الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


21 سنة من الاستبداد والفساد

حزب العمال التونسي

2008 / 11 / 8
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


يحتفل بن علي وفريقه يوم 7 نوفمبر 2008 بمرور 21 سنة على استيلائه على الحكم. وكالمعتاد تـُصرف بهذه المناسبة المبالغ الطائلة من المال العام على اللافتات والأعلام والصور المعلقة في كافة أنحاء البلاد وعلى الندوات والحفلات والمهرجانات التي تمجّد هذا "الحدث"، بينما توجد حاجة ملحّة إلى أن تُصرف تلك المبالغ وغيرها ممّا يُنفق في مثل هذه المناسبات لإيجاد مواطن شغل أو موارد رزق لمستحقـّيها من أهالي الرديف والمظيلة وأم العرائس والمتلوي وغيرها من مدن تونس وأحيائها المُفقّرة، أو في تحسين أجور العمال والكادحين الذين يكتوون يوميا بنار غلاء الأسعار أو في بناء مستشفيات وتجهيزها للاستجابة لحاجات المرضى أو في إقامة مدارس أو كليات جديدة للحدّ من الاكتظاظ أو حتى في توفير اللوازم الضرورية لما هو موجود منها، إلخ.

ولكنّ اهتمام بن علي ليس منصبّا على مشاغل الطبقات والفئات الكادحة والفقيرة بل على الحفاظ على نظامه ومحاولة تجميله عبر الدعاية الممجوجة والمُكْلِفـَة. فقد كان ردّه على احتجاجات الحوض المنجمي أن بعث إليهم بالآلاف من أعوان البوليس للتنكيل بهم واعتقال خيرة أبنائهم الذين دافعوا عن مطالبهم المشروعة وتعريضهم للتعذيب والإهانة وسوء المعاملة والمحاكمات الجائرة، وفي ذلك رسالة إلى ملايين الفقراء والمهمّشين بالتزام الصمت وإظهار الولاء. أما العمال والأجراء، فالمفاوضات الاجتماعية التي كانوا يأملون أن تخفف نتائجها من الانهيار المستمر لمقدرتهم الشرائية، لا تزال مجمّدة والحكومة التي تغدق التشجيعات المالية والجبائية على أصحاب رأس المال وعلى المقربين من القصر، تبخل عليهم بزيادات طفيفة تغطي على الأقل نسبة التضخم التي تحددها هي على هواها. ولا يعرف التدهور الذي يضرب قطاعات الصحة والتعليم والسكن حدّا منذ أن تخلّت عنها الدولة تدريجيا لفائدة الخواص وحوّلتها إلى مصدر للربح وهو ما أدّى إلى ظهور نوعين من الخدمات، واحدة راقية للأغنياء والأثرياء وأخرى متواضعة أو رديئة للفقراء.

إن 21 سنة من حكم بن علي ومن سياسته الاقتصادية الرأسمالية التابعة لم تخدم سوى مصالح الأقلية المحليّة المحظوظة والشركات الأجنبية النهّابة التي تسنده بينما لم تجن منها الطبقات والفئات الشعبية غير التدهور المستمر لظروف عيشها: مئات الآلاف من العاطلين عن العمل من بينهم أعداد غفيرة من أصحاب الشهادات العليا (14/15% من السكان النشيطين)، تدهور المقدرة الشرائية (أكثر من 20% بالنسبة إلى أصحاب الأجر الأدنى مقارنة بأجور 1983) تراجع الحصة الراجعة للطبقة العاملة من الناتج الداخلي الخام بنقطة ما بين 2002 و2006 (من 38% إلى 37%) تزايد الضغط الجبائي على العمال والأجراء (ارتفاع المساهمة في الضرائب من 13% من الأجر الخام سنة 1983 إلى أكثر من 20% حاليا). ويرتبط هذا التدهور الاقتصادي والاجتماعي للكادحين باشتداد القمع المسلط عليهم والإمعان في إقصائهم عن أي مشاركة في الحياة العامّة.

إن بن علي لمّا استولى على الحكم عام 1987 أعلن في البيان الذي ألقاه بالمناسبة (بيان 7 نوفمبر) "أن لا مجال في عصرنا للرئاسة مدى الحياة" فإذا به يتلاعب بالدستور ليقضي إلى حدّ الآن 21 سنة في الحكم وهو يستعدّ لتنظيم مهزلة انتخابية في العام القادم تمكّنه من البقاء على رأس الدولة 5 سنوات أخرى مكرّسا بذلك الرئاسة مدى الحياة التي ادّعى أنه جاء لوضع حدّ لها وفتـْح الباب للتداول الديمقراطي على السلطة. كما أنه أعلن "أن شعبنا جدير بحياة سياسية متطورة ومُنَظـّمة تعتمد بحقّ تعددية الأحزاب السياسية والتنظيمات الشعبية"، فإذا به يدمّر الأحزاب والجمعيات والمنظمات المستقلة ويدجّن الصحافة الحرة ويقيم ديكورا ديمقراطيا لا دور له غير التسبيح بحمده مقابل بعض الرّشاوى.

وإلى ذلك فقد أعلن أنه حريص على "إعطاء القانون حرمته" وأن "لا ظلم ولا قهر في عهده" فإذا بهما يستفحلان ولا ينجو منهما أحد تقريبا، وإذا بتونس تتحوّل إلى سجن كبير ناهيك أنه من الصعب أن توجد عائلة تونسية لم يشملها القمع خلال الـ21 سنة الأخيرة. ولا تزال السجون إلى اليوم تعجّ بالمعتقلين السياسيين من مختلف النزعات الفكرية والسياسية، من الشبان المحالين أو المحكومين بمقتضى "قانون مقاومة الإرهاب" سيّء الصيت، ومن قيادات الحركة الاحتجاجية ونشطائها بالحوض المنجمي ومن مناضلي الاتحاد العام لطلبة تونس [1]. كما أن التعذيب تحوّل مع بن علي إلى ممارسة منهجية أودت بحياة العشرات من المعتقلين لأسباب سياسية. وبشكل عام فقد غاب القانون في تنظيم الحياة العامة وعوّضته التعليمات. كما أخضع القضاء للسلطة التنفيذية أو بالأحرى لبن علي إخضاعا تامّا لتصفية الخصوم السياسيين والغاضبين بسبب أوضاعهم الاجتماعية المتردية وهو لم يتردّد في قمع كل نزعة استقلالية يبديها القضاة النزهاء.

وجاء في بيان 7 نوفمبر أيضا أن "لا سبيل لاستغلال النفوذ أو التساهل في أموال المجموعة ومكاسبها" فإذا بالفساد يعمّ المجتمع وإذا بأفراد العائلة والأصهار والمقربين يضعون أيديهم على خيرات البلاد وثرواتها. ولم تسلم من نهبهم لا المنشآت العمومية، صناعةً وخدمات، ولا الأراضي الفلاحية ولا البنوك ولا المواقع الأثرية ولا حتى الأملاك الخاصة للمواطنين، وهُمْ يُحْظَوْنَ بالحماية من الإدارة والبوليس والقضاء. كما جاء في نفس البيان أن بن علي سيتحمّل مسؤولية صيانة استقلال تونس فإذا بها تغرق في المزيد من التبعية، وتسقط في نوع من الاستعمار الاقتصادي المباشر (85% من رساميل الشركات والمؤسسات العمومية المخوصصة يمتلكها أجانب). وكلما اشتدّ الاستبداد بالشعب وتفاقم الفساد وازداد نظام الحكم ارتماء في أحضان كبريات الدول الامبريالية وانخراطا في سياساتها ومشاريعها المعادية لمصالح الشعب التونسي والشعوب العربية عامّة (التطبيع مع الكيان الصهيوني، تأييد الحرب على العراق...).

تلك هي نتائج 21 سنة من حكم بن علي: قمع واستبداد واستغلال وفساد وتبعية. وهو يريد اليوم البقاء في الحكم لتأبيد هذا الوضع ومزيد إلحاق الضرر بالشعب والوطن لفائدة حفنة من الاستغلاليين والنهّابين المحليين والأجانب. وقد آن الأوان كي يقول الشعب التونسي: "كفـى"، ويتصدّى لتدهور أوضاعه وأوضاع بلاده فهو جدير حقا بنظام ديمقراطي يتمتّع في ظله بكامل حقوقه السياسية بما فيها حقّه في اختيار من يمثله ومن يحكمه عبر انتخابات حرّة ونزيهة. كما أنه جدير بنظام اقتصادي واجتماعي يحقق له حاجاته الأساسية وفي مقدمتها الشغل والعلاج والتعليم المجانيان والمسكن اللائق، وللبلاد تحرّرها من هيمنة الشركات والدول الأجنبية ومن قبضة عملائها المحليين.

إن المسؤولية تـُلقى اليوم على عاتق قوى التغيير الحقيقية من أحزاب وجمعيات ومنظمات مدنية ومهنية وشخصيات مستقلة كي تكتّل صفوفها وتسلـّح الشعب التونسي بالبرنامج الذي يفتقده وتوفر له الأطر التي تحتضن نضاله خصوصا وأن النضال العمّالي والشّعبي يشهد اليوم نهوضا يبعث على التفاؤل وينمّ عن رغبة حقيقية في التغيير وإذا ما وحّدت المعارضة صفوفها فستكون قادرة على تطوير هذا النضال وعزل الاستبداد ومنعه من مواصلة التلاعب بالإرادة الشعبية وتعبيد الطريق نحو التغيير المنشود. وأمامها فرصة الانتخابات الرئاسية والتشريعية القادمة كي تقول "كفى رئاسة مدى الحياة، كفى حكما فرديّا مطلقا، كفى تزويرا، كفى ديكورا ديمقراطيا، كفى انتهاكا للحريات، كفى نهبا لخيرات البلاد وثرواتها، كفى فسادا، كفى اعتداء على قوت الشعب".

- من أجل إطلاق سراح كافة المساجين السياسيين وسنّ العفو التشريعي العام
- من أجل وضع حد لممارسة التعذيب ومحاسبة المسؤولين عنها أمرا وتنفيذا
- من أجل ضمان حرية التعبير والصحافة والتنظّم والاجتماع
- من أجل انتخابات حرّة ونزيهة على كافة المستويات
- من أجل قضاء حرّ ومستقلّ
- من أجل صيانة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للجماهير الشعبية
- من أجل محاسبة المسؤولين عن الفساد ومصادرة أملاكهم

حزب العمال الشيوعي التونسي
6 نوفمبر 2008
[1] وقع تسريح الدفعة الأخيرة من مساجين "حركة النهضة" يوم أمس، 5 نوفمبر 2008، بعد أكثر من 17 سنة من السجن حسب بيان أصدرته الحركة.










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل تسعى إسرائيل لـ-محو- غزة عن الخريطة فعلا؟| مسائية


.. زيلينسكي: الغرب يخشى هزيمة روسية في الحرب ولا يريد لكييف أن




.. جيروزاليم بوست: نتنياهو المدرج الأول على قائمة مسؤولين ألحقو


.. تقارير بريطانية: هجوم بصاروخ على ناقلة نفط ترفع علم بنما جنو




.. مشاهد من وداع شهيد جنين إسلام خمايسة