الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ودعا أية

مصطفى العوزي

2008 / 11 / 1
الادب والفن


عندما توظف الطبيعة كل قدرتها في مواجهة الانسان الذي تمرد عليها ،فان الامر يصبح من الخطورة بمكان ، و عندما يفر المسؤول من مسؤوليته و يترك الامرو التي أوكلت له بدون سند يدعمها و يضمن لها قوتها ، فان الضحية الوحيد سيكون بدون ادنى شك و لا منازع هو المواطن البسيط الذي لم يكون ليجد أي مفر سوى الهروب الى اعلى القمم و التلال هربا من سيول جارفة قد تجرفه الى الهاوية في أية لحظة .
فكرت بهذا و انا أختبئ داخل البيت في داك اليوم العاصف الذي عرف سقوط امطار طوفنية لا تبقي و لا تذر ، كانت الريح على أعلى درجات قوتها ، و الرعد يتفجر هنا و هناك مرسلا اشارة انذار خطيرة الى المارة في الشوارع العامة حيث يتيه الواحد منا بين اقدام جبابرة زمنه ، صوت الرعد يبعث في قلوب الاطفال الصغار ألف ذرة و ذرة من الخوف ، نطقت الصغرى أية أمام أمها :
ماما ما هذا الصوت المفجع ؟ ، تضمها أمها الى صدرها في محاولة منها لطرد الخوف عن قلب صغيرتها التي لم تكون لتشهد مثل هذا الهيجان الطبيعي من قبل ، و انا في البيت أستدفأ من برد قارس يجوب شوارع مدينتي الصغيرة ، أحاول الاتصال ببعض الاصدقاء لأطلع على الاوضاع هناك عندهم في مدنهم القريبة مني ، أحدهم يحكي لي كيف رأى الموت من قريب و صافح ملاكه الذي وضع في قلبه رسالة سرية لم يطلعني عليها خوفا من صاحبها ، و عندما اشتدت الامطار في مدينة أية الصغرى لم تفوت الوديان الفرصة لتثور بدورها على البنى التحتية الهزيلة ، فجرفت العديد من الناس ، و الذين لم يرى التلفزيون المحلي داعيا لذكر عدعهم ، فقط اكتفى بالقول : ثلاث ضحايا على أبعد تقدير ، طبعا الثلاثة موجود غير أن هناك صفرا يسبقها سرق من مقدم نشرة الاخبار و هو يخرج من مكتب المدير متوجها الى قاعة التصوير ، للأسف ماتت أية لأن السيل جرفها و هي تفر رفقة أمها من البيت الذي اجتحته المياه الى حي يقع في تل عصم من الماء فترة طويلة من الزمن ، في الليل سكنت الاوضاع و بدا الاب يبحث عن ابنه أو ابنته المفقودة ، و الام تعد لقمة للأطفال الجياع ، و مقدم النشرة يمطرنا بدوره بوابل من الاخبار العتيقة المملة ، و في الصباح عاد شبح الموت في الوديان يخيم على المدينة ، عاد الوالي الى بيته مسرعا حاملا حقائب سفره متأبطا دفتر الشيكات خوفا عليه من السيول ، تاركا ملفات الراعية للجرافة الاتية من بعيد ، للأسف ماتت أية دون ان تأخد قطعة الحلوة التي اعتدت تناولها في الصباح ، حضرت جنازتها و بكيت بقلبي و عيني ، تألمت لأمها التي لم تكف عن البكاء ، قالت لي و نحن نحتسي الشاي مساء الجنازة : سأتذكر أية كلما رأيت قطرات المطر.ذ
عذرا أم أية تقبلي تعازيا الحارة ، و للأسف تقبلي الوضع نحن في بلد بمجرد ما تفتح السماء أبوابها للمطر تنفجر الانهار و الوديان ، تثور القناطر فتسقط و يغضب الرعد فينقطع الكهرباء ، و يهرب الوالي فيمتطي الحوامة و يجول في السماء لان الارض خطر على سيادته ، للأسف.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -الفن ضربة حظ-... هذا ما قاله الفنان علي جاسم عن -المشاهدات


.. إصابة الفنانة سمية الألفى بحالة اختناق فى حريق شقتها بالجيزة




.. تفاصيل إصابة الفنانة سمية الألفى بحالة اختناق فى حريق شقتها


.. الممثلة ستورمي دانييلز تدعو إلى تحويل ترمب لـ-كيس ملاكمة-




.. عاجل.. تفاصيل إصابة الفنانة سمية الألفى بحالة اختناق فى حريق