الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سيرة بن سباهي ....الجزء الخامس والعشرون

عبد الرزاق حرج

2008 / 10 / 28
سيرة ذاتية


..والآن ؛لا أنا أنا ؛ ولا البيت بيتي ...لوركا ....شاعر أسباني
ظهرت أزرار النجوم اللامعة في الليل الآزرق من خلف شبابيك الشقة بدون ستائر ونسمات قحيطة من الهواء البارد وافدة من الجبال الباردة ..جذيمة تغرق وتذوب في الحرارة النازفة من بطون الآرض والجامحة من نهار الشمس ..كان القراداغي والجار يتحدثوا في تاريخ الآحداث السياسية ,,وذاكرتي المتقدة حاملة وزر أكثر من عقدين من السنين المرة ,,قحافة من سراديب الذاكرة......مدينة الثورة مستطيلة الشكل تبعد عن مركز المدينة شرقا أكثر من 10 كم ,,تقسم الى أكثر من خمسة شوارع رئيسية تفصل البيوت والآزقة والآحياء ..بيوت المدينة والآسواق ذات بناء بدائي كوجوه ساكنيها..أمطار الشتاء السريعة والقوية تقلع الآحجار والنباتات الضالة في الساحات والدرابين وتنهرس في الماء السيار والبارد وتصبح أتربة الآرض كخميرة عجينة في ماء فاتر ..أطرافها تنتفخ بالطين وبرك الماء المكشوف تطوق الشوارع والفروع والآماكن الفارغة والمفتوحة .....تقع مدارسنا في ساحات الآزقة والآحياء الخربة ..صغارا وكبارا يلبسوا في الشتاء ألبسة تقيلة مستعملة وأحذية نايلون أو أحذية متينة شبيهة بالآحذية العسكرية ....تتصف أفكار المدينة بضيق الآفق والآفكار السوداوية وباخلاق الآنانية ,,لم تحافظ المدينة على توازنها,,, خبابة وخبلة !!..تتثقف في شهادة الآنتساب القبلي والديني والسياسي ,,لها حيز كبير من وطن الموت شاركت في الحروب والغزوات والمعارك السياسية ... تحوي بيوتهم البدائية وتحت طيات ألآفرشة البسيطة خناجر وسكاكين طويلة وضخمة ومسدسات وبنادق قديمة أو عصي غليضة في رؤوسها كوم من الرصاص الثقيل مقصوصة من الآشجار الضخمة....تتهيأ في المعارك اليومية ..يتحول الجار الى عدو في نزاعات تافهة ..مات الكثير في تلك النزاعات ..تغلب فيها الفوضى....... ندخل الى مدارستنا برؤوس وأيدي وملابس رطبة وأقدام غاطسة بسجي الطين ..حتى ساحة المدرسة والممر الخارجي والداخلي والسلم ,,لاترحمهم أقدار الطبيعة ..لها حظوة في زبد الطين المخلوط......يصل أبو فكرت الى المدرسة صباحا ..متوسط القامة لم يكن عابل الجسم بل وزنه يميل الى الرشاقة ووجهه الطويل يتناسق فيه اللون الآحمر والآبيض , شعر رأسه طويل ومموج كأمواج البحر الرمادي عيناه سوداء ومتسعة وصلبة,, يقترب منخريه الضيق والطويل من شفتيه الغليضة بدون شوارب..يلبس على قامته المعتدلة جاكيت أنكليزي ذو مربعات سمائية وخطوط سوداء ناعمة وقميص أزرق وبنطلون شتائي رصاصي ..تحتذي أقدامه الواثبة حذاء أحمر ذو شرائط قوية يعقفها طويتين فوق ثقوب الحذاء ..لم يكن طالبا مشاغبا أو عنيفا بل كان دمث الآخلاق هادئ ومنضبط في الدوام...صوته فيه نغمات الحنان وبرائته البيضاء تقربه من زملاءه..كان مثابرا في التظيم الطلابي السري للحزب..كانت علامات دراسته متوسطة أصابه هوس التنظيم والحزب ..كرس كل وقته وأيامه وحياته في سبيل العمل الطلابي ..كان محاورا لبقا وأداريا ناجحا في الحياة اليومية ..لم يرضخ الى أستفزازات الطلبة المحسوبة على تنظيمات السلطة أنذاك .. أصبح شخصا خطرا في المدرسة ..كان يدير حلقات التنظيم السري بفطانة.يتكلم بنغمات الآنخفاض مثل وشوشات العشق السري .أنذاك كانت أعمارنا صغيرة قابلة للاختراق الحزبي ,,لم تتضح عندنا هذه المدارس القومية والماركسية لانها اصلا من رحم المدارس الدينية للنصارى..لذا كان قرار الموت هو أنتمائنا الى التنظيم !!..في المراحل الآخيرة من الثانوية ..ترك المدرسة والبيت وحبيبته تحت ضغوطات رجال الآمن .. مارس العمل السري في بغداد ..بيتهم تتناوب عليه الجهات الآمنية والحزبية بمراقبته.....كثير من زملاء التنظيم القي القبض عليهم في الآمن ..عمل عدة أعمال ..خياط .....عامل في أحد معامل البلاستك ..هرب الى دمشق عن طريق الموصل مع أثنان من رفاقه في يوم غابر وحارومترب ..لم يكتشف رياء الحزب الا في دمشق ..كثير من الشباب بل ألاف من العيون والخياشم الراعشة في دمشق ..تسأل عن البديل ..بعدما تركوا حياتهم وأعمالهم ودراستهم ..حين عرفوا أن مصيرهم مرتبط بقيادة تمارس الهيجان الجنسي وسرقة مستقبل الشباب والناس ..أختلف مع الحزب . حين أزاحه حيطان الجهل في معرفة أمور الحزب .بدأت الحملات الحزبية تطرق باساليب نفسية حقيرة تحت مسميات غريبة وتافهة على ابو فكرت بوصفه جبان ..وازدادت الاشاعات عليه بأنه يطالب بالآستحقاق في التدرج الحزبي ..أو مشكوك فيه ....زارته أمه وحبيبته من عشيرة البتران في دمشق ..أستطاع الحزب أن ينهي علاقته مع رفيقته وحبيبته ..عن طريق أقربائها في دمشق ..أفلحوا في ذلك الآمر ..أعطى الحزب منشورات حزبية لتلك الحبيبة لتموت في بغداد ..وماتت في أقبية النظام بعد أنهاء الزيارة الى دمشق ..صعصع تفكيره وهزل جسمه .حين قرأ في الجرائد الحزبية مقتل حبيبته !!..ذهب الى زواغير جبال الكرد في شمال العراق .أتضح لديه أن قضية الحزب هي قضية كردية !!....أشتغل في دمشق ولبنان أعمال تسد الرمق ......بقى سنين كثيرة في دمشق ..تزوج ..وسافر الى أحد البلدان الآسكندنافية ..
...أنتبهت الى صمت القرداغي والجار ..قال لي الجار ..كاكه ..أشو أنتي ..بس صافنة ..قلت ..لا ..بس جنت أسمع حديثكم غير ..ضحك قرداغي ..قال ..علينا ياكاكه ..يله ..اليوم ماكوا أفلوس ..يمكن باجر ..ودعنا صديقنا الجار وذهبنا الى شقة القرداغي ..ونسمات الهواء حارة ..يتبع ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حماس وإسرائيل.. محادثات الفرصة الأخيرة | #غرفة_الأخبار


.. -نيويورك تايمز-: بايدن قد ينظر في تقييد بعض مبيعات الأسلحة ل




.. الاجتماع التشاوري العربي في الرياض يطالب بوقف فوري لإطلاق ال


.. منظومة -باتريوت- الأميركية.. لماذا كل هذا الإلحاح الأوكراني




.. ?وفد أمني عراقي يبدأ التحقيقات لكشف ملابسات الهجوم على حقل -