الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رسالة شخصية الى السيد هوشيار زيباري: العقل زينة

سلام عبود

2008 / 10 / 27
كتابات ساخرة


العقل زينة! هكذا علمتنا الأمثال الشعبيّة. لكن السيد هوشيار يصر على تكذيب هذا المثل تكذيبا تاما. كل مسامة من مساماته، وكل جزء من جسده وسلوكة يقول: العقل طينة!
كرهه للعقل ليس هو ما يدهشني ويشقيني، ما يحيرني أنه يتباهي بهذه الملكة الفطرية أو المصطنعة، ملكة الغباء الأسطوري المطلق؛ ويخيل اليّ أحيانا أنه يحس بنوع من الدغدغة الجسدية والروحية، كلّما استطعم تأثيرات ملكته هذه مرسومة على وجوه مستمعيه.
لا أريد هنا أن أنصحه رفقا بأطفاله وعشيرته وقوميته ومهنته، ولكن أريد أن أعرف منه أمرا واحدا حسب: ما هي مهامه؟ وبمعنى أدق: ما هي وظيفته في الدولة العراقية، عدا السرقة وترتيب أنشطة الانفصال الخارجية والتزوير والاستغراق في السفاهات والملّذات المبتذلة؟
في كل يوم يظهر علينا السيد زيباري مهددا الشعب العراقي، قائلا: إذا لم توقعوا الاتفاقية مع أمريكا لن تخرجوا من سجن الفصل السابع.
وأريد من هذا العقل العبقري أن يقول لي: ما صلة أمريكا بالفصل السابع؟ ما علاقة عمّان بشمّان؟
سأفسر الأمر للسيد زيباري بطريقة مبسطّة، لأن عقله مشغول بأمور كثيرة، أكثر أهمية من العراق وحاضره ومستقبله. حينما أقول لك يا سيد زيباري: سأضمن لكَ السكنى الى الأبد في ستوكهولم، بشرط واحد، هو أن توافق على العيش الى الأبد في مقاديشو! ستجيبني ضاحكا: أنت حمار كبير، يا سلام عبود!
وبناء عليه سأفكر قليلا كالتالي: هوشيار على حق، أنا حمار، وابن ستين حمارا. ما علاقة مقاديشو بستوكهولم!؟ الفصل السابع قرار دولي يتعلق بمسؤوليات النظام السابق، وأنا أمثل النظام الذي " أطاح الى الأبد النظام السابق". إذن، ما علاقة مسعود بعبود؟
لكنني سأعترض عليك بذكاء قائلا: لا يا سيد هوشيار، لا، المجتمع الدولي ينظر الينا- كحكام جدد- على أننا قادة للمجتمع العراقي، وما علينا سوى تأكيد هذه القيادة بشكل قانوني وسليم يتماشى مع العرف الدولي. هنا سأفكر كالتالي بأقوالك العاقلة: إن مهمتي الأساسية هي أن أرتب قانونيا كل ما يتعلق بإثبات أن النظام الحالي أوفى بالتزاماته كاملة.
ولكن، كيف أفعل هذا؟ لا توجد طرق عديدة لفعل هذا؛ الطريق الوحيد هو أن أسخّر كل إمكانياتي القانونية والسياسية والعقلية والشعبية، واستثمر صداقاتي، ومعارفي، من أجل إعادة النظر قانونيا وإلغاء القرار، لكي أخرج بلدي منه؛ رغم أنني لا أعرف لماذا حشروني في "جريمة" البند السابع، وأنا هادم لنظام سقط وولى، باعتراف مشرعي القرار نفسه؟
هذه مهمتك الوحيدة ياسيد هوشيار، مهمتك المطلقة، التي لا مهمة أخرى لك سواها. كان عليك أن تمارسها منذ خمس سنوات، وتنتهي منها خلال بضعة أشهر فقط عقب الاحتلال، لا أن تغرق وزارتك في أعمال مريبة لا صلة لها بوظيفتك الأساسية. هل فهمت؟
في أول اجتماع لمجلس الأمن القومي الأمريكي، عقب مجيء بوش تم تكليف كولن باول بتطويق العراق "دبلوماسيا" استعدادا لغزوه عسكريا. وحول هذه الواقعة يقول وزير المالية الأمريكي الأسبق: باول أونيل، الذي حضر الاجتماع المذكور: إنه وباول والجنرال شيلتون تفاجأوا بالقرار. لكنهم رغم ذلك عملوا بكل قوتهم على تنفيذ المهمة، لأنها قرار وطني. وكان أوّل وأنشط المنفذين كولن باول، الذي راح يصطنع ويروج أنواعا من الأكاذيب السياسية والعسكرية ( تخلى عنها لاحقا)، لكي يقنع مجلس الأمن بـ " شرعية" احتلال بلد مستقل، و"عدم الاكتفاء" باسقاط سلطته الظالمة. هل فهمت دور وزراء الخارجية؟
إن إخراج العراق من الفصل السابع يا هوشيار هو مهمتك، مهمة وزارة الخارجية العراقية، وليست مهمة وزارة الخارجية الأمريكية أوالبريطانية أو الاسترالية.
وليس لأحد، سواء كان قويا أو ضعيفا، أن ينفذ نيابة عن الشعب العراقي مهامه؛ ولا يوجد أحد ينوب عنك، أنت شخصيا، في أداء مهامك. وإذا كنت لا تقدر أو تعرف ( أنت تعرف هذا جيدا بسبب رجاحة عقلك!)، فما عليك سوى السكوت. لأن السكوت عند الكوارث الوطنية المدمّرة ينجيك من عقاب الله، إذا كنت لا تحترم إرادة البشر.
أنا أعرف ما هو ردك، ستقول إن أمريكا ستساعدنا في ذلك، وهذا أمر منصوص عليه في الاتفاقية الأمنية أيضا.
وجوابي هو: توجد دول عديدة يا سيد هوشيار ستساعد شعبك. أنت لا تحترم شعبك حينما تعتقد أن أمريكا وحدها هي من يستطيع ويقدر ويهوى مساعدتنا. أنت تحتقر وطنك وتحتقر نفسك ومهنتك ووظيفتك. هناك عشرات الدول على استعداد لرفع الظلم عن شعبك.
ستقول لي: لكن أمريكا " قد" تعترض على ذلك.
وأنا أقول لك: هذه الـ "قد" مشكوك فيها شكّا مطلقا. إن أمريكا ستعترض بكل ما أوتيت من قوة وجنون وبربرية، وستعترض معها دول أخرى، سأذكرها لك مسبقا: الكويت، اسرائيل، أفغانستان، بريطانيا، كندا، استراليا، كوريا الجنوبية، ألبانيا، جورجيا، أثيوبيا، وربما مصر وبولندا والدانمارك وعدد محدود من الدول، من بينها حكومة اقليم كردستان. لكن العالم أجمع سيكون معنا. دول عظمى كالصين وروسيا وفرنسا ستكون معنا، ملايين البشر سيكونون معنا.
ستصفن قليلا، ثم تجيبني بحزن وأسى: وماذا نفعل لو أن أمريكا استخدمت حق النقض "الفيتو"؟
حينها سيقول لك الشعب العراقي بأسره، كردا وعربا وتركمانا وآشوريين، سنة وشيعة ومسيحيين وصابئة، شبكا ويزيدية، الأحياء منهم والأموات، سيقولون لك بفم واحد: العقل زينة، يا هوشيار! وإذا بليتم فاستتروا!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تغطية خاصة من حفل افتتاح الدورة السابعة والسبعين لمهرجان كان


.. حول العالم | موسيقى فريدة بأنامل أطفال مكفوفين في تايلاند




.. الدورة الـ 77 من مهرجان كان السينمائي.. ما أبرز ملامحها وأهم


.. الموسيقي المصري محمد أبوذكري يصدر ألبومه الخامس -روح الفؤاد




.. بين المسرح والسياسة: المخرج وجدي معوض في عشرين 30 ??بعد اتها