الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل ستساهم روسيا في تقسيم جورجيا؟

دياري صالح مجيد

2008 / 11 / 1
السياسة والعلاقات الدولية


بعد أن تناولنا في مقالاتنا السابقة حرب القوقاز والبحث وراء دوافعها وتداعياتها خاصة على العلاقات الروسية-الأمريكية، ارتأينا في هذا المقال أن نطرح السؤال الذي وضعناه عنواناً لمقالنا ويتعلق بمستقبل جورجيا التي كانت ساحة لاستقطاب القوى الدولية خلال الشهرين الماضيين، خاصةً وأن الأزمة لازالت تلقي بظلالها على الساحة الدولية وستستمر كذلك في المستقبل القريب.

أعلن الكرملين تأييده لمواطني أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية الداعية إلى الانفصال عن جورجيا والانضمام إلى شمال القوقاز الروسي، وهو ماجعل البعض يشكك في إمكانية استمرار جورجيا كجمهورية موحدة وفقاً لخريطتها السياسية الحالية، فهل ستشهد فعلاً تجزئتها إلى أقسام بعد التحاق أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية بروسيا؟.

يتصور البعض أن هذا الموقف الروسي سيتعزز مستقبلاً إلى الحد الذي سيقود معه إلى انفصال حقيقي لإقليمي أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية، ورغم أن مصلحة روسيا الاستراتيجية العمل على انفصال إقليم أبخازيا بشكل خاص وذلك في ضوء موقعه الجغرافي من البحر الأسود ودوافع أخرى، إلا أن مثل هذه الخطوة لايمكن أن تتم في ضوء إدراك صناع القرار الروسي أن فعلهم هذا سيواجه بردة فعل أخرى في القوقاز من قبل الإدارة الأمريكية وبقية حلفائها ممثلين بشكل خاص بكل من تركيا وإسرائيل، إذ ستقوم هذه المجموعة بدورها بتقديم كل الدعم اللازم للجماعات المتمردة المتواجدة في شمال القوقاز وبالذات مايتعلق منها بالشيشان، وذلك في ضوء العلاقات المضطربة للشيشانيين مع الحكومة الروسية ويضاف إلى ذلك أن شمال القوقاز الروسي يعاني أيضاً من مشكلات قومية أخرى مشابهة لحالة الشيشان.

تدرك الإدارة السياسية في روسيا حقيقة هذا الخطر الذي يدق على أبوابها خاصة وأنها اكتشفت خلال صراعها المرير في تسعينيات القرن الماضي مع الشيشانيين، أن هنالك صلات وثيقة مابينهم والاتراك، إذ قام الأتراك بتزويدهم بالعديد من المساعدات التي كانت مصدراً مهماً من مصادر صمودهم أمام الآلة العسكرية الروسية.

لذا نعتقد في ضوء رغبة صنّاع القرار في روسيا في البقاء بعيداً عن إثارة مثل هذه المشكلات، أن تقوم روسيا بتعديل حدة سلوكها الذي برزت فيه ردة الفعل القوية في أوسيتيا الجنوبية، وذلك رغم ان الحدث لم يكن يتطلب مثل ردة الفعل العنيفة تلك. لكن الروس أرادوا أن يثبتوا أنهم قادرون على بسط نفوذهم على شمال القوقاز وفي نفس الوقت ممارسة دورهم كقوة مؤثرة في السياسة الدولية.

إن تجزئة جورجيا يعني وفقاً لما تقدم إمكانية إثارة شعوب شمال القوقاز ومزيداً من التجزئة لأراضي روسيا وكذلك مزيداً من الحواجز الجغرافية التي تبعدها عن دول الشرق الأوسط والمياه الدافئة، وهو ما لايرتضيه ساسة تلك الدولة.

في ضوء إدراك روسيا لحقيقة الخطر الذي يداهمها في شمال القوقاز، فقد قامت قبل الحرب الأخيرة بمدة ليست بالقصيرة، من العمل على تعزيز تواجدها العسكري في شمال القوقاز من أجل الإمساك بقوة على ذلك الجزء من روسيا والحيلولة دون إمكانية استثماره بسهولة من الأطراف الأخرى.


لذا من المتوقع أن تبقى جورجيا موحدة ولن تضم أقاليم أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية بشكل فعلي إلى روسيا وإنما ستجبر جورجيا على اعتماد نوع من الصيغة الفدرالية مع الإبقاء على قوات حفظ السلام الروسية هناك. الأمر الذي يعني أن بقاء جورجيا الموحدة، الضعيفة سيصب في مصلحة الروس الذين سيستخدمون ورقة المشكلات القومية فيها للضغط على الحكومة الجورجية وعلى حلفائها الغربيين من أجل أخذ مصالح الروس بنظر الاعتبار في كل مايتعلق بجورجيا وعلاقاتها سواء أكان ذلك مع أمريكا أو حلف الناتو.

في ضوء ماتقدم نستطيع أن نتوصل إلى الفرضية التالية التي تحكم مستقبل جورجيا وهي "إذا ماأُخذت مصالح روسيا بنظر الاعتبار في جورجيا، فستبقي على ورقة الضغط هذه واستخدامها كلما أمكن ذلك، أما إذا رفض الغرب مصالح روسيا في جورجيا وبقية دول القوقاز، فإنه سيواجه إمكانية تفكك جورجيا وضياع مصالحه بالكامل". ولعل التوجه الروسي نحو إمساك الأرض بقوة في مناطق شمال القوقاز، يأتي من أجل تعزيز الموقف الروسي وتدعيم قوته الضاغطة على جورجيا وحلفائها من أجل تفويت الفرصة عليهم في إمكانية استخدام ورقة ضغط مماثلة ضد روسيا، وهو مايعني أن الروس قد عقدوا العزم بشكل جدي هذه المرة للسير بهذا الاتجاه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو يشكل لجنة وزارة أمنية مصغرة وسط دوامة من الخلافات بش


.. فايز الدويري: جيش الاحتلال فقد كثيرا من القدرات التي كان يمت




.. أصوات من غزة| تكافل وعطاء رغم الحصار وقسوة النزوح


.. لحظة قصف الاحتلال الإسرائيلي منزلا بخان يونس جنوبي قطاع غزة




.. الجيش الإسرائيلي ينقل صلاحيات قانونية بالضفة الغربية لموظفين