الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أزمة الرأسمالية والحلول الأسلامية

أحمد ناشر الصغير

2008 / 10 / 26
العولمة وتطورات العالم المعاصر


عندما ظهر داء جنون البقر قبل عدة سنوات بدأ القلق يعتري أوروبا وأمريكا ودول العالم قاطبة وفزع الناس من هذا الوباء وامتنعوا عن تناول لحوم البقر , يومها لم نسمع عن عالم هندوسي ظهر على شاشات التلفزيون ليقول للعالم ان الحل هو في تبني النموذج الهندوسي الذي يقدس البقرة ويحرم أكل لحومها ويدعوا العالم الى اعتناق الهندوسية الذي ثبت للعالم حكمته في تحريم لحم البقرة , لو حصل ذلك لاتهمنا هذاالعالم الهندوسي باختلال في عقله لأنه يربط بين ماهو عقائدي وديني وبين ماهو علمي وعقلاني . ولو فرضا أن أحد مفكري أوروبا أو مثقفيها عرف أن لدى فتياتنا في العالم الأسلامي مشكلة عنوسة فبادر الى طرح اقتراح للمسلمين الى تبني نموذج الحياة الأجتماعية الغربية والحرية الجنسية كما هو عندهم في الغرب من أجل حل مشكلة العنوسة حيث أن أوروبا لا تعرف هذه المشكلة لبادرنا بالسخرية من هذا المفكر وقلنا له نحن قوم مختلفون عنكم وعاداتنا وديانتنا وارتباطنا بهما أمر لا يخصك أنت وقومك فأشغل نفسك بمشاكل بلادك واترك لنا مشاكل بلادنا ..ونحن في العالم الأسلامي لدينا من المشكلات السياسية والأجتماعية والأخلاقية مالا يحصى وبعجز علماؤنا الفطاحل عن تقديم حلول ناجحة لها ومع هذا نراهم يشمرون سواعدهم ويتطوعوا لتقديم الحلول للمشاكل التي تظهر عند المجتمعات الأخرى وعندما يقع الأقتصاد العالمي في أزمته المعاصرة والتي لا تتعدى معرفتنا عنها قانون العرض والطلب يخرج على العالم شيخ الأزهر ليقول أن حل الأزمة يكمن في تبني النظام الأسلامي الذي يحرم الربا ونرى علماء مسلمون كثيرون يظهرون على الشاشات الفضائية ليقولوا لنا أن ما يحصل للعالم الآن هو بسب الربا الذي آذاننا الله بحرب ان لم نقلع عنه, وأكاد أجزم أن مشائخنا لا يعلمون شيئا عن أسباب هذه الأزمة ولو علموا لخجلوا من الحديث عن أمر لا يعلمون به , ربما لا يعلم هؤلا أن سعر الفائدة interest rate والذي يطلقون عليه تسمية "ربا" والذي هو الربا المحرم بنصوص القرآن كما يقول هؤلا مع العلم أن شيخ الأزهر نفسه كان قد أفتى ذات مرة بأن القرض الأستثماري يجوز أخذ الفائدة عنه ولا يعتبر ربا.
و قد أوضح طنطاوي في فتواه في ديسمبر 2007 "أن فوائد البنوك والمصارف المالية المحددة مسبقا مباحة شرعا ولا تعد من الربا المحرم وإنما تعد ضمانا بصورة أفضل لأموال المودعين في تعاملاتهم مع البنوك المختلفة. وأشار إلى أن استمرار الاختلافات الفقهية بين علماء الشريعة والفقهاء على الرغم من إصدار مجمع البحوث الإسلامية في الأزهر الشريف لفتواه الشهيرة بإباحة فوائد البنوك إنما يأتي من باب الرحمة والسعة على المسلمين وأنه يجوز للمسلم هنا أن يختار أي نوع من التعاملات التي يرغب فيها سواء بتحديد نسبة الفائدة مسبقا، أو بناء على مدى تحقيق المكسب أو الخسارة ". سعر الفائدة هذا ليس هو سبب الأزمة المالية الحالية.. ان ما سبب المشكلة في الواقع هو المضاربة والتي هي في الأصل كما يقول علماء المسلمون عنها أنها حلال وهو ما يتم في أسواق الأسهم والبورصات كالارتفاع الجنوني في اسعار الأسهم في سوق المال السعودي مثلا و الذي وصل نهاية العام الماضي ليصل الى حدود 24000 نقطة ثم عاد في مطلع العام الحالي لينهار ويصل الى 7000 نقطة وهذا الصعود والهبوط كان وراءه نشاط مضاربي غير منتج وهو حلال بدليل وجود هذه الأسواق في بلاد الحرمين وظهور فقهاء متخصصين بهذاالجانب ومنهم حتى من ينصح المستثمرين بشراء اسهم الشركة س وتحريم شراء أسهم الشركة ص وثمة شركات بالوسط يلزم اخراج نسبة من ايراداتها لتطهير الجزء المشبوه من اصول هذه الشركات وهذا النصح بذاته يعتبر تدخلا في السوق وتوجيه المستثمر للاستثمار ربما بالشركة الخطأ في الوقت الخطأ وهو ما يتعارض مع مبادئ الأسواق العالمية ...وثمة أموال ضخمة هي في الأصل أساس الثروات كلها في العالم العربي هذه الثروة الأساس في اقتصادنا الريعي هي ثروة النفط التي تأتي لنا مقابل لا شئ فقط لأننا وجدنا أنفسنا نعيش فوق هذا السائل الشيطاني الأسود ولنسمي هذا رزقا مجانيا أعطاه الله لحكامنا وسؤالي هو هل تعلمون اين يستثمر حكامنا هذه الثروة وأين ينفقونها ؟؟ هل يسألونكم عن الحلال والحرام في وجوه الأنفاق والأستثمار لهذاالمال ؟؟ما قولكم ياسادة فيمن يتهم هذاالمال النفطي بالذات بأنه سبب المأزق المالي الذي يجد العالم نفسه فيه اليوم ..هذاالمال في الأعوام الأخيرة لم يعاد استثماره في البنى الأساسية في هذه الدول لأنها – هذه الدول قد استكملت بناها الأساسية في نهاية الثمانينيات من القرن الماضي بالأضافة الى الأنفاق على حرب الخليج الأولى والثانية وهذاالانفاق كان يعود ليصب ايجابيا في الأقتصاد المحلي والعالمي من حيث خلق فرص العمل للناس والذين بالتالي يزيد انفاقهم على شراء المنتجات وهكذا تستمر عجلة الأقتصاد بالدوران الصحي ..لكن ما حصل بعد حرب الخليج الثانية أن هذه الدول كانت تستثمر ايرادات النفط في أسواق الأسهم المحلية والدولية وتم ابتداع العديد من الحيل الأستثمارية أو مايسمى بالمشتقات المالية ومن أمثلتها بيع وشراء النفط في الأسواق المستقبلية Future Market او مايسمى بال Hedging الأمر الذي نتج عنه ارتفاعات رهيبة وغير مبررة في أسعار النفط حتى قارب سعر البرميل 150 دولاروفي أكثر من تصريح كان يدلى به وزراء النفط في الخليج كانوا يتهمون المضاربة في ارتفاع أسعار النفط وأن العرض والطلب هو في حالة توازن لكن المشكلة هو بالمبيعات الآجلة . هذاالأرتفاع في أسعار النفط خلق أموالا كثيرة لهذه الدول كانت تعيد استثمارها عبر المؤسسات المالية الأمريكية والغربية والتي كانت تعيد ضخها في أسواق المضاربة ليس في النفط فحسب بل ودخلت المضاربات سلعا أولية كثيرة وحتى وصلت الى أسواق العقار .

ظهرت علينا البنوك الأسلامية فاستبشرنا خيرا وقلنا لعل وعسى أن يكون لدينا شئ جميل نقدمه للعالم وياللخيبة فقد بدأت هذه البنوك بمنتج المرابحة والذي انتهى أمرها بالتحول الى نشاط تمويلي لا يختلف عن ما تقدمه البنوك التقليدية ولكن يتم اضفاء قناع المتاجرة للتمويه ثم دخلوا علينا بآلية التورق التي يتم فيها بيع وشراء سلع في نفس الوقت والعميل قاعد على الكرسي في البنك ويتم تحرير مستندات البيع والشراء في دقائق ويتحقق الربح بينما السلع المذكورة في مكان ما بشرق آسيا أو غرب أوروبا على فرض وجودها , وهكذا دخلت هذه البنوك هي الأخرى لتغذي أ سواق المضاربة خصوصا في العقارات والسلع الأولية وتدفع معها ببعض البنوك الأوروبية الى مستنقع الأزمة الحالية ..وتقول الأخبار اليوم أن هذه البنوك اليوم هي أكبر البنوك المهددة بالافلاس والانهيار رغم تحفظاتها الظاهرية في الولوج بأنشطة تمويلية ذات مخاطر عالية. مع العلم أن هذه البنوك تقوم على أساس مشاركة مودعيها بالربح والخسارة وعقودها مع مودعيها تقوم على أساس المضاربة , فمن المودع المال ومن المضارب (البنك) الجهد او مايسمى (الغرم بالغنم) . وبالتالي فانه في حالة الخسارة ليس على المودع ان يطالب بماله الذي تمت خسارته لدى الطرف المضارب فالمودع يخسر ماله والمضارب يخسر جهده .
ومع تفاقم أزمة الائتمان العالمي بدأت السيولة تتناقص حتى في أكبر منطقة مصدرة للنفط في العالم المفعمة بالنقود بعد ارتفاع استمر ست سنوات في أسعار النفط.

وقال الرئيس التنفيذي لبنك سي.أي.ام.بي الإسلامي الماليزي يوم 14-10-2008 إن بعض البنوك الإسلامية الخليجية قد تنهار مع تجمد أسواق الائتمان وتراجع أسعار العقارات، غير أن المساعدات الحكومية يجب أن تنقذ القطاع من تباطؤ طويل الأمد.

باختصار نحن سنتأثر بهذه الأزمة شئنا أم أبينا فبعد وقت من الآن ستبدأ ظهور أعراض أزمة السيولة في بنوكنا وعند مؤسساتنا الأنتاجية الخاصة والعامة وسنجد صعوبة بالحصول على مصادر تمويل سواء كانت خارجية أو داخلية .. فهل لعلمائنا بالكف عن التفكير في ايجاد حلول لأزمات عالمية تنشأ في دول أكبر وأنضج مما هي عليه الحال في دولنا ونحن لا نملك الا أن نتأثر بهذه الأزمات ولسنا في وارد التأثير فيها , وبالتالي هل لعلمائنا بالبحث عن حلول لمشاكلنا التي نعاني منها وحدنا مثل الأنهيار الأخلاقي لدى شبابنا والفساد والرشوة وتداول السلطة في بلداننا وأزمة العنوسة وكرامة البشر الضائعة في بلادنا ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. #بايدن يدافع عن #إسرائيل.. ما يحدث في #غزة ليس إبادة جماعية


.. بدء مراسم تشييع الرئيس الإيراني الراحل إبراهيم رئيسي ومرافقي




.. هل هناك أي نوع من أنواع الامتحان أمام الجمهورية الإيرانية بع


.. البيت الأبيض.. اتفاق ثنائي -شبه نهائي- بين أميركا والسعودية




.. شوارع تبريز تغص بمشيعي الرئيس الإيراني الراحل ومرافقيه