الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قصة قصيرة

حسين صالح جبر

2008 / 11 / 3
الادب والفن


هل يدخل التالي....؟
جلست على السرير عارية ووحيدة بعد خروج احد الفحول من غرفتها حيث اعتادوا ان يلفظوا اوساخهم كما تلفظ امواج البحر مايطفو على السطح الى الشاطئ ,فأختزال الشهوة يدفع ثمنه منذ فجر التاريخ.
هل يدخل التالي....؟
بدت عازفة عن كل شيء ولديها رغبة قوية في الصراخ والبكاء. احساس بالتسوس يجتاح جسدها المهدم اصلا, ظل خوف دائم من التالي يتأصل في عروقها.خيبات متتالية وأمل في الخلاص يبتعد. الجوع والتشرد والخوف من المستقبل كان يتسرب الى الخلايا كلما فكرت بالهرب. وحتى لو هربت فالى اين؟ فالضباع في كل مكان.
هل يدخل التالي....؟
طلاق الاب والام كان البادرة الأولى للأنهيار العائلي واجهز على المتبقي موت الأخ الاكبر والمعيل الوحيد للعائلة ,هرسته احدى الحروب المسعورة والتي انشدوا لها مليون اغنية, وغنموا منها مليون لافتة سوداء مثقبة والاف السجناء وبضعة ملايين خارج الاسوار لاطعم لهم ولارائحة والباقين داخل الاسوار لهم اللهاث وراء لقمة العيش للبقاء على قيد الحياة.
هل يدخل التالي....؟
(الرجال في عمان تدفع اكثر وهناك فرق العملة وسأوصي صديقة لي هناك لتهتم بك وتجد لك عملا تعيشين منه) هكذا وعدتها القوادة بمشروع درسته بعناية, وهاهي الشهور تمر وهي تنتظر لحظة السفر.
امتدت اصابعها الى نهديها فتشابكت مع مئات الاصابع الذكرية ,فمسحت بعصبية نهديها كانها تطرد صرصرا باغتها كما باعتها اول ذكر ووعد بالزواج بقي وعدا الى ان جاء اليوم الذي سرحت فيه من العمل مع مبلغ من المال لان الذكر الذي اغواها هو ابن الذكر صاحب المعمل وراحت توسلاتها ادراج الرياح .
هل يدخل التالي....؟
وضعت شرشف السرير القذر على كتفيها ومشت بضعة خطوات باتجاه النافذة الوحيدةفي الغرفة والمطلة على الزقاق الضيق وازاحت الستارة وراحت تراقب المارة دون ان تكترث لالحاح القوادة ليدخل التالي...
.كان اليأس يغمرها ويغمر المدينة .صوت اذان المغرب يدعو الناس للصلاة وفي الختام الدعاء لولي النعمة....
فجأة تراجعت الى الخلف فزعة واسدلت الستارة . عادت الى النافذة لتتأكد من المشهد الذي رأته فكان حقيقيا .انقلب الفزع الى فرحة ارتسمت على وجهها المتعب.
كانوا خمسة مسرعين باتجاه النزل احدهم يضع نجمة على كل كتف والباقين افراد شرطة .
بامتعاض هذه المرة وبصوت عالي هل يدخل التالي...؟
حسابات ساذجة وبريئة,و بسرعة البرق الحياة عادت بكرا . زورق للنجاة يلوح من بعيد لا بل قريب عند الباب, ففي السجن يمكن الحصول على ثلاث وجبات طعام وسرير .حشرت جسدها في ثوب كان ملقى على حافة السرير.احست بالطعم اللذيذ لتلك اللحظة التي اختزلت اتعاب الاف السنين ورقصت اوزات وعادت اناشيد الاطفال ( يابط يابط اسبح بالشط ) لاخوف من الصياد ( لي قطع من خشب الهو بها في اللعب )....
سمعت صوت الباب يفتح ويغلق ,لاول مرة صارت تحب الشرطة ووقع احذيتهم الثقيلة .جمعت على عجل ثيابها في صرة وخرجت من باب الغرفة الى باحة النزل لتسلم نفسها للشرطة دون مقاومة! كان الوضع هادئا لا صراخ ولا توسلات والقوادة تجلس كما اعتادت خلف منضدة لتدخل الرجال على بناتها ( كما اعتادت ان تسميهن ).وامام دهشة الحاضرين من خروجها المفاجئ ودهشتها حين رأت افراد الشرطة الخمسة وهم يجلسون بشموخ بأنتظار دورهم, سألتها القوادة بغضب عن سبب خروجها المفاجئ هكذا . أجابت مع ضحكة مجلجلة لا شئ اردت فقط ان اشم القليل من الهواء وادخل .
هل يدخل التالي...؟
نعم فليدخل التالي...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عوام في بحر الكلام - الشاعر جمال بخيت: حفني مش بيعمل جناس عا


.. عوام في بحر الكلام-الريس حفني ترك المعمار واتجه إلى الغناء..




.. عوام في بحر الكلام - أسطورة شفيقة ومتولي .. الشاعر محمد العس


.. رواية جديدة حول مكان السنوار




.. عوام في بحر الكلام -ليه نظلم شفيقة.. الشاعر جمال بخيت يحكي ق