الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مهزلــة -شيوعية- الحـزب الشيوعـي العراقـي - ردٌ على عبد الرزاق الصافي

مؤيد احمد
(Muayad Ahmed)

2004 / 2 / 25
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


  في معرض اجاباته في المقابلة التي اجرتها جريدة الاخبار(العدد 25) التي تصدرها شبكة الاعلام العراقية الجنوبية، تطرق عبدالرزاق الصافي، عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي، الى حزبنا بشكل  قصير قائلاً :" انهم مجموعة من الشباب المتطرفين..." وأضاف "وباختصار، هم مجموعة تطرح بعض الشعارات المتطرفة التي ليس لها علاقة بالواقع السياسي العراقي. فمنذ عام 1991 وبعد انتفاضة آذار رفعوا شعار الحكومة العمـالية والمجالس العمـالية ...ألخ ".  ويستمر في حديثه:" ليس عندهم قضايا حقيقية يعملون من اجلها سوى هذه الشعارات التي لا علاقة لها بالواقع واشيرالى اطروحاتهم حول المساواة المطلقة بين الرجل والمراة واعطاء المرأة حقوقها الكاملة بمعزل عن طبيعة الواقع الاجتماعي العراقي، بالاضافة الى ذلك يقولون بان الوطنية مفهوم بورجوازي لا لزوم له، ويلومون الحزب الشيوعي العراقي ويفترون عليه، الى حد باتت فيه قضيتهم الرئيسة تتلخص باستهداف الحزب". وحين يسأله المحاور:"اذن ليس هناك امكانية للتحاور معهم؟"  يرد عليه بقوله: " اذا ما تخلوا عن تلك الطروحات ..الخ".

قبل  كل شئ اريد ان اؤكد  لعبد الرزاق الصافي بانه  لو كنا نعتقد  بان الصراع ضد الحزب الشيوعي العراقي  يجب ان يكون قضيتنا "الرئيسية"، لما ترددنا لحظة واحدة في اعلان ذلك. ولكن هذا ليس هو واقع الحال. انه حر في ان ينقل صورة مضخمة عن حزبه عن طريق هذه الادعاءات، ولكننا نرى بان موقع  الحزب الشيوعي العراقي هو اليوم ملقى على هامش الاحداث والتطورات الاساسية التي تجري في العراق، ولا تشكل مواجهته بالتالي قضيتنا "الرئيسية".
ما يقوله عبد الرزاق الصافي بصدد حزبنا هو، قبل ان يكون تعبيراً عن موقفه ورأيه تجاهنا، اعلانٌ وتقديم براءة ذمة من الشيوعية، التي نمثلها نحن، لصالح ألاسلاميين والقوميين والبرجوازيين وانصاف الليبراليين وكذلك الامريكان ولتجميل صورة حزبه امامهم. انه ليس الوحيد في الحزب الشيوعي العراقي الذي يدلي بهذا النوع من التصريحات. فقد اصدر حزبه وباشكال مختلفة، توضيحات حول كون " شيوعيتهم" مختلفة، وليس لها اي دخل بــ" النيل من الاسلام والاسلاميين"، وبان حزبهم يراعي الاسلاميين، وبانهم ضد تحررالمراة ومساواتها الكاملة بالرجل، ويؤكدون في بلاغاتهم على ان" من يتحدث عكس ذلك او يحاول الاساءة الى الدين الاسلامي الحنيف والى الاخوة الاسلاميين، هو قطعا لا يمت لنا بصلة". فاذا لم يكن هناك من دوافع لتقديم صكوك "البراءة" هذه للاسلاميين، فاني اشك تماماً في دوافع لجوء عبد الرزاق الصافي لفضح نفسه بنفسه الى هذه الدرجة المخزية وان يقول بملئ الفم بانه يرى "حقوق" المراة "الكاملة" ومساواتها المطلقة بالرجل امرغير ممكن نظرا لـواقعـ "نــا" الاجتماعي !!. لو لم يكن هنالك من ضرورة سياسية لهذا الخنوع امام الاسلاميين فانني اشك تماماً في انه كان سيضع نفسه، الى هذه الدرجة من التاكيد، في عداد المشاركين بالجرائم التي ترتكب بحق النساء، والمدافعين عن استمرار استعبادهن والتمييز ضدهن.
وهكذا الحال اذاً، وهذه المرة لتقديم شهادة البراءة الىالبرجوازيـة بمختلف فئآتها؛ حينما يصفنا باننا "متطرفين و نرفع شعارت ليس لها علاقة بالواقع السياسي العراقي..." مثل "شعار الحكومة العمالية والمجـالس العمالية" وعندما يصفنا باننا ضد "الوطنية". ان عبد الرزاق الصافي في الحقيقة يريد ان يقول في تعليقاته تلك، بان حزبه براءٌ من الطبقة العاملة واهدافها السياسية التحررية والشيوعية، وليس هناك شئ في برنامجهم اسمه  تحقيق المساواة وحرية النساء أو"حقوقهن الكاملة". وان "الوطنية" هي من مقدساته البرجوازية، وبانه وحزبه ليسوا من نمط الماركسيين الذين يقولون بان "ليس للعمال وطن". انه وبكلمة واحدة يريد ان يقول وبحجج واهية ومثيرة للسخرية، بان حزبه، حزب برجوازي، مستعد للتخاذل امام جميع ما تطلبه الاحزاب والتيارات البرجوازية الاخرى. انه يضع نفسه ايضاً في موضع سياسي غير جدي ومثير للرثاء عندما يعيش اوهامه      واحلام يقظته الساذجة بذلك اليوم الذي سيترك فيه حزبنا "طروحــاته" الراديكالية.
 ان تاريخ الحزب الشيوعي العراقي بوصفه حزب التقليد السياسي القومي – الاسلامي "اليساري"، ملئ بالمساومات والتحالفات وممارسة اشد اشكال الانتهازية صفاقة مع القوميين والاسلاميين والبرجوازية "الوطنية". ففي اجواء الحرب الباردة لن ينسى أحد تحالفهم وجبهتهم مع النظام البعثي الفاشي، قرابة عقدٍ من الزمن. ولا يخفى على احد، في ظروف عالمية اخرى، مساوماتهم ولهاثهم خلف سياسات امريكا وحربها وقبلها تأييدهم للحصار الاقتصادي على العراق، وائتلافهم مع القوى الاسلامية والقومية، والانحناء لهم والحفاظ على العلاقة الممتازة  مع "المؤتمر الوطني العراقي "، واليوم مشاركتهم في مجلس الحكم.
الفرق الجوهري بين كل تلك الممارسات، هي في كونها حدثت في ظروف عالمية متباينة. ان موقع الحزب الشيوعي العراقي اليوم مختلف بالاساس عن ذلك الزمن الذي كان يمارس فيه نشاطه في ظروف وجود الحرب الباردة والكتلة الشرقية. ان ما يقوله الحزب الشيوعي العراقي اليوم واعلان براءة ذمته من الشيوعية هو جزء من هجوم البرجوازية العالمية على الشيوعية والطبقة العاملة والامال التحررية والمساواتية للانسان. ان المسالة بالنسبة للحزب الشيوعي العراقي ليست فقط الدخول في المساومة مع تيارات الاسلام السياسي والقوميين في العراق، وهو الذي لم يتجاوز تلك التيارات يوماُ قط، بل هي ايضا مسالة الدور الذي يلعبه هو في الهجوم البرجوازي العالمي على الشيوعية والاهداف التحررية ومكتسبات الطبقة العاملة والحركة النسوية والانسانية. ان عبد الرزاق الصافي وغيره من اعضاء حزبه يواجهون معضلة ضرورة الابقاء على اسم "الشيوعي" لحزبهم من جهة، ولكن بتفريغه من اي محتوى سياسي له علاقة بالشيوعية، من جهة اخرى. ان البرجوازية بحاجة الى تكوين صورة للشيوعية على انها "شيوعية" الحزب الشيوعي العراقي، بهزالها ومساوماتها مع الاسلاميين والقوميين الرجعيين لكي تكون اداةًً اخرى لتفريغ الراديكالية الانسانية والشيوعية في المجتمع من محتواها.
أنها مهمة شاقة وغير ممتعة على الاطلاق لعبدالرزاق الصافي وغيره من الذين يقفون في قيادة حزب لم يبق له تاريخياً، اي دور آخر يلعبه غير هذا الاستهلاك المحلـي الرجعي وتقديم هذه الصورالمشوهة عن الشيوعية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أي تسوية قد تحاول إسرائيل فرضها في لبنان والإقليم؟


.. أي ترتيبات متوقعة من الحكومة اللبنانية وهل تُجرى جنازة رسمية




.. خبير عسكري: هدف عمليات إسرائيل إحداث شلل في منظومة حزب الله


.. نديم قطيش لضيف إيراني: لماذا لا يشتبك الحرس الثوري مع إسرائي




.. شوارع بيروت مأوى للنازحين بعد مطالبة الجيش الإسرائيلي للسكان