الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ارهاصات رحلة.. لنشوة الهذيان

سعيدة لاشكر

2008 / 11 / 7
الادب والفن



وقفت بين مفترق طرق..

أتحدي؟.. أم استسلام؟

ولأن طبيعتي تهوى المغامرة.. حملت معي من الزاد.. ما يكفيني الدهر..

و.. وانطلقت.. نحو الأقاصي.. نحو حلم طالما داعب الجفن.. طالما جذب العين.. فأشعل البريق.. واتسعت به مساحة البؤبؤ..
أخير أًًُتخد القرار الصارم.. سأنطلق مع طلوع القمر..

جهزت حقيبتي.. خزنت فيها ما سأحتاجه فقط.. عدة أسناني.. معجون بنكهة النعناع.. به أنظف مسامي من الغبار.. وفرشاة رطبة.. تزيح ما علق بذهني من بقايا استسلام.. ثم ملابسي تلك التي من ماء..إذ مقصدي ليس به لا حر.. لا برد ولا جفاء.. وبزاوية الحقيبة.. غرزت كومة هواء..أكيد ستفيدني حين غوصي في الصحراء.. ثم أغلقتها.. ياااه نسيت.. توجهت للأدراج حملت بعض هواياتي الصغيرة.. وأودعتها الحقيبة.. ماذا بقي .. أجل كتبي المفضلة.. تلك التي من ذكريات.. وقلمي..ذاك القلم من كريات.. حمراء وبيضاء..

ارتديت معطفي .. وقبعة على جانبها خيط أحمر.. رَسَمَ وردة.. حملت حقيبتي .. فتحت الباب.. لأخرج من منزل القيد.. لأفق الغد..

سرت كثيرا.. اجتزت البلدة تلو البلدات.. الغابة تلو الغابات.. أخيرا لاح لي فلاح يشذب أرضه.. توجهت نحوه بالصبر.. ألقيت السلام.. وسألت:

- أيا ترى تفيدني إن سألتك.. أظنني ظللت طريقي.. فأين هي وجهة أرض البوح؟
- أرض ماذا يا بنيتي.. لم أسمع بها يوما...
- ياللأسف..
- منذ الأزل وأنا أشذب أرضي هذه.. تطلعي رؤؤس الأطفال بدأت تينع.. لكني لم أسمع بأرضك تلك.. تعالي معي للكوخ.. عل زوجتي تعلم عنها..
- حسنا.. أي شيء قد يفيدني.. لأبدأ مسيرتي..
واصلنا السير .. إلى أن بلغنا الكوخ .. تناهت للقلب رائحة قهوة طيبة.. دخلنا .. رحبت بي الزوجة بحبور.. قدمت لي الفنجان.. وبدأت تتحدث بعد أن نقحناها السؤال..
بين حديث موجه لي وآخر لنفسها وكذا ذكريات مبعثرة.. أجادت:
- دعيني أفكر.. وكأني سمعت عنها قبلا .. ربما أبي.. لا هو جدي من كان يحكي لنا عنها.. قال أنها أرض خاوية يسكنها من الناس القليل.. زهاد .. صفوة مختارة..
- أجل أجل هي بالفعل..
- لكن دعيني أتذكر.. لم يحدد موقعها بالظبط.. قال فقط أنها ربما تحت أعماق البحر.. أم بين السحب.. في السماء.. أم أنها في الغابة.. حيث موطن الطيور..
لكن لمَ تبحثين عنها ؟؟ لا تقولي يا طفلتي أنك تريدين السكن بها.. أولا تعلمين؟ قالت جدتي أن من سكنها ملعون.. ملعون.. وأن من زارها وغادر مرجوم.. مرجوم.. ومن شرب نسماتها مرفوض.. مرفوض.. ومن أكل ترابها هو مهزوم.. مهزوم..
- لكني حلمت بها أبد الدهر.. تمنيت زيارتها طول العمر.. تمردت على كل الحياة..انتظرت من الزمن قرون.. ونيف.. لأتمكن بلوغها لأجلها احتملت حروق النحل.. ولسعات الجمر..
- لا أدري ما أقول لك..
- لا تقولي شيئا .. أوصليني فقط جادة طريقها السريع..
- طيب تعالي معي للسطح.. علنا نرى بوارد الطريق من العمق..
صعدنا الدرجات تلو الدرجات..الدور تلو الأدوار.. إلى أن بلغنا السطح الجبار..
سألتها:
- لمَ هذه الأزهار نافقة؟.. وهذه الأسماك ذابلة؟.. و تلك المروج فارغة؟.. والأنهار.. لم هي قاحلة..؟؟
- هذه مهمتك أنتِ من الآن .. أن تجعلي الأزهار حية.. بزعانف تتنفس حتى في البر.. أن تجعلي من الأسماك الزاهية.. تبتي فيها العطر.. ترمميها شذى وألوان.. والمروج املأيها ماء من هواء.. والأنهار اسقيها بالنبض لتحصدي الثمار..
- لكني لا أدري كيف ..
- حقا لا تدرين كيف؟ قالت أمي أن من أحبها وحلم بها تصطفيه لذيها.. فتمنحه مفتاح يلج كل باب.. ويفتح كل سرداب.. تمنحه موهبة الدخول كل مجلس أكان مجلس صمت أم كلام.. مجلس بشر.. ام غاب.. يحادث الحيوانات يغازل الأزهار.. يناطح النباتات.. يهاجم الألوان..يتصارع والنسمات فيُقتلُ ويموتُ.. وأيضا قال أبي أنها تمنحه عديد حيوات.. فيرجع للحياة مهما مات..
- جميل هذا الكلام.. سأتذكره كلما دنيت من الأرض قاب..
- هي دي بداية الطريق..من ذاك الهامش.. ابدأيها سلام .. أسلكيها صبر.. أغمريها حب.. بثيها ثعب..اجمعيها هيام.. انشريها سلام وأكيد ستصلين أرض البوح بسلام...

والسلام عليكم .. يا سكان أرض البوح.. بلغتكم بسلام..

من مذكراتي.. الهذيااان








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أمسيات شعرية- الشاعر فتحي النصري


.. فيلم السرب يقترب من حصد 7 ملايين جنيه خلال 3 أيام عرض




.. تقنيات الرواية- العتبات


.. نون النضال | جنان شحادة ودانا الشاعر وسنين أبو زيد | 2024-05




.. علي بن تميم: لجنة جائزة -البوكر- مستقلة...وللذكاء الاصطناعي