الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بوش - ماكين إلى الجحيم

أحمد الناصري

2008 / 11 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


لا يهمني فوز أوباما، لكن الذي يفرحني ويبهجني خسارة ماكين، وانتهاء وتوقف زمن ومشروع المجرم القاتل بوش المباشر، إلى حد معين، والذي نفذ عدواناً شاملاً ضد شعبنا ووطننا، وأكمل ما بدأت الفاشية المتخلفة بتخريبه وتهديمه في بلادنا، من خلال سياسات رعناء وحروب وخطاب أهوج وعقل ضيق، متخلف وتافه. وسوف أبين أسباب عدم اهتمامي بفوز أوباما، وفرحي وابتهاجي بخسارة واندحار ماكين.
أعرف تماماً إن أوباما لا يحكم لوحده، فهناك الكونغرس بقسميه، وشركات واحتكارات وكارتلات عملاقة، ومؤسسات مالية وعسكرية وفكرية كبرى، وقوى ومراكز اقتصادية وسياسية وأيدلوجية متعددة، نافذة في المجتمع الأمريكي، وهناك مصالح وثوابت أمريكية، لا يمكن أن يتجاوزها أو يستبدلها أحد بسهولة. والسياسة في أمريكا، ( كما في جميع البلدان الأخرى)، تعبير عن المصالح الوطنية الداخلية الأمريكية، بكافة الوسائل والأساليب. وهذه الوسائل والأساليب في عمومها وحشية واستغلالية، بسبب طبيعة النظام الرأسمالي ذاته. كما إن موقف أوباما من القضية العراقية بدا مضطرباً ومتحولاً وغير واضح تماماً، في دعايته الانتخابية الأخيرة، وقد خفف من لهجته ونواياه، ليكسب أعداد محايدة ومترددة جديدة. رغم أنه أفضل من ماكين في هذه القضية الحساسة والخطيرة. على أنه في خطابه المتملق والمقرف والمتكسب في منظمة الإيباك، ما يندى له كل جبين، ويتعفف عنه كل لسان. وقصة نفوذ اللوبي الصهيوني في أمريكا معروفة، والكل يحسب له حساب، لذلك فموقفه لن يكون لصالح الشعب الفلسطيني وحقوقه الثابتة وقضيته العادلة، لكنه قد يكون أخف من موقف ماكين أيضاً، بسبب العامل الديني المتخلف والغامض، الذي يلتزم ويتأثر به الأخير. وهذه مفارقات يجب قراءتها والتعرف عليها والتعامل المستقل معها، بعيداً عن الأمنيات والرغبات. مع إن أي شيء لا يفيد قضايانا المصيرية المعقدة، لا هذا ولا ذاك، بسبب ضعف وتشتت وانهيار الموقف العربي، الرسمي والاجتماعي. وهنا مربط الجميع، أنظمة وشعوب ومجتمعات، وهنا تكمن العلل والمشاكل، وتسكب العبرات، وليس هناك في البيت الأبيض، أو في أي بيت آخر، غير البيت العربي المتهالك والمتداعي، لأسباب عديدة معروفة.
لكن أوباما بسبب أصوله الأفريقية ولونه الأسود، يمنح فرصة تاريخية لأمريكا كي تخطو خطوة جديدة على الطريق الإنساني، وتخفف من عنصريتها الرهيبة والمستمرة إلى الآن منذ عصر العبيد الأول، ورغم القرون الطويلة والأجيال والأحفاد، ورغم الآلام والدماء والدموع الغزيرة. كما إن وجود زوجة أوباما السوداء في البيت الأبيض، هو نقله كبيرة في الوضع الأمريكي، رغم وجود رايس وغيرها، إلى جانب البيت الأبيض، وليس داخله، قبل السيدة الأمريكية الأولى الجديدة.
سأترك أوباما وأعود إلى ماكين، وما أدراك ما ماكين، فهو خليفة ونسخة مطابقة لبوش، واستمرار لمشروعه العدواني ضد شعبنا العراقي والمنطقة العربية، وهو رجعي ديني محافظ وحانق، يفاخر بسجله القذر في فيتنام. رجل يعاني من اللوثة الأمريكية الخطيرة، لوثة التعالي والسيطرة والتدمير. وقد أطلق نكتته الثقيلة السمجة، بحضور بوش، حول أمكانية بقاءه في العراق لمئة سنة أخرى.. يا للهول. وعمله على تحقيق النصر فيه، مهما كان الثمن، والذي يعني استمرار الحرب والقتل والتخريب، ولا تفسير أو شكل آخر للنصر الأمريكي في بلادنا.
خسارة ماكين قد تحقق القطيعة السريعة والكبيرة مع مشروع بوش التدميري، مع الصلف والعنجهية الوحشية القذرة، أو قد تخفف منها، وإنها تعني إنفراجاً ما وتحولاً في طريقة إدارة الملفات والأزمات، أو حساب للأزمة المالية الراهنة التي تمر بها أمريكا وعلاقتها بتكاليف الحرب في العراق. ولكن من جانب آخر، فإن فوز ماكين قد يساعد على استمرار التدهور والسقوط الأمريكي، الذي بدت ملامحه واضحة مع الأزمة المالية الحالية، وبوادر ومؤشرات التحول العالمي الاقتصادي والسياسي والعسكري.
مهما يكن أسم ولون الرئيس القادم في البيت الأبيض، فأنه سوف يعاني من وطأة تركة بوش الاقتصادية والسياسية الداخلية، وثقل الأخطاء والمغامرات الخارجية، في أفغانستان والعراق ولبنان والمنطقة العربية والصين وروسيا. أنه حصاد وآثار ثمان سنوات عجاف مرت على أمريكا والعالم.
نقطة هامشية أخيرة، فأن الأوضاع النفسية لمجمع المنطقة الخضراء، تبدو سيئة ومضطربة، وهم يتنظرون نتائج الانتخابات، وما قد تأتي بها من مفاجئات وأشياء غير سارة وغير مطمئنة لهم، خاصة بالنسبة لقادة الحركة القومية الكردية المتهافتة، والأطراف الطائفية المتخلفة، والتي وضعت كل أوراقها في سلة الاحتلال والحماية العسكرية، حتى لو عن طريق قواعد عسكرية أمريكية، كما دعا البارزاني بطريقة بلهاء.
إلى الجحيم بوش، وأنت تتلهى بلحظاتك الرئاسية الأخيرة، ستحمل آثامك وصرخات ضحاياك على كاهلك وترحل.. إلى الجحيم ماكين، حتى لو مشيت على السجاد الأحمر، وأصبحت رئيساً يسير على خطى المجرم بوش، ويكمل مهمته التدميرية القذرة في بلادنا، وفي منطقتنا العربية، فأنت ستسير داخل الجحيم التاريخي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حادث مفاجئ جعله رئيساً مؤقتاً لإيران.. من هو محمد مخبر؟ | ال


.. مراسم تشييع الرئيس الإيراني في تبريز| الأخبار




.. نتانياهو -يرفض باشمئزاز- طلب مدعي الجنائية الدولية إصدار مذك


.. مقتل الرئيس الإيراني: هل تتغيّر علاقات طهران بدول الخليج وال




.. بايدن: ما يحدث في غزة ليس -إبادة جماعية- نحن نرفض ذلك