الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المدنية العربية .. بين الموجات الرعوية والموجات الريفية

مفيد ديوب

2004 / 2 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


شرعت الفئات المهيمنة منذ ما بعد تقسيم العمل إ لى صياغة الهياكل الإدارية ،ونظم الشرائع والقوانين
التي بواسطتها تدير شؤون الجماعات البشرية و تنظم العلاقة بين أفرادها وبينها مجتمعة وبين الجهة المهيمنة،وبما يخدم مصلحتها واستمرار هيمنتها ،واستمرت هذه النظم والشرائع أحقابا طويلة, تتطور ببطيء شديد ذلك أن قدرة الجماعات المهيمن عليها لم تكن كافية لإرغام تلك المهيمنة, على تعديلها بما يخفف درجة الظلم عليها ،إلى أن شهدت القرون الأخيرة ثورات وانتفاضات كثفت فيها الجماعات البشرية من نضالاتها،وتمكنت من فرض تعديلات كبيرة متعاقبة على تلك الشرائع والقوانين بما يحقق لها أجزاء متواترة من حقوقها,
وكان من جملة الأدوات التي استخدمتها الجماعات البشرية في نضالها الطويل هي الأديولوجية الدينية ذاتها التي استخدمتها السلطات في قهر الإنسان،فجرى صراع عنيف في هذا الحقل،لتعديل الكثير من المفاهيم،وكانت الغاية هي إلغاء قهر الإنسان 
أما ما حصل في منطقتنا العربية.....
فما أن انتشرت الديانة المحمدية في شبه الجزيرة العربية،والتي تبنت مفاهيم متقدمة ومتمردة على المجتمع القبلي الرعوي, مثل الحرية والعدالة والمساواة, وطرحتها في ميدان التطبيق بعد استلام مركز القرار وتشكيل نموذج الدولة الجديدة في حينها،ومنحت هذه الدولة الفتية من عناصر القوة الكثير, حتى استمر تأثيرها بعد مرحلة صدر الإسلام عقود طويلة.
لكن الأموية،طوّعت مجمل  مفاهيم الديانة الإسلامية بما يخدم مصالحها وتحويل الدولة الفتية إلى ملكية وراثية استبدادية ،وصاغت نموذج الدولة بما يخدم مشروعها التوسعي, وأدخلت نموذج الدولة الفتية في نفق العسكرة.
ولكي تتمكن من تأبيد حكمها ومصالحها, ومشروعها التوسعي كان لا بد من صياغة المفاهيم الدينية, ذات السطوة الكبيرة في تأثيرها و تشكيل وعي البشر الذين سينفذون تلك الأهداف ,فأعادت إنتاج العبودية لكن بصياغة جديدة .
ــ أعادت مكانة الإنسان إلى حقل العبودية ,بعد شطب الحيز الذي احتله من الاهتمام به .
ـــ أعادت السلطة الحاكمة إلى مكانتها المقدسة باعتبارها ممثلة الله على الأرض ,و اقتصار توظيف الشعب في حقلي الطاعة والعبادة ,واعتبار حقوق البشر مؤجلة إلى يوم القيامة ,
وبذلك وصلت إلى مبتغاها :
ا ـ تحقير العقل ,وشل طاقاته في إبداع الحلول لمشكلاته .
ب ـ شل الإرادة الفردية والجمعية ,وربطها بإرادة السلطان
ج ـ قتل روح الانتماء إلى الجماعة ,ما عدا تلك تحقق مفاهيم "التعبد "المنتجة من قبل السلطان لتجييش العابدين .
وهكذا تمكن السلاطين من فلترة الأيديولوجيا الجديدة المتمردة ,وإنتاج أيديولوجيا مغايرة تنتج عبيدا ,وتعيد المجتمع إلى العبودية ثانية,مشكلة أكبر إعاقة في تطور وعي البشر ,وفي تطوير قدراتهم للدفاع عن مصالحهم ,ورسم مستقبلهم .
ساد نموذج الدولة الخراجية الذي شكل تدميرا همجيا لآفاق تطور العلوم و المعارف, و انتقال المتوافر منها من حقلها النظري إلى حقلها التطبيقي بتدمير الأساس الميداني للأنشطة الاقتصادية/ تجارة / زراعة/ حرفة، عبر آلية العسكرة التي فرضتها السلطة  الحاكمة على المجتمع ، و الاستنزاف المستمر للطاقات الشابة للمجتمع ، و للموارد ، و الضرائب المتصاعدة التي أرهقت القوى المنتجة و استمرار تملك الأرض- وسيلة الإنتاج الرئيسية – من قبل السلطان أو الأمراء الذين كانوا بأغلبهم قادة الجيوش 
                                          *      *       *
ــ  كرس نموذج الدولة الاستبدادية و عسكرة المجتمع و الدخول في نفق الحروب شبه المتواصلة ثقافة العنف ، ثقافة إلغاء الآخر المختلف سواء في الفكر أو السياسة أو الثقافة ... الخ.
و لهذا كان تأثير الثقافات الأخرى  ضعيفا, وواجه ممانعات شديدة باستثناء حقبة قصيرة هنا أو هناك .
ــ  لم تتشكل قوى اندفاع الحضارة العربية الإسلامية على قاعدة حضارة مدنية سابقة ، بل كانت على أرضية مجتمع قبلي رعوي ، و بقي الحاكم و حاشيته و أمراء الجيوش(صناع القرار) يمتدون بنسبهم إلى تلك القبائل التي خرجت من الجزيرة العربية, و بقيت درجة التمازج و التوّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّطن في المدن ضعيفة, جدا بالرغم من الهيمنة على مدن كثيرة , حتى أن الجيوش كانت تقيم ثكناتها و أماكن إقامتها بجوار المدن أو بعيدة عنها ، فشكل ذلك جفاء إضافيا مع المدينة, و علاقاتها و تقاليدها. و عندما استقرت الحضارة العربية الإسلامية استقرارا نسبيا و هدأت نزعة الحروب في منتصف المرحلة العباسية,وشرعت بالتمدن,  كانت عوامل التفسّخ قد بدأت تفعل فعلها, و بان أفول نجم هذه الحضارة .إلى أن انتقل مركز الخلافة إلى الأستانة بعد أن تم الاستنجاد بموجة رعوية تركية, حيث شكلت المرحلة العثمانية مرحلة قطع حضاري نهائي و أبعدت الحضارة العربية الإسلامية إلى حدود ما قبل التاريخ المكتوب .                                                                                                         *            *               *
تفسخت و انهارت حضارة الرجل المريض ، و أسدل الستار عليها مع بدايات الحرب العالمية الأولى ، و تقاسمت أشلاؤها الحضارات و القوميات الأوروبية الصاعدة ، و حل محلها في بلادنا الاستعمار الأوروبي .و بدأ المستعمر الجديد محكوما بدرجة تطوره و مشروعه الحضاري ـ الذي استخدمه غطاء أيديولوجيا لتبرير ظاهرة الاستعمارـ هذا من جهة ، و مصالحه و طبيعة هذه المصالح ,والآلية التي يريد إدارة مصالحه بها وتحقق له النجاعة الأفضل,و التي تقتضي أيضا التعاطي مع شعوب بدرجة متطورة نسبيا من جهة ثانية .
كل هذا و ذاك دفع المستعمر لإعادة الاعتبار للمدينة و للمدنيّة. و شرعت المدينة لأول مرة في العصر الحديث تأخذ مكانها البارز و تأخذ المبادرة أيضا . بدأت تتشكل الصناعات الخفيفة والحرف و الشركات الخدمّية, و بدأت حركة التجارة تنشط ، و تتشكل الأسواق و تنتشر علاقات السوق ، و تتسلل ببطء إلى الريف ، و امتدت الطرق بين المدن و ازداد التبادل بينها ،و أنشئت بعض المدارس و الجامعات ، و انتشرت الصحف و دبت الحياة ناشطة في المدينة, و بدأت تستقبل الشباب الهاربين من ظلمة الريف ، و تتوسع و تزداد كثافة . هذا في المجال الاقتصادي والاجتماعي ,أما في المجال السياسي فقد جلب المستعمر الغربي معه نموذج الدولة الحديثة (والذي صاغته نضالات الطبقات الصاعدة في أوروبا عبر مخاض دام قرونا) ليصوغ مستعمراته وفق احتياجاته . والذي توافق بالوقت ذاته مع حاجة المدينه العربية الماسّة إلى هذا النموذج لتحتل مكانها الطبيعي. هذا وقد أبدت الشعوب العربية استجابة كبيرة بالتعاطي مع هذا النموذج الحضاري بعد رحيل المستعمرين, بالرغم من غرابته على تاريخها وعلى موروثها الثقافي . وتشكلت بعد الاستقلال الأحزاب والنقابات وصدرت الصافة الحرة ,وانتخب الشعب ممثليه في البرلمانات,وتشكلت القوانين والدساتير ,كل ذلك أعاد الحياة إلى المجتمعات بكل قطاعاتها وطبقاتها في الريف وفي المدينة . وتمكنت برجوازية المدينة من استلام دفة الحكم ,وشرعت بتطبيق برنامجها.
وكان من أهم المهام أمامها, هو حل المسألة الزراعية المحتقنة في الريف وتوزيع الأرض على الفلاحين. والقضاء على نمط الإنتاج الإقطاعي الذي جعلها هي أيضا حبيسة في المدينة, ومنع تمددها إلى الريف لتتمكن من تطوير قدرتها ودورتها الإنتاجية .
إلا أن ضعف البرجوازية وهشاشتها وصغر عمرها لم يمكنها من القضاء على عدوها التاريخي /الإقطاع/ بل أجبرها ذلك على التحالف معه . وعند هذه الأكمة كمنت الأزمة . فتفجرت الأزمة في الريف ,وبالرغم من أن الريف سجل حضورا مهما في البرلمانات/في سورية 17 مقعدا/ إلا أن الشرط التاريخي الخاص بالمرحلة دفع  الريف إلى الخيار العسكري عبر كتل أبنائه في الجيش ,فانقضّ على السلطة وعلى التحالف الذي يديرها/برجوازية ـكبار ملاك الأراضي /  
 
ــ) شكلت هزيمة/1948 /طلقة الرحمة على النظام الرسمي العربي والمطبوع بهيمنة التحالف (برجوازية/كبار الملاك) وتأجيج مشاعر الثأر للكرامة الوطنية المهانة.
-)التأثر الكبير بالنموذج السوفيتي المبهر ،والذي توّج انتصاراته في حينه على النازية في الحرب العالمية الثانية . والذي (ثأر للعرب والمسلمين من الغرب المستعمر)
-) الموروث الثقافي المؤسس على العنف و الذي لم تمكن قصر عمر التجربة الديموقراطية من زعزعته أو إضعافه لحساب الفكر الديموقراطي و الذي /أي العنف / أوجد المناخ الملائم للأيديولوجيات التي تؤمن بمفهوم الثورة و حرق المراحل ، يؤازرها تعاظم الإحساس بالدونية تجاه الغرب بعد احتكاكه معه ) و رغبة الشعب عموما باللحاق بهذا الغرب المتحضر مهما كانت التضحيات .
كل هذه الشروط دفعت قوى الريف المحتقنة بفعل اشتداد أزمة البرجوازية في المدينة إلى الانقضاض على السلطة بواسطة مؤسسة العنف/ الجيش ، و دك حصون التجربة الديموقراطية و استلام السلطة .
و نظرا لضعف الموارد الاقتصادية العامة ، و تدني الاقتصاد الريفي أيضا ، اندفعت السلطة الريفية الجديدة على الاستيلاء على ثروات المدينة المتمثلة بمؤسساتها المنتجة للثروة و هي الصناعة و تم تأميمها ، و حصر قطاع التجارة الخارجية و قسم من التجارة الداخلية بيدها. هنا كانت هزيمة المدينة و هي في مقتبل العمر ، هزيمة سياسية بخسارتها للقرار السياسي ، و هزيمتها في الحقل الاقتصادي بعد أن دمرت أدواتها في إنتاج الثروة في الصناعة و التجارة ، فهربت البرجوازية بأموالها و استثماراتها خارج الأوطان, وانسدت الآفاق أمام مشاركتها  و دورها السياسي ، فأصبح الفضاء المطلق للقوى الفلاحية الريفية لتفعل بالأوطان ترسم و تخطط و تنفذ ما تشاء. و أنتجت أثر كل ذلك نموذج الدولة الشمولية الذي فرضته بقوة الجيش على كافة قطاعات المجتمع . 
و شكل مسارها خطا بيانيا هرميا صاعدا بصفة مؤقتة. عبر حلها المسألة الزراعية و توزيع الأرض ، و عبر تحديث الريف بأسلوب ريفي كان الغرض منه ، هو استنهاض طاقته الإنتاجية بقصد تجميع الثروة من أجل التمكن في السير لتطبيق برنامج رأسمالية الدولة الاحتكارية ، المستلهمة من التجربة السوفيتية و من أجل تجهيز الجيوش من أجل" المعركة " معركة التحرير, و عندما وصلت بالحالتين إلى نهاية الطريق المسدود بدأت بالانحدار و فق خطها البياني الهابط .
عندها انكفأت إلى الداخل تشدد القبضة عليه, و تحولت خطوط جبهاتها مع العدو إلى خطوط جبهات مع شعوبها, حيث شكل الاستبداد المعاد إنتاجه بأساليب جديدة و آليات جديدة, التربة الملائمة لانتشار الفساد، و الرشوة ، و لتدمير جميع ما تم إنجازه و تدمير المجتمع المدني ، و عاد المجتمع عقود عديدة إلى الوراء حيث عاد الأفراد و الجماعات إلى الأشكال الحمائية العمودية ، بسبب غياب حماية الدولة و ابتلاع دور الدولة و القانون لصالح السلطة السياسية الاستبدادية, واستخدمت مؤسسات الدولة لنهب فائض الثروة المنتج, مما أدى إلى خسارتها وفشلها ، و قمع المجتمع و أبعد عن ممارسة السياسة, وعن ممارسة حقوقه. كل هذه المسائل شكلت الخط البياني المنحدر إلى مادون الصفر, و راحت تتضخم الأزمات مثل كرة الثلج .
 أما سكان المدن خصوصا فقد انكفئوا إلى المجالات التي تبقيهم بعيدين عن الاشتباك أو العلاقة مع أي من أطراف الدولة أو المسرح السياسي, إلا بما تجبرهم مصالحهم بذلك.
-هربت الطبقة الصناعية برساميلها واستثماراتها وخبراتها ،واقتصر نشاط ما تبقى منها على النشاطات الهامشية جدا والتي تركتها الدولة ، وعلى الحرفة البسيطة وخدمات الصيانة.
انطبق الأمر على الطبقة التجارية فهرب قسم منها ، والباقي ظل في النشاط الداخلي المسموح به ،أما الطبقة الوسطى من سكان المدن اتجهت إلى العلم وتحصيل الشهادات التي تسمح بممارسة أعمل حرة،واتجهت الطبقات الشعبية إلى الحرفة لتشتغل بها ، والخدمات .
أما سكان الريف:
بعد أن حلت المسألة الزراعية ووصلت الخدمات الضرورية : الكهرباء ، الطرق، التعليم ،الصحة و وصلت إليهم الآلات الزراعية الحديثة و استجلب الفائض مما تبقى من اليد العاملة الفائضة التي وفرتها الآلات الحديثة في مردودية العمل العالي ، استجلب إلى المدينة و إلى المصانع و المؤسسات و الشركات الإنتاجية و الخدمية, و إلى دوائر الدولة و إلى أجهزة السلطة " شرطة و فروع الأمن وتوسع الجيش ، كل ذلك أدى إلى نشاط اقتصادي و تعليمي و اجتماعي كبير جدا في قطاع سكان الريف و الذي يشكل نسبة عالية في الشعوب الزراعية ، كما أن ازدياد نسبة الولادات و استمرار تدفق الفائض إلى المدينة أدى إلى تضخم المدن بشكل متسارع و قياسي خلال عدة عقود, بحيث أصبح أغلب سكان المدن من الريف .
على أرضية التعارض التاريخي بين المدينة و الريف ، و شعور أبناء الريف تاريخيا بالاضطهاد و مشاعر الدونية التي يحملونها تجاه المدينة و السلطة, مقابل مشاعر التمايز و التفوق و التعالي المتوافرة عند سكان المدن تجاه أبناء الريف ، هذه المشاعر حملها أبناء الريف للمدينة ، و أرخت بظلالها على العلاقة مع سكان المدينة ، و مع السلطة. كما أن أبناء الريف الذين حصلوا على هذه المكاسب و الامتيازات, و التي لم تعتبر في نظرهم ، و حسب درجة وعيهم المتدنية لحقوق المواطن و المواطنة, أن هذه المنجزات هي في سياق هذه الحقوق المستحقة, بل اعتبرت هي مكاسب و امتيازات استثنائية أكبر من أحلامهم المتواضعة ، لذا اعتبروا السلطة الحاكمة هي سلطتهم بالذات ، هم أنتجوها و هي منحتهم هذه الامتيازات الاستثنائية, فأصبحوا المدافعون بلا حدود عن هذه السلطة, و الدعاة و المبررون لكل أخطائها مهما كان هول هذه الأخطاء, حتى لو كان دخلهم لا يكفي لتغطية نصف احتياجاتهم ، إضافة لذلك فهم دائما ينظرون إلى الوراء ، إلى خط الهاوية الذي فصلهم عن ماضيهم في الريف المرير ، لذا يلاحظ أن الأزمات مهما اشتدت ، وطنية أو معاشية أو ... الخ, لا تواجه من هذه الشعوب إلى درجة أن تخلق ردود أفعال متناسبة ، أو تنتج تعبيرات اجتماعية أو سياسية. هذا إضافة إلى ما يرعبهم عندما ينظرون إلى الأمام فيجدون أمام أعينهم السجون و القمع العاري .
في هذا المناخ يجد أبناء الريف المتمدنين حديثا فرصتهم للتعبير عن المشاعر الدونية و مشاعر الاضطهاد من سكان المدينة ،بمشاعر النفور والتعالي.                                                 ونظرا لشعورهم بالقلق من عدم استمرار هيمنتهم على المدينة فهم يعتبرون أن هذه المرحلة هي فرصتهم الثمينة, والتي ربما لن تعوض, لذا فإنهم يميلون إلى شرعنة نسف التقاليد والأعراف والمعايير المدنية العريقة, و تجاوز القوانين والنظم،والتماهي مع مزيج من التقاليد والمفاهيم المستوردة من الماضي, ومن الخارج  والمعدة للتصدير خصيصا لنا,ومن ثقافة الاستهلاك التي تنتجها علاقات السوق في المدينة أيضا. وبهذه الآليات تم تغييب الثقافة الواعية بمشكلاتها, والباحثة عن حلول لهذه المشكلات ـ تم ((اغتيال العقل)) في المجتمع عموما ريف ومدينة ،وتم تغييب المجتمع عن الثقافة والسياسة،وعن إنسانيته ،بحيث أنتجت الشمولية إنسانا مشوها محكوما ب(أخلاق العدوان ) وثقافة العنف, و ثقافة الاستهلاك.
و بهذه الآليات تم تحطيم المدنية و تحطيم آفاق تحضرها, وبهذه الآليات أيضا لم يتم تمدين الريف ، بل مس القشرة الخارجية ، و جره إلى مستنقع العنف و مؤسساته ،وتحويله إلىخزان بشري،يؤبد الشمولية ،ويعيدانتاجها .                              
لذا تجد كل الحركات والتيارات الفكرية والسياسية التنويرية والعلمانية والتحديثية ,الإعاقات الكبيرة أمام اختراق بنياتنا المتعضية ,ودراستها المتعمقة وحدها الكفيلة بالتقاط الحلول المناسبة   
 

 








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تركيا تعلق كل المبادلات التجارية مع إسرائيل وتل أبيب تتهم أر


.. ماكرون يجدد استعداد فرنسا لإرسال قوات برية إلى أوكرانيا




.. مظاهرات مؤيدة للفلسطينيين: جامعة -سيانس بو- تغلق ليوم الجمعة


.. وول ستريت جورنال: مصير محادثات وقف الحرب في غزة بيدي السنوار




.. ما فرص التطبيع الإسرائيلي السعودي في ظل الحرب الدائرة في غزة