الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مقابلة جريئة مع قيادي من حزب الدعوة الاسلامية في المنطقة الجنوبية

عدنان طعمة الشطري

2008 / 11 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


قائلا ان سياسة التجهيل للنظام الاستبدادي انتجت مجتمع تسوده ثقافة القطيع ويشده واقع الربح والخسارة

القيادي في حزب الدعوة عبد الحسن فجر العبودي لـ ( لجريدة الجنوب ) : أي محاولة لتحويل المواقف السياسية الى احكام شرعية يعني القول بالاستبداد السياسي بغطاء ديني

ظاهرة التفسيق والتخوين لاتنم عن نضج سياسي والطبقة الوسطى ذابت في همومها الخاصة واحترفت ثقافة الانا



جنوب العراق- حاوره : عدنان طعمة الشطري
حمود عبد الحسن فجر العبودي احد القياديين المعروفيين سياسيا وفكريا وحركيا في المنطقة الجنوبية عموما ومحافظة ذي قار على وجه الخصوص .. اعد اطاريح وبحوثا ودراسات ومقالات في العقيدة والثقافة والشريعة والفكر والمعرفة والسياسة , بعضها دبجها على شكل بحوث مخطوطه والآخر أتلفه في غرف سرية تمزيقا وحرقا توجسا مرعبا وخوفا من عقلية الموت والاستبداد للنظام السابق , نذكر منها : بحث في النبوة .. بحث في التوحيد .. بحث في الإمامة .. حركة التاريخ/قراءة إسلامية .. قراءة في الشخصية الإسلامية .. دور المثقفين في الواقع الراهن وإشكالية الثقافة ..محاولة لاعادة قراءة مشكلتنا الثقافية .. هموم حركية .. وغيرها من الاطاريح والبحوث التي ربط فيها مقدمات الإشكاليات بالنتائج المعرفية , سعيا من ذاكرته الجنوبية لإنتاج ثمرة القراءة الواعية وإعادة القراءة الفكرية وفق مقتضيات الواقع الاجتماعي ,! ومحاولة زعزعة بعض أركان الثابت والمتكلس دعما وإسنادا لركائز التغيير في هذا الواقع التي يراها في هذه المقابلة الصحافية عائما أو يكاد أن يكون متفجرا في ستراتيجيات الغياب في ضوء انهماك سلطة النظام البائد لإشاعة ثقافة القطيع في الواقع العراقي على حد تعبير العبودي , وإزاء إشكاليات الواقع التي يرزح تحتها .
حمود العبودي الشخصية السياسية والفكرية والمحكوم ثلاث مرات في ظلمات السجون السرية من قبل محكمة الثورة التي يصفها في قاموسه اللغوي التوصيفي باللعينة , وبمجموع ثلاثين سنة عجاف معتمة وكئيبة , فتحنا عليه نيران الأسئلة في أكثر من حقل ومجال في مقابلة اتجاه معاكس موضوعية , فاستدرجناه إلى منطقة السؤال والسؤال المعاكس الاستفزازي أحيانا والتبصر به والتفكر بحيثيات الإجابة المخبوءة تحت لسانه ألدعوتي .. واستدرجنا في الوقت ذاته إلى منطقته التي زرعها بالصراحة والمكاشفة والبوح الحر , فحصدنا وإياه هذا اللقاء :
جريدة الجنوب * هل ترى تركيبة حزب الدعوة راسية-عمودية- أحادية , أم يرتكز على أساس ديمقراطي متجدد ؟
-ما يميز حزب الدعوة الإسلامية إنه يقوم على أساس الشورى لأنه حزب يستمد نظريته من رؤى القران الكريم ( وأمرهم شورى بينهم) ولذلك نستطيع القول أن حزب الدعوة الإسلامية يعيش في جوهره البناء الديمقراطي على مستوى صناعة القرارات .. ففي كل لجانه ومكاتبه ومفاصله ذات العلاقة في صناعة القرار لا يستبد احد برأيه , بل لا وجود لهذه المعادلة في قاموس حزب الدعوة الإسلامية ... القرار وأي قرار كان أو أي موقف يراد صياغته تجاه أي حدث من الأحداث السياسية أو ماسوا ها يطرح للنقاش والمداولة وتتفاعل كل الآراء واقصد بها آراء ذلك المفصل المعني باتخاذ القرار , ويشبع الموضوع بحثا حتى تنضج الرؤية التي تعبر عن وجهة نظر اللجنة المجتمعة لاتخاذ ذلك القرار ثم يصوت عليه بالأغلبية المطلقة .
جريدة الجنوب *هل يندرج حزب الدعوة في قائمة الأحزاب التي اقتفت اثر أيدلوجية السرير البروكرسي تبعا لأسطورة ( سرير بروكرس) اليونانية الذي يقتنص فريسته ويصممها بقوه على مقاس سريره ؟
-نحن في حزب الدعوة الإسلامية لانمنع على الدعاة من أن يعبروا عن آراءهم الشخصية شريطة أن لايلبسوها قالبا رسميا ويقولون إن هذا موقف حزب الدعوة . هناك هامش واسع قد لايتصوره البعض للدعاة من إن يدلوا بدلوهم ويطرحوا أفكارهم على طاولة النقاش , والحقيقة قرأت الكثير عن الأحزاب وعلى شتى التوجهات .. وكانت لي علاقات طيبة وخصوصا في الفترة التي كان فيها شيء من النفس الحر في أواخر الستينات وفي بداية السبعينات , فلم أجد ما وجدته في حزب الدعوة الإسلامية الذي انتميت إليه.. الداعية يعبر عن آراءه الخاصة في الهواء الطلق شريطة تلك الضابطة التي أشرت إليها وبطريقة لا تسيء إلى انتمائه والى انضباطه الحزبي المبني على أساس طاعة القرار الدعوتي حينما يكون قرارا نافذا .
جريدة الجنوب * ألا ترى إن ردك هذا يؤكد مصداق الآية القرآنية الكريمة ( وكل حزب بما لديهم فرحون ) ؟؟؟
-الغرب حينما يطرح مشروعه في الديمقراطية كنتاج يتباهى به حضاريا وإنسانيا لايعني إنها تنطلق من هذا المنطلق الضيق , بل إن كل الجهات وكل المدارس تبشر بآرائها وتدعوا لها من منطلق القناعة التامة بأنها تمثل رأيا راجحا وموقفا يحمل حلولا أكثر من غيره وأكثر مما موجود لدى المدارس الأخرى .. كما انه من الناحية الأخلاقية لا يمنع الإنسان فردا أو جماعة إن يتكلم عن ذاته , ولعلنا نقرا في القرآن الكريم إن النبي يوسف عليه السلام قد تحدث عن نفسه وهو نبي حيث قال (اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليهم ) فهذا لايعني مدحا لذاته بقدر ما يعني معرفته بذاته , فالمدح منهي عنه إلا إذا عبر عن طرح البدائل أو عن الموقف البديل ,وبالتالي فان حزب الدعوة الإسلامية حينما يتكلم عن نفسه بهذه الطريقة فانه يريد إن يقول لكل المشككين مدى قدرة المشروع السياسي الإسلامي على التكيف والتأقلم أو لكل الذين يعتقدون إن المشروع السياسي الإسل! اي يعني الاستبداد السياسي. يريد حزب الدعوة الإسلامية أن يقول إننا نتعاطى مع السياسة والعمل السياسي من منطلق إنها رعاية لمصالح الأمة وبالتالي فان الأمة حاضرة في مشروعه ولايمكن تجاوز الآراء بطريقة الفرض او القهر السياسي .. إننا لم نكن في يوم من الأيام مشروع للحكم والسلطة أو سخرنا الطاقات وأخبث الوسائل وأقذر المؤامرات من اجل الوصول إلى الكرسي بل إننا مشروع لبناء امة وبناء مجتمع صالح تختفي فيه كل الفواصل المصطنعة , وبناء هذا المجتمع يأتي من خلال بناء الدولة كمؤسسة تأخذ على عاتقها مصالح الأمة .
جريدة الجنوب * يبدو إن هناك تعارض وتقاطع بين حزب الدعوة وبعض الأحزاب الإسلامية الشيعية , ما طبيعة هذا التعارض وماهي أسبابه ؟
-وجهة نظري متوزعة مابين الطرح الأكاديمي النظري واستقراء الوقائع والأحداث , وعليه أقول إن كل الأحزاب المعارضة وعلى مستوى كل الخرائط السياسية في العالم تعمل بطريقة التناسي ما بينها من خلافات واختلافات حينما تكون في خط المعارضة لان وحدة العدو توحد الفرقاء , ولكن يستبين الخلاف في وجهات النظر بعد زوال ذلك العدو ووصول هذه الفصائل إلى الموقع السياسي المتقدم في إدارة العملية السياسية , حيث تبرز هنا مشكلة التعايش السياسي والتنافس بين الطروحات والأهداف من اجل الاستحواذ على الشريحة الواسعة من الجماهير , وهذا يحصل حينما يكون المشروع السياسي لهذه الفصائل مبني على قاعدة التداول السلمي للسلطة وضرورة الاحتكام إلى صناديق الاقتراع كفيصل في هذه القضية , لأنه ليس في وسع حزب أو حركة أن تذوب في غيرها بل إنها تبحث في ظل هذه الأجواء الجديدة عن إثبات صحة رؤاها وإنها الأجدر والأولى في رعاية حقوق الجماهير , وهذه ه! ي نقطة البداية في سبب ظهور الخلافات على السطح مابين الفصائل المختلفة.
جريدة الجنوب *لكن هذا الخلاف اخذ خطا سلوكيا وتحريضيا مرضيا أحيانا في السعي إلى نسف الآخر وفق تطبيقات ظاهرة التفسيق في الواقع التي وفدت إلى الساحة العراقية بعد سقوط النظام السابق ؟؟؟
- ظاهرة التفسيق والتخوين لاتنم عن نضج سياسي , وتؤكد إن أصحاب هذه الطعونات لايعترفون بغيرهم ولا يحترمون آراء الآخرين المخالفة لهم , وهم يذكرونني بالمبدأ القائل ( من لم يكن معي فهو ضدي ) . إن أي باحث في الثقافة والفكر الإسلاميين يجد أن الإسلام قد منح لحرية الرأي مساحة واسعة في ثقافته , ولعل المجال يطول في هذا الصدد إذا أسهبنا فيه , ولكن يكفي أن نذكر قوله تعالى (ولو شاء ربك لجعل الناس امة واحدة ولا يزالون مختلفين ) فالتنوع في طبائع الأشياء والتعدد من سنن الله في هذا الوجود , وأي محاولة لتحويل المواقف السياسية إلى إحكام شرعية يعني القول بالاستبداد السياسي بغطاء ديني , وهذا هو اخطر أنواع الاستبداد لأنه سيقمع حرية الآخرين بالتفكير والتحليل وقراءة الأحداث وانتزاع المواقف بطريقة دينية ذات طابع مقدس .
جريدة الجنوب * لكن لازال الشارع يعاني من فراغا إيديولوجيا سياسيا سواء كان دينيا أو علمانيا ؟؟
- أستطيع القول إن لهذا الفراغ العقائدي والفكري سببان رئيسيان, أولا : العامل الموضوعي , واعني به طبيعة التركة الثقيلة التي ورثناها من النظام السابق , فكلنا يعلم إن سياسة التجهيل وإشاعة ثقافة الأساطير والخرافات من قبيل الكشافات والسحرة وقارئي الكف , ويزاوج ذلك مسار الترويع والتجويع لأكثرية الشعب العراقي , ومثل هذه السياسة أنتجت لنا مجتمعا يقرأ ويكتب الحروف ولكن لايقرأ معنى الحياة ..مجتمع تسوده ثقافة القطيع ويشده واقع الربح والخسارة وتقوده غرائز اللذة الآنية , فكان شعاره ( المهم العلاكة) وكانت ستراتيجيته ( أنا مع الناس إن أحسن الناس أحسنت , وان أساء الناس اسأت) وهذا حديث نبوي .
جريدة الجنوب *إلا ترى إن هذه هي صيرورة المجتمع وديدنه استنادا إلى قول الإمام علي عليه السلام : الناس ثلاث , عالم رباني , ومتعلم عن سبيل نجاة , والباقي همج رعاع ينعقون مع كل ناعق ويميلون مع كل ريح.
- مثل هذه المعادلة التي أشار إليها الإمام علي عليه السلام هي معادلة حاضرة في كل زمان وفي كل مكان , بمعنى إن ثنائية النخبة والعامة مع الناس أو على حد تعبير فرويد ( الصفوة والغوغاء) أقول مثل هذه الثنائية لاتخلو منها أي ساحة من الساحات التي نحن بصددها , غير إن المشكلة هي متى تكون النخبة فاعلة ومتى تكون عاجزة , فحينما لاتجد المادة الأولية وأهمها هو القدر المقبول من الوعي الذي يتفاعل ايجابيا مع طروحات النخبة, لذلك يؤكد علماء الاجتماع انه لابد من وجود الحلقة الوسيطة الرابطة مابين النخبة وقواعدها العريضة, وهو ما يسمونه اليوم بالطبقة الوسطى, وبمعنى آخر حينما نقول لاوجود للطبقة الوسطى في واقعنا الاجتماعي فإننا سنكون في ظاهرة الاغتراب في كل جوانبها, فالطبقة الوسطى في الواقع الاجتماعي والسياسي العراقي قد ذابت في همومها الخاصة واحترفت ثقافة الأنا , وابتعدت كثيرا عن هموم الناس , وكان شعارهم دوما ومازالوا إلا من رحمه الله , ماذا قدم لي الوطن , ولم يسال نفسه مرة واحدة ( ماذا قدمنا للوطن).
وعودة إلى الفراغ الأيديولوجي الذي يرزح تحته الشارع وتبعا لما ذكرته سلفا , فان العامل الموضوعي كان احد الأسباب المهمة والفاعلة في ما نعيشه اليوم من ذلك الفراغ لان انعدام المواصلات والأسلاك مابين الأبراج الناقلة للتيار يعني بالنتيجة توقف التغذية وهو مانجد أنفسنا متعبين في مسالة تحريك القواعد العريضة من الناس وتغيير همومهم وتوسيع آفاقهم وتعريفهم بحقيقة ما يجري وما يدور وماذا علينا أن نفعل وبأي حالة نكون .
والعامل الثاني هو العامل الذاتي , واعني به انتقال الأحزاب إلى مشاريع سياسية تبحث عن السلطة وتخليها عن المشروع الأم الذي وجدت من اجله وهو مشروع بناء الأمة وليس وسيلة للوصول إلى السلطة , فمثل هذا الانشغال جعلها تتناسى مشاريعها التعبوية والإنمائية والثقافية وكل ما يدخل تحت عنوان التنمية الاجتماعية , لذلك فنحن في حزب الدعوة الإسلامية نقرأ مثل هذه المعادلة المؤلمة ونفهم أسباب هذا الفراغ , ولذلك تجدنا حريصين على احياء مشروعنا الذي وجد الحزب من اجله , فلدينا محاضرات وندوات ودروس في شتى حقول المعرفة وكما أسميناها ثقافة الجهات الأربع , حتى نستطيع أن نواكب مثل هذا التغيير وان نرفد المجتمع والساحة السياسية والفكرية بدماء جديدة وطاقات طامحة مغروسة في اصل عملية التغيير, ومتسلحة بثقافة الصبر والمطاولة ايمانا منا ! أن إعادة البناء أصعب من البناء .
جريدة الجنوب * يقال ان قلب ولاية الفقيه في الجمهورية الإسلامية الإيرانية لا يتسع لحزب الدعوة الإسلامية تقاطعا مع إيديولوجيته ؟ هل لك أن تبين لنا ذلك ؟؟
- من الناحية النظرية فان ولاية الفقيه هي بحث فقهي محض , بمعنى أن موضوع الولاية لا يبحث إلا في دائرة صغيرة ومحددة وهي دائرة الفقهاء , فغير الفقيه ليس في وسعه أن يناقش مدى صلاحية الولاية أو عدم صلاحيتها أو يقول بوجوبها أو عدم وجوبها , وإذ كان الأمر هكذا نخلص الى اننا كمكلفين مقلدين لفقهاء وغير مجتهدين لا نبحث في هذا الموضوع ولا نتحاور في جدواها بل علينا السمع والطاعة لمن يتصدى لذلك من الفقهاء .
جريدة الجنوب * هل هناك علاقة تضادد بين حزب الدعوة والجمهورية الإسلامية في ضوء توصيف العلاقة بينهما بالأخوة الأعداء ؟؟؟
- فيما يتعلق الأمر بحزب الدعوة الإسلامية فلا ينفذ أي أجندة خارجية, وكنا وسنظل نعمل وفق منظور مبني على شعار ثابت في قناعتنا وراسخ في وجداننا وهو ( العراق أولا ) , وعلاقتنا مع الآخرين من الأطراف الإقليمية ودول الجوار الجغرافي مبنية على وجوب رعاية المصالح المشتركة والاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لكلا الطرفين , هذا هو المعيار الذي نتعامل به مع جميع الأطراف ولن نرتضي لأنفسنا أن نكون ساترا متقدما للآخرين , ولن نحارب نيابة عن احد , بل نعمل من اجل العراق ومصالح شعبه ووحدته وسنقاتل من اجل ذلك . أما بالنسبة لغيرنا فلم يعد الأمر خارجا عن دائرة التحليل والاستنتاج , فنحن في الجنوب نتفاعل مع كل الكيانات السياسية ولم نجد طرحا يتقاطع مع توجهاتنا في الساحة .. والأولى أن يوجه مثل هذا السؤال إلى الجهات ذات العلاقة .. وأود أن أضيف أن الإعلام المعادي للتغيير في العراق يشيع بين الآونة والأخر! ى أقاويل كثيرة عن شعارات إيرانية أو عملة متداولة أو مقرات للمخابرات الإيرانية في بعض مدن الجنوب وهو مما يثير القرف والاشمئزاز ولا نستغرب من ذلك لان الإناء ينضح بما فيه .
جريدة الجنوب * وماذا تقول للذين ينعتون الجنوب بالجنوب الصفوي ؟؟؟
- الذي يتقولون علينا بأننا صفويون هم امتداد لثقافة النظام السابق الذي قال عنا يوم ما أننا غجر مهاجرون ومن أصول هندية , وإذا كان ثمانية عشر مليون شيعي هم صفويون وأربع ملايين هم من الكرد , فأين هي عروبة العراق التي يتشدق بها مثل هؤلاء الأدعياء .. إنها خيارات سياسية ألبسوها ثيابا عنصرية مرة ومرة طائفية بغيضة .
جريدة الجنوب *أرى إن الرابط العشائري أقوى وامتن من الرابط الحزبي في سائر أنحاء المنطقة الجنوبية , هل يعتبر ذلك قصورا في رؤى وستراتيجيات هذه الأحزاب التي يفترض أن تسعى لصهر المجتمع في منظومة من العلاقات الجديدة ذات الطبائع الإيديولوجية المختلفة ؟؟؟
- مما هو في صميم ستراتيجيتنا في البناء الاجتماعي والسياسي أن لا تتحول العشيرة إلى كيان سياسي وتسود ثقافة القبيلة السياسية محل الثقافة الوطنية والمواطنة , ولكن هذا لايعني إلغاء دور العشائر في الساحة لأنها من الوحدات البنائية في الواقع العراقي , وما نطمح إليه أن يكون للعشيرة دور ايجابي في السيطرة على المتجاوزين وردعهم وتأديب الخارجين عن القانون, لذلك فان الحكومة وبمشاريعها المطروحة لتعميق ثقافة الإخاء الوطني أو كما اسماها رئيس الوزراء بالمصالحة الوطنية تعتمد على شيوخ العشائر في ذلك لأنهم حقيقة واقعة ورقم مهم لايمكن تجاوزه , مع ضرورة الإشارة إلى إن مثل هذه الولاءات لا تمثل عيبا في الخارطة الاجتماعية لأنها ولاءات طبيعية فالناس موزعة ميولهم وخياراتهم وانتماءاتهم بين العشائرية والمذهبية والدينية والعرقية , ولاارى مجتمعا يخرج عن هذه الانتماءات أو يخل! و منها أو من بعضها . إن الذي نريده هو العشيرة الواعية التي تدفع بابناءها نحو مد الجسور والتواصل مع الآخرين لتقطع الطريق على كل المشاريع المشبوهة الموجودة في الساحة.
جريدة الجنوب * ثمة من يقول إن حكومة المحاصصة الحزبية في مجلس محافظة ذي قار انعكست سلبا على الواقع الخدمي والاعماري في المحافظة في ظل استشراء الفساد المالي وتهافت الأحزاب المحلية في الاستحواذ على المناصب الوظيفية الحكومية؟؟؟
- الحقيقة أستطيع أن أتكلم بجرأة في هذا المجال.. إن غياب القاعدة القانونية التي تبني عليها مجالس المحافظات والحكومات المحلية وتحدد في ضوءها الصلاحيات والمسؤوليات لكل الجهات الفاعلة هي التي وقفت وراء هذا الفشل الكبير في أداء الحكومات المحلية, فلا وجود لخطط مرحلية وتغيب عن السادة المسؤولين ستراتيجيات واضحة قادت بالنتيجة إلى إن يعمل الجميع وفق منظور المصلحة الآنية والحاجة الملحة, فلا وجود مثلا لدائرة التخطيط العمراني وان وجدت فلا دور لها , ولا وجود مثلا لدائرة المهندس المقيم الذي يشرف على أداء المشاريع وتقييمها ومدى صلاحيتها ومطابقتها. ولقد كانت الأطراف التي وصلت إلى مجالس المحافظات راغبة في العمل من منطلق الائتلاف المعمول به في كل دول العالم , ولكن عدم اكتمال الدراسة في جامعتنا السياسية ونقص التجربة وتسارع الأحداث، فقد انقلب هذا الائتلاف إلى محاصصة بغيضة فأصبح لهذه الكتلة منصبا ولتلك منصبا آخر, وأصبح القرار رهينة بالكتل المؤتلفة في دائرة المحاصصة.. ولو استطاع البرلمان العراقي أن يشرع قانونا على مجالس المحافظات وحكوماتها المحلية يتجاوز فيه هذه الثغرات ويعبر خنادق النار لما بقي لهذه المحاصصة أي اثر سلبي أو لتحولت إلى مشاركة ايجابية في اقل التقديرات, ونحن ننتظر ذلك بفارغ الصبر ,ولقد كانت لي في هذا المجال آراء عملية لعبور هذه المحنة طرحتها بين يدي الحكومة المركزية , غير أن الواقع لم يسمح بتطبيقها ...وأود أن أقول إن الفساد المالي والإداري لم يعد خاصا في محافظات الجنوب بل هو ظاهرة عامة في كل أنحاء البلاد ..وأسباب استفحال هذه الظاهرة هو غياب هيبة الدولة وسلطة القانون لان الناس لم يكونوا بالمستوى العالي من الوعي الذي يدفعهم إلى احترام القانون وتطبيقه, وإذا فقد عنصر الاحترام للقوانين المرعية فيجب أن يتوفر عنصر الخوف من عدم الالتزام بالقانون والتجاوز على حدوده .. وإذا ما علمنا أن هذا العنصر الثاني ( الخوف من مخالفة القانون) هو غير موجود وغير مأخوذ بنظر الاعتبار لان الضرب قد أصبح في منطقة ما تحت الحزام كما يقولون .. والمتآمرون على الدولة من أعداء التغيير ينتهجون سياسة م! زدوجة مابين استباحة الدماء وانتهاك الحرمات وانتهاج سياسة العنف الدموي وتطبيق فلسفة الرعب, ومابين التخريب الاقتصادي وتوسيع مساحة الفساد الإداري وإسقاط هيبة الدولة في نظر المواطن العادي . هذه هي قراءتنا لأسباب الفساد المستشري في البلد ,فالتخريب والتهريب من جانب والذبح والقتل المجاني من جانب آخر, وسياسيون لاهم لهم إلا التآمر والتصريحات المغرضة من خلال المنابر الإعلامية المختلفة.
جريدة الجنوب *هل تفرق بين بعث فاشستي ينتهج أجنده إرهابية وترويعية وبعث ذو منظومة أفكار مشروعة, وماهو رأيكم بتطبيقات قانون اجتثاث البعث في المنطقة الجنوبية ؟؟؟
- انا اعتقد ان البعث مدرسة واحدة , واي محاولة لطرح البعث على انه يحمل في جنباته خطا وطنيا آخر هو طرح ينقصه الكثير من الموضوعية والدقة , فأين هذا الجناح الوطني في حزب البعث .. لقد عشنا في العراق ولازلنا وعرفنا البعث عن قرب .. حزبا حارب الكرد بواجهة قومية وبدوافع عنصرية, وحارب الشيعة بدوافع طائفية, وكتب على دبابة أيام الانتفاضة الشعبانية الخالده ( لاشيعة بعد اليوم) واتهم شيعة الجنوب بأنهم مهاجرون من أصول هندية.
ان حزب البعث قد عمد إلى عسكرة المجتمع وكذلك عسكرة الحزب وامتلأت أزقة المدن بمقرات الفرق الحزبية والمنظمات التي لاهم لها إلا التجسس والتلصص حتى على الهمسات في داخل البيوت , وتجربة خمس وثلاثين عاما متواصلة في الحكم تكفي لبيان وجهة نظرنا هذه , فمن خراب الى خراب , ومن سيء إلى أسوا , ومن كارثة مرة إلى كوارث أمر وأشنع , وثروات مهدورة لقتل ابناء العراق , وحروب طائشة لتحقيق عظمة السلطان .اما على مستوى تضييق قوانين اجتثاث البعث في المنطقة الجنوبية واخص بالذكر محافظة ذي قار بحكم الاحتكاك القريب منها , أقول إن التعليمات هي ذات التعليمات وان هيئة الاجتثاث تعتمد على لائحة القواعد المتبعة من الهيئة العليا لاجتثاث البعث في بغداد , ولقد قال لي احد أعضاء الهيئة في المحافظة إننا متوقفون عن الاجتثاث لان التعليمات النازلة إلينا تقول هكذا . وأحب أن أشير الى إن ما يقال على إن الهيئة في بغداد قد أعادت بعض البعثيين إلى دوائر عملهم وقوبل ذلك بالرفض فاعتقد إن هذه القضية بحاجة إلى وقفة لقراءة الأسباب الحقيقية لهذا الرفض . يا سيدي .. البعثيون لم يتركوا في قلوب الناس شيئا يشفع لهم فلقد أذاقوهم مر الهوان وسلبوهم كراماتهم , وعندما تحررت إرادة الناس من عقدة الخوف وأصبح البعثيون في متناول الأيدي , كان البلد في حينها على شفا مجزرة طويلة وعريضة والذبائح هم اؤلئك المجرمون الذين استرخصوا كل عزيز واستذلوا كل حر شريف.. ولولا موقف المرجعيات الدينية التي ستظل ذاكرة التاريخ تختزن لهم ذلك لكان ماكان مما لست اذكره فظن خيرا ولا تسال عن الخبر.
وفي ظل هذه الأجواء المحتقنة والقلوب المشتعلة أين نجد المدير الذي يسمح لعضو فرقة أن يمارس دوامه الاعتيادي في دائرته, كيف يحميه ؟ وكيف يداري مشاعر الاخريين ؟ ولذلك كان الرفض لعودة البعثيين ينطلق من الخوف عليهم ومن الرأفة بهم وهو أحسن الصنيع , ونحن نستغرب كل الاستغراب لمن يأخذ الأمور بظواهرها ويترك حقائق الأشياء .
جريدة الجنوب *الذاكرة الجنوبية استفزت بمشروع الحلم الفدرالي الذي أقيمت بشكل مؤسساتي في إقليم كردستان بفعل الحراك السياسي الكردي في الساحة الدولية والإقليمية والمحلية , لكنها مازالت قيد النص الدستوري وتصريحات الساسة الشيعة بالنسبة لإقليم الجنوب , فماذا تقول ؟؟؟
-أولا وبشكل عام إن كل مافي العراق من إرباك على مستوى العملية السياسية لايمكن فصله عن دور العامل الإقليمي والدولي وأي محاولة لاعتبار إن ما يحصل في الساحة هو نتاج عراقي فهي محاولة متجنية وضالة وغير منصفة , وأظن إن هذا الكلام واضح للمتابع السياسي ولا يحتاج إلى مزيد من التفاصيل , وهذا هو اثر العامل الدولي والإقليمي فيما يحصل في العراق , وإذا كان البعض يتساءل عن سبب تأخرنا عن الإخوة في كردستان في هذا المجال فاعتقد إن الظروف التي سنحت بعد الانتفاضة الشعبانية في عام 1991 وأسهمت بشكل كبير في بلورة المشروع الفيدرالي الكردي , فعلى مدى ثلاثة عشر عام كان فيها الكرد يعيشون باستقلالية تامة عن السلطة المركزية في بغداد وبحماية ضامنة من قبل قوات التحالف وبسيولة مالية مضمونه تقدر بسبع عشر بالمائة من مجموع صادرات العراق النفطية, كل هذا أوجد لهم مناخا مناسبا لبناء القاعدة التحتية لحكومة الإقليم الفيدرالي سواء كان ذلك على مستوى المؤسسات أو على مستوى الكوادر والكفاءات ..إما نحن في الجنوب فقد حرمنا مما توفر لإخواننا في الشمال , وكانت النتائج كما نراها اليوم .
إن الرغبة في الحكومة الإقليمية الفيدرالية هي رغبة أكيدة ونرى فيها ضمانا لحقوقنا , وكما نرى فيها خلاصا من مشاريع التقسيم والانفصال بخلاف ما يفهمه الآخرون, غير إن مواد البناء لم تتوفر بعد وهو ما يعني تأخرنا في أنجاز هذا الحلم المنشود .












التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيديو يتسبب بإقالة سفير بريطانيا لدى #المكسيك #سوشال_سكاي


.. فيديو متداول لطرد السفير الإسرائيلي من قبل الطلاب في جامعة #




.. نشرة إيجاز - مقترح إسرائيلي أعلنه بايدن لوقف الحرب في غزة


.. سلاح -إنفيديا- للسيطرة على سوق الذكاء الاصطناعي




.. -العربية- توثق استخدام منزل بـ-أم درمان- لتنفيذ إعدامات خلال