الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قديما مثل هيباشيا

صبيحة شبر

2008 / 10 / 28
الادب والفن




قراءة عاشقة في قصيدة
صدر أخيرا للشاعرة العراقية المتألقة ( سهام جبار) مجموعتها الشعرية ( قديما مثل هيباشيا) وهي مجموعة قصائد ، تنسج حروفها من الوجع العراقي ، المتأصل في أحداث التاريخ ، والذي يستمد غذاءه من وقائع ، لازالت تحدث ، في ارض طيبة ، شهدت ميلاد أعرق الحضارات ،على وجه الأرض ، وتلون تاريخها بدماء ، ما فتئت تنزف ، بكل ذلك الإصرار العجيب ، الذي عرف به العراقيون منذ القدم ، وما انفكت أيامهم تقدم الدلائل ،الواحدة تلو الأخرى ، الى إنهم امة عصية على الانهزام ، عسيرة على التقوقع ، وان الماّسي التي تعترض طريقها ، ما هي إلا حوافز ، تدفعها الى مواصلة الطريق ، لنطلع على القصيدة ،التي أعطت الشاعرة الديوان عنوانها( قديما مثل هيباشيا) نجد فيه الصور الجميلة والمجازات الرائعة ، ومزج الحقيقة بالخيال ، بطريقة رائعة ، واستعمال الكلمة الموحية ، القادرة على التأثير في المتلقي ، تأثيرا قويا يجعله يتابع أعمال الشاعرة باستمرار:


ليست يداي سوى يديك
وفمك شفة من شفتيّ
وأنتَ بعض ظلامي
وليس يكفي غير الظلام ليكتمل
عرشُ مستوحدة
كتبت الشاعرة قصائدها ، بعد الأحداث الأخيرة ، التي حدثت بالعراق ، سقوط نظام دكتاتوري ، عرف بشدة ظلمه وجبروته ، بأيد استعمارية ، شاءت ان تحدث التغيير بما يخدم مصالحها ، ويحقق طروحاتها ، فهذا الظلم المتواصل ليس الا جزءا من تاريخ حافل بالانتصارات ، والظلام المتواصل الذي ينغرس في نفوس المبدعين ، الباحثين عن ألق الجمال وروعة المعاني ، يكفي لتشييد عرش لمتوحدة غريبة ، تملك القلم وحده ، لترسم على الورق أحلامها العسيرة على التحقيق

لكنكَ
لستَ إصبعي
لستَ يديَّ
لستَ العينين المتحيرتين في الظلام
لستَ الظلام
وما من عرشٍ لمستوحدة
لكنك أيها الظلام لست يدا لمتوحدة ، باحثة عن جدوى الأحلام ، ولست عينين متوقدتين ، متحيرتين ، ولست قادرا على ان تكون الظلام نفسه ، كي تنشئ عرشا لمتوحدة


قديماً مثل هيباشيا
سلخوا جسدي
وكنتُ أحسب العلاقةَ
الرياضيةَ
لبقاء الأزمنة
على الأجساد
ومثلما رتّقتُ ذلك الجلد
اعتصرتُ المشاهدةَ من العيون
فإذا بهم ليسوا هم
وإذا بي ما زلتُ أنا
فمنذ القديم ، ومثل هيباشيا ، سلخوا جسدي بسياطهم ، فحسبت سلخهم ذلك لازما لتلك الازمنة ولخلودها ، وحين نجحت في ترتيق جراح جسدي ، من اثار السلخ ، تيقنت أنهم ليسوا كما ظنننتهم ، وإذا بي ، كما كنت



تحمّمتُ بكل تلك الفلسفات
بالمنحوتات المقطّعة الرؤوس
وأنا أحصر القتلةَ بين سياج
لعلهم البرابرة
لعلهم البدو في تيههم
حكمت الآلهةُ
أن تنمو المتاهةُ بين الأصابع
فكلُ يدٍ تائهة
وكلُ حبٍ توحّش
ما الذي تراه الوحوش
في دمي؟
عشت في تلك الفلسفات جميهعا ، بتلك الآثار المقطعة الرؤوس ، وأنا أظن القتلة محصورين داخل السياج
المتاهة تحاصرني ، تمتد لتغزو أصابعي ، وتسكن الفسحة بين إصبع وآخر ، وتتوه الأيدي ،كل شيء يدركه التوحش ، الوحوش تظل تلعق في دمي
ستمرقُ يدٌ خلال قلبي
فتعتصرُ الهوى الذي فيه
ويأخذون بي في تابوت
فإذا التابوت أسلحة
وإذا الموت انفجارٌ جديد
يلطّخ المتاهةَ بالدماء
حكمنا عليكم بأكثر من هذه العقود
تمتد الأيادي اللئيمة في فمي ، فتهرق قطرات الحب والهوى الساكنات فيه
يسكبون دمي ، واذا ما فارقتني الحياة رغما عني ، نقلوني داخل تابوت ، وبدلا مني ، أجد التابوت أسلحة ، وإذا الموت المستمر يحيط بنا،
انفجارات كثيرة تتربص بحياتنا ، وإذا الدماء تسيل
لقد مرت الثلاثون لكن
لم تنقض الأربعون
لم ينتهِ القرن
البقاء للأصلح
ولستُ أصلح
إنهم يتوزعون في دمي
الشرايين لموتِ حكيم
المخ طعامُ أبالسة
ما زالوا يسكرون
وأنتِ لاهية
بقي الظلام معشعشا في دمي ، يسكن شراييني ، لكنهم لم يقربوا الأربعين بعد،
قرنهم الفاتك لم ينته ، وما زال القول سائدا ، إن البقاء للأصلح ، فلست ممن يصلح ، وقد سكنوا دمي ، واستقروا في الشرايين ، معلنين لموت حكيم ، مخي أضحى طعاما للأبالسة ، ما زالوا يسكرون ، وأنا لاهية
احقني دمكِ بالصمت
احقني حبكِ بالصبر
ولماذا تفقسين أولاداً
صومي
كلما مرتِ العقود
ازددتِ انسلاخاً
والعلاقةُ الرياضية
لا تكتمل إلا بتلاميذ يحفظون
هذه الحكمةَ في القوارير
أنت أيتها المتوحدة ، اصمتي ، اغرسي دمك بالصمت المؤبد ، انشري الصبر المر ، لماذا يينع حبك أولادا ، لماذا تفقسين ؟ أطيلي الصمت والصبر ، كلما مرت العقود ، وتوالت الأعوام ، ازددت انسلاخا عن واقعك ، واشتد ألمك
فلا تستقيم الأمور الا بتلاميذ لا يجيدون إلا الحفظ
كم أينع الشوكُ ولم تخرجي
من القارورةِ يا متفتحة
هذه القطراتُ تطفر
من أن تكون عطر ورد
وكم انتهى ربيع وابتدأ وطن
يُرقّصُ في المهد ولا ينام
يقطع المشيمةَ ولا يمضي
قد أينع الشوك ، وأنبت أزهارا وأنت قابعة ، داخل سجنك ، وهذه القطرات ليست وردا ، كم من الزمن مر ، وأنت لابثة في القارورة ، كم ربيع انتهى ، وكم من مرة ابتدأ بناء الوطن
أيها الوطن امضِ
عن ثراكَ عن سماك
عن نفطكَ
عن ثوبي
تخلَّ وقم
كما لو أنك شعبٌ يفرّ
كما لو أنك ابن عاقّ
أمنع عنه الإرث
لستُ إلا مستوحدة
ولستَ إلا.. هذا الخؤون
فيا أيها الوطن سوف امضي ، عن سماك وعن نفطك، مغادرة نفسي ، فهل أنت شعب ، يفر من جذوره ؟ ، فهل امنع عنك الإرث ؟ لست إلا شخصا خؤونا......
قصيدة جميلة ، تتحدث الشاعرة فيها عن أوجاع وطن ، وويلات شعب ، لم يجد راحة ، فاخذ بالهروب المتواصل ، من لعنة تلاحقه في كل مكان ، والعراقي لا يجد بديلا ، عن حبه المغروس في الدم ، مهما باعدت بينه وبين أحبته المسافات

صبيحة شبر








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم #رفعت_عيني_للسما مش الهدف منه فيلم هو تحقيق لحلم? إحساس


.. الفيلم ده وصل أهم رسالة في الدنيا? رأي منى الشاذلي لأبطال في




.. في عيدها الـ 90 .. قصة أول يوم في تاريخ الإذاعة المصرية ب


.. أم ماجدة زغروطتها رنت في الاستوديو?? أهالي أبطال فيلم #رفعت_




.. هي دي ناس الصعيد ???? تحية كبيرة خاصة من منى الشاذلي لصناع ف