الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تسيبي ليفني : القرار الشجاع

محمد كليبي

2008 / 11 / 4
السياسة والعلاقات الدولية


هل يشكل عدم تمكن السيدة / تسيبي ليفني - وزيرة الخارجية الاسرائيلية وزعيمة حزب " كاديما " الجديدة - تأليف وزارة جديدة , وفي المهلة المحددة لها من قبل الرئيس / شمعون بيريز , فشلا أو هزيمة لها ؟

أم أنّ ذلك يشكل نجاحا ونصرا لها على ما يمكن أن يطلق عليه الفساد السياسي في اسرائيل ؟

ان النظرة البسيطة والسطحية للمسألة توحي لنا بأن السيدة ليفني قد خسرت المعركة , معركة تشكيل الحكومة , لكنها في الواقع , ومن خلال قرارها الشجاع والجريء , قد حققت انتصارا معنويا وأخلاقيا برفضها " للابتزاز الحزبي والسياسي " الذي مارسه عليها حزب " شاس " الديني اليميني المتطرف ( المتطرف بالمعنى والمفهوم السياسي وليس الديني , فقد تجاوز المجتمع الاسرائيلي التطرف الديني القائم على القتل أو الدعوة الى القتل كما هو الحال بالنسبة للتطرف الاسلامي اليوم , حيث أصبحت الاحزاب الدينية في اسرائيل تمارس " اللعبة السياسية " مثلها مثل بقية الاحزاب , الا أن لها مطالب " دينية " تتعلق بالتعليم الديني والمؤسسة الدينية , لكنها تظل مطالب في الاطار السياسي والديمقراطي , وبعيدا عن النظرية الثيوقراطية الميتافيزيقية ) والذي لم يكن بامكان السيدة ليفني تشكيل حكومة جديدة من دونه باعتباره يمتلك 12 مقعدا في الكنيست .

انّ قرار السيدة ليفني باجراء انتخابات برلمانية مبكرةيعد - في رايي - قرارا جريئا وشجاعا , لانه يحمل في طياته بعدا مغامراتيا .

فعلى الرغم من ان استطلاعات الرأي تظهر تقدم حزب الليكود اليميني بزعامة " بيبي نتنياهو " , وذلك نتيجة لعدّة عوامل في مقدمتها :

أ ) الفساد السياسي والمالي الذي أصاب بعض قيادات حزب " كاديما " , وعلى وجه الخصوص زعيم الحزب " ايهود أولمرت " المتورط في اتهامات مالية تتعلق بتلقيه اموالا من رجل اعمال يهودي اميركي أثناء حملته الانتخابية السابقة , والتي يتم التحقيق معه فيها ( وهذا طبعا من مميزات أي نظام ديمقراطي , الرقابة والمحاسبة لكافة مسؤولي الدولة ) .

ب ) حرب تموز / يوليو 2006 مع حزب الله الايراني في لبنان , والتي أظهرت - بحسب تقرير " فينوغراد : الشهير - تقصيرا لدى المؤسستين السياسية والعسكرية في اسرائيل ( وليس هزيمة كما يدعي ويزعم ويتمنى بعض العرب ) رغم ان القوات الاسرائيلية قد الحقت بحزب الله - وبالشعب اللبناني كضحية لمغامرات حسن نصر الله الغبية - الضرر الكبير .

ان السيدة ليفني , بقرارها السابق , قد اكدت للشعب الاسرائيلي أنها شخصية سياسية نظيفة , وانها تختلف عن بقية الطبقة السياسية الاسرائيلية التي أصابها الفساد . بل انها أكثر من ذلك , ستقف وبقوة ضد الفساد وضد الفاسدين والمفسدين . فرفضها للابتزاز السياسي والمالي الذي حاول حزب " شاس " ممارسته عليها مقابل مشاركته في الحكومة الائتلافية , وذلك بقولها (( عندما كان عليّ أن اختار ما بين استمرار الابتزاز والاتجاه نحو الانتخابات , اخترت الانتخابات )) في اشارة منها الى مطالب تتعلق بالميزانية تقدم بها حزب " شاس " , يظهرها للمجتمع الاسرائيلي الشخصية الجديرة بالاحترام وبالثقة , مما يعزز من مكانتها لدي المجتمع الاسرائيلي , وبالتالي لدى الناخب الاسرائيلي بعد ثلاثة اشهر ونيف من الآن , حيث تقرر اجراء الانتخابات العامة المبكرة للكنيست في 10 فبراير / شباط 2009 بعد اتفاق احزاب الكنيست على ذلك الموعد .

بالاضافة الى ما تقدّم , فان السيدة ليفني قد أظهرت نفسها للمجتمع الاسرائيلي وللناخب الاسرائيلي على انها قد (( ضحّت )) بمنصب رئاسة الحكومة احتراما لمبادئها وقناعاتها في رفض الاستغلال والفساد , رغم انها كانت قادرة على تولي ذلك الموقع بمجرد تقديمها تنازلات مالية بسيطة الى حزب شاس , لكنها فضلت الرفض مضحية بالمقع القيادي الاول في الدولة .

وهذا - في اعتقادي - ما سيعزز موقع السيدة تسيبي ليفني في الانتخابات القادمة و ويوصلها الى راسة الحكومة ولكن بقوّة أكبر , قوة الشارع الاسرائيلي .









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجزائر: مطالب بضمانات مقابل المشاركة في الرئاسيات؟


.. ماكرون يثير الجدل بالحديث عن إرسال قوات إلى أوكرانيا | #غرفة




.. في انتظار الرد على مقترح وقف إطلاق النار.. جهود لتعزيز فرص ا


.. هنية: وفد حماس يتوجه إلى مصر قريبا لاستكمال المباحثات




.. البيت الأبيض يقترح قانونا يجرم وصف إسرائيل بالدولة العنصرية