الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جدلية الدولة والمجتمع . تابع

بلكميمي محمد

2008 / 10 / 27
مواضيع وابحاث سياسية


ان علاقة الدولة السياسية بالمجتمع المدني ، هي في ضرورتها وموضوعيتها ، لاتختلف في شيء عن كل العلاقات الضرورية الموضوعية الاخرى ، سواء تعلق الامر بالتاريخ او الطبيعة او الفكر .
والامثلة التالية هي اسطع دليل على ذلك .
مثال اول : العلاقة بين البضاعة والقيمة . ليس التبادل هو الذي يحدد قيمة بضاعة ما ، بل بالعكس ا ن البضاعة هي التي تحدد قيمتها . فالقيمة ليست سوى انعكاسا لواقع البضاعة الموضوعي . وهذا الواقع الموضوعي هو كمية العمل الضروري اجتماعيا لانتاج البضاعة.
مثال ثان : البصر ، ان البصر هو علاقة بين جسمين فيزيائيين ، جسم خارجي وعدسة العين . وفي اطار هذه العلاقة ، ليست عدسة العين هي التي تخلق وتحدد الجسم الخارجي المنظور ، بل بالعكس ان اشعة الضوء المنبعثة من الجسم الخارجي ، والمنعكسة على العدسة ، هي التي تثير العصب البصري وترسم صورة مطابقة للجسم الخارجي على العدسة.
مثال ثالث : الوزن ، ليست قطعة الحديد الموضوعة في كفة الميزان ، بوصفها وحدة قياس الوزن هي التي تحدد وزن الجسم الموضوع في الكفة الاخرى ، بل بالعكس ان هذا الجسم هو الذي يحدد وحدة القياس ، المعبرة عن وزنه والعاكسة لواقعه .
مثال رابع : الفكر ، ليس الواقع انعكاسا للفكر ، كما يزعم الفلاسفة المثاليون ، بل بالعكس ليس الفكر سوى انعكاسا للواقع الموضوعي ، والفكر يكون علميا بقدر ما يتمكن من عكس ذلك الواقع بصفة مطابقة وموضوعية.
وبالمناسبة يريد عبد السلام المؤذن ان يسجل ملاحظة خاطفة ، على كتاب الدكتور محمد عابد الجابري « نقد العقل العربي » ، ان الجابري اعتقد انه توصل الى تحليل بنية العقل العربي ، بمجرد تأكيده على ان ذلك العقل يتكون من نظام عرفان ، ونظام بيان ، ونظام برهان .
والحقيقة ان القول بان العقل العربي ، يتكون من نظام عرفان ونظام بيان ونظام برهان ، لايختلف في شيء عن القول بان قطعة السكر ، تتكون من لون ابيض وطعم حلو وشكل مكعب ، ولذلك كان تحليل الجابري تحليلا سطحيا .
ان التحليل العلمي للعقل العربي ، يقتضي احداث قفزة معرفية تؤدي الى انشطار الواحد الى اثنين . أي اكتشاف الحقيقة الجوهرية الكامنة وراء سطح العقل العربي ، وتلك الحقيقة ليست شيئا اخر غير الواقع الاجتماعي الموضوعي نفسه .
من هنا سقوط الجابري في خطأين نظريين كبيرين : 1) نظرته اللاجدلية الواحدة الجانب ، الناجمة عن تجريد العقل العربي عن جوهره الحقيقي ، الذي هو المجتمع العربي ..2) ونتيجة لذلك سقوطه في النظرة المثالية ، التي تتوهم امكانية ادراك حقيقة العقل العربي من خلال هذا العقل نفسه ، الذي تم تجريده عن جوهره ، الامر الذي جعل اطروحات الكتاب الرئيسية ، تكون خاطئة كليا ( على سبيل المثال ، تقييمه المثالي لعصر التدوين ، وربطه المثالي بين عقل التدوين والمجتمع العربي في العصر الراهن ).
في الفقرة الاولى من هذا التحليل ، حددنا حقيقة المجتمع المدني المغربي ، وفي الفقرة الثانية حقيقة الدولة السياسية المغربية . وفي الفقرة الثالة العلاقة الموضوعية والضرورية بين الاثنين .
ام الان فاننا نريد ان نفعل ما لم يفعله الفكر السياسي المغربي من قبل ، الا وهو : رصد حركة تعاقب الاشكال السياسية للدولة المغربية ، من خلال تحليل الصيرورة الجوهرية لتطور وتشكل المجتمع المدني المغربي .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بوتين في -عيد النصر-: لن نسمح لأحد بتهديدنا والقوات النووية


.. رحلات إنسانية.. الإمارات تنفذ عمليات إجلاء للأطفال المصابين




.. خيانة و قتل من أجل الحب


.. سموتريتش: يجب أن تستمر الحرب حتى القضاء على حماس بشكل كامل




.. استهداف جرافة عسكرية للاحتلال بعبوة ناسفة خلال اقتحام قباطية