الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لوركا الموصل يقلب حكمة الوجود

رحاب حسين الصائغ

2008 / 10 / 27
الادب والفن



تنوعت اشتغالا ته في حضور مميز في منهجيات الانساق والاهتمام بما هو لغوي يقودنا الى معرفة اجراس الابداع عند الشاعر عبد المنعم الأمير وقصيدة (لأنك البوح) بعد قراءتي للقصيدة وضعتها بين الاوراق التي اود متابعتها بدقة في لحظة ما من اوقاتي السارية بشكل متآلف مع الشعر، والقصيدة لأحد شعراء الموصل المعروفين ولشعراء الموصل ذوق ونكهة خاصة بهم في فهم طعم معنى الحياة، يحمل وجهه الحزن كأنَّ سلطة ما تحوم فوق دواخله وتتحكم بعنف هادئ لا يلاحظ ذلك غير الأصدقاء ومن يمر به يتذكر فوراً لوركا لحظتها لا يجد أمامه غير اخذ مفكرته وتدوين هذه الملاحظة.
الليل يتخطى ببطء هذا المساء بينما أقلب أوراقي ظهر لوركا الموصل على وجه الشعر والقراءات التي اود متابعتها قصيدة ( لانك البوح) تناولتها.. قرأتها، غريب ثقل هذا العالم في زمن الهوان.. الموت يفرش اسماله فوق الأمكنة والاستعارات ولخيوط الوهم منطق يقلِبْ حكمة الوجود، شرر سلطة عاري تنعق غربانها في براري اللامعقول الناجم من نقيض التحضر المفزع الذي اصبح نواة لمركزية كبيرة مساحتها حياتنا.

الشاعر يقودنا بالتفكير في التداخل المنسجم من عمق الألم من العنوان إلى آخر القصيدة الموت محور ومضمون القصيدة ككرة يلاعبه يدفع به يستقبله يتشاغل عنه يلكمه يهاجمه لا ينفك عن التفكير به حتى ان القارئ لقصيدته لا يهتدي لشيء من الاندماج في الحوار النفسي واللاشعوري بينه وبين هذا الشبح جعلني أقول انه يغازل ،عاشق وبعشقه طمر معالم ومعاناة روميو وقيس وجميل، وهو بطل العشق في هذا العصر، يأخذنا معه لنفق مجهول هو نفسه لم يعرف كيف وصل له بقوله:

لأنك البوح؛
وجهي فيك اغراني
فرحت أرمي على عينيك الحاني
ورحت أرسم وجه الليل في ولهي،
حتى فتنت،
فمن ألاك أغواني؟
وكيف جاءت بهذا الجوع أوردتي؟
ليحتويني
( إذا ما الليل أضواني)
عبد المنعم يغازل الموت بدقة المهني المحنك، يعالج فكرة الموت ولكن بحذر شديد الموت كالمعتقد عنده، ويغلف القصيدة بجو من الحرية كشاهد عيان ينضد التغييرات والتوترات في المناخ الفوضوي الذي أصبح كالمطلق ويعيد كل من يعيش تحت سقف الظرف وانضباطه العام، إشكالية ثقافية تحمل نوع من الفزع تتناول الجانب الأكثر ألم في مساحة الحياة اليومية، ومن المعاش يتعلم جيداً إن لا مستحيل أمام الإنسان وهذا الوحش الفاشي صعب تلافيه وان حدث واتى تفقس عشرات المستحيلات إمامه حيث يقول:
يا صاحبي
لم تعد في الروح سنبلة
وادمع الليل تجري فوق أجفاني
فكيف أكتب؟
أقلامي مضرجة
أو أسكب اللون في أجفان عميان؟
إني كفرت برب الشعر في ملأ
ورحت أرمي بوجه الريح أوزاني
صبأتُ جهراً،
فلا الاسواط ترجعني
ولا الصخور (العلى) أضلاع إيماني
استعمل تكنيك الغموض في تذويب فاضح حاملاً أفكاراً ميتافيزيقية تضمن له على حمل روح الإثارة في قصيدته وكي يتغلب هو على الإيحاءات التي تواكب تخيلاته في مجمل رؤيته للحاضر والمستقبل والمنهوش من خصر الحياة، فهو لا يرى جسد كامل للقضية القائمة بذهنه حتى يعمل على معالجتها، فالصورة الشعرية في القصيدة لها خصوصية في إظهار المعنى الجمالي المشترك مع قاعدة الإبداع الفكري المستنهض والمعاصر جداً، عبد المنعم ناضجة أفكاره حد العذاب الذي يؤدي إلى انصهارهِ مع المفردة حيث ينسج من لغته الشعرية نسقا قائما في أفق القصيدة بعناية فائقة وفنية متطورة، لأنَّ الشاعر عادةً ما يعيش الصراع مع الشعر حين الكتابة لتخرج قصيدته حاملة كل العوامل الفنية والجمالية والموضوعية، لذا قديماً كان يقال أن لكل شاعر قرين من الجن يعينه على إخراج الأفكار وإيجاد الإيحاءات، وفي الشعر تأتي المدلولات الرمزية والفكرية من ضمن تفاعل الشاعر وان امتلك الوعي استخدم كل جديد ومتطور للمفهوم البلاغي واستعاراته التي تحمل مفهومين تطور ومعاصر، حيث يقول:

فمنذ كنت زمان البوح ضيعني
والآن،
يا صاحبي،
ضيعت أزماني
دعني لهذا المدى المهووس،
ينثرني على دروب غوت عن وجه عنواني
فلن ترد إلى عيني ضوءهما
ولن تشيل عن الأحزان أحزاني
ولتنبأ السمر عني إنني نزق
أو مشرك بالهوى،
أو شئت علماني
وقل بما لم اقل،
يا أنت عن ولهي
واجزم بأنَّ الغوى
من بعض غلماني
الشاعر يشدد على أنه مستعد كالفراشة للتحليق والطيران لدرجة عدم الاكتراث بالاحتراق، تمتماته والإجهار بها هو جزء من المواجه الممتدة لنوع آخر من التصوير الذاتي للحالة القصرية المعاشة، عبد المنعم شاب خالية حياته من تغريد يداعب جوانب صدره ولا يوجد أزهار تنعش لفيف أيامه أو ثغر يحمل ابتسامة صافية تشع من نهر دجلة وتزيد من ضربات فؤاده، ليعاصر الفرح وينمي عشب الأحلام في أمسياته، وكونه واقعياً يبصر أزمة التناقضات الراهنة والتشعب في معادلات الوضع الاجتماعي تلاحقه صور الموت لوجود نقص في جزيئات الحياة، حيث يقول:

وفلسف الصمت بي:
أن كله شرهٌ
وارجم أمام الورى،
يا صاح، شيطاني
قل ما تشاء
ولا تأسف على وجعي
إني أضعت بهذا التيه إنساني

الشاعر عبد المنعم الأمير، أوقد أقماره الخافتة من شتات قناديل منطفئة على سلم الأنين، تأويله واضح لحركة الموت فوق ضفاف سيقان ليل يمشط أيامه كما يحسها مستدرجاً سمات هذا الأثر بشكل جعله آتي من عيون الآلهة، سارجاً حوله شجونه مفترشاً مفاصل أيقوناته متسلقاً تراتيل سماوات حشرجاتها قد تكون ملعونة، لكن لمواكب غنائه المزمن شرارات وأيام طال فيها النزف والوجع والركض وراء نهايات سرابها غير منفرج كشيء خالٍ من الحقيقة، وعنده لا مكان للشيء المؤقت وهذا ما يقلقه.
الكاتبة/ ناقدة من العراق
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مهرجان كان السينمائي: تصفيق حار لفيلم -المتدرب- الذي يتناول


.. إخلاء سبيل الفنان المصري عباس أبو الحسن بكفالة مالية بعد دهس




.. إعلان آيس كريم يورط نانسي عجرم مع الفنان فريد الأطرش


.. ذكريات يسرا في مهرجان كان السينمائي • فرانس 24 / FRANCE 24




.. الفنان السعودي سعد خضر لـ صباح العربية: الصور المنتشرة في ال