الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة في مدونة يوميات إنسان

إبتهال بليبل

2008 / 11 / 9
الادب والفن


إنسانة عراقية مهمومة بالوجع العراقي ، تعبر في مدونتها عن صبرها وتوقها لإطلالة يوم جديد ، تتخذ من الليل مخلوق وتحاكيه بشفافية عالية لتقول له ( وأنت أيها الليل !!..محراب العابدين ..وصومعة المبتلين ..وسمير العاشقين ..وأنيس المسافرين ) ... لتحاول أخبارنا من خلال مدونتها ، عن طيرانها بوصف الهم اليومي ، الواقع الرتيب ، تجعل كل من يقرأ مدونتها يحلق في أجواء المكان والزمان الذي تصفهُ ، بالطيران ، على أيامنا المتكررة ، لأن الإنسان لم يجد فقط ليسير على الأرض ، ويقف ينتظر قطار الأيام يمر عليه فقط ، بل أنه يستطيع الطيران أيضاً ، وكل ما في هذا الكون يحاول دائماً أن يمنعنا من الطيران والتمتع بالتحليق ، وان كل الأنظمة الاجتماعية والمعوقات اليومية ما هي إلا كحزام آمان ، تلجمنا باستمرار بواقع لا نستطيع فيه الطيران ، لكننا نجد في مدونتها إنسان يقرر الطيران ، نحو إطلالة فجر يوم جديد لتقول ( أخذني الخاطر الذي كاد أن يغفو عند إطلالة فجر يوم جديد ..بعيداً إلى كل من حُرم من هذا الجو المنعش - على الرغم من قسوة أن تفقده بعد انقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة ..فتعود لتعاني الحر مرة أخرى والأقسى من حرمانه بالمرة أن تعقد تلك المقارنة التلقائية في نفسك قسراً بين قبل وبعد !!..والإزعاج الحاصل من الانتقال بين وضعين مختلفين تماماً ,أضف إلى هذا كله تلك الإمراض التي تأتيك من تغير درجات الحرارة المفاجئ والمتكرر يومياً من رشح وزكام وغيره ، عندها ستدرك إننا في النعم ليس متساوون ..نعم هناك الكثير من الناس من يفقد ما أنت فيه من نعم وقد تتحدث عن شيء بتأفف بينما الأخر ينصت إليك بحيرة فيها الشيء من الحسرة ..على ما أنت فيه من حال ..وقد تراه يتمم في سره " شوف البطران اشلون يحجي ؟! ..عباله كل الناس مثله في خير ونعمه..!!"هنا نجدها ، يركض الدم في جسدها وتحس بملايين الانفعالات لتثبت للجميع بأنها رغم المعانات فأنها حية فعلاً ، لتؤكد أن الكثيرون يولدون ويموتون دون أن يعيشوا خلال مكوثهم الطويل يننا حتى ولو كانت لثواني ...
في مدونة ( يوميات إنسان ) تجسد الكاتبة حقيقة الموت من خلال عجائز أيام زمان ، وكيف أن الإنسان الحالي يجوع إلى التحليق عن أرض المكرسات التقليدية والواقع الموروثة ، لتذكرنا بعشاء الأموات وتقول (من الأشياء التي علقت في بالي ومازلت اذكرها بوضوح ..إخراج ما يسمى بعشاء الأموات ،هي سفرة صغيرة متواضعة لا يغلب عليها التنوع في أطعمتها تخرجها عجائزنا من طعامها وخاصة فترة العشاء ..تعطى للمحتاج من فقير أو مسكين أو يتيم أو ابن سبيل ، الحاجة بهية حرصت طوال عمرها أن تعطي عشاء الأموات وكل يوم لمستحقيها. اذكر في أحد المرات أرسلتني بصينيتها الصغيرة التي احتوت بعض من طعام عشائها لجيرانها من الأخوة العمال العرب المغتربين ..إذ أُخبرت أنهم مقطوعون عن بلدهم ..لم تكن ترسل هذا الطعام ثواب على روح ابنها الذي مات شاباً بل على روحها هي !!! إذ كانت تعتقد أنها أولى بان تخرج من رزقها الذي كانت تكدح لكسبه في عملها المتواضع في بيع حاجات نسائية بسيطة ..أي نعم كان تقول " اطلع عشاء الأموات على روحي ...جائز بعد ما أموت ما يذكروني بناتي وأولادي .."
ربما من أسطر هذه الإنسانة العراقية نتعرف على حكمة رائعة وهي أن الحب وحده هو تذكرة سفر إلى عوالم أخرى وأقصد بها هنا عوالم تتحدث عن تاريخنا الشعبي وتقاليدنا ، وكما قيل يوماً ، أن جسد الحبيب قاربه وذراعاه مجدافه ، وككل الرحلات قد يتحطم الشراع وتتعطل البوصلة ويلتهب الكوكب ويستيقظ بطلها ، وقد هوى من شاهق محطماً عائداً إلى مستنقع الحياة اليومية ، لكنها رحلة تستحق المغامرة ، وقد يحيا خلالها ، هو لا ، أسمه ، في سجلات التاريخ ، أكثر بكثير مما نتوقع ...
ليظل الإنسان يحلق في يومياتهُ بطريقة عتيقة ، و هي طريقة ( الحب ) والتي هي أثمن تجربة إنسانية يمكن للإنسان أن يمر بها ، لكن ، هل يا ترى يُحسن المرور من خلالها ويمتعض منها ؟؟؟ أم يخرج منها كمن لم يدخل إليها بتاتاً .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غياب ظافر العابدين.. 7 تونسيين بقائمة الأكثر تأثيرا في السين


.. عظة الأحد - القس حبيب جرجس: كلمة تذكار في اللغة اليونانية يخ




.. روبي ونجوم الغناء يتألقون في حفل افتتاح Boom Room اول مركز ت


.. تفاصيل اللحظات الحرجة للحالة الصحية للفنان جلال الزكى.. وتصر




.. فاق من الغيبوية.. تطورات الحالة الصحية للفنان جلال الزكي