الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مشروع الاتفاقية الامنية العراقية - الامريكية بين الرفض و القبول

عبد المنعم عنوز

2008 / 10 / 29
السياسة والعلاقات الدولية



من أكثر الاختبارات صعوبة وخطورة حاليا هي تلك التي تجابه مؤسسات الدولة العراقية الأساسية وهما السلطة التنفيذية والتشريعية، وموضوعه يتعلق بضرورة اتخاذ قرار تاريخي مضمونه رفض أو قبول مشروع الاتفاقية الأمنية مع الجانب الأمريكي. ولكن لا نغفل إن مثل هذا القرار تحكمه كثير من القواعد القانونية التي تتصل بصلاحيات أعمال السلطة التنفيذية والتشريعية، وهي في الحالتين تجد أصولها في إحكام الدستور العراقي الجديد لعام 2005، كما يقرره مبدأ تعدد السلطات ومرجعية الدولة الديمقراطية.
ولغرض البحث عن حل لاتخاذ قرارا صائبا لهذا الموضوع، لابد أولا من معرفة واقع واجبات ومهمات السلطة التنفيذية التي تكفلت بمهمة صياغة نصوص مشروع هذه الاتفاقية والتباحث في مضمون شروطها مع الطرف الآخر، هذا من جانب ، ومن جانب آخر ينبغي تحليل طبيعة القرار الذي بموجبه تتم إحالته للبرلمان لمناقشته والتصويت عليه بالرفض أو القبول. فهل هو ذات طبيعة سياسية يقرر مصيره المجلس السياسي للأمن الوطني؟ أم انه قائم على معايير مهنية تقررها بعض المنظورات الموضوعية التي ترسم سير أعمال السلطة التنفيذية بالتأثر والتأثير ؟ أم لا بد من أن يكون القرار النهائي منجزا بعد الأخذ بالاعتبار المعيارين السابقين معا باعتبار إن احدهم يكمل الآخر ؟

مما لاشك فيه إن أحكام نصوص هذه الاتفاقية تتطرق إلى مسائل جوهرية ذات صلة بالوضع السيادي للدولة العراقية والذي ينبغي عدم تجاهله مطلقا لأنه يهدف إلى وضع سقف زمني لتواجد القوات الأمريكية وتأكيد الاستقلال الوطني.... وبناء على ذلك كان الرأي الغالب للمحللين والمراقبين السياسيين هو التريث وكسب الوقت لغرض جعل المفاوض العراقي أكثر قوة تبعا لنهضة مؤسسات الدولة ، وخاصة الأمنية منها، وتثبيت العملية السياسية الديمقراطية وغيرها من تفاعلات الوضع الإقليمي. عندها ستكون آليات التفاوض وفعلها أكثر تأثيرا، وتسمح عند ذلك بتقليل الضغط الذي يتمتع به من يمتلك معامل القوة والنفوذ وهو الجانب الأمريكي إلى الحدود التي تسمح بقبول فرضية السيادة النسبية كما يقررها واقع العلاقات الدولية وتبادل المصالح بين الدول.
ولكن هذه الفرضية قد تصطدم مع حقيقة مدركات صناع القرار السياسي في الدولة العراقية، وكذلك واقع تشخيص بعض الضرورات من قبل الجهات المعنية في السلطة التنفيذية، لأنها دون شك تعمل بجهد كبير في الحفاظ على الإنجازات التي تحققت وتحاول تطويرها . وهذا هو واقع الاستنتاج العام والمعلن عنه عند من يعنيهم الأمر في الوزارات السيادية ورئاستها. فهل يعني ذلك بان للضرورة أحكامها وقواعدها التي لا تحتمل التأجيل؟

وتبعا لذلك قدر رئيس الوزراء ضرورة إطلاع المجلس السياسي للأمن الوطني على نصوص الاتفاقية قبل إحالتها للبرلمان مقدرا إن هذا الإجراء سيساعد في تامين التصويت الايجابي لصالحها عند عرضها أمام السلطة التشريعية. إلا أن هذا الإجراء يقود أولا إلى تقديم أحكام القرار السياسي للكتل السياسية الرئيسية فقط دون غيرها وهي عديدة، وتقديمها على القرار المهني لإدارة الدولة الخاضع لتقديرات السلطة التنفيذية ، رغم إن هذه الأخيرة هي الأكثر قربا وواقعية في تقدير الموقف وقياس الضرورات. من جانب آخر، يمكن لهذا الإجراء أن يغذي مفهوم التوافقيات السياسية قبل كل شيء ، ويجعل منه قاعدة عمل للسلطة التنفيذية ، وهو الأمر الذي يتعارض مع مبدأ بناء الدولة الديمقراطية. كما انه يعبر عن واقع مرتبك للنظام السياسي للدولة العراقية ويعطل من مسارها بالاتجاه الصحيح كما هو الحال عندما حجبت حرية رئيس الوزراء بانتقاء أعضاء حكومته في فترة سابقة.

ما هو أكثر واقعية وموضوعية هو أن يتم الأخذ بأحكام وقواعد العمل لكلا الموقفين، السياسي بدائرته البرلمانية الواسعة، والتنفيذي متمثلا بالسلطات الإدارية السيادية وقواعد مستلزماتها. د.عبد المنعم عنوز
دكتوراه في القانون - فرنسا
وبهذا الحل نؤسس إلى أن يسند احدهم الآخر في الفعل والنتائج وضمان اثر هما على صحة وشرعية القرار البرلماني.
ولكن ما هي الآليات لتحقيق ذلك؟
قد يكون من الملائم بان على الوزارات السيادية الخارجية و الدفاع والداخلية والأمن الوطني والمالية أن تتكفل كل منها أمام البرلمان في بيان وعرض الجانب الايجابي والسلبي لنصوص هذه الاتفاقية المقترحة، وبما يتعلق بآثارها في حالة الرفض أو القبول.ومن خلال ذلك تتبين جدوى طرح هكذا مشروع في هذه المرحلة من مسيره بناء الدولة العراقية ،سواء في الغرض والمضمون والتطبيق، وفيما يترتب على تشريعها بعد الموافقة أوفي حالة رفضها أو تعديلها من نتائج والتزامات وطنية ودولية. من جانب آخر، سيسمح هذا الإجراء لجميع أعضاء البرلمان من جميع الكتل السياسية بادراك الحقيقة والإطلاع على العقبات إن وجدت وإثراؤها بالنقاش البرلماني كما تقرره قواعد العمل الديمقراطي التشريعي. وقد يؤدي ذلك أيضا إلى منح عضو البرلمان قدرا من الحرية والاستقلالية في اتخاذ الموقف المناسب عند التصويت خارج تأثير الكتل الرئيسية أو الانقياد لقرارها.
كما إن على اللجان الأمنية والقانونية ولجنة العلاقات الدولية في البرلمان أن تتولى دراسة وتقييم الحجج والمبررات المتقدمة من الوزارات التي يعنيها الأمر. وقد يتطلب ذلك الاستعانة بالخبرات والمختصين من خارج البرلمان لتقديم آرائهم وخلاصة توصيتهم لكي تساعد البرلمان من اتخاذ القرار الملائم بشأنها. وهكذا تبنى القرارات على مبدأ الشفافية وتتعزز ثقة المواطن بنظامه السياسي الجديد.....والتوفيق للجميع......انتهى

في 26/10/2008








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة تقتحم.. وطلبة جامعة كاليفورنيا يرفضون فض الاعتصام الد


.. الملابس الذكية.. ماهي؟ وكيف تنقذ حياتنا؟| #الصباح




.. هدنة غزة.. حماس تعتزم الرد اليوم على المقترح المصري ..و يد إ


.. الشرطة تقتحم مخيم التضامن مع فلسطين بجامعة كاليفورنيا وتعتقل




.. بيان لممثلي اعتصام جامعة كاليفورنيا حول هجوم مناصري إسرائيل