الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اوباما ، كان لا بد منه

حميد كشكولي
(Hamid Kashkoli)

2008 / 11 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


هكذا، و أخيرا، أصبح باراك اوباما ، الرجل الأسود ، سيد البيت الأبيض الأمريكي. إنه التغيير الحقيقي بل الايجابي ومكسب مهم للمستضعفين، ولو شكليا، الذين كانوا يتعرضون للتمييز والتفرقة العنصرية بكل أنواعها ، في أمريكا . لأول مرة ينرشح رجل أسود لانتخابات الرئاسة ويفوز بها، و لأول مرة أيضا امرأة تترشح للرئاسة في الولايات المتحدة ، وهي هيلاري كلينتون.
لقد كان الناخبون، كما ألفنا دوما، محصورين بين خياري السيئ والأسوأ ، فأرباب الثروة و النفوذ من أصحاب الشركات و الاحتكارات العالمية ، و تحت الضغط من الأسفل ، أي الضغط الجماهيري ، وحقائق الأزمات الداخلية ، والسياسة الخارجية ، رشحوا شخصين لن يخرجا عن دائرتهم ، ولن يتجاوزا خطوطهم الحمراء، ليصوت عليهما المواطنون .
فالطبقة الحاكمة في الولايات المتحدة الأمريكية لها وسائل أعلامها ، وتكتيكها الخبيث، وشعاراتها البراقة ، لتضليل الجماهير وإلهائها عن مشاكلها الحقيقية ، ومصالحها ، فتصبح أمام خيار وحيد وهو " أن عليهم أن يقبلوا في هذه الأوضاع الحساسة الخيار بين السيئ والأسوأ" . كما تستمر الميديا البرجوازية تنهال على رؤوس المواطنين دافعي الضرائب ،بمطرقة " لو يقاطع الناس اليوم هذه الانتخابات ، فيخسرون غدهم أيضا حيث تسوء الأوضاع أكثر ، لذا فلابد لهم من القيان بعمل ما اليوم وليس غدا". لهذا لم يكن غريبا ان يصوت رموز وشخصيات اليسار التقليدي والقومي مثل الفنان الشهير بوب ديلان لاوباما. و لم يكن عجيبا أن يصرح رئيس حزب اليسار السويدي بعد الاعلان عن فوز اوباما بأن 8 سنوات من المآسي قد انتهت.
و الإعلام الامبريالي لا ينفك يجلد المواطن العادي الذي يكد في سبيل تأمين خبز العيش ليومه ، وليس لغده، دافعا إياه إلى نفق الخيار الوحيد ، وفق كذبة " حق المواطن في تقرير سياسة حكومته و تأمين مستقبله , مستقبل أولاده. وإن غاب عن الانتخابات ، سوف ينتهز العدو الفرصة للفوز" ويتم أيضا تصوير العدو ، على شكل ابن لادن ، و الإسلام والشيوعية . و إن ما يساعد الإعلام البرجوازي تلك الغريزة المتوارثة من العصور السحيقة، والتي كانت سر ّ بقاء البشر طوال آلاف السنين، وأشعرتهم بالأمن والأمان.
إن السلوك البشري الجمعي يشبه في أحيان كثيرة غريزة القطيع الحيواني، إذ تبدر من الجماعة البشرية ردود فعل غريزية موروثة من الحياة البدائية. غزالة في القطيع المتجمع عند نبع، أو ساقية، تقفز، أو يستفزها صوت غريب، فتطلق بقية الغزلان و المعزى البرية سيقانها للريح مرعوبة بدون أن تتأكد من حقيقة الخطر المتخيل.
مثل تلك المشاهد نألفها عند الجماعات البشرية أيضا، وخصوصا حين يفتقدون إلى وعي، وتنظيم علمي حديث، ويكونون على وعي طبقي مشوه. فسلوكهم في هذه الحالات غريزيا، فهم يحدقون في بعضهم البعض مذهولين، ينتظرون علية القوم، أي الطبقة الحاكمة، كيف يلعبون بمصيرهم ، ويرسمون مستقبلهم.
ليست ثمة طرق أو أساليب لقياس درجات العنصرية، إذ أن عوامل " لون البشرة" والعنصرية الخفية والمكشوفة في لحظات الاقتراع حقائق لا يمكن إنكارها في المجتمع الأمريكي. فهذه العوامل أصبحت على المحك مرة أخرى في الانتخابات الأمريكية. وإن الديمقراطية الأمريكية ديمقراطية تمثيلية مرفوعة إلى قوة اثنين، بسبب أن المواطنين لا يملكون قرارهم وعليهم الانتظار أربع سنوات بانتظار التغييرات في الوجوه ، وأنهم في كل أربع سنوات يتغير ممثلوهم الذين يصدرون قرارات باسمهم ، ويحددون مستقبلهم ومستقبل الأجيال القادمة أيضا. وإن الديمقراطية الأمريكية ليست مبنية على رأي الأكثرية الناخبة . فعدد نواب كل ولاية أمريكية يحسم نتيجة الانتخابات الديمقراطية.
فالفائز بأكثرية الأصوات في كل ولاية يفوز بكل الأصوات فيها . والفائز ليس بالضرورة هو الحاصل على النسبة الأعلى من أصوات الناخبين من مجموع الأصوات في كل البلاد.
وإن ما يحسم نتيجة الانتخابات هو أكثرية أصوات مندوبي الولايات المختلفة في الولايات المتحدة . أي أن الفوز يعني 270 صوتا من مندوبي الولايات ، لا أكثرية أصوات المقترعين في صناديق الاقتراع. إن حقوق العمال و السود والنساء في التصويت والترشح هي مكاسب تحققت اثر نضال حركات المجتمع المدني و الاشتراكية و تم فرضها على الديمقراطية الأمريكية فرضا.
إن اوباما أو أي مترشح آخر لانتخابات الرئاسة في أمريكا، بغض النظر عن اختلافهم في لون البشرة و الاتنية والدين ، لا بد أن يمثل مصالح الطبقة الحاكمة في مواجهة الطبقة العاملة وجماهير الكادحين. فالفروق ليست جوهرية ، ولا شك أنها تعتبر نزعات متنوعة في طبقة واحدة. لقد تعب المواطنون الأمريكيون من سياسة إدارة بوش والمحافظين الجدد في كل الميادين. لذا تولد التفكير في التغيير .
أما حديث التغييرات في السياسة الأمريكية فحقيقة واقعة، سواء داخليا أو خارجيا. فالمستنقع العراقي يمثل ركنا أساسيا من تلك الحقيقة. وفشل سياسة المحافظين الجدد " النيو كون" الاقتصادية والمالية المتمثل في الأزمة المالية والاقتصادية فرضت تغيرات على سياسة الدولة واتخاذ إجراءات لحماية البنوك والشركات الرأسمالية من الانهيارات الكلية. وتراجع أمريكا عن مركزها كقوة عظمى وحدة ، وزعيمة القطب الامبريالي . فالطبقة الحاكمة تضع أملها ورجاءها في اوباما لاسترجاع مواقعها السابقة. لكن الحقيقة أن أمريكا ، وأية قوة امبريالية لم تعد وحدها تتحكم بمصير العالم، فأن أوضاع المجتمع الأمريكي ، و مركز أمريكا هي نتاج الصراعات المختلفة في الكون ، وأن الحركات المناهضة للحروب ، و اليسار والحركات الاشتراكية أصبحت عاملا للضغط والتأثير على السياسة الدولية والعلاقات بين الدول.
2008-11-05








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. روسيا والناتو.. المواجهة الكبرى اقتربت! | #التاسعة


.. السنوار .. يعود للماطلة في المفاوضات|#غرفة_الأخبار




.. مطار بيروت في عين العاصفة.. حزب الله وإسرائيل نحو التصعيد ال


.. مظاهرة في شوارع مدينة مونتريال الكندية دعما لغزة




.. مظاهرة في فرنسا للمطالبة باستبعاد إسرائيل من أولمبياد باريس