الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


انتهاكات الجيش التركي للاتفاقيات الدولية في كردستان

بولات جان

2008 / 11 / 9
دراسات وابحاث قانونية


هنالك حرب شرسة دائرة منذ سنوات في كردستان بين الجيش التركي و القوات الثورية الكردية بقيادة حزب العمال الكردستاني. الجيش التركي عبارة عن قوة استعمارية تحتل كردستان منذ عقود طويلة. هذا ليس احتلالاً عسكرياً فحسب، بل استغلالاً اقتصادياً و إبادة ثقافية ليس لها مثيل في التاريخ. و هذا الجيش هو القوة المحركة و الحامية لهذا الاحتلال المقيت، و لم يتواني يوماً عن القيام بكل الإجراءات القمعية و الانتهاكات اللا إنسانية ضد الشعب الكردي دون رحمة. و في الجانب الآخر قاوم الشعب الكردي هذا الاحتلال المقيت و أنتفض بين الحين و الآخر من خلال ثورات متفاوتة من حيث التوجه الفكري و القيادة و المنطقة. أكثرية هذه الانتفاضات الداعية إلى الحرية و المساواة و العدالة كانت تُخنق بكل قسوة من قبل آلة الجيش التركي و يتبعها إجراءات فظيعة من قتل و محاكمات عرفية و ملاحقات و تهجير و إفراغ لمناطق برمتها من قاطنيها و اعتقالات تعسفية لكل من له علاقة بالوطنية الكردية من قريب أو بعيد. كل الانتفاضات الكردية بُعيد قيام جمهورية أتاتورك كانت تمنى بالفشل الذريع و تجلب معها الويلات للشعب الكردية و كردستان. الثورة الكردية الوحيدة التي خرجت من هذه الدوامة الأليمة كانت الثورة التي اندلعت في بدايات الثمانينيات من قِبل الشبيبة الثورية بقيادة عبد الله أوجلان و حزب العمال الكردستاني. حيث تعد هذه الثورة الأطول عمراً و الأكثر تأثيراً في تاريخ كردستان الحديث و خاصة في شمال كردستان(تركيا). هذا الحزب الذي باشر نضاله الثوري التحرري و كفاحه المسلح ابتداءً من سنة 1984قد أوقع الجيش التركي و الحكومات التركية المتعاقبة في وضع محرج اضطرت حتى أكثر الأتراك شوفينيةً و عداوةً للشعب الكردي بأن يعترفوا بوجود الشعب الكردي و القضية الكردية. كما هو معروف بأن حزب العمال الكردستاني لم يلجأ إلى الكفاح المسلح إلا بعد عشر سنوات من النضال السياسي السلمي و لكنه لجأ سنة 1984 إلى الكفاح المسلح كرد طبيعي على الهجمات الشرسة للجيش التركي عُقب انقلاب الطغمة العسكرية في الثاني عشر من أيلول و إتباعها لسياسة الإبادة النهائية للشعب الكردية و التخلص من جميع المحركات الثورية الكردية. أي أن هذا الحزب لجأ إلى السلاح مضطراً و كحالة طبيعية للدفاع المشروع عن الشعب الكردي و عن وجوده التاريخي في بلاده كردستان. هذه الحرب الطويلة قد تخللها فترات متفاوتة من هدن وإعلان لوقف إطلاق النار من الجانب الكردي و في كل مرة كان الجيش التركي يرفع من وتيرة هجماته التعسفية ضد معاقل الحزب و الوطنيين الكرد مستغلاً فترات الهدن هذه. أي أن الجيش التركي لم يحترم في أي وقت هذه الهدن و كان يرد على النوايا الكردية الحسنة بالتهجم و القتل و التدمير. و ما إفراغ أكثر من خمسة آلاف من القرى الكردية و تهجير مئات الألوف من مناطقهم و اغتيال المئات من المثقفين الكرد إلا مثالاً مصغراً لانتهاكات الجيش التركي في كردستان.
قد يلزمنا المئات بل الآلاف من الأضابير و الملفات حتى نتمكن من فضح انتهاكات الدولة التركية المستعمرة و جيشه المحتل في كردستان و كل الجرائم التي ترتكبها من خلال المؤسسات الرسمية و اللا رسمية ضد الشعب. فإلى جانب الجيش التركي النظامي و القوات الخاصة هنالك جيش المرتزقة المؤلف من الخونة الكرد المتخلفين حيث يُقدر تعدادهم بأكثر من ثمانين ألف مرتزق. و كذلك هنالك العملاء و مفارز الاغتيال و التخريب و القتل و العصابات المرتبطة بقيادات الجيش و المكونة من العسكريين القوميين و المتطرفين الترك المنتشرة في كل مكان من كردستان.
بالإضافة إلى كل ذلك، لا يحترم الجيش التركي في الحرب الدائرة مع مقاتلي حزب العمال الكردستاني أياً من الأعراف الدولية و قوانين الحرب المبرمة في مؤسسات الشرعية الدولية مثل الأمم المتحدة و الاتحاد الأوروبي و معاهدة جنيف لقوانين الحرب. الجيش التركي يلجأ إلى كل السبل و الوسائل المحرّمة أخلاقياً و قانونياً في هذه الحرب و لا تتواني عن ارتكاب كافة المحرمات و خرق حتى قوانين الدولة التركية ذاتها في هذه الحرب، فالجيش يرى كل شيء مباحاً و مشروعاً لها. الصمت الدولي و انتهاج القوى الدولية لسياسة الكيل بمكيالين تشجع الدولة التركية و الجيش على التمادي في انتهاكاتها هذه. فالجيش التركي يقوم بإرهاب الدولة المنظم ضد الشعب الكردي. يستخدم جميع الأسلحة المحرم دولياً و لا تحترم الأعراف الدولية في معاملة الأسرى و الجرحى و المدنيين و حتى الطبيعة. كل هذه الإجراءات تعد قمة الإرهاب المنظم و الممنهج، أي إرهاب الدولة. لكن جميع القوى الدولية و حتى المنظمات التي تتشدق بالحرية و حقوق الإنسان و مناهضة الحرب تقف مكتوفة الأيدي أمام هذه الانتهاكات و حتى إنها تغض النظر عنها و كأن شيئاً لم يكن. و الأنكى من كل ذلك أن الكثير من الدول تدعم و تساند الدولة التركية في حرب الإبادة ضد الشعب الكردي. و في الوقت نفسه تتقرب هذه القوى بكل وقاحة من نضال الشعب الكردي و مقاتليه و تنعتهم بـ(الإرهاب)! فمتى كان الدفاع عن النفس إرهاباً؟ و قد شرّعت كافة القوانين الشرعية و الوضعية لدفاع الإنسان عن ذاته و ماله ووجوده، لكن عندما يستخدم الشعب الكردي لهذا الحق يصبح بنظر أسياد العالم(إرهابياً). فحق تقرير المثير و الدفاع عن الذات ضد أية قوة محتلة حق طبيعي و منصوص عليه في ميثاق الأمم المتحدة.
كما قلتُ بأن للحديث عن جرائم الجيش التركي و انتهاكاته في كردستان يلزمنا أضابير و ملفات كبيرة جداً حتى نعطي الموضوع حقه. و لكننا سنكتفي بإيراد بعض الأمثلة النموذجية لوحشية الجيش التركي و انتهاكه لأبسط الحقوق الطبيعية للإنسان. سنرد مثالاً على انتهاك المواد الواردة في القوانين المبرمة حول حقوق أسرى الحرب من قِبل الجيش التركي. و مثال آخر عن انتهاك الجيش لقوانين الحرب باستخدامها للأسلحة المحرمة دولياً و خاصة استخدامها للقنابل العنقودية في كردستان. و المثال الآخر يتلخص في تدمير الطبيعة و إحراق الغابات و إلحاق الضرر بالآثار التاريخية و الطبيعية.

- (للمقاتلين والمدنيين الذين يقبض عليهم ويقعون تحت سلطة الطرف الخصم الحق في أن تحترم حياتهم وكرامتهم وحقوقهم الشخصية وآراؤهم السياسية ومعتقداتهم الدينية وغيرها من المعتقدات. ويتوجب حمايتهم من كل أعمال العنف أو الأعمال الانتقامية . من حقهم تبادل الأخبار مع أسرهم وتسلم المساعدات. ويجب أن يتمتعوا بالضمانات القضائية الأساسية.) القانون الدولي الإنساني الذي وضعه الصليب الأحمر.
(المــادة (13) من اتفاقية جنيف الثالثة بشأن معاملة أسرى الحرب المؤرخة في 12 آب سنة 1949
"يجب معاملة أسرى الحرب معاملة إنسانية في جميع الأوقات. ويحظر أن تقترف الدولة الحاجزة أي فعل أو إهمال غير مشروع يسبب موت أسير في عهدتها، ويعتبر انتهاكاً جسيماً لهذه الاتفاقية. وعلى الأخص، لا يجوز تعريض أي أسير حرب للتشويه البدني أو التجارب الطبية أو العلمية من أي نوع كان مما لا تبرره المعالجة الطبية للأسير المعني أو لا يكون في مصلحته.
وبالمثل يجب حماية أسرى الحرب في جميع الأوقات، وعلى الأخص ضد جميع أعمال العنف أو التهديد، وضد السباب وفضول الجماهير. وتحظر تدابير الاقتصاص من أسرى الحرب.")
المقاتلين الكرد الذين يقعون في يد الجيش التركي أثناء الصدامات العسكرية و غالبيتهم يكونون من الجرحى، يلاقون معاملات وحشية على يد الجنود الأتراك حيث يتم تعذيبهم و جرّهم خلف الآليات و المدرعات و التمثيل بهم و إهانتهم. و غالباً يتم تصفيتهم رمياً أو تحت التعذيب. و لا يكتفي الجنود الأتراك بذلك بل يعمدون إلى التمثيل بجثث المقاتلين و تشويههم. ليست قليلة عدد المرات التي قام بها الجنود بحزّ(فصل) رؤوس الجثث. الصور التي ألتقطها الجنود الأتراك و هم يرفعون رؤوس المقاتلين الكرد قد تسربت إلى الإعلام فيما مضى. مع العلم أنه في الكثير من الحالات تقوم دائرة الحرب الخاصة التركية بتسريب مثل هذه الصور و المشاهد الوحشية لإرهاب الجماهير الكردية و دب الفزع في نفوس المقاتلين الكرد. هنالك عدد هائل من الأمثلة البارزة على هذه المعاملات الوحشية التي انعكست في الإعلام الكردي و الدولي. و ربما خير مثال على ذلك المعاملة الوحشية التي تعرض لها المقاتل الكردي عباس أماني من مواليد سنة 1977 مدينة كاميران الكردية في أيران و الذي وقع في الأسر قبل سنتين (26 شهر آب سنة 2005) في منطقة بشيرية القريبة من محافظة بطمان. حيث تم تعذيب هذا المقاتل الأسير و سحقه تحت دواليب المركبات العسكرية و التمثيل بجثته. و قد تم نشر صور هذه التمثيلية الوحشية في الإعلام. رغم ذلك لم تحرك المؤسسات الدولية و الداعية إلى السلام و حقوق الإنسان و حقوق معاملة الأسرى لم تحرك ساكناً كما كل مرة. هذا الصمت يشجع الطغمة التركية و الجيش بالتمادي في معاملاتها الوحشية هذه ضد أسرى الحرب الذين يشملهم معاهدة جنيف لقانون الحرب فيما يتعلق بحقوق الأسرى و الجرحى الذين يقعون في قبضة القوة المعادية.
يا ترى أ لا يعتبرون المقاتلين الكرد أسرى حرب؟ إذاً من هم المشمولون بصفة أسرى الحرب. فحسب المادة الرابعة من اتفاقية جنيف الثالثة و في بند تعريف أسرى الحرب يرد في البند الثاني: " أفراد المليشيات الأخرى والوحدات المتطوعة الأخرى، بمن فيهم أعضاء حركات المقاومة المنظمة، الذين ينتمون إلى أحد أطراف النزاع ويعملون داخل أو خارج إقليمهم، حتى لو كان هذا الإقليم محتلاً، على أن تتوفر الشروط التالية في هذه المليشيات أو الوحدات المتطوعة، بما فيها حركات المقاومة المنظمة المذكورة:
أ - أن يقودها شخص مسئول عن مرؤوسيه،
ب- أن تكون لها شارة مميزة محددة يمكن تمييزها من بعد،
ج‌- أن تحمل الأسلحة جهراً،
د - أن تلتزم في عملياتها بقوانين الحرب وعاداتها"
يا ترى أليست هذه المادة مطابقة تماماً على المقاومة الكردية المتمثلة في مقاتلي حزب العمال الكردستاني؟

- أما المثال الثاني و البارز على انتهاك الجيش التركي لقوانين الحرب هو استخدام الأسلحة و القنابل و الذخيرة المحرمة دولياً. و خاصة استخدام الغازات السامة و القنابل العنقودية بكثرة طوال العقدين المنصرمين من الحرب الدائرة في كردستان. قام الجيش التركي باستخدام الأسلحة الكيميائية مراراً ضد مقاتلي حزب العمال الكردستاني و قضت بذلك على مجموعات عديدة في مناطق متفرقة من البلاد. الأمثلة عديدة لا تعد و لا تحصى. و خلال السنتين المنصرمتين قام الجيش باستخدام الغازات الكيميائية القاتلة في منطقة موش حيث أبادت مجموعة أنصارية كاملة في شهر آذار سنة 2006. و قد أظهرت جميع الآثار و التحاليل العيادية على جثث المقاتلين براهين لا غبار عليها في تعرضهم لهجوم كيميائي قاتل أدى إلى استشهادهم جميعاً. و آخر حادثة تم فيها استخدام السلاح الكيميائي من قِبل الجيش التركي ضد المقاتلين الكرد كان في نهاية شهر آب سنة 2007 في منطقة (كلا ممى) التابعة لمحافظة شرناخ في شمال كردستان راح ضحيتها أحد عشرة من المقاتلين الأنصار. حيث ظهرت آثار الهجوم الكيميائي بارزاً على جثث المستشهدين. حتى إن الماشية التي رعت في تلك المنطقة على الأعشاب المسمومة قد ماتت مباشرة و هذا يؤكد مجدداً استخدام الجيش للغازات الكيميائية و بكميات كبيرة أيضاً. طبعاً و ككل مرة تحافظ المؤسسات الدولية على صمتها الأزلي. فما دام المقتول كردياً فليس في الأمر حرج و لا يدعو إلى تحملهم عناء البحث أو التقصي عن حقيقة هذه الجرائم التي يرتكبها الجيش التركي في كردستان يومياً.

يرد في القسم الأول من الباب الثالث من الملحق الأول الإضافي إلى اتفاقيات جنيف. المادة 35، البند الثاني حول أساليب الحرب ما يلي: " يحظر استخدام الأسلحة والقذائف والمواد ووسائل القتال التي من شأنها إحداث إصابات أو آلام لا مبرر لها."
- الانتهاك الآخر للجيش التركي في استخدام الأسلحة المحظورة دولياً هي القنابل العنقودية(Bomblets). هذه القنابل محظورة دولياً و هي محل جدل و ملاحقة دائبة من قبل المنظمات الإنسانية و الجهات المعنية بفرض قوانين الحرب. و لكن و ككل مرة تضرب الدولة التركية لهذا التحريم عرض الحائط و تلقي الأطنان من هذه القنابل على مساحات واسعة من كردستان و لا تستهدف القوات العسكرية أو أماكن تواجد مقاتلي حزب العمال الكردستاني فحسب، بل تستهدف بشكل مخطط المناطق المأهولة بالسكان المدنيين في الأرياف و القرى و المدن الكردستانية. و قد ألحقت هذه القنابل الكثير من الإضرار بالمدنيين الكرد و حيواناتهم و مزروعاتهم. و خير مثال على ذلك القنابل العنقودية التي ألقتها الجيش التركي في الآونة الأخيرة(شهور الصيف سنة 2007) على المناطق الحدودية في جنوب كردستان(العراق) في المناطق التابعة لمحافظة دهوك في أقضية زاخو و العمادية و كاني ماسي و ديرلوك و مثلث خاكوركى التابع لقضاء ديانا(محافظة هولير). هذه الهجمات بالقنابل العنقودية المرادفة للقصف المدفعي المستمر للقرى و المناطق المأهولة بالسكان يشكل انتهاكات عديدة في القوانين و المواثيق الدولية. الأول هو استخدام قنابل محظورة دولياً و الثاني هو استهداف المدنيين العزل في شمال كردستان(داخل الحدود) و في الجنوب(خارج الحدود) و هذا أيضاً يشكل خرقاً و اعتداءً على سيادة دولة أخرى عضو في الأمم المتحدة. مع العلم أن القوانين الدولية تفكل الحماية للمدنين أياً كانوا دون تمييز في الدين أو القومية أو الطبقة. حيث يرد في البند (2) من المادة (51) بصدد حماية السكان المدنيين في الباب الرابع من الملحق الإضافي لاتفاقيات جنيف ما يلي: " - لا يجوز أن يكون السكان المدنيون بوصفهم هذا وكذا الأشخاص المدنيون محلاً للهجوم. وتحظر أعمال العنف أو التهديد به الرامية أساساً إلى بث الذعر بين السكان المدنيين." و في نفس المادة من نفس الباب يرد في الشق(ب) من البند(5) حول الهجمات العشوائية المحظورة ما يلي: " والهجوم الذي يمكن أن يتوقع منه أن يسبب خسارة في أرواح المدنيين أو إصابة بهم أو أضراراً بالأعيان المدنية، أو أن يحدث خلطاً من هذه الخسائر والأضرار، يفرط في تجاوز ما ينتظر أن يسفر عنه ذلك الهجوم من ميزة عسكرية ملموسة ومباشرة." و هنالك العديد من مثل هذه المواد الواردة في البروتوكلات و المواثيق الدولية التي وقعت تركيا عليها و لكنها تنتهكها مراراً دون أي رادع أخلاقي أو دولي.
هنا من الأهمية بمكان ذكر جريمة مروعة قام بها الجيش التركي ضد المدنيين الكرد في كردستان العراق في شهر آب سنة 2000 في منطقة (كَنده كولى) القريبة من قضاء ديانا في محافظة أربيل. شنت الطائرات التركية المقاتلة غارة جوية على القرويين الكرد راح ضحيتها أكثر من أربعين قتيلاً و العشرات من الجرحى و كلهم كانوا شيوخاً و نساء و أطفال دون أن يكون لهم أي وزر في كل ما يحدث في هذا العالم الذي لا يرحم. هذه الجريمة كانت فظيعة و تقشعر لها الأبدان من رؤية الجثث و الأشلاء المتقطعة و أجساد الحيوانات النافقة جراء الغارة الجوية. حينها أيضاً لم تنبث أية مؤسسة دولية أو إقليمية ببنت شفة للتنديد بهذه الجرائم.

- الانتهاك الآخر الذي يشتهر به الجيش التركي هو إلحاق الضرر بالثروات و القيم الطبيعية من غابات و أحراش و مزارع و الحياة الحيوانية. فكل عام و خاصة في فصل الصيف يقوم الجيش التركي بإضرام النيران في الغابات الطبيعية في جبال كردستان. و كل سنة تتحول مئات الهكتارات من الغابات الطبيعية إلى رماد. و لن يكون من السهولة بمكان عودة الغابة المحروقة إلى وضعها حتى مرور عشرات السنين. مع العلم بإن إلحاق الضرر أياً كان نوعه بالبيئة محظور حسب المواثيق الدولية. فالمادة (55) من الفصل الثالث من الباب الرابع من الملحق الإضافي لاتفاقيات جنيف بصدد حماية البيئة الطبيعية يرد ما يلي: " 1- تراعى أثناء القتال حماية البيئة الطبيعية من الأضرار البالغة واسعة الانتشار وطويلة الأمد. وتتضمن هذه الحماية حظر استخدام أساليب أو وسائل القتال التي يقصد بها أو يتوقع منها أن تسبب مثل هذه الأضرار بالبيئة الطبيعية ومن ثم تضر بصحة أو بقاء السكان.
2- تحظر هجمات الردع التي تشن ضد البيئة الطبيعية."
لقد اعتمدنا في ملفنا هذا على بنود اتفاقيات جنيف الأربعة و ملحقاتها الاثنين و مقارنتها مع الوضع المعاش على أرض الواقع لإثبات الانتهاكات الصريحة و الفادحة التي يقوم بها الجيش التركي في كردستان منذ سنوات عدة دون أن تردعه بنود هذه الاتفاقيات و مواثيق الشرعية الدولية و التي قد صادقت عليها الدولة التركية أيضاً و لكن كل الانتهاكات تؤكد بأن الدولة التركية و الجيش التركي لا يحترمون الشرعية الدولية بتاتاً و متمادين في خرقهم لكل الأعراف و القيم الأخلاقية و الإنسانية حيث يشجعهم الصمت و التخاذل الدولي في تماديهم و عجرفتهم التي لا تعرف حداً أو قانوناً.
أخيراً من المهم أن نقول بأن الطرف الكردستاني قد أعلن أكثر من مرة وقفاً للنار و طالب بالحوار و الحل السلمي للقضية الكردية. وقد أعلنت قوات دفاع الشعب الكردستاني(ه ب ك) لقوانين الحرب الدفاعية. لب هذه القوانين تحترم قوانين الاتفاقيات الدولية و حقوق الإنسان و حماية المدنيين و البيئة من أي ضرر محتمل و كذلك احترام حق الحياة للأسرى و الجرحى. لم يقف الطرف الكردي في الحدود النظري لهذه القوانين بل طبقتها دائماً أثناء الحرب، و خير دليل على ذلك العدد الكبير من الأسرى الذين استسلموا للقوات الكردية و تم معاملتهم معاملة إنسانية صرّح بها الجنود الأسرى بعد إطلاق سراحهم. و آخر مثال كان ثمانية الجنود الأتراك الذين وقعوا في الأسر شهر تشرين الأول من سنة 2007 .
أما الطرف التركي فقد أعلن مراراً و على لسان كبار قادة هيئة الأركان التركية بأنهم سيحاربون حتى القضاء على آخر فرد من الطرف الكردي. أي أنها حرب إبادة شاملة لن تتوقف إلا بإبادة كل المقاتلين، و يعني كذلك إنها لن تعترف بأي هدنة أو حوار أو مساومة أو تقارب للحل السلمي لهذه القضية. و أعلن كبار الجيش التركي بأنهم سيستمرون في حملاتهم العسكرية دون توقف، و هذا يعني بأن قوات دفاع الشعب الكردستاني التي تتعرض و ستتعرض لهذه الهجمات ستضطر إلى الدفاع عن أنفسهم و هذا دفاع مشروع في كل الوثائق الدولية و الكتب السماوية التي ينتهكها الجيش التركي دون تردد أو وجل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قطر تبدأ إرسال مساعدات إنسانية إلى لبنان لدعم مئات آلاف النا


.. أصوات من غزة| إسرائيل تقتل 10600 طفل وفق الأمم المتحدة




.. ما وضع الأقليات العرقية في ولاية جورجيا؟


.. هل يستطيع لبنان مواجهة أزمة النازحين؟




.. العراق يعلن استقبال مئات النازحين اللبنانيين عبر منفذ القائم