الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شهادة سلفي سابق

أحمد منتصر

2008 / 11 / 6
الارهاب, الحرب والسلام


خُطبتْ في الفترة الماضية صديقتي العزيزة التي كان لا يمر يوم دون أن أحدثها وتحدثني فامتنعتْ فورًا عن مهاتفتي أو حتى إخباري بأمر خطبتها حتى علمت من صديق معها في الجامعة أنها قد خُطبت!. أحنقني الأمر للغاية وودت أن أخرج إلى الشارع أتظاهر ضد مغتصبي حقوق المرأة في مجتمعنا وعلى رأسهم السلفيين. كنت سلفيا. من الأشياء القليلة المخجلة في حياتي وندمت عليها كثيرًا. إلا أني لا أرجع انتشار المد السلفي في مجتمعنا المصري الراقي فكريًا إلى وقوف دولة نفطية غنية وراء هذا المد الغاشم. إنما أرجع وألوم مثقفي مصر ومؤسسات المجتمع المدني في المقام الأول. أين دفاعنا عن حريتنا وفِكرنا المتحضر وتقدمنا؟. لمَ لا نواجه المد السلفي بشرائط كاسيت تنشر الفكر الراقي والمتحضر كما يفعل السلفيون؟. لمَ لا نقيم ندوات تثقيفية في مصر من شمالها إلى جنوبها محذرين من الخطر السلفي على أصالة ثقافتنا الضاربة في التاريخ عبر آلاف السنين؟. وأتساءل: هل يرضى الشرفاء ومثقفو مصر المتنوّرون بما وصلت إليه حرية المرأة في أرقى بلد في أفريقيا قامت على أرضه حضارة مازال ذكرها عطرًا وآثارها باقية حتى يومنا هذا؟.
إن ما يجري للمرأة على يد السلفيين لهو عار بيّن في تاريخنا الحديث. فحجب المرأة بالكامل بما يُسمى بالنقاب لأن جسدها كله عورة حتى أفتى أحد مشايخ السلفيين مؤخرا بأنه يجب على المنتقبة إن لزم إظهار عينيها إظهار عين واحدة! وحتى أفتى آخر بحرمانية لبس الرجال للقمصان ذات النصف كم!. وفي هذا حط بالغ لقيمة المرأة واختزالها في مجرد جسد مثير شهواني وشيطاني لا تكون المرأة عفيفة إلا بتغطيته كله والمُكث أكبر قدر من اليوم في بيتها.
دعك من هذا وانظر إلى أي مدى وصل بهم تمسكهم بـ(العلوم الشرعية) حتى وصل بهم الأمر إلى كراهة تعليم الفتاة جامعيًا وحتى وصل الأمر إلى قصر تعليم المرأة من أجل أن تعمل طبيبة أو مدرسة لبنات جنسها. وإلا فمن منا يعرف منتقبة تمثل أو تغني أو تدرب فتيات على الموسيقى أو الرياضة أو تشارك الرجل وتزاحمه في دراسة الكيمياء أو الفيزياء أو الهندسة؟. وحتى لو افترضنا جدلا أن هناك منتقبة تفعل ذلك فكيف ستعمل بالله عليكم؟. كيف ستختلط بالرجال وكيف سيعرفها زملاؤها إذا لبست كل بناتنا النقاب؟.
إن كل مُراد السلفيين وهذا لا يخفى على كل ذي لب أنهم يريدون فرض أيدولوجيتهم علينا. دعك بقى من التعدد الراقي في مصرنا ما بين القومية والوطنية والليبرالية والاشتراكية والمحدثين والمحافظين وكن مثلهم. فإن لم تفعل فقد خسرت الدنيا والدين. ويا ويلك لو جرؤت وخرجت عليهم تنقدهم أو تتزمر من سوء معاملتهم لك في العمل أو في الشارع. إذن فلقد وجب القصاص منك عزيزي المواطن!.
هذا..وعلى الرغم من وجوب إعطاء البوق والحرية لكل تيار كي يعبر عن نفسه ويمارس طقوسه بليبرالية سمحاء. إلا أنني مؤخرا اقتنعت بأنه لا يُرجى من السلفيين أي خير. وتلك أسبابي:
فأولا هم لا يعترفون بالآخر ويهاجمونه ويحقرونه ويتوعدونه بالعذاب والثبور في الدنيا والآخرة. والغريب أن أحد مشايخهم في مصر يفخر بأن الجميع يكره السلفيين لأنهم يهاجمون الجميع. ويضحك.
وثانيا لأن السلفية ما هي إلا نسخة من ثقافة مستوردة متخفية تحت عباءة الإسلام الجميل لدولة نفطية بدوية لا ترقى ولن ترقى بحال من الأحوال لأصالة ثقافتنا المصرية وتشعبها في كل المجالات. فالسلفية هي دعوة صريحة للتغريب لا تختلف عن دعوة المنبهرين بأوروبا وأمريكا متناسين أن لدينا في ثقافتنا المصرية الأصيلة ما يغنينا عن كل مستورد مشبوه.
وثالثا فإن السلفية كفِكر هي أصل كل الحركات الإرهابية المتمحكة بالإسلام السمح بدءًا من الوهابية ومرورًا بالإخوان المسلمين والتكفير والهجرة وحزب التحرير والجهاد والقاعدة.
ولن تهدأ نفسي وترتاح حتى تستأسد الدولة ويُسنّ قانونا يحمي الليبراليين الشرفاء بكافة تياراتهم من الهجوم السلفي عبر شرائط الكاسيت ودعاوى الحسبة والقرصنة عبر الإنترنت ومضايقة الآمنين في بيوتهم عبر القنوات الفضائية وفي وسائل المواصلات العامة. وحتى تحرر مصر أرض الحضارة والتقدم الزكيّ كاملة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيطاليا: تعاون استراتيجي إقليمي مع تونس وليبيا والجزائر في م


.. رئاسيات موريتانيا: لماذا رشّح حزب تواصل رئيسه؟




.. تونس: وقفة تضامن مع الصحفيين شذى الحاج مبارك ومحمد بوغلاب


.. تونس: علامَ يحتجَ المحامون؟ • فرانس 24 / FRANCE 24




.. بعد لقاء محمد بن سلمان وبلينكن.. مسؤول أمريكي: نقترب من التو