الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صراع الحضارات.. بدأ فكرة في كتاب و حوله بن لادن إلي حقيقة

عمرو اسماعيل

2004 / 2 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


عندما كتب صامويل هانتينجتون كتابه صراع الحضارات بعد انهيار الإتحاد السوفيتي هاجت عليه الأقلام في العالم العربي متهمة اياه انه اختار الأسلام كعدو بديل للأتحاد السوفيتي  و الشيوعية رغم ان هانتينجتون لم يستثني الحضارات الأخري مثل الحضارة الصينية من نظريته و هو في الحقيقة لم يكن مخالفا كثيرا لفرانسيس فوكويوما في نظريته عن نهاية التاريخ فكلاهما يؤكدان ان الديمقراطية الليبرالية بصورتها الغربية هي افضل نظم الحكم التي وصل اليها الأنسان في بحثه عن الحرية و العدالة.. الفرق بينهما ان هانتينجتون توقع ان يقوم صراع بين الديمقراطية الغربية و الحضارات الأخري التي تعتبر هذه الديمقراطية تهديدا لها و لوجودها.
لقد ظل صراع الحضارات بعد كتاب هانتيجتون مجرد صراع بين المثقفين علي صفحات المجلات و الجرائد و الكتب حتي قرر بن لادن في 11 سبتمبر تفجير برجي مبني التجارة العالمي فيما تسميه أدبيات القاعدة غزوة سبتمبر المباركة  فتحول صراع الحضارات الي حقيقة و اقعة لا يمكن انكارها.
أن اللحظة التي تهاوي فيها برجي مبني التجارة العالمي و موت اكثر من ثلاثة الف شخص تحت الأنقاض قد و ضعت امريكا و معها الحضارة الغربية بأكملها في صراع حقيقي و مكشوف مع المنظومة الفكرية التي اعلنت مسئوليتها عن هذه الجريمة التي لا يمكن تبريرها مهما حاول منفذوها فعل ذلك.
أن القاعدة وأسامة بن لادن بتنفيذهم عملية 11 سبتمبر ثم التفاخر الغبي بتنفيذها قد أشعلوا صراعا حقيقيا بينهم و بين الغرب و بين الغرب و ما يؤمن به من ديمقراطية و ليبرالية و بين منظومة الأسلام السياسي المتشدد التي يمثلها بن لادن و التي تمتد جذورها في كثير من البلدان العربية و خاصة في السعودية و دول الخليج وجماعات الإسلام السياسي في باقي الدول العربية و خاصة مصر.
أن أي محاولة لأنكار هذا الصراع و هذه الحرب الحقيقية بين أمريكا بصفة خاصة و الغرب بصفة عامة و بين القاعدة وكل ما يغذيها من أفكار أو مفهوم ديني أو سياسي هو سذاجة فكرية لا تغتفر لأن نتائجها ستعود علينا جميعا.
أنه صراع حضارات حقيقي مهما حاولنا أن ننكر ذلك و هو صراع بين المفهوم العصري للدين ضمن منظومة الديمقراطية و العلمانية و حقوق الأنسان التي تمثلها الديمقراطية الليبرالية التي اعتبرها فوكوياما نهاية التاريخ وبين مفهم الدين الشمولي الذي يمثله الأسلام السياسي والذي يري ان الأسلام أو الدين ينظم كل شيء في الحياة من سياسة و اقتصاد و حكم.
أنها حرب لا نهاية لها ألا انتصار أحد الطرفين علي الآخر علي الأقل في منطقة الشرق الأوسط , ففي اللحظة التي قرر فيها بن لادن نقل الصراع الي عقر دار أمريكا في نيويورك  و واشنطن فقد حكم علينا أن تأتي إلينا أمريكا في عقر دارنا لكي تفرض علينا منظومتها , وما غزو أفغانستان و العراق ومشروعات الشرق الأوسط الكبير و التدخل في مناهج التعليم الا مراحل من الحرب التي أعلنها الغرب علي المنظومة الفكرية و الدينية و السياسية التي أفرزت التسعة عشر استشهاد يا كما نعتبرهم أو انتحاريا كما يعتبرهم الغرب.
أنها حرب بين من يعتبر أن الشخص الذي يفجر نفسه بحزام ناسف او سيارة مفخخة بطل و استشهادي و من يعتبره انتحاري مغرر به و مجرم يقتل كثيرا من الأبرياء قد يكون بينهم اطفال ليس لهم علاقة من قريب أو بعيد بالقضية التي يدافع عنها.
أما المشكلة الكبري التي أفرزها صراع الحضارات الذي فجره أسامة بن لادن نتيجة خطأ استراتيجي لا يغتفر هو أنه أجبرنا جميعا سواء أردنا ام لم نرد أن نكون أطرافا في هذا الصراع . نفس الخطأ الإستراتيجي الذي مثلته عملية القدس ليلة نظر قضية الجدار العنصري الفاصل في محكمة العدل الدولية, و المستفيد الأكبر من هذه الأخطاء الإستراتيجية هي إسرائيل حتى أنني أشك أحيانا رغم أني لا أومن بنظرية المؤامرة أن القاعدة و غيرها من المنظمات الأصولية هي مخترقة من الموساد.
أما الأشكالية الكبري التي فرضها علينا بن لادن هو أنه أجبر الكثير منا علي اتخاذ مواقف لا يريدها او كان يفضل أن يتجنبها علي الأقل في الوقت الحالي. فمن يؤمن بالديمقراطية والليبرالية وفصل الدين عن الدولة و جد نفسه رغما عنه في خندق أمريكا رغم انه كان ينادي بكثير من الأصلاحات التي تحاول أن تفرضها علينا أمريكا حتي عندما كانت أمريكا تساند الأصوليين في حربهم ضد السوفييت في أفغانستان و رغم أن الكثيرين قد بح صوتهم من التحذير بخطر الأصولية علي مجتمعاتنا و مصالحنا.
والقوميون الذين لا يؤمنون اطلاقا بمنظومة الأسلام السياسي وجدوا انفسهم دون ان يدروا في خندق بن لادن وغيره من المنظمات الأصولية من منطلق العداء المشترك لأمريكا و نواياها الأستعمارية و مساندتها لأسرائيل رغم العداء التاريخي و الدموي بين الطرفين.
ان صراع الحضارات الذي فجره بن لادن يفرز تحالفات جديدة تتشكل في المنطقة ولعل العراق أصبح هو المعمل و حقل التجارب الذي تمارس فيه كافة التجارب من الطرفين لمحاولة لي ذراع الآخر ومن العراق ستنتشر هذه الحرب لتشمل جميع دول المنطقة ولن يستثني هذا الصراع أي حكومة  مهما حاولت أن تختبيء وراء اصلاحات زائفة و مرحلية .. فهذا الصراع لا بد أن يكون فيه منتصر.. النظم الشمولية ديكتاتورية علمانية او أسلامية تتحالف رغما عنها ورغم تاريخ  العداء الدموي والديمقراطيون سيضطرون الي الوقوف في خندق امريكا رغم كرههم لها و لأسرائيل.
أن حكوماتنا الديكتاتورية ستحاول استغلال الدين والتراث و الهوية لكي تحمي نفسها من رياح الديمقراطية التي تثيرها جنازير الدبابات الأمريكية فلمن سيكون الأنتصار في النهاية .. هذا ما ستكشفه لنا الأيام القادمة.. والشيء الوحيد الذي يحسب لبن لادن رغم كل شيء أنه حرك المياه الراكدة و أنه لا توجد عودة الي الوراء.. لنا الله

د/ عمرو اسماعيل








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أوراق الجوافة..كيف تحضر مشروبًا مثاليًا لمحاربة السعال والته


.. دراسة: مكملات الميلاتونين قد تمنع الإصابة بحالة الضمور البقع




.. في اليوم الـ275.. مقتل 20 فلسطينيا بغارات على غزة| #الظهيرة


.. ترقب داخل فرنسا.. انطلاق الجولة الثانية للانتخابات التشريعية




.. اقتراح التهدئة.. تنازلات من حركة حماس وضغوط على بنيامين نتني