الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تمثيل الثقافة العربية

رحاب حسين الصائغ

2008 / 11 / 4
الادب والفن



السعي وراء متاهات العيش والبحث عن الاستقلالية أنبت بين جذور اللغة العربية مصطلح ( الثقافة) وأصبحت مفردة معاصرة للزماكانية المطلوبة لمقومات الحياة الثقافية كقوة لمعادلة لا تنتهي حثيثياً، والشوق لوجود تفاعل دفعنا لاستعمالها وربطها بنا، أما كلمة ثقافة مرادفتها عندنا( العارف) الذي كان مرتبط بالقبيلة، هو عبارة عن شخص استمد من تجارب غيره والزمن الذي واكبه واكتسب المعرفة التي لا تخلو من عملية الانتباه والمتابعة لمن هم من قبله، أومن الأخبار المتناقلة شفاهاً عن طريق الحكايات والعبر التي نادراً ما تخلو من الخرافة أو طباع الأسطورة وقلما نسمع أن معرفته تلك أتت عن طريق القراءة لأن نسبة ألامية والجهل كبير في ذلك الوقت، بعد أن اختلف الوضع واستقرت القبيلة في المدن وأصبحت المعيشة مرتبطة ارتباطاً مباشراً بما يتطلب وتغير الحياة المعيشية لتبادل المنفعة، ولد احتكاك للتفكير في المصلحة التي لا يمكن انفكاكها عن المعرفة، إضافة إلى ما فرضته المدن من حاجات ارتبطت بالحكومة التي وفرت التعليم والوظائف، ومن اجل عيش مستقر أصبح بالضرورة وجود حب للمحافظة على الوضع الجديد، مما حفز إلى استعمال المفردات الدخيلة علينا، وأصبح العارف يطلق عليه لقب ( مثقف) وهكذا تساقط علينا رطباً نديا من المفردات الكثيرة واخترقنا بهدوء، فكان معالجة الجديد نوع من الجنون المطلق عبر سنين عجاف، وما يتعلق بثقافتنا العربية والانترنت لا خيار لنا فيه، إننا أمام ابتسامة ساخرة في نهاية المطاف وصراعات لا وجود لفائز فيها ونزاعاتنا كؤوسها فارغة، وما نطلق عليه ثقافتنا العربية يحمل نوع من التمثيل المستورد ونوع من التثقيف الذي لا يخلو من الاستقلالية الذاتية طالما متربطة بالآخر حتى لو اعتبرنا إن التلاقح الثقافي لا ضير فيه خاصة وان لم يطغى على مفاهيمنا.
ماذا يعبر لنا وجود الانترنت ثقافياً؟!.
مع وجود الانترنت ذلك الإنذار المبكر وسط أنين الحرية عبر مشاعر مضادة للنصف، أشبه بالسباحة خارج سباقات يعمها شعور مفخخ، وابتسامة داخل غيم من مخارج إنسانية ضائعة وآراء متأرجحة في بساتين الحس ونصف تصريح لدخول متاهة الخوف المحتوم، الذي حدث أن الانترنت فتح باب الفردوس الصاعق للمثقف وبدأ يحقق كل أحلامه وسحبه لعالم الدهشة وبساطه السندسي وحريره الساحر وخمائله المتشابكة وينابيعه الرقراقة وانهار خمره وولدان جنته وحور عينه وقطوفه الدانية، بلمس الماوس وفتح الايكونات ودخول الماسنجر ونقر الكيبورت بأناملك، وحفظ المعلومات، حتى دون أن تطلب من المارد حاجتك تجد أمامك الأرض مفروشة بالورد والرياحين وتستقبلك المواقع الالكترونية والصحف والمجلات، لتزهو بما أجاد فكرك وخيالك وطبعا الجيد يفرض نفسه والسطحي يهمش لا جدل في ذلك مع ألنت، وكل ما ترغبه من أصدقاء لا يعيقك شيء من التواصل مع الجميع، عالم ألنت عالم خرافي متجسد بكل ما فيه أمامك/ الملاحم / الأساطير / الشعر / القصة / النقد / الفلسفة / علم النفس / الرواية / المسرح / الموسيقى / الفن التشكيلي / الآراء / والأفكار المختلفة / الصالح والطالح موجود لكن عليك معرفة ما تريده وما ينفعك وأي جانب يهمك وتحب أن تتناوله هذا الجهاز يحتوي لذة وسحر وسلطان آمر يضع العالم بين يديك بدون سلطة أو رقيب غير نفسك وسلطتك.
المثقف العربي وصور الرغبة؟!.
الكاتب العربي وأعني الشاعر والقاص والروائي والمسرحي والناقد الباحث وكاتب المقال والدراسة، الكل في تواصل ما ألنت أنياً بشكل مباشر وغير مباشر، إذن ذلك الكاتب هو المثقف والممثل لأمته لأنه حامل لغتها التي بها ومنها واليها وعنها، تتمثل رغبته في سماع صوته الخارج من فكره ومما يملك من معرفة وأفكار ومشاعر يطرقها بلغة شعب أمته والكاتب مجتزأ من هذا الشعب وهذه الأمة، لذا يعبر دائما باللغة التي تعرف بها، ومهما تعلم من لغات غيرها يفضل لغته التي بها يجيد التخيل والتفكير والتعبير من خلالها يمكنه الرحيل مع حروف لغته هم التصريف بكل ما يجيش في نفسه ويجعله متمكن في الدوران حول حدودها والدخول مركز عليها من كل الجوانب خارجا للبحث عن ابعد نقطة من دائرتها ليضيء مجمل عوالمها اللولبية، يستبق اللحظات، ينحت التضاريس، يفَصِل المواسم، يظلل الصحراء، يقدس الشعائر، يحارب الوهم، يُعنى بتلوين الظلال، يغامر في غاباتها، يحلل الحكمة، يفسر نزاعاته، لا يمل من التعمق في عربيته المفرطة حد التلذذ بتعذيب نفسه من اجلها، ورغبته الأولى هو سماع صوته قهر في الماضي مع ذوي السلطة التي لا تحب أن يعلى صوت فوق صوتها خوفا من فعلها الشائن، مع الانترنت خلع حواجز السلطة وتمكن من الصراخ والتصريح والتلويح والبث عن كل ما يحب أن يعلن عمه وبجرأة دون استسلام أو يأس يقتله، وأصبح الكاتب وصاحب القلم التنقل والتخطي والتجوال عبر هذا الجهاز (ألنت) يتحدث يشارك يناقش يتواصل مع الآخر، خاصة وما يحدث آنيا للمثقف الذي لا تسمح له الظروف التنقل والتواصل المباشر مع الجهات المعنية بالمشاركة الفاعلة يطمر وينزوي دوره ويندثر قلمه، والمرأة أول من تتعرض لهذه الأوضاع بحكم وضعها الشرقي وارتباطها العائلي، وكل إنسان له دور يخوضه من خلال ألنت وعبر التواصل مع الآخر بما يملك من أخلاق وذوق وفهم ومقدرة ليحد من قهر الزمن فيما مضى قبل وجود هذا الجهاز ذو الوجه المبتسم الجميل القابل للتعاون ومساندة المثقف العربي الذي دائما مغبون.

كاتبة من العرق
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم السرب للسقا يقترب من حصد 28 مليون جنيه بعد أسبوعين عرض


.. الفنانة مشيرة إسماعيل: شكرا للشركة المتحدة على الحفاوة بعادل




.. كل يوم - رمز للثقافة المصرية ومؤثر في كل بيت عربي.. خالد أبو


.. كل يوم - الفنانة إلهام شاهين : مفيش نجم في تاريخ مصر حقق هذا




.. كل يوم - الفنانة إلهام شاهين : أول مشهد في حياتي الفنية كان