الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فكر وحوار : نظرية الراسمالية المغربية - 3-

بلكميمي محمد

2008 / 10 / 29
مواضيع وابحاث سياسية



5- ظهور راسمالية الدولة التبعية

لقد سجلنا سابقا بان الراسمالية التبعية المغربية ، قد مثلت التجاوز التاريخي للراسمالية الكولونيالية ، لكن الراسمالية التبعية ، ماهي ؟
ان عبارة « راسمالية تبعية » لاتعبر سوى عن مفهوم عام مجرد ، شانه شان كل المفاهيم المجردة الاخرى مثل ، الانسان ، المادة ، الوطن ، الحياة ... الخ
فانا مثلا عندما اكتفي بالقول : الانسان ، فاني بذلك ابقى في المجردات ، ولايمكنني الانتقال من المجرد العام الى الملموس المعين ، الا اذا تقمص المفهوم المجرد مضمونا ملموسا ، كمثل تجاوز مفهون الانسان بشخص جمال عبد الناصر ، او شخص فيروز ، او أي شخص محدد اخر .
كذلك هو الحال تماما بالنسبة لمفهوم الراسمالية التبعية المغربية اذ لكي يمكن تجاوز ذلك المفهوم المجرد ، لابد من مضمون ملموس محدد ، فماهو اذن المضمون بالنسبة للراسمالية التبعية المغربية ؟ .
ان هذا المضمون لم يتحدد تاريخية بطريقة اعتباطية ، من طرف هذا الزعيم السياسي او ذاك ، او وفق رغبة هذه القوة الاجتماعية او تلك ، ولكنه تحدد بفعل الضرورة التاريخية ، لان الذي حدده هو الراسمالية التبعية المغربية نفسها ، انسجاما مع واقعها القائم حينئذ ، وهذا الواقع نفسه ، قد انجبه التناقض الموضوعي الذي كان قائما في نهاية المرحلة الكولونيالية / كيف ذلك ؟
ان التناقض الذي جاءت الراسمالية التبعية لحله ، لم يكن بين طبقة بورجوازية مغربية مكتملة النمو ، وبين الراسمال الكولونيالي المعيق لذلك النمو ( فالبرجوازية المغربية كانت في ذلك الوقت ، لاتزال في بدايات تطورها) ، ولكنه كان بين الاقتصاد الراسمالي المغربي الذي اصبح ذا طابع وطني ( بحكم انتشاره وتوسعه على الصعيد الوطني ) ، وبين استمرار السيطرة السياسية الكولونيالية عليه ، من هنا فان حل ذلك التناقض حلا موضوعيا تاريخيا ، كان يقتضي احداث التطابق بين الاقتصاد والسياسة ، أي تحول الاقتصاد الراسمالي الوطني الى اقتصاد وطني حقا ، عن طريق تحريره من السيادة السياسية الكولونيالية ، وهو التحرير الذي كان يقتضي بدوره تحويل الدولة الكولونيالية الى دولة وطنية مغربية .
ان التطابق بين الاقتصاد والسياسة ( او وحدة الاقتصاد بالسياسة ) ، هو نفسه الذي حدد موضوعيا الشكل الذي ستكون عليه الراسمالية التبعية الخارجة حديثا من احشاء الراسمالية الكولونيالية ، ذلك ان الدولة المغربية الوطنية ، في غياب طبقة بورجوازية مكتملة النمو ، لم تكتف فقط بتأميم السياسة ( الغاء الدولة الكولونيالية وتحويل السيادة السياسية للدولة الوطنية ) ولكنها عمدت ايضا الى تاميم الاقتصاد نفسه ، عبر اخضاع المرافق الاقتصادية الاساسية لسيطرتها ضمن القطاع العام ، ومن هنا كان الشكل الاول الذي ظهرت به الراسمالية التبعية المغربية ، هو راسمالية الدولة التبعية .
ان الراسمالية المغربية التي تجسدت اقتصاديا في شكل راسمالية الدولة ، قد تطورت وتوسعت أيضا على اساس ذلك الشكل نفسه . هكذا كان شكل راسمالية الدولة حاضرا وممثلا في كل شيء ، في الزراعة ، في الصناعة ، في التجارة ، في المال ، في النقل ، في المعادن ، في الكهرباء ، في الماء ، في البريد ، في السياحة ، وغيرها .
لذلك ليس من قبيل الصدفة ، اذا كانت راسمالية الدولة المغربية تعتبر اول مستثمر ، واول مشغل لقوة العمل ، واول زبون واول مصدر .
ان القوة الاقتصادية لراسمالية الدولة ، يعبر عنها عدد المؤسسات الخاضعة لها ، وفي سنة 1983 ، بلغ عدد مؤسسات القطاع العمومي 600 مؤسسة .
في الجزء المقبل : تحول راسمالية الدولة الى طبقة بورجوازية .

6- تحول راسمالية الدولة الى طبقة بورجوازية

في كتاباته الاقتصادية ، يؤكد الاقتصادي المغربي الحبيب المالكي ، على ان المفهوم العلمي الانسب لواقع النظام الراسمالي المغربي ، هو مفهوم راسمالية الدولة التبعية .
ان الحبيب المالكي يرتكب هنا خطأ نظريا ، لانه يخلط بين شيئين مختلفين : بين جوهر النظام الراسمالي التبعي المغربي ، الذي هو وحدة العمل المغربي والراسمال المغربي .
( ولانه جوهر ، فلذلك سيظل ثابتا لايتغير ، مادامت العلاقات الراسمالية قائمة ) . وبين الشكل الخارجي الذي يتمظهر فيه ذلك الجوهر ، حسب اللحظة التاريخية التي يمر منها تطور النظام الراسمالي المغربي . وبالطبع فان الشكل الخارجي ، لانه شكل ، فهو بالضرورة معرض للتغير والتحول والانتقال من من حالة الى حالة اخرى نقيضة ، لذلك فان مايعتبره المالكي حقيقة النظام الراسمالي المغربي ( أي راسمالية الدولة التبعية ) ليس في الواقع سوى الشكل الاول ، المباشر الذي ظهرت عليه الراسمالية المغربية ، الخارجة للتو من احشاء الراسمالية الكولونيالية ، وكنا يقول المثل الشعبي بان « دوام الحال من المحال » كذلك ليس شكل راسمالية الدولة التبعية هو حدها الاقصى النهائي ، بل ان منطقها الداخلي نفسه ، يدفعها الى تجاوز ذاتها عبر الانتقال من شكل راسمالية الدولة الى الشكل النقيض ، الذي هو : ظهور الطبقة البورجوازية المغربية القائمة الذات .
ان مانشهده اليوم من تفكيك للقطاع العام ، وتفويت مؤسساته للقطاع الخاص ، ليس سوى تعبير عن المنعطف التاريخي النوعي الذي دخله التطور الاقتصادي – الاجتماعي المغربي ، والمتمثل في الانتقال من شكل قديم ( راسمالية الدولة ) الى شكل جديد ( الراسمال المغربي الخاص ) .
وهذا الانتقال من شكل الى شكل نقيض ، يندرج ضمن المنطق الضروري الداخلي الذي يتحكم في الحركة الموضوعية لتطور الراسمالية التبعية المغربية . فتحن اذن ، من زاوية المنطق الراسمالي التبعي ، نوجد في نهاية مرحلة موضوعية نوعية اخرى . وكما كانت راسمالية الدولة ضرورية في مرحلتها ، فكذلك اصبح الراسمال الخاص ضروريا في مرحلته . في المرحلة الاولى لم تكن هناك طبقة بورجوازية متطورة ، ولذلك لم يكن بد من سيادة شكل راسمالية الدولة . اما في المرحلة الحالية ، فمن جهة ، لقد استنفذت راسمالية الدولة امكاناتها التاريخية على قاعدة التبعية ، ومن جهة اخرى ، لقد تطورت البورجوازية المغربية الى الحد الذي جعلها تطمح وتتطلع الى مراقبة الراسمال المغربي في معظمه ، مما ادخلها في تناقض مع القطاع العام . هذه هي الحياة : في البدء كان القطاع العام بمثابة الثدي التي رضع منها الصبي الراسمال الخاص ، لكن في مرحلة لاحقة من التطور ، عندما لم يبق الصبي صبيا ، فقد ارتد ضد حليب امه ، مفضلا عليه طعاما جديدا اشهى والذ ، وهو لذلك اراد تصفيته.


6- تحول راسمالية الدولة الى طبقة بورجوازية - تابع -


قلنا في الفقرة السابقة ان الصبي لم يبق صبيا ، فقد ارتد ضد حليب امه ، مفضلا عليه طعاما جديدا اشهى والذ ، وهو لذلك اراد تصفيته .
ان بعض الاقتصاديين المغاربة ، يسوقون حكاية الحليب تلك ، كحجة ضد البورجوازية المغربية ، ففي نظرهم ، ان الرضيع يجب ان يبقى رضيعا مهما كانت كمية الحليب التي غذى بها جسمه ، وان الام يجب دائما ان تبقى قادرة على انتاج الحليب مهما شاخ عظمها وجف جلدها .
وفي الحقيقة ان تلك الحجة ليست حجة ضد البورجوازية المغربية بقدر ماهي حجة لصالحها ، لان البورجوازية المغربية ، لاتتميز بشيء عن باقي ظواهر الوجود ، اذ ان كل هذه الظواهر بالمطلق ، في الارض كما في السماء ، وفي التاريخ والطبيعة كما في الفكر ، تخضع لقانون جدلي واحد : هو تحول الشيء الى نقيضه . لذلك فان ارتداد البورجوازية المغربية ضد القطاع العام ، الذي استمدت منه في الاصل وجودها ذاتها ، ليس سوى تاكيد لذلك القانون الكوني .
ربما ان اصحاب تلك الحجة يضعون نصب اعينهم بعض امثلة النموذج الاوربي ، الذي تميز بتطور الطبقة البورجوازية في استقلال عن الدولة ، وفي هذه الحالة فانهم يسقطون في التجريد الفارغ ، لانهم ينسون الاختلاف الجذري القائم بين التجربتين ، بالنسبة للتجربة الاوربية ، لقد خرجت الراسمالية من احشاء الاقطاع ، اما بالنسبة للتجربة المغربية ، فقد خرجت الراسمالية المغربية من احشاء الراسمالية الكولونيالية .
ان انتقال الراسمالية المغربية من شكل راسمالية الدولة التبعية ، الى شكل الطبقة البورجوازية التبعية ، لانه ينتمي لصلب الحركة الموضوعية للنظام الراسمالي التبعي ذاته ، فهو لذلك ، سيكون من العبث محاولة وقفه بواسطة اعادة الروح للقطاع العام ، على نفس القاعدة الراسمالية التبعية السابقة .
ان القطاع العام الحالي قد انتهى دوره التاريخي ، ولايمكن بالتالي تكراره الا في شكل نوع جديد ارقى ، أي ليس على قاعدة الراسمالية التبعية القائمة ، وانما على قاعدة الراسمالية الوطنية المتحررة جذريا من الراسمال الاحتكاري العالمي .
ان تراجع راسمالية الدولة امام صعود الطبقة البورجوازية ، لانلمسه فقط من خلال تفكيك بعض ممتلكات القطاع العام وتفويتها للراسمال الخاص ( كما هو الشان مثلا بالنسبة لمكتب التسويق والتصدير الذي فقد دوره الاحتكاري في تصدير المنتوجات الفلاحية ، بعدما تخلى عن تصدير المصبرات الحيوانية والنباتية ، او بالنسبة لقطاع السياحة ، والاراضي الفلاحية التابعة للدولة ... ) ، لكننا نلمسه ايضا من خلال الموقع الذي يحتله الراسمال الخاص ضمن البنية العامة للراسمال الاجتماعي في الصناعة
فهذه البنية تبين ما يلي في ذلك الوقت :
16.56في المائة للقطاع الخاص الاجنبي.
32.36 في المائة للقطاع العمومي .
51.28 في المائة للقطاع الخاص المغربي .
ان الانتقال من راسمالية الدولة الى الراسمال الخاص ، يشكل فعلا قفزة نوعية في مسيرة البورجوازية المغربية، وهذه القفزة لم تكن فحسب اقتصادية ، وانما ايضا هي بالضرورة قفزة سياسية وايديولوجية .
فعلى الصعيد السياسي : ان تنامي القاعدة الاقتصادية للطبقة البورجوازية ، قد خلق الحاجة لديها الى تعبير سياسي حزبي مستقل ، لتكريس سلطتها الاقتصادية ( من هنا ظاهرة الاحزاب البورجوازية الجديدة المتميزة بالاستقرار والاستمرارية ) .
وعلى الصعيد الايديولوجي : لقد منحتها تلك القاعدة الاقتصادية ، الاساس المادي لتشكيل منظور ايديولوجي طبقي منسجم سواء في تصورها للمجتمع او في نظرتها للعالم ولصراعاته ( نلاحظ مثلا كيف ان البورجوازية المغربية ، بدات تميل الى تغيير موقعها السابق ، وذلك بنزوعها الى الابتعاد عن بلدان عدم الانحياز ، وانحيازها المكشوف للعالم « الحر » ولقيمه الراسمالية التحررية المزعومة . بل اكثر من ذلك ، ميلها الى تغيير جذورها الافريقية – العربية – الاسلامية ، بالوحدة الوهمية مع اوربا الراسمالية ) .
وفي الواقع ان تبلور البورجوازية المغربية في شكلها الجديد ، له تاريخ : ويمكن تقسيم تاريخ تطور الطبقة البورجوازية الى اربع مراحل رئيسية :
1- المرحلة البدائية : تجسدت في صناعة إحلال الواردات التي كانت سوقها الاساسي هو الدولة بموظفيها وعمالها وتجهيزاتها ( ولقد استفادت الصناعة الوطنية الناشئة من الحماية الجمركية التي فرضتها الدولة )
2- مرحلة المغربة سنة 1973 : وفيها تمت تصفية الراسمال الاجنبي من الفلاحة ، واضعاف دوره في باقي القطاعات الاقتصادية الاخرى .
3- مرحلة الانتقال من الانتاج للسوق الداخلية الى الانتاج للسوق العالمية الراسمالية ، بعدما استنفذت امكانات الاول ، ولقد حدث ذلك الانتقال بشكل خاص في منتصف السبعينات .
4- بداية تفكيك القطاع العام وتفويته للراسمال الخاص سنة 1983 .

7- اتجاه تطور الطبقة البورجوازية


قالت احدى الشخصيات الرئيسية في تراجيديا « فاوست» للكاتب الالماني جوته ، بحسرة : ثمة وبالاسف ، روحان تسكنان قلبي .. والواحدة منهما تريد الطلاق مع الاخرى .
لعل هذا الكلام لهو اصدق تعبير ، عن الحالة النفسية التي تمر منها اليوم الطبقة البورجوازية المغربية ، ان هذه الاخيرة يمزقها تناقض داخلي حاد ، تتكون اطرافه من :
من جهة : فهذه الطبقة التي نمت وترعرعت في احضان السوق الداخلية ( صناعة احلال الواردات ) ، سرعان ما وجدت نفسها بعد استنفاذ تلك السوق لامكاناتها التاريخية السابقة ، امام هذين الخيارين : 1- اما الاستمرار في الاعتماد على السوق الداخلية . لكن هذا يتطلب توسيعها ، ، الامر الذي يقتضي بدوره احداث اصلاحات جذرية على البنية الاقتصادية – الاجتماعية ... 2- واما هجرها الى السوق العالمية الراسمالية .
ولقد اختارت الخيار الثاني السهل .
ومن جهة ثانية : بعد انتهائها الى قرار اللجوء الى السوق الخارجية ، وجدت نفسها تصطدم ( في ظروف انفجار الازمة الراسمالية العالمية ) ، بجملة عوامل ردعت اندفاعاتها الطموحة . ولقد تمثلت تلك العوامل المعيقة في ثلاثة رئيسية : 1) انضمام اسبانيا والبرتغال الى السوق الاوربية المشتركة .. 2) الخلل الكبير الذي اصاب نظام التبادل التجاري والنظام النقدي ..3) السياسة الاقتصادية المزدوجة التي تنهجها البلدان الراسمالية المتطورة ، والمتمثلة في: من جهة ، توجهها نحو التحديث الاقتصادي عبر التخصص في المجالات ذات التكنولوجيا المتطورة ، وهي سياسة تفرضها ضرورة تحسين موقعها التنافسية في السوق العالمية .. لكن من جهة اخرى رفضها احداث قطيعة تامة مع الصناعات الكلاسيكية ، رغم انها اصبحت بدون مردودية اقتصادية ورغم انها تكلف الدولة دعما ماليا ضخما . والسبب في ذلك هو ان تلك الصناعات تمثل مجالا هاما للتشغيل ، وبالتالي فان الدولة تتجنب تصفيتها من اجل الحد من اتساع البطالة . وبالطبع فان تلك السياسة المزدوجة ، تحرم البلدان المتخلفة مثل المغرب ، من التخصص في الصناعات الكلاسيكية ، وفق قسمة عمل دولية جديدة .
والخلاصة اذن هي ان الطبقة البورجوازية المغربية ، لا يمكن لها ان تتقدم الا عن طريق تحقق واحد من اثنين : اما اصلاح السوق الداخلية اصلاحا جذريا ( وهذا هو الخيار الوطني ) ، واما اصلاح السوق الراسمالية العالمية ، وهذا يعني تعميق الارتباط والاندماج بالراسمال الاحتكاري العالمي .
ان الخيار الاول في متناولها ، لكنها لاتريده ، لانه يتطلب منها تنازلات كبيرة ( مثل الاصلاح الزراعي ، وتاميم التجارة الخارجية والابناك الرئيسية ، واعادة الاعتبار للقطاع العام ).
اما الخيار الثاني فهي تريده ، ولكنه ليس في متناولها ، كيف سيتم الحسم ؟ .
لكي ينتصر الخيار الوطني ، لابد من توفر شرطيين رئيسين : الاول ، ان تكون الطبقات الشعبية وتنظيماتها السياسية والنقابية ، قادرة على فرضه .
والثاني ، ان تكون افاق السوق الخارجية افاقا مظلمة بالنسبة لها .
لكن القوى الشعبية لا تملك في الوقت الحاضر ، القوة التي تمكنها من فرض الخيار الوطني .
ثم من ناحية اخرى ، ان الطبقة البورجوازية المغربية تستطيع دائما ، ايجاد موطئ قدم في السوق العالمية ، فضلا عن ان هذه الاخيرة مرشحة لنوع من التغير يستجيب لبعض رغبات البورجوازية المغربية ( ان التوفيق بين سياسة التحديث الاقتصادي في المجالات ذات التكنولوجيا المتطورة ، وبين المحافظة على الصناعات الكلاسيكية ، لدرء اخطار تفاقم البطالة في البلدان المتقدمة ، هي مجرد سياسة انتقالية بالنسبة للراسمال الاحتكاري العالمي . ذلك ان تناقضاته الداخلية نفسها ، عندما تعجز عن التوفيق الدائم بين مصالح الربح الراسمالي وبين الاعتبارات الاجتماعية المحضة ، فانها تدفعه بالضرورة الى التضحية بمصالح الشغيلة . وهذا ما بدانا نلمسه بشكل صارخ في بريطانيا ، التي تمت فيها بطريقة عنيفة ، تصفية الصناعة الكلاسيكية في مدن الشمال العريقة ، التي مثلت تاريخيا مهد الثورة الصناعية الكلاسيكية ) .
من هنا يبدو بان اتجاه تطور الطبقة البورجوازية المغربية ، سيتبع طريق المزيد من الاندماج في الراسمال الاحتكاري العالمي ، وليس الارتداد ضده لصالح السوق الوطنية .
وفي الحقيقة ان الاتجاه الاندماجي التبعي الجديد ، قد تم حسمه منذ مدة ، وهذا ما يبينه التوجه الليبرالي المتبع حاليا ، والمتمثل بشكل خاص في تبني البرنامج الاقتصادي لصندوق النقد الدولي .
ان المرحلة التاريخية التي نحن بصدد اجتيازها ، ستكون قاسية بالنسبة للشعب الكادح ، سواء من الناحية الاقتصادية ( الضغط على الاجور لتحسين الموقع التنافسي للبورجوازية المغربية في السوق العالمية ) ، او من الناحية السياسية ( قمع الحريات لفرض ذلك الضغط الاقتصادي ) .

8- تناقضات الطبقة البورجوازية المغربية

ان البورجوازية المغربية لايمكن لها ان تنمي ذاتها كطبقة ، بدون تنمية في نفس الوقت ، الطبقة العاملة والطبقة الوسطى .
وفي مرحلة معينة من التطور ، سيحتد التناقض مابين : الطابع الديمقراطي للمجتمع المغربي ( الناجم عن تنامي الطبقات الديمقراطية ، وعلى راسها البروليتاريا والطبقة الوسطى الحديثة ) ، وبين الطابع الهيمني للبورجوازية السائدة على راس الدولة .
ان الحل السياسي الوحيد الممكن لذلك التناقض ، هو احداث تطابق بين المجتمع المدني والدولة السياسية وهذا يعني الانتقال من دولة الهيمنة للطبقة الواحدة الى دولة كل طبقات المجتمع .
لكن هذا التناقض السياسي الذي يقود الى ترسيخ الحياة الديمقراطية في البلاد ، لن يكون نهاية المطاف ، بل انه سيدفع الى بروز على السطح بتناقض جديد هو : مابين الطابع الاجتماعي للانتاج ، والطبع الخاص لملكية وسائل الانتاج .
ان الحل التاريخي الوحيد الممكن لذلك التناقض ، هو احداث تطابق بين الانتاج والملكية . وهذا يعني الانتقال من الملكية الراسمالية الى الملكية الاشتراكية لوسائل الانتاج .









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل سيؤدي تعليق شحنة الأسلحة الأمريكية لإسرائيل للضغط على نتن


.. الشرطة الهولندية تفض اعتصام طلاب مؤيدين لغزة بجامعة أمستردام




.. هل بدأت معركة الولايات المتأرجحة بين بايدن وترامب؟ | #أميركا


.. طالبة تلاحق رئيسة جامعة كولومبيا نعمت شفيق وتطالبها بالاستقا




.. بايدن يقول إنه لن يزود إسرائيل بأسلحة لاجتياح رفح.. ما دلالة