الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حتى رئة بغداد لم تسلم ....!!‏

مها عبد الكريم

2008 / 10 / 27
حقوق الاطفال والشبيبة


قبل سنوات قليلة من احتلال العراق وأثناء واحد من أحاديثه, أشار صدام حسين إلى ‏متنزه الزوراء , وبحسب ما اذكر من حديثه الذي كان عن مدينة بغداد قال بأنه في ‏فترة السبعينات عندما كان نائبا عرض عليه احدهم تقسيم متنزه الزوراء إلى قطع ‏بمساحات اصغر وتوزيعها لتتحول إلى منطقة سكنية لكنه رفض هذا العرض وأصر أن ‏تبقى الزوراء متنزه عام باعتبارها رئة بغداد ومتنفس لسكانها , ولهذا-وبحسب ‏ادعاءه - كان يحرص باستمرار على تجديد المتنزه وإدامته , هذا الكلام لا يقصد منه ‏امتداح صدام حسين فالحفاظ على متنزه الزوراء لا يحول دكتاتور ظالم إلى ملاك لكني ‏ذكرت هذه الحادثة كمدخل للوصول إلى موضوع وحال هذه المتنزه ألان , فقبل‎ ‎شهرين تقريبا أعُلن بشكل مفاجئ عن إقامة حفل كبير سيقوم باحياءه الرادود باسم ‏الكربلائي في حديقة الزوراء وذلك بمناسبة ليلة الخامس عشر من شعبان والدعوة ‏عامة للجميع لحضور الحفل , كان الإعلان يشير إلى إن قناة الفرات هي الجهة ‏المنظمة والراعية للحفل وقبله قامت أطراف سياسية يسارية بأحياء مناسباتها بنفس ‏الطريقة وعلى حدائق الزوراء وعلى هذا صار من الواضح أن المكان دخل ضمن ‏قائمة التنافس للاستحواذ عليه , المثير أكثر أن المسرح الذي أقامته قناة الفرات ‏لإحياء حفلها أصبح جزءا من حديقة الزوراء بل انه أصبح إقطاعية تابعة ومنطقة ‏محرمة يقوم عدد من الحراس بحمايتها ومنع الناس المتنزهين من دخولها أو ‏الاقتراب من المسرح الفارغ حتى الاحتفال التالي الذي لا ندري متى سيقام مع كم ‏المناسبات الحزينة المنتشرة على مدار العام وربما سيتم حراسته حتى الخامس عشر ‏من شعبان القادم بانتظار أن تحل عليه بركات باسم الكربلائي ‏
هذا الأمر لا ينطبق على قناة الفرات وحدها فلأمانة بغداد أيضا مسرحها الحصين على ‏ارض الزوراء , كما أن وزارة الشباب والرياضة ضاقت عليها بغداد بما رحبت فلم ‏تجد غير حديقة الزوراء لتنشأ عليها أبنيتها المحصنة والمحروسة من قبل عدد آخر ‏من الحراس وبهذا اقتطعت جزءا آخر من رئة بغداد التي بدا المرض "العراقي" ‏يستعمرها بكل أسف , وليت مصائب الزوراء انتهت عند هذا الحد فها هو الجشع ‏والطمع يغزو مرافق الحديقة ويعكر مزاج العوائل الملتجئة إلى هذه البقعة الخضراء ‏للتنفيس عن همومها ولينعم أطفالهم بشيء من الحرية والتسلية فإذا بهم يصدمون بالأسعار ‏الصاروخية المطلوبة لارتياد لعبة قديمة متهالكة تصنف على أنها من العصر الحجري ‏قياسا إلى الألعاب الحديثة الموجودة في حدائق العاب بعض دول الخليج او بقية دول ‏العالم , وبدل أن تحال هذه اللعبة عندنا إلى المتحف نراها أصبحت تدر أرباحا أكثر من ‏تلك التي كانت تدرها عندما كانت جديدة ! , وبهذا يصبح الأب غير المقتنع أساسا بهذه ‏اللعبة مضطرا إلى شراء بطاقة لابنه ليركب اللعبة لأنه لا بديل غيرها وليس من ‏المعقول أن يترك ابنه أو ابنته المسكينة تتفرج فقط وتعود إلى البيت بحسرتها من ‏اجل عدة آلاف هي ثمن التذكرة الواحدة !! ..وهذا الأمر أيضا ينسحب على باقي وسائل ‏الترفية والتسلية الأخرى المتاحة في الحديقة ‏
قد يبدو من غير المعقول أن لا نجد صعوبة كبيرة في التوضيح لطفل أسباب احتجازه ‏داخل البيت طوال الوقت أو فوائد تحويل مناطقنا السكنية إلى سجون كبيرة بواسطة ‏الحواجز الكونكريتية أو ..أو...لكن يصبح من الصعب فعلا أن نقنع نفس الطفل أن لا ‏يركض بحرية وان نضع له بأنفسنا حدود وحواجز في المكان الذي وعدناه انه سيكون ‏مفتوحا أمام مرحه ولعبه ! , أن اعتيادنا على تقبل "الكذب" و"التخريب " السياسي ‏لحياتنا وقيمنا وعاداتنا الاجتماعية والدينية قد يبدو غير محدود وغير قابل للتغيير ‏لكنه يجب أن يصبح كذلك عندما يصل إلى الطفل ..‏








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. طلاب جامعة كولومبيا.. سجل حافل بالنضال من أجل حقوق الإنسان


.. فلسطيني يصنع المنظفات يدويا لتلبية احتياجات سكان رفح والنازح




.. ??مراسلة الجزيرة: آلاف الإسرائيليين يتظاهرون أمام وزارة الدف


.. -لتضامنهم مع غزة-.. كتابة عبارات شكر لطلاب الجامعات الأميركي




.. برنامج الأغذية العالمي: الشاحنات التي تدخل غزة ليست كافية