الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


علي بدرخان عاشق البلاتوه والوطن

اشرف بيدس

2008 / 11 / 12
الادب والفن



مخرج جرئ ومقتحم، تحمل أفلامه خطوطا مستقيمة لا تقبل الطرق المتعرجة، لا يتلف حول أفكاره، مباشر حتي التصادم،لا يعبأ بالمحاذير، وينطلق وفق قناعاته التي لا يداهن عليها ، ولا يفرط فيها مهما كلفه الأمر. هو مخرج - هاو- كما يقول، أعمال تحمل أفكاراً كبيرة تستحق التحليل والمتابعة، ربما لأنه يهتم بقضايا وطنه فتأتي أعماله شديدة الجرأة والتميز، متلصق بالناس وخصوصا البسطاء ومحارب من الطراز القدير، إنه علي بدرخان.
أعمال علي بدرخان تبدو قليلة في مسيرة فنية تجاوزت 27 عاما ، لكنها شكلت علامات مضيئة في تاريخ السينما، واستطاع من خلالها فرض اسمه بقوة وسط جيل من المبدعين تحملوا علي عاتقهم النهوض بفن السينما.
تتلمذ علي بدرخان علي يد والده المخرج الكبير أحمد بدرخان الذي تعلم منه عشق الكاميرا والبلاتوه فالأمر لم يكن غريبا عليه، التحق بمعهد السينما بناء علي رغبة الوالد، واشبع موهبته بالعمل مع كبار المخرجين من أمثال صلاح أبوسيف ونيازي مصطفي وتوفيق صالح، لكن ظل يوسف شاهين علامة فارقة ومحطة رئيسية تعلم منها الكثير ويدين لها بالكثير.
كان السفر لايطاليا امرا بالغ الأهمية لثقل الموهبة والتعرف علي الجديد، ثم عاد مرة أخري ليقدم أول أعماله في 1973(الحب الذي كان) سعاد حسني، محمود ياسين، جميل راتب، عن فكرة قديمة لكن بمعالجة جديدة نالت استحسان الكثيرين وبشرت عن مخرج واعد لديه ما يقدمه، ويملك أدوات سينمائية مختلفة عما كان سائداً.
ينطلق بعد ذلك ليأتي فيلمه الثاني عام 1975 (الكرنك) الذي أحدث جدلا واسعا مازال حتي الآن، بل نستطيع القول إن هذا الفيلم كان إشارة للسينمائيين للاتجاه لتقديم أعمال ترصد ما كان يحدث بالمعتقلات في الفترة الناصرية وهو ما كان مسكوتا عنه، وقد نجح علي بدرخان رغم ناصريته الشديدة، أن يكون أمينا في الطرح مستخدما كل أدوات القهر والتنكيل التي كانت تمارس في هذه الحقبة، ولعله قدم أجرأ مشهد سينمائي في ذلك الوقت ، وهو المشهد الذي تعرضت فيه سعاد حسني للتحرش الجسدي داخل المعتقل.
أما فيلمه الثالث (شيلني واشيلك) بطولة محمد عوض ونسرين وخيرية أحمد، عام1976 فقد واجه موجة شديدة من النقد، واعتبر الكثيرون أن الفيلم بمثابة السقطة التي ما كان عليه أن يقدمها بعد تقديم عملين كبيرين مثل (الحب الذي كان - والكرنك) لكن علي بدرخان يرد علي ذلك بأنه كان يقصد من الفيلم رغم بساطته تقديم شكل من أشكال الفساد معتمدا علي التغيير الذي يحدث في النهاية وتغيير وعي البطل واكتمال نضجه وهي فكرة جديرة بالاحترام،حتي وإن جاءت في إطار كوميدي.
وفي عام 1978 كانت رائعته «شفيقة ومتولي» وهو فيلم مأخوذ عن الملحمة الشعبية الشهيرة، ونجح في رصد الأجواء التاريخية التي وقعت فيهاا لأحداث، ولو أن الفيلم وقع قي مشاكل انتاجية كثيرة نجح بدرخان وصلاح جاهين في تخطيها ، ولو أن الأمر العمل اختلف عليه الكثيرون ما بين مؤيد بشدة ومعارض جدا.
في «أهل القمة» 1981 يرصد بأمانة وموضوعية فترة الانفتاح وماأحدثته داخل المجتمع المصري والتغييرات التي لحقت به، واتسم بالجرأة وكان أيضا إشارة وتمهيداً لسيل من الأعمال التي ناقشت فترة الانفتاح.
وفي عام1986 يأتي(الجوع) وهو فيلم صالح للعرض في كل الأزمنة ، يناقش من خلاله الكساد والشح والحاجة التي تجتاح المجتمع، مبشرا بأن الظلم قد يؤدي إلي ثورة شعبية تنجح في تغيير الأوضاع الفاسدة وهو ما حدث بالفعل.
أما عام 1991 فيقدم رؤية شديدة الحساسية في فيلم «الراعي والنساء» والمأخوذ عن رواية «جزيرة الماعز» والتي قدمت في كثير من المعالجات، كانت المعالجة السينمائية لها في فيلم بدرخان أكثرها تميزا وكانت المباراة في التمثيل بين نجومه سعاد حسني ويسرا وأحمد زكي وميرنا مبهرة استطاع أن يديرها بدقة بالغة، ورغم أن الأحداث تدور حول أربعة أشخاص فقط، فإنه يستطيع أن يقدم حالات إنسانية شديدة الثراء دون تسريب الملل للمتفرج.
أما في 1995 و1996 قدم فيلمي «نزوة» احمد زكي ويسرا، و«الرجل الثالث» أحمد زكي وليلي علوي ومحمود حميدة.
لقد حرص بدرخان في أفلامه علي كشف الفساد وملاحقته وفي ذلك يقول «عندما أنقد الأوضاع السياسية والاجتماعية عبر أفلامي، فأنما أفعل ذلك بهدف البناء لا الهدم، واعتقد مخلصا بأن السينمائي لا يمكن أن يكون فنانا جيدا، أن لم يكن ملتزما بقضاياه الوطنية وبمعاناة شعبه». وحول الموجة الجديدة من الأفلام الكوميدية التي لا تهدف سوي للربح يرفض بدرخان الانصياع لها، لكنه أيضا لا يلوم القائمين عليها.
يلاحظ من خلال السرد الموجز الذي قدمناه لأفلام علي بدرخان أن سعاد حسني قامت ببطولة الكم الأكبر من أعماله، فقد استطاع أن يقدمها في أشكال مختلفة وغير نمطية كتلك التي اعتادت أن تقدمها من قبل، ويلحظ أيضا أن هذه الأفلام تمثل نقطة انطلاق لها، فقد كان أقدر الناس علي توظيفها سينمائيا وإخراج إمكاناتها الابداعية.
وبعد..
كانت أعمال علي بدرخان أشبه بالحجر الذي يلقي في المياه الراكدة ليكشف عما يخبئه القاع، إنها الجرأة في الطرح والإلمام بما يعيشه الآخرون ومحاولة التعبير عنه بصدق وشفافية وإبداع فني دون الرضوخ لأي مغريات، فقد كانت المباشرة هي إحدي حلوله السحرية للتعبير عن موقفه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صباح العربية | بينها اللغة العربية.. رواتب خيالية لمتقني هذه


.. أغاني اليوم بموسيقى الزمن الجميل.. -صباح العربية- يلتقي فرقة




.. مت فى 10 أيام.. قصة زواج الفنان أحمد عبد الوهاب من ابنة صبحى


.. الفنانة ميار الببلاوي تنهار خلال بث مباشر بعد اتهامات داعية




.. كلمة -وقفة-.. زلة لسان جديدة لبايدن على المسرح