الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يجب أن ننظر الى الماضي بغضب..

هادي الخزاعي

2004 / 2 / 28
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


               العنوان أعلاه أستعرته من عنوان مسرحية " أنظر الى الماضي بغضب ", كاتبهــــــــا أمريكي لايحضرني أسمه مع الأسف. توشم العنوان ذاكرتي بعد أن كرس لنا نحن طلبة الصف الثاني بقسم المسرح في معهد الفنون الجميلة ببغداد, أستاذنا المرحوم قديس المسرح العراقي(بهنام ميخائيل), محاضرة عن تلك المسرحيه. كان ذلك منذ قرابة 34 سنة. ومنذ ذلك التأريخ والعنوان يغريني بتأمل ورصـــد الظواهرقبل أن تتحول الى ثوابت أو تتلاشى ـ  أجري التأمل والرصد بحدود أمكاناتي وقدراتي طبعا ـ كي أخضعها بعد أن يقتضي الحال الى المعاينة لأقايس,أحايين بموضوعية وأخرى بميل, بين
ما كان وما صار,مبتعدا قدر ما أمكن عن عشوائية التقييم, معتمدا حكمة جازتني بها معارف الأنسان المتراكمة,التي تقول,ان حركة التاريخ لا تسير بشكل مستقيم أبدا, ولكنها تسيربحركة حلزونية,بمعنى أن الأحداث والظواهر, يمكن  لها أن تتكررأو تتوالد, فالزمن ولود, حتى بالتوائم من الأحداث. تقودني المقايسة هذه ألى أحتكام ,أن هل أنظر الى الماضي,ذلك الماضي المخضب بالفواجع بغضب دون أن أتأمله,أم أخضعه لقانون السببية,كي يمكن أجتناب نقائض توئمة الأحداث ومخاطرها المفجعة,أم أتعاطى بكلا الموقفين. كثيرمن مشاهدي التي أخضعتها لمقايستي تلك كان قانون السببيه يمنحني  صواب الرؤيه ـ الرؤية غير الرؤيا ـ كي أتجنب ما يؤدي بي الى اعادة أنتاج دورة الأخطاء وفواجعها,وفي ذات الوقت,يلزمني ويقتضيني اليقين,أن أنظر الى ما كان سيئا بكل الغضب الذي أملك.أن هاتين المعاينتين متلازمتين وملزمتين عند تأمل اللوحة العراقية العامة. 
فالمشهد العراقي الأن, السياسي, الأجتماعي, الثقافي, الديني,العرقي,هو طيف وطني يكاد أن يكون نقيا لولا بعضا من تلك الشوائب التي تسربت عبر موشور التصفية المعطل بسبب الأحتلال وحنق الجيران وظلامية الأخوة الأعداء. هذا الطيف أو المشهد يمر بحلزونية التأريخ, فالعراق بكل الصخب الذي يعيشه الأن يمر بنفس المسار الذي مر به أبـان ثورة العشرين المجيده, وكذلك أبان أرهاصات ونتائج أرهاصات ثورة 14 تموزالخالدة.. نكون أو لا نكون.. تلك هي المسأله,هذه حكايتنا التي نريد, حكاية العراقيين التي لا يراد لها  أن تنتهي,وأن يبقى نسيجها مفتقدا لتلك الخيوط الورديه التي تعطي لون الورد, الذي هو هوية الجميع.  عظمة ثورة العشرين أنها لم تكن محتكرة من أحد أو جهة, وما زاد من عظمتها أنها شملت كل العراق بتوالي وطني عارم ســــــاهم فيه العربي والكردي والتركماني والكلداني والآشوري,المسلم والمسيحي والمندائي والأزدي والشبكي واليهودي, لقد كان نهوضا سياسيا عراقيا شاملا, أيقظته ذاكرة التأريخ ووحدة الجغرافيا كمارد لايرد, ولولا ورقة الأستغفال التي مارسها المحتل الذي يتكرر والذي كان قد أدعى  مثلما يدعي الأن, بأنه دخل العراق محررا, لما جرى طحن العراقيين وذبحهم بسكين مثلوم, ولما سالت دماؤهم بهذه الغزارة,ولما سرق تأريخهم جهارا نهارا, وأهدر حاضرهم حرقا وأمام عيونهم, فهلا نحتكم؟!
ولما كانت ثورة 14 تموز , كانت نتاج وعي أجتماعي وســـياسي حداثي لم يكن لحلزون التأريخ العراقي ســــابقة به, فقد دوت من جديد صــرخة نكون أو لا نكون, فهاج العـــــــراق وماج وألتحم الكف بالكف, وأنفتــــــــح القلب للقلب,وصرخ العراقيون بقوة ملايين الحناجرالظامئة للعدل,نريد أن نكون.  ولما أخذ الناس ينسجون حكاية ثورتهم , حكاية العراق, منذ الخل الذي أراد  لخله الخلود والوجود, أستجاب الهواء والماء, وأخضر الفضاء, وأنا العراق أو القيامه..عراق يا عراق يا عراق..أنا العراق أو القيامه!
ولكن أصاب الثورة الأنتكاس,وصارت للقتلى والشهداء قوائم.. قبور متخمة بالأجساد..أنزوت كل ألوان الطيف والفسيفساء.. لماذا؟! ألا يراد للعراقييـــن أن يكونوا؟!أم أن العراقيين تناسوا أن يقايسوا, فلم يحتكمـــــــــــوا؟!أم..أم ان لصوص خيوط نسيج حكايتنا الوردية التي لم تكتمل, خرجوا من قمقمهم كما يخرجون الأن, كشياطين وعفاريت الف ليلة وليله وسرقوا تلك الخيوط, كي لا تكتمل الحكاية الوردية التي يريد أن يكملــــوا نسيجها بنــوا العـــراق.    نحن بنوك يا عراق.. نحن الذين آمنا بك تربة وقيامه, نســــتصـــــرخ الذين
وليناهــم أو ولوهم أمر العــــراق وأمرنا, أن يحبوك بكرة وأصيــــلا.. وأن  نستذكر,أن عراقنا مر بما يمر به الأن فتضرج بالدم والفواجع,وأن  الأفعى
التي أبتلعت حلم كلكاكش بخلود سومر, تقترب الأن من حلمنا بالحياة وهــي
فاغرة فاها لتبتلعه وتبتلعنا تأريخا وجغرافيا.. فهلا نحتكم؟!
لنتواصا بالعراق شعبا وأرضا, وألا ستطحننا حلزونية التأريخ وهــــي تعيد  أنتاج التوائم..الأحتلال واالثورة التي أكلت  أبنائها والأنقلابـــات التي أكلت أبنائها وأبناء الأخرين ناهيك عن حمامات الدم التي أبتلعتها المقابر الجماعية والثاليوم وأحواض التيزاب والزنازين دائمة العتمة.   
        








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تحذير من إدارة الطيران الأميركية بسبب -عيب كارثي- في 300 طائ


.. استشهاد 6 فلسطينيين بينهم طفلتان إثر قصف إسرائيلي على منطقة




.. كيف سيكون رد الفعل الإسرائيلي على إعلان القسام أسر جنود في ج


.. قوات الاحتلال تعتقل طفلين من باب الساهرة بالقدس المحتلة




.. شاهد: الأمواج العاتية تُحدث أضراراً بسفن للبحرية الأمريكية ت