الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا أيتها الأقليات ، الإستحواذ دائما على حقوق المكونات -الأساسية -..؟

ناظم ختاري

2008 / 10 / 31
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير


بعد أن تنفس أبناء الأقليات الصعداء ، اثر تقديم السيد ديمستورا مقترحا بصدد تمثيل الأقليات في عدد من المحافظات بعد الوتيرة المتصاعدة من الاحتجاجات ، هذا المقترح الذي من المفترض أن يصبح ضمن مادة ملحقة بقانون انتخابات مجالس المحافظات ، والذي طرح في قراءته الأولى على مجلس النواب ، اعترضت عليه أهم كتل مجلس النواب التي تمثل المكونات الكبيرة عدا الكتلة الكوردستانية التي أكدت عدم اعتراضها منذ البداية ( بعد الإعلان عن مقترح ديمستورا مباشرة ) لأسباب عدم حرمان الأقلية المسيحية من حق التمثيل في مجالس المحافظات ، رغم اعتراضها على نسبة الأيزديديين والشبك كما جاء على لسان السيد فؤاد معصوم رئيس الكتلة ( علما إنه كان غامضا ، فلم يشر لا إلى قلة هذه النسبة أو كثرتها ولا قال لا يمكن اعتبار هؤلاء إلا أكرادا) .
الأمر المضحك في اعتراضات أعضاء الكتل النيابية الذين احتلوا مواقعهم في مجلس النواب ، قضاءا وقدرا ، بعد انتخابات غابت عنها كل شروط النزاهة والأمانة وحرية الاختيار ومعايير المواطنة الحقيقية ، هو اعتبار تخصيص هذا العدد من المقاعد جاء على حساب "المكونات الأساسية " أو مصادرة لحقوقها الانتخابية وفق وصف الطائي من كتلة التوافق ورئيس لجنة الأقاليم في مجلس النواب ، وكأنه جرى انتزاعها أوسرقتها من جيوبها ، وكانت أملاكها الشرعية لا يجوز إلا أن تكون في هذه الجيوب وإلى الأبد ، ثم قال ، إنها لا تتناسب والحجم الحقيقي لهذه الأقليات في هذه المحافظات ، ويعني إنها أكثر من حجمها ، مشيرا إلى عدم وجود إحصائيات دقيقة حول عدد نفوسها .
لنفتش سريعا في هذه التبريرات.
أولا – متى تمتعت الأقليات العراقية في ظل كل الحكومات العراقية المتعاقبة ومنذ نشوء الدولة العراقية الحديثة بحقوقها ..؟ حتى يكون مقترح ديمستورا وتخصيص عددا من المقاعد وفق نظام الكوتا والذي يحاول إعادة شيء من حقوقها المهدورة ، إجحافا بحق المكونات الكبيرة أو مصادرة لحقوقها الانتخابية . !
لا أريد أن أرجع كثيرا إلى الماضي البعيد ، ولكنني أحاول أن أعيد ذاكرة هؤلاء المعطوبة ، إلى معانات الأقليات مع هذه الحقوق على الأقل في فترة ما بعد سقوط النظام الدكتاتوري ، حيث بدأت مرحلة سياسية جديدة ، استعر فيها الصراع من أجل تقسيم العراق وثرواته وسلطات الحكم فيه ، بين المكونات الثلاثة الكبيرة عدديا ، وهي العرب الشيعة والعرب السنة والأكراد ، وجرى تقسيم كل شيء فيما بينها على أساس التحاصص ، وحرم أبناء الأقليات من كل حق طبيعي لهم ، بما في ذلك منعهم في سهل الموصل من الإدلاء بأصواتهم ، عندها أحجم السيد الطائي عن القول بأن هذه العملية كانت مصادرة لحقوق الأقليات الانتخابية , طبعا بعد خوض طرفين من هذه المكونات الكبيرة لمعارك ميليشياوية دموية لازالت مستمرة تحصد أرواح العراقيين ، وتتدخل فيها العوامل الخارجية على نفس الأساس الطائفي أو العرقي ، أهلكت العراق وشعبه ، وأوصلت الدماء إلى الركب في مدن البلاد وأريافها ، وضاعفت من الخراب الإقتصادي والبنى التحتية والخدمات وما إلى ذلك ، لم يكن ولن تكون لأبناء الأقليات أية أدوار في هذا الصراع ولا في إهدار هذا القدر من الدماء الزكية لأبناء العراق ، ولا كانت لهم حقوق تحفزهم على القتال من أجلها ، ولكنها أي هذه الأقليات اكتفت تتناوش الواحدة مع نفسها وفي دواخلها من أجل "البحث عن انتماء لها أو تثبيت تسمياتها " ، وفي بعض الأحيان تطالب ببعض حقوقها التي لم تتوفق في شكل المطالبة بها والتي لم تتحقق أيضا ، كما في هذا المطلب الأخير الذي من المحتمل أن يتعرض إلى الإجهاض في دهاليز مجلس النواب ، أو نكتشف في نهاية الأمر إن هذا الحق الانتخابي لكل أقلية من هذه الأقليات سيكون عبارة عن بالون هوائي في مجلس المحافظة يفيد المكونات الكبيرة أكثر مما يفيد أبناءه .
عموما هذا التراجع في حين والتملص في حين آخر وتقزيم الحق الانتخابي في حين ثالث ، يؤكد بما لا يقبل الشك إن القوى التي تشدقت اضطرارا بحقوق الأقليات بعد الاحتجاجات الواسعة وتحت ضغوط معينة ، بأنها كانت تعي ما تقصده عندما أقدمت على إلغاء المادة رقم 50 من قانون انتخابات مجالس المحافظات ، هذا من جانب ، ومن الجانب الآخر ، فإن هذه القوى الطائفية والدينية المتعصبة والشوفينية القومية ، غير مستعدة أو لا تتحمل العيش مع أبناء هذه الأقليات الذين يرفضون تصوراتها بصدد بناء الدولة العراقية على أساس المحاصصة ، ويتطلعون لدولة القانون والحقوق والمؤسسات المدنية ، ويرفضون سعي هذه القوى من أجل فرض أجندتها الطائفية القائمة على المحاصصة بين المكونات الكبيرة ، بشتى الوسائل ، هذه القوى التي تدرك تماما إن هذه الأقليات لا يمكن أن تكون رصيدا لمثل هذه الدولة أو لمثل هذا التوجه ، ولكنها تبقى رصيدا لدولة القانون والمواطنة وموقعها في العملية السياسية يقع إلى جوار القوى الديمقراطية واليسارية والعلمانية ، وهذا ما يعميها حقدا ، ويصيبها بهستيريا في وجه أبناء الأقليات الذين يتعرضون لأبشع حملات بربرية الواحدة بعد الأخرى ، من قتل وتهجير وتشتيت إلى بلدان اللجوء ، وما إلى ذلك .
ثانيا – إذا كان السيد الطائي ، لا يعرف عدد نفوس هذه الأقليات ولا يعرف نسبتها في كل محافظة ، لماذا يصر ويتعامل معها ، وكأن عدد نفوسها دون هذا العدد من المقاعد الواردة في مقترح ديمستورا .. ؟ لماذا لا يفترض إن هذه المقاعد المقترحة قليلة مقارنة بعدد نفوسها ، فمثلا عدد نفوس "الأقلية الأيزيدية" يتراوح بين 600 – 700 ألف نسمة وغالبيتهم يعيشون في محافظة نينوى ، أي تقدر نسبتهم إلى مجموع السكان في هذه المحافظة بـ 20 % ، ووفق هذه النسبة تكون هذه الأقلية مغبونة ولم تحصل على حقوقها الانتخابية بتخصيص 3 مقاعد لها ، وإن هذه الحقوق تكون قد صودرت من قبل السيد الطائي وكتلته ومن قبل بقية الكتل الطائفية ، وابتلعتها "المكونات الأساسية" ، وليس هي التي صادرت حقوق "المكونات الأساسية " ، كما يدعي .
ثالثا – ولنفترض جدلا إن المقاعد السبعة مثلا ، والمخصصة للمسيحيين والأيزيديين والشبك في محافظة نينوى هي أكثر مما تحصل عليه المكونات "الأساسية " وفق السيد الطائي ، فهل ستحصل هذه الأقليات على الأرض على أكثر من حقوق المكونات الكبيرة أو تصدرها ..؟ ، قطعا هذا لن يتحقق ولا كذلك ستحصل هذه الأقليات حتى على جزء يسير من حقوقها الطبيعية في ظل هيمنة "الأكثريات الدكتاتورية" على حد وصف الكاتب بروكا " و"المتعصبة " ، على كل مقدرات البلاد إلى جانب صراعاتها الدموية من اجل المزيد من الأموال والسلطات والنفوذ ، وفي ظل عدم احترامها لحقوق الغير ، وإصرارها على إفراغ البلاد من أبناءها الأصلاء .
رابعا – يصر السيد الطائي على تسمية المكونات الكبيرة عدديا ، بـ "المكونات الأساسية" ، ولهذا فإن الحقوق بالدرجة الأساسية ستكون من حصتها ، وبالتالي فإن الأقليات تبقى هي الأقليات وهي ليست مكونات أساسية بل هامشية ، وهكذا فإن حقوقها لن تكون إلا في الهوامش أو ملحقات حقوق ، كما هو الحال مع المادة الخاصة بحقوقها الانتخابية والتي ستكون ملحقا بقانون انتخابات مجالس المحافظات .









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو يرفض الضغوط الدولية لوقف الحرب في غزة


.. أثار مخاوف داخل حكومة نتنياهو.. إدارة بايدن توقف شحنة ذخيرة




.. وصول ثالث دفعة من المعدات العسكرية الروسية للنيجر


.. قمة منظمة التعاون الإسلامي تدين في ختام أعمالها الحرب على غز




.. القوات الإسرائيلية تقتحم مدينة طولكرم وتتجه لمخيم نور شمس