لاحقاً بجرائم أكبر وأقسى تجاه مختلف القوميات العراقية وخصوصاً الشعب الكردي و الطائفة الشيعية. وله مشروع كتاب آخر لم يرَ النور في حياته وكان حريصأ على طباعته ( وكأنه كان يعلم قرب وفاته)  تحت عنوان( حول مستقبل العراق السياسي) ونأمل أن يظهر الكتاب بأسرع وقت إغناءاً للمكتبة العربية من قلم نظيف ونظرة شاملة وإخلاص متناهي لبلده العراق.
           لقد خسر أصدقاء الدكتور علي كريم بوفاته شخصأ دافئأ ومخلصأ وكريمأ بمعنى الكلمة ومعانيأ معاناة طويلة ومأساوية. إلا أن غيابه عن وطنه الذي كان يحبه ويتغزل به ويشتاق إليه دومأ هو أشد المعاناة والضريبة من أجل الحفاظ على نظافة عقله  وضميره ، فقد حُرم من بلده الحبيب على مدى أكثر من إثنين وثلاثين عامأ متواصلأ ، حيث أنه أجبر على مغادرة وطنه وتركه لكلية الهندسة التي كان يدرس فيها في عام 1970 بعد أن أرادت سلطة البعث إلقاء القبض عليه لأنه كان محسوبأ على البعثيين اليساريين، الذين تعرضوا لحملة اعتقالات من قبل سلطة البعث حينذاك بقيادة البكر وصدام. وقد تعرض الدكتور علي كريم وعائلته الطيبة إلى هزة نفسية عنيفة عندما أقدمت سلطة الطاغية عام 1984 على إعدام أخيه المهندس الشهيد صفاء كريم  رميأ بالرصاص واعتقال والدته  لمدة تزيد عن سنة ونصف ثم اعتقال أخيه محمد لمدة سبع سنوات. وهكذا نرى أن عائلة صديقنا المرحوم علي كريم قد دفعت دماء وضريبة وطنية بأغلى صورها، كما هو حال الألاف من العوائل العراقية التي تعرضت للظلم والإضطهاد الكبيرين من النظام البعثي الصدامي                     لقد وقف قلب الصديق العزيز علي كريم وتوفى في مدينة دمشق ليُدفن بالقرب من ضريح السيدة الغريبة زينب (ع) وبجوار عدد من شعراء العراق الذين هم الأخرون لم يستطيعوا العودة لوطنهم حتى بعد مماتهم مثل شاعر العرب محمد مهدي الجواهري وعبد الوهاب البياتي والشيخ مصطفى جمال الدين وغيرهم.
          المؤلم جدأ هو أن علي كريم الذي كان في غاية الشوق لرؤية عراقه محررأ من النظام البعثي لم ينتظر قلبه أو يصمد شهرأ ونصف ليرى سقوط النظام البعثي وسقوط  تماثيل ذلك الرئيس الذي تحول إلى جرذ ٍ حقير وقئيم، وذلك ما جعل ألمأ  كبيرين في قلوب كل من عرف علي كريم عن قرب .
           سيبقى الكاتب الوطني والإنسان العراقي الرائع علي كريم في قلوب أصدقائه وضمائرهم، لأنه حمل عراقه الحبيب على مدى أكثر من ثلاثين عامأ في قلبه الحنون .
الرجاء قراءة عرض كتاب المرحوم علي كريم الأخير المسمى( العراق- البيرية المسلحة، حركة حسن سريع وقطار الموت 1963)، الذي كتبته قبل وفاة الصديق بأشهر عديدة، لأنه يعطي صورة واقعية وصادقة  للدكتور علي كريم سعيد، الذي يستحق بحق أكثر من كل الكلمات التي كرمناه أو وصفناه  بها.....


الدكتور سلمان شمسة

      هولندا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. احتجاجات في جامعات عراقية للمطالبة بوقف الحرب في غزة


.. مشاهد من لحظة وصول الرئيس الصيني شي جينبينغ إلى قصر الإليزيه




.. فيضانات وسيول مدمّرة تضرب البرازيل • فرانس 24 / FRANCE 24


.. طبول المعركة تُقرع في رفح.. الجيش الإسرائيلي يُجلي السكان من




.. كيف تبدو زيارة وليام بيرنزهذه المرة إلى تل أبيب في ظل الضغوط