الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أمريكا والاحتلال ومستقبل بلادنا بعد فوز أوباما

أحمد الناصري

2008 / 11 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


انتهى مهرجان وصخب الحملة الانتخابية الأمريكية الاستثنائية، وعاد المتنافسون وطواقمهم، الى مهامهم وعملهم القديم أو الجديد، كل حسب موقعه ووضعه الجديد، ورحل الصحفيون الذين غطوا الحملة الانتخابية الى بلدانهم ومؤسساتهم وعملهم السابق. وتبخرت الأموال الطائلة وذهبت أدراج الريح، وراحت السكرة وجاءت العبرة، وسقط ماكين صاحب الحظ التعيس، والشخصية الموتورة والخطيرة، وسقطت معه بلين، التي أضرت به أكثر مما نفعته، ولا ندري في الحقيقة من الذي ساعد في إسقاط الآخر؟؟ وفي النهاية، نجح أوباما، الأمريكي الأسود.
رحل ماكين مع سلفه بوش، الإرهابي والدموي الأول في العالم، وعدو البشرية والأطفال، عدو التقدم والحربة، الى غير رجعة. ونتائج الانتخابات الأمريكية منعت مجيء إرهابي دولي آخر، ومجرم حرب، أسمه ماكين، أراد الاستمرار في فصول الدم والعدوان والحرب واللعبة القذرة.
أذن توقف الصخب والدعاية والشعارات الانتخابية، وأنتهي الكلام الانتخابي الطويل، وجاء التطبيق والتنفيذ والشروط والمشاكل المحيطة به، جاءت لحظة الحقيقة والاستحقاق.
بالنسبة لأوباما، علينا أن لا نذهب بعيداً، ولا نستعجل في الحكم عليه، بطرق عاطفية، أو وفق رغباتنا وأمنياتنا. علينا دراسة هذه الظاهرة، ودراسة ما جرى بشكل دقيق، ومعرفة من هو أوباما؟؟ ومن الذي أتى به؟؟ ومن يقف وراءه والى جانيه؟؟ وما هي صفاته وإمكانياته وكفاءته وتوجهاته؟؟ فهو ونائبه وطاقمه وأدارته الجديدة، أبناء المؤسسة الأمريكية، وأبناء أحد المدارس الأمريكية، وأبناء الإمبريالية الأمريكية، وهو قائدها الآن. وإن الإمبريالية لا تتبدل بمجرد وصول رجل أسود الى البيت الأبيض، لكن لن تكون بنسختها الشرسة، كما في عهد ريعان أو بوش. والرأسمالية لها قدرة كبيرة على التعلم والتجريب والتكيف مع الظروف. وأوباما لم يدع مناصرته للفقراء والسود، حتى في داعيته الانتخابية. وإن أصوله الأفريقية ولونه الأسود لا يعطيانه كارت مجاني ومفتوح، الى المواقف التقدمية والإنسانية. وقد دعمته وأيدته المؤسسات المالية والصناعية والسياسية والعسكرية والنفطية، كشرط ثابت وأساسي للنجاح والفوز بالانتخابات الأمريكية. وهو يحمل أرث ثقيل تركه له بوش، مع سلسلة ألغاز ومشاكل معقدة ومترابطة، داخلية وخارجية. وأوباما يحتاج الى وقت طويل لحل هذه المشاكل، وقد يلجأ الى التعاون والانفتاح على الحزب الجمهوري. وهو قد لا ينجح وقد ينجح، مثلما نجح في إنجاز خطوة الوصول الى كرسي الرئاسة.
مع كل ذلك فظاهرة وحالة أوباما تعني ( داخلياً وخارجياً) إنفراجاً وتحولاً وخطوة كبيرة وهامة، على طريق إنهاء العنصرية والعبودية، ذلك الطريق، الطويل والدامي والمرير، وإنهاءً وابتعادً عن فترة بوش بكل تجهمها وسخافتها ومخاطرها ومشاكلها وأزماتها، بالنسبة لأمريكا والعالم، ومنع استمرارها وعودتها بواسطة ماكين. يبقى أوباما ظاهرة أمريكية، باهرة تستحق الدراسة والنظر، وأمريكا تعيش في لحظة خاصة، انتقالية ومعقدة، وهي لحظة تراجع وأزمات عميقة.
أما بالنسبة للوضع في بلادنا، فهو لا يزال على حالة، وهو وضع خطير، لا يتبدل بسرعة أو بسهولة، بسبب ما حدث فيه من زلزال رهيب. فهو بلد مدمر ومفكك، يرزح تحت نير الاحتلال الاستعماري العسكري الأمريكي المباشر. سوف نرى ماذا يخطط ويفعل أوباما لهذه المشكلة الكبيرة والخطيرة في بلادنا؟؟ وهل سيفي بوعوده الانتخابية، التي أطلقها أثناء حملته الانتخابية، حول سحب القوات الأمريكية من بلادنا خلال 18 شهر؟؟ وهل إن وعوده واقعية وصادقة وقابلة للتحقيق، من الناحية الأمريكية؟؟ وهل سيوافق الكونغرس الأمريكي، الذي أصبح ديمقراطياً على هذا القرار؟؟ وما هو موقف المجمع الصناعي العسكري النافذ في أمريكا؟؟ وما هو موقف شركات النفط الأمريكية الكبرى، التي سطت وسيطرت على الكنز العراقي الهائل؟؟ وكيف سيدور الصراع بين جميع المراكز والمؤسسات الأمريكية صاحبة العلاقة والنفوذ والتأثير الحاسم في صنع وإصدار القرارات الإستراتيجية؟؟ سنتابع ونرصد كيفية التعامل مع قرار يتعلق بالإستراتيجية الأمريكية الكونية للسيطرة على العالم وموارده، وما يتعلق بالنفط والطاقة تحديداً، والذي كان من أبرز أسباب احتلال العراق الرئيسية. نحتاج الى بعض الوقت، ونحتاج الى قراءة وطنية متأنية وعميقة، لنتعرف على حقيقة الموقف الأمريكي الجديد، وماذا سيفعل أوباما؟؟.
إن الأزمة الاقتصادية في أمريكا، وتطوراتها القادمة، ومعرفة طابعها وحجمها الحقيقي، وارتباطها بالتكاليف والخسائر المادية والبشرية المستمرة في العراق، وعموم موقف الحزب الديمقراطي الحاكم من الحرب والاحتلال، واستمرار المقاومة الوطنية والرفض للمشروع الأمريكي، ومؤشرات التبدلات السياسية العالمية. هي من العوامل المؤثرة والحاسمة في صياغة القرار القادم. وبالمناسبة فأن لحظة الأزمة المالية وتفجرها، وما يشبه الانهيار الأمريكي، هي التي دفعت وأوباما الى كرسي الرئاسة وحسمت الموقف، الى جانب عوامل عديدة أخرى.
أما بالنسبة لشعبنا العراقي وقواه الوطنية الرافضة والمقاومة للاحتلال، فالجميع هنا يدرك طبيعة التغيير، ودرجة الانفراج، الذي أحدثته نتائج الانتخابات الأمريكية وفور أوباما، حيث لا يوجد ما هو أخطر وأسوء من بوش، أو المرشح الفاشل ماكين. لكن الجميع هنا يعرف ويقدر أهمية موقف الشعب العراقي، والموقف الوطني العراقي، في التأثير على الأوضاع وحسمها، باعتباره الطرف الرئيسي الآخر في الصراع.
لذلك على الجميع عدم التخلي عن تنفيذ العمل الوطني، أو تأجيله أو التباطؤ به. والحذر من التسرع، أو السقوط في الوهم، أو الانجرار وراء تفاؤل زائد، غير ملموس، ولم تبرره الحياة بعد. علينا مراقبة التغييرات الحقيقية، إن وجدت، وإن حصلت، واستيعابها والتعاطي معها. من خلال موقف وطني، صلب ومتطور وواضح.
لنعمل ونراقب ونرى، لكن بوعي وحذر، من دون تسرع. ولنعتبر مرحلة أوباما، مرحلة جديدة تواجه العمل الوطني العراقي، مثلما كان العمل في مرحلة بوش، رغم الفروق الكبيرة والأكيدة بينهما، ورغم استثنائية وخطورة مرحلة بوش. لكن يجب أن ننطلق في التعامل مع الجميع، من موقف وطني واضح وثابت.












التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. دب يعطل حركة السير ويمنع مرور الشاحنات والسيارات على طريق سر


.. لتوفير الأموال.. معلومات قد تفيدك قبل شرائك للملابس المستعمل




.. وفاة شخص وإصابة 30 آخرين كانوا على متن طائرة -بوينغ 777- تعر


.. تعرف على طريقة تقديم الانتقاد الإيجابي وليس السلبي لغيرك من




.. الجيش الإسرائيلي يستهدف مستشفى كمال عدوان شمال قطاع غزة