الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاتفاقية العراقية الأمريكية وأكذوبة الفصل السابع 12

حازم الحسوني

2008 / 10 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


أصبحت موضوعة الاتفاقية العراقية الأمريكية الأمنية والمتعددة الأوجه السياسية والاقتصادية والثقافية، الشغل الشاغل للأعلام، ولكل المتابعين للشأن العراقي لسبب حساسية وأهمية هذهِ الاتفاقية التي ستفرض التحكم بحاضر ومستقبل العراق السياسي والأمني والاقتصادي لسنوات وربما لعقود طويلة، فمنذ أن تم التوقيع على إعلان المبادئ بين رئيس الوزراء نوري المالكي والرئيس الأمريكي جورج بوش في 26 تشرين الثاني 2007 ولحد الآن ظهرت الكثير من الكتابات والتحليلات والبحوث السياسية، وكذلك التصريحات الرسمية والغير رسمية، وتتالت بنفس الوقت مواقف بعض الأحزاب والكتل السياسية وأعضاء من مجلس النواب منها المؤيد بشكل كامل للاتفاقية وغيره الرافض والآخر المتحفظ....الخ من المواقف المتباينة والمتناقضة بجوهرها ولكل منهم تبريره، التي تعكس حجم الصراع بين القوى السياسية المحلية وبنفس الوقت حجم تدخل قوات الاحتلال، وتدخل دول الجوار الإقليمية والعربية للتأثير على مواقف القوى السياسية المتنفذة في العملية السياسية بعد غياب الحس الوطني الصادق عند الكثير منها بسبب غلبة المصالح الفئوية والحزبية والشخصية الذي ستكشف عنه الأيام.
الملاحظ هنا وبشكل ملفت للنظر هو تفرد الحزبين الكردستانيين بالإعلان الصريح المؤيد بقوة للاتفاقية دون قيد وشرط حتى قبل إرسال النسخة الأخيرة للبرلمان لمناقشتها، لا بل ذهبا أكثر إلى إثارة المخاوف والهلع من أن عدم التوقيع على الاتفاقية سيعرض أموال العراق إلى الهدر وخسارته لعشرات المليارات من أمواله في الخارج وغيرها من التهديدات التي تدخل ضمن الضغوط النفسية تماشياً مع تصريحات المسئولين الأمريكان لتهيئة الرأي العام للقبول بها وبأي ثمن كان!!!، ويتناغم مع هذا الموقف بعض الأطراف المؤثرة في قائمة الائتلاف والتوافق رغم عدم الإعلان الرسمي لها، والحجة هي الفصل السابع كالعادة .
سنحاول في هذه المادة الوقوف عند ابرز القرارات الصادرة من مجلس الأمن والتي أنهت بدورها حقيقة بقاء العراق تحت الفصل السابع، ونتوقف عند الأموال المجمدة وصندوق تنمية العراق والتعويضات تباعاً وفقاً للقرارات الدولية، وكذلك لنرى ان كانت هناك ضرورة للتوقيع على هذه الاتفاقية مع معاينة الإمكانيات المتوفرة بيد العراق.

قبل الدخول بحيثيات القرارات من المفيد تثبيت الملاحظات التالية:

1ـ أتخذ مجلس الأمن بحق العراق 62 قرار دولي أغلبها تحت الفصل السابع باعتباره يهدد الأمن والسلم الدوليين منها 50 قرار قبل الاحتلال و12 قرار بعده، فالقرار 660 الصادر في 2 آب1990 بعد غزو الكويت من قبل قوات الدكتاتور لم يكن تحت الفصل السابع حيث طالب القرار العراق بضرورة الانسحاب الفوري مع إدانة الغزو، وكذلك هيّ القرارات 773 (26ـ8ـ1993) الذي أشار إلى تشكيل لجنة تخطيط الحدود ما بين العراق والكويت، والقرار 688(5ـ4ـ1991) الذي طالب الدكتاتورية بإيقاف القمع ضد الشعب العراقي.
أما بعد الاحتلال فصدرت قرارات جديدة ليست تحت الفصل السابع نذكر منها بعجالة القرار1500(2003)، 1538 (2004)، 1557 (2004)، 1619(2005)، 1700(2006)، 1770 (2007).

2ـ أن القرارات تغيرت طبيعتها حسب تدرج مراحل خلاف النظام الدكتاتوري مع مجلس الأمن والتزاماته، حيث بدأت بفرض الحصار الاقتصادي ضمن القرار 661 الصادر في 6 آب 1990 وفقاً للمادة 41 من الفصل السابع لميثاق الأمم المتحدة وتلاه القرار678 الصادر في 29 تشرين الثاني 1990 وفق المادة 42 من الفصل السابع ذاته الداعي لاستخدام القوة لإخراج العراق من الكويت مع إعطاء مهلة زمنية تكون نهايتها في 15 كانون الثاني 1991 ففي حينها لم يستجيب الدكتاتور إلى هذه المهلة النهائية فاندلعت الحرب في السابع عشر من نفس الشهر، وكذلك شملت القرارات الإجراءات والمضامين الأخرى المتعلقة منها ببرامج نزع أسلحة الدمار الشامل ،الاعتراف بالكويت ورسم الحدود الجديدة بين الدولتين(القرار833 الصادر في 27 اذار1993) ،تعويضات الحرب، إعادة الممتلكات والوثائق المسروقة من الكويت،الكشف عن مصير الأسرى الكويتيين ورعايا الدول الأخرى، استمرار العقوبات و الحصار الاقتصادي وثم برنامج النفط والغذاء، استمرار لجان التفتيش للبحث عن الأسلحة ...الخ
وبعد احتلال العراق وسقوط الدكتاتورية في 9 نيسان2003 صدرت قرارات جديدة ألغت بنود الكثير من تلك القرارات السابقة التي كانت سبباً بوضع العراق تحت الفصل السابع نذكر منها :

1ـ في القرار 1483 الصادر في 22ـ5ـ2003 وبموجب الفقرة 10 تم رفع الحصار الاقتصادي المفروض بموجب القرار 661 حيث جاء [يقرر( أي مجلس الأمن ) ألا تسري بعد الآن جميع تدابير الحظر المتصلة بالتجارة مع العراق وبتقديم الموارد المالية والاقتصادية للعراق ، والمفروضة بموجب القرار 661 وذلك باستثناء تدابير الحظر المتصلة ببيع الأسلحة أو الأعتدة ذات الصلة بالعراق أو تزويده بها ،فيما عدا الأسلحة والأعتدة ذات الصلة التي تحتاجها السلطة (سلطة الاحتلال) لخدمة أغراض هذا القرار والقرارات الأخرى ذات الصلة] وحتى هذا الاستثناء على توريد السلاح للعراق دون سلطة الاحتلال جرى الإقرار به في القرار1546 ضمن الفقرة 21 منه حيث نصت [يقرر ألا يسري الحظر المتعلق ببيع أو توريد الأسلحة والأعتدة المتصلة بها إلى العراق بموجب القرارات السابقة على الأسلحة أو الأعتدة المتصلة بها اللازمة لحكومة العراق أو للقوة المتعددة الجنسيات لخدمة أغراض هذا القرار] .
وبنفس الوقت استمر سريان البنود المتعلقة بأسلحة الدمار الشامل وتدميرها ومنها البنود التي وردت في القرار687 الصادر في 3 ابريل 1991 أو الأنشطة المتعلقة بهذه الأسلحة الواردة ضمن القرار 707 الصادر في 15 آب 1991، وفيما يتعلق بالعراق فقد تعهد في دستوره ضمن المادة 9 أولا الفقرة( ه ) بالالتزام بمنع انتشار وتطوير وإنتاج واستخدام هذه الأسلحة.
2ـ ما يتعلق بدور لجان التفتيش وإنهاء مهامها المعنية بهذا الآمر، فقد تم إقرار هذا أيضا في القرار1762 الصادر في 29 حزيران 2007 حيث ورد في الفقرة1 [يقرر(أي مجلس الأمن ) أن ينهي على الفور ولايتي لجنة الأمم المتحدة للرصد والتحقق والتفتيش والوكالة الدولية للطاقة الذرية بموجب القرارات ذات الصلة] ويضيف كذلك في ديباجة القرار [ وإذ يقر(أي مجلس الأمن) بأن استمرار عمليات لجنة الأمم المتحدة للرصد والتحقق والتفتيش ومكتب العراق للتحقق النووي التابع للوكالة لم يعد ضرورياً للتحقق من امتثال العراق للالتزامات المنوطة به بموجب القرارات ذات الصلة].
وقد جاء هذا التأكيد كذلك في موقع الأمم المتحدة يوم 10ـ6ـ2008 بان مفتشو لجنة الأمم المتحدة (أنمو فيك) سلموا تقريرهم الأخير بعد انتهاء أعمالها وغلق العمليات وإيداع الوثائق والأرشيف الخاص بها في مخزن خاص لدى الأمم المتحدة بعد أن تخلصت من معدات المراقبة والمواد غير الخطرة التي جمعتها خلال سنوات مهمتها في العراق .
يتضح مما سبق ان المبررات الرئيسية التي وضعت العراق تحت الفصل السابع قد انتهت برفع الحصار الاقتصادي المرتكز على المادة 41 وكذلك التأكد من أن العراق لم يعد يمتلك أي برامج ولا أي أسلحة للتدمير الشامل ولا حتى المقدرة على تهديد السلم والأمن الدوليين بقناعة مجلس الأمن وكل دول العالم وهذا يعني انتهاء المادة 42 من الفصل السابع أيضاً، إضافة إلى أن الظروف الآن في العراق تختلف جذريا عما كانت عليه في سنة 1990 تاريخ غزو الكويت، بل العراق هو المُهددْ الآن ويحتاج الحماية من المجتمع الدولي .

وتضمنت القرارات الجديدة الصادرة من مجلس الأمن والتي أنهت هيّ الأخرى الإجراءات التي رافقت تطبيق قرارات مجلس الأمن السابقة لأنها كانت مبررات للتواصل ضمن الفصل السابع نذكر بعضها:
1ـ إنهاء مهمة المراقبة والرصد على تصدير النفط العراقي الذي كان مفروض وفق برنامج النفط والغذاء والشروط التي سبقت هذا البرنامج، علماً أن أولى القرارات التي تضمنتها نسب التعويضات واستقطاع نسبة 30% من قيمة الصادرات النفطية جاءت في القرار687 وجاء التأكيد عليها في القرار 705 الصادر بتاريخ 15 آب 1991 وتلاه القرار 706 الصادر في نفس اليوم الذي حدد كميات وشروط بيع هذه المنتجات، حينها رفض النظام الدكتاتوري تنفيذ هذين القرارين بحجة مس السيادة الوطنية !!! وافق النظام وبعد تعنت طويل على قرار برنامج النفط مقابل الغذاء المرقم 986 الصادر في 14 ابريل 1995الذي حدد كمية التصدير بمليار دولار كل ثلاث أشهر.
كان القرار1483 وبالفقرة 18 منه واضح جداً بهذا الصدد حيث يقول [يقرر أن ينهي اعتباراً من اتخاذ هذا القرار المهام المرتبطة بأنشطة المراقبة والرصد التي يضطلع بها الأمين العام في إطار البرنامج، بما في ذلك رصد تصدير النفط والمنتجات النفطية من العراق ].

2ـ وبخصوص العلاقة مع دولة الكويت فقد جاء في القرار 1490 الصادر في 3 تموز2003[ وإذ يقر بان تشغيل البعثة والمنطقة المنزوعة السلاح المنشاة بموجب القرار 687(1991) لم يعد ضرورياً لتوفير الحماية ضد التهديدات التي قد يتعرض لها الأمن الدولي نتيجة للإجراءات العراقية ضد الكويت ].
وما يتعلق بولاية البعثة فحسب الفقرة 1 من نفس القرار [ يقرر استمرار ولاية بعثة الأمم المتحدة للمراقبة في العراق والكويت لفترة نهائية حتى 6 تشرين الأول 2003 ]وبنفس الوقت يشير في الفقرة 3 من نفس القرار إلى إنهاء المنطقة المنزوعة السلاح بين البلدين [يقرر إنهاء المنطقة المنزوعة السلاح التي تمتد عشرة كيلو مترات داخل العراق وخمسة كيلو مترات داخل الكويت بدءا من الحدود العراقية ـ الكويتية عند إنهاء ولاية البعثة في 6 تشرين الأول 2003]، علماً انه تم إقرار ترسيم الحدود بين البلدين وفق القرار833(1993) حيث يؤكد فيه أن هذا الترسيم نهائي وطالب الدولتين باحترام القرار والالتزام به.
أعتقد أن هذا الترسيم تم بظروف غير طبيعية وغير عادلة لأن ترسيم الحدود بين أي بلدين لابد ان ينطلق من الإرادة الحرة للبلدين وان يحظى بموافقة المؤسسات التشريعية والتنفيذية المنتخبة بشكل شرعي وفي ظروف العراق تلك لم يكن النظام ولا أجهزته التشريعية أو القضائية تحمل الشرعية علاوة على ذك ان ترسيم الحدود لا يفرُض من منطلقات القوة والضعف فستكون بالتالي نتائج الترسيم عرضة للمشاكل بين أي بلدين ومصدر للقلق الدائم لهذا أرى ان يجري الحوار الهادئ بين البلدين عبر المؤسسات التشريعية والتنفيذية المنتخبة لإعادة النظر بهذا الترسيم .
لابد من الإشارة أيضاً إلى أن القضية العالقة بصدد مصير ورفات المواطنين الكويتيين ورعايا الدول الأخرى المفقودين منذ حرب الخليج الثانية فقد أعرب مجلس الأمن عن ارتياحه لإبداء الحكومة العراقية تفهما كاملا ونيتها المخلصة في المساعدة في حل القضايا العالقة حسبما جاء في موقع الأمم المتحدة بتاريخ 25حزيران 2008.

أموال العراق المجمدة في الخارج وصندوق التنمية وصندوق التعويضات

من القضايا المطروحة والتي يجري التلويح بها دائماً كي تكون مبرر لتمرير الاتفاقية مع أمريكا هيّ موضوعة الأموال وموارد العراق التي ستكون عرضة للنهب والمطالبة والخسارة لها ليس الآن وإنما لآماد أخرى طويلة ما لم يتم التوقيع على الاتفاقية، سنحاول معالجة هذا الموضوع ضمن القرارات الدولية نفسها مع طرح البدائل الممكنة عسى أن نكون قد ساهمنا بشئ في حل هذه القضايا المستعصية.
بصدد الأموال المجمدة ورد في قرار مجلس الأمن 1518 المؤرخ في 24 تشرين الثاني 2003 وفي الفقرة الأولى منه [يقرر أن ينشى فوراً، وفقاً للمادة 28 من نظامه الداخلي المؤقت، لجنة تابعة لمجلس الأمن مؤلفة من جميع أعضاء المجلس لتواصل، عملا بالفقرة 19 من القرار 1483(2003)، تحديد هوية الأفراد والكيانات المشار إليهم في الفقرة 19 من ذلك القرار، بما في ذلك طريق تحديث قائمة الكيانات والأفراد الذين حددت اللجنة المنشأة عملا بالفقرة 6 من القرار 661(1990) هويتهم بالفعل، وتوافي المجلس بتقارير عن أعمالها]، يتضح من هذه الفقرة أن اللجنة تضم جميع أعضاء مجلس الأمن وليس طرف يتحكم بمفرده وبنفس الوقت أنهت عمل اللجنة السابقة وفق القرار661(1990)، أما مهمة اللجنة هي الإشراف على استمرار تجميد الودائع والأرصدة المالية المسجلة باسم أعوان النظام السابق أو الأموال والأصول المالية والموارد الاقتصادية التي كانت ملك حكومة العراق السابقة أو الهيئات الحكومية أو المؤسسات أو الوكالات التابعة لها، الموجودة خارج العراق في تاريخ اتخاذ هذا القرار كما جاء في الفقرة 23 ضمن القرار1483، ومن جهتها طالبت الحكومة العراقية باستمرار هذه اللجنة حسب الرسالة المرفقة للقرار 1790 مع تأكيدها على تحديث قائمة الأفراد والكيانات الذين تم تحديد هويتهم سابقاً .
ضروري الإشارة هنا إلى أن هذه الأموال المجمدة ووفق المادة 23 من القرار 1483(2003) قد تم نقلها إلى صندوق تنمية العراق والاستثناء هو (ما لم تكن تلك الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية هي ذاتها موضوع حجز أو قرار قضائي أو إداري أو تحكيمي) بنفس الوقت أعطت الفقرة حق الأفراد وتلك الكيانات التي كان يمتلكها النظام المقبور أو التي كان يسيطر عليها غير الحكومية في مخاطبة الحكومة التمثيلية المعترف بها دولياً، ما لم تعالج بطريقة أخرى .
أما صندوق تنمية العراق وكما جاء في الفقرة 12 من القرار1483(2003) [يشير إلى إنشاء صندوق تنمية للعراق ، يوضع في عهدة المصرف المركزي للعراق ، ويقوم بمراجعة حساباته محاسبون عموميون مستقلون يقرهم المجلس الدولي للمشورة والمراقبة لصندوق التنمية للعراق ويتطلع إلى عقد اجتماع مبكر للمشورة المراقبة، ومن بين أعضائه ممثلون مؤهلون على النحو الواجب للأمين العام، وللمدير الإداري لصندوق النقد الدولي، وللمدير العام للصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي،ولرئيس البنك الدولي] ،وقد أضيف لهم ممثل تسميه الحكومة العراقية يتمتع بكامل العضوية وحق التصويت وفق القرار1546 المادة 24 حيث يستمر إيداع العادات العائدة من تصدير النفط والمنتجات النفطية عدا الحصة المخصصة لصندوق التعويضات ومقدارها بنسبة 5% من تلك العائدات.

يتبع

28ـ10ـ2008








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 200 يوم على حرب غزة.. ماذا جرى في «مفاوضات الهدنة»؟| #الظهير


.. مخاوف من اتساع الحرب.. تصاعد التوتر بين حزب الله وإسرائيل| #




.. في غضون أسبوع.. نتنياهو يخشى -أمر- الجنائية الدولية باعتقاله


.. هل تشعل فرنسا حربا نووية لمواجهة موسكو؟ | #الظهيرة




.. متحدث الخارجية القطرية لهآرتس: الاتفاق بحاجة لمزيد من التناز