الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وهم الديمقراطية باقصى كسورها العشرية

طلال الغوّار

2008 / 11 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


في خضم الأوضاع القاسية والمأساوية التي تعصف بالعراق, وفي ظل تداعياتها على كل مفاصل الحياة , ينشغل اليوم(السياسيون الجدد )بما يزيد من تأزم الأوضاع واضطرابها , من خلال الاختلافات والخلافات والتجاذبات فيما بينهم ,ولعل قضية (حق تقرير مصير الأقليات) في العراق تشكل احد هذه القضايا ,لتأخذ حيزا واسعا من اهتماماتهم وانشغالهم بها ,وكأن العراق قد استرد حقوقه واستعاد سيادته واستقلاله , وأنهى الاحتلال الجاثم على أرضه , وحان الوقت ليفكروا في (حقوق هذه الأقليات ) , وهنا لا يعني التغاضي عن حقوقها أو إنكارها , والتي لا تتعدى الحقوق الثقافية التي من خلالها تكون خصوصيتها لتشكل تنوعا ضمن النسيج الوطني العراقي الواحد, أما لحقوق السياسية فتمارس من خلال حق المواطنة ,التي تشمل كل العراقيين بمختلف أطيافهم وأديانهم . غير أن طرحها في الوقت الذي يفرض المحتل هيمنته على العراق ويسلب إرادته وسيادته واستقلاله, وبالصيغ التي يطرحونها اليوم بشأن هذه (الحقوق ) والمشاركة في الحياة السياسية على أساس المحاصصة ,لا يمكن أن تكون ألا ضمن مشروع تفتيت العراق على أسس طائفية وعرقية واثنيه,ومن ثم تعميمه على المنطقة انطلاقا من هذا التأسيس المدمر, واستكما ل المشروع الأمريكي الصهيوني .
إن (السياسيين الجدد)الذين قذفت بهم موجة الاحتلال لان يتصدروا مواقع السلطة في العراق وجدوا في شعار( الديمقراطية ) مطية لأحلامهم ومآربهم ,بعد أن عمل المحتل معاوله وبالتعاون معهم في بنية المجتمع العراقي , لينفخوا في هذه (الكيانات المجهرية ) ويظهروها على السطح ويعطوها سقفا سياسيا , لتتعمق الانتماءات الفرعية على حساب الانتماء الوطني وهوية العراق العروبية ,بغية إحداث الشروخ العمودية في الكيان الوطني العراقي ,فنجدهم منهمكون يتخاصمون ويتصالحون , يختلفون ويتفقون بشأن (حقوق الأقليات ومصيرها ) , وكأن العراقيين قد وصلوا إلى مرحلة الإشباع (الديمقراطي ) ووصلوا إلى حد التخمة من الحرية, ويعيشون في فائض من الاستقرار والرخاء .
إن وهم الديمقراطية الذي جاء مع (بساطيل )جنود الاحتلال والته العسكرية ,ليتلقفه بالأيدي هولاء (السياسيون) ومن تبعهم بالجهالة والمنفعة, ومن دون أن يسألوا اويتسالوا بعد أكثر من خمس سنوات من الاحتلال , ما لذي تحقق من هذه (الديمقراطية ) , أليس الذي تحقق هو الفتن الطائفية والاقتتال والتشريد والتهجير والنهب وزج أبناء العراق في غياهب السجون , وتقطيع أوصال مدينة بغداد والمدن العراقية الأخرى , وفقدان مقومات الأساسية لحياة المواطن العراق ,فالوهم يبقى وهما ,ومهما حاول دعاته الموهومين أن يضيقوا الفجوة بينه والواقع , بمخادعاتهم وتضليلهم وشعاراتهم البراقة .
إنهم وصــــــــــلوا بوهم ( الديمقراطية ) إلى أقصى مدياته , ولعل المبدأ الاستعماري القديم ( فرق تسد ) أيضا هو الآخر يريدون أن يصلوا به إلى أقصى مدياته,وصولا إلى حالة التشظية للكيان الوطني بأبعاده المختلفة ,بحيث يصل الأمر إلى اللا منطقية واللامعقولية , فالذي قراناه وشاهدناه على شاشة الفضائيات, يعد آخر أضحوكة أنتجها هذا(الوهم )وهي أن (السود في العراق يطالبون بحقوقهم)هذه إحدى تقليعات (الديمقراطية ) فمتى كان في العراق بل في منطقتنا العربية تميز بين الأبيض والأسود !! أو هناك أقلية بيضاء أو سوداء ,كما هو الحال في إفريقيا الجنوبية أو الولايات المتحدة الأمريكية, هل لون الإنسان في العراق معيارا يحدد من خلاله انتماءه ألاثني أو العرقي أو الديني , فالكل هم عراقيون , وينتسبون بكل ألوانهم المختلفة إلى قبائل وعشائر أو إلى كياناتهم الاجتماعية, فهل لمجرد أن لون البشرة اسود أو اسمر أو أشقر أو حنطي يجب أن يصنف إلى أقلية أو أثنية , هذا هو العجب العجاب , هذا ما جاءت به (ديمقراطية ) الاحتلال, وربما هناك الكثير من المضموم من العجائب التي سنفاجأ بها , ومن يدري أن يأتي يوم يطالب ( بحقوقه ) ذوي العيون الزرق أو العيون العسلية أو النساء ذات الشعر الأشقر يطالبن (بفدرالية ) شقراء هذا هو عهد الاحتلال عهد (الديمقراطية) بأقصى درجاتها وكسورها العشرية , وليطمئن الواهمون!!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تركيا تعلق كل المبادلات التجارية مع إسرائيل وتل أبيب تتهم أر


.. ماكرون يجدد استعداد فرنسا لإرسال قوات برية إلى أوكرانيا




.. مظاهرات مؤيدة للفلسطينيين: جامعة -سيانس بو- تغلق ليوم الجمعة


.. وول ستريت جورنال: مصير محادثات وقف الحرب في غزة بيدي السنوار




.. ما فرص التطبيع الإسرائيلي السعودي في ظل الحرب الدائرة في غزة