الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قصة التدين الزائف

أبي زيد السروجي

2008 / 11 / 10
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية


ظهرت موجة التدين الزائف بعد الحرب العالمية الثانية, وكان ظهورها على مرحلتين, بالنسبة للمرحلة الاولى, فكانت في الستينات والسبعينات, الا ان موجة التدين في هذه الفترة لم تنجح, بسبب انفتاح المجتمعات العربية, وتعلقها بامال الوحدة العربية التي كانت قاب قوسين او ادنى من التحقق خصوصاً بعد قيام الجمهورية العربية المتحدة (مصر وسورية), وقد احدث قيام هذا الاتحاد خوف الدول الرجعية التي قامت بتبني الفكر الاسلامي, ليكون منافس للفكر الناصري والفكر القومي, وتم انشاء المنظمات الاسلامية وقامت المؤتمرات الاسلامية, التي كانت تسعى جاهدة لضرب الجمهورية العربية المتحدة.
وعلى الرغم من الصراع القوي الذي دار بين المعسكرين (الرجعي) و (التقدمي) , شاءت الاقدار ان يقع اصحاب المعسكر الرجعي في شر اعمالهم وذلك بعد خروج بريطانيا من الخليج وقيام ايران باحتلال الجزر الاماراتية ومطالبتها بالبحرين وبعض مناطق شرق الجزيرة العربية, واسقط في يد السعودية, التي لم تجد من يساندها ضد هذا صديق الامس وعدو اليوم, الا ان جمال عبدالناصر قدم استعداده لدعم السعودية في وجه ايران, و اعلن في حشد عام بانه يأسف على ما فعلته السعودية لمصر وما قامت به من دعم كل ما من شانه ان يضر بمصر, الا انه على الرغم من كل ما حدث سيقوم بدعم السعودية ودول الخليج امام المد الايراني, وبالفعل قام عبدالناصر بارسال قوة عسكرية للسعودية وقام بارسال ضباط لتدريب الجيش السعودي وامده بالاسلحة.
وفي هذه الفترة خمدت موجة التدين التي قامت لاسباب سياسية, وعندما وجدت الدول الداعمة لهذه الموجة بان الوقت ليس في صالحها قامت بوقف نشاطاتها حتى تهدأ الاوضاع.
وبعد دخول الولايات المتحدة على الخط, رجعت السعودية ودول الخليج التي تبنت الفكر الديني لمواجهة الفكر الناصري, للعمل وكثر نشاطها خصوصاً بعد النكسة 1967م, وقامت بالتشهير بالنظام المصري والفكر الناصري والفكر القومي, وبدأت تتلاعب بعواطف المتأثرين بما حدث في 67, و دعمت الاخوان المسلمين وقامت هذه الدول باحضارهم للخليج للعمل واغدقت عليهم الاموال, واصبح كل من يرغب في ملئ جيبه بالمال يتبنى الفكر الاخواني, ليس قناعة بل للبحث عن فرص عمل في الخليج, لان هذه الدول قدمت الاخوان على غيرهم, وبعد ذهاب عصر عبدالناصر, حصل فتور في العلاقة بين دول الخليج والاخوان المسلمين, وفي هذه الاثناء قامت الثورة الخمينية في ايران.
وقد ادى قيام الثورة الخمينية, الى تغيير نظام الحكم في ايران, ووصول الملالي للحكم, مما ادى لمزيد من المخاوف في دول الخليج, وذلك بسبب العداء التقليدي بين هذه الدول وبين النظام الايراني الشيعي, وقد قامت دول المنطقة باعادة احياء الفكر الديني ودعمه بالاموال مما ادى الى قيام ما عرف بالصحوة, لتوجه الفكر الخميني, وكانت هذه المرحلة الثانية في ظهور موجة التدين.
وبعد موت الخميني وهدوء عاصفة الثورة الايرانية حدث فتور بين قيادات الصحوة و السلطة السياسية, وازداد الصراع بعد حرب الخليج الثانية(اجتياح الكويت), مما ادى الى رمي قيادات الصحوة في السجون.

وبالنسبة لما دعنا لتسمية هذا التدين بالتدين الزائف, هو المنطلق الذين انطلقت منه موجات التدين, فكان منطلقها السلطة السياسية التي تبنة مشروع التدين لتوظفه في صراعها السياسي, وقد ادت هذه الموجات من التدين لصراع مع المجتمع, واصبح التدين مقياس لمدى استقامت الفرد, مما ادى الى دخول اعداد كبيرة من الشبان في دائرة التدين وذلك لكسب الاموال التي تغدقها السلطة السياسية على هذه الموجات التي اوجدتها لتوظفها في صراعاتها لا اكثر ولا اقل, مما اوجد جيل من المتدينين الفاقدين لابسط مقومات الاخلاق الدينية, وهذا الامر اتضح اكثر واكثر مع خروج الشريط الاسلامي الذي يحمل السب والقذف للمخالف, وادى الاظطراب الاخلاقي عند هؤلاء الى انجرافهم خلف العنف, وذلك بسبب عدم حملهم لرسالة واضحة الاهداف ولعدم حملهم مشروع , كل هذا بسبب الاساس الذي انطلقوا منه, فقد انطلق هؤلاء من اسس سياسية مما اوقعهم في حيرة بين مورثهم القديم و وضعهم الجديد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قيادي بحماس: لن نقبل بهدنة لا تحقق هذا المطلب


.. انتهاء جولة المفاوضات في القاهرة السبت من دون تقدم




.. مظاهرة في جامعة تورنتو الكندية تطالب بوقف حرب غزة ودعما للطل


.. فيضانات مدمرة اجتاحت جنوبي البرازيل وخلفت عشرات القتلى




.. إدارة بايدن وإيران.. استمرار التساهل وتقديم التنازلات | #غرف