الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ماذا لو كنت لصاً كبيراً !

كوهر يوحنان عوديش

2008 / 11 / 11
مواضيع وابحاث سياسية


رغم كوننا اطفالاً صغار تسود افعالهم واعمالهم صفة البراءة والسذاجة او الوقاحة والتلذذ بشقاء الاخرين احيانا اخرى، الا اننا لم ننجو من التوبيخ والعقاب الجسدي على كل هفوة صدرت منا، حيث كثيراً ما نلنا جزائنا وعقابنا على تفاحة دخلت بطوننا نحن الصغار حراماً ( اقصد ما كنا نقطفه من حقول الغير لارضاء شهوتنا وليس لبيعها واضافة ثمنها لارصدتنا المصرفية!!! ) او على عنقود عنب صغير قطعناه من بساتين لا تخصنا، لان الاب او كبير العائلة كان يخجل ويحس بان كرامته وسمعته سيصبحان مثالا للذكر السيء اذا كان اولاده يسرقون او يكذبون او يعتدون على الغير دون وجه حق.
كما قلت كنا صغاراً غير مبالين لما يحدث من حولنا من تغيرات سياسية او اقتصادية فكل همنا كان اللهو واللعب والضحك، لذلك لم نفكر حينئذ بتطوير مهاراتنا في السرقة والاحتيال ونشكل عصابة قوية معترف بها دولياً تلتهم المخازن والمحلات وتستولي على البنوك والمصارف، لان السرقة كما عرفناها كانت احدى اكبر الاعمال المشينة التي يعاقب عليها صاحبها قانونياً ويفقد احترام وثقة المجتمع على اثرها.
اتذكر هذا وانا اقرأ كل التقارير والاخبار والمقالات المتعلقة بعمليات النهب والسلب والفساد والسرقة من المال العام العراقي التي بلغت حسب بعض التقارير اكثر من 250مليار دولار ! خلال السنوات الخمسة الماضية، وهذه المبالغ لم يسرقها مواطن فقير او متسكع سكران او لاجيء في احدى الدول او موظف بسيط ينتظر نهاية الشهر لاستلام راتبه الذي بالكاد يكفيه، بل كان منفذيها من اعضاء الحكومة وقادة الاحزاب المتنفذة وابطال اخرون لا يمكن ذكرهم او الاقتراب منهم، ففي صغرنا كنا نتحاشى اللصوص ونتجنب ذكرهم قدر الامكان كي لا نتهم بهذه المهنة البذيئة !!! اما اليوم وبفضل المنظمات الخيرية والمشاريع الخدمية والاعمال الاعمارية التي تعم البلد من شماله الى جنوبه اثر الحرية والديمقراطية التي انعمت بها علينا العمة العزيزة امريكا وصديقتها المقربة بريطانيا وجهود احباب العراق من دول الجوار الذين يسهرون على سلامة جثته!، فالامور تبدلت والاحوال تغيرت واصبح منظار المجتمع لفحص المساويء والمنافع وتحليل الخيرات والشرور يعطي نتائج معكوسة ويقيم الصفات بالمقلوب، لذلك لا عجب في استحواذ اللصوص على اكبر المناصب الحكومية، ولا عجب في ان تراهم في الفضائيات يتحدثون عن ميزانية الدولة ومعاناة المواطنين من سوء الادارة، او عندما يبكون بدموع التماسيح على الفقراء الذين لا يجدون لقمة خبز يسدون بها بطونهم الخاوية في اغنى بلدان العالم!، او عندما تجدهم محاطين بالحراس والمخدوعين يصفقون ويدعون لهم بطول العمر، لان العراق الجديد قد اعطى الحق لصاحبه وهيئة النزاهة وتقاريرها خير مثال على ذلك.
بعد كل هذه السنين لا اعرف ماذا سنقول للاجيال القامة وكيف سنربيها، فاذا طلبنا منهم تحاشي السرقة ومساندة الضعيف وعدم الاعتداء على الاخرين لان هذه الاعمال كلها يحاسب عليها القانون وتحط من قيمة ومكانة الانسان في المجتمع، عندها سيتبادلون الضحكات ويهزون رؤوسهم عجباً واستهزاءاً ويقولون بصوت واحد:- لو كان الامر كذلك فاين ذهبت المليارات ؟ ولماذا هجر ملايين العراقيين بيوتهم؟ ولماذا حتى الانهار فاضت بالجثث؟ ولماذا ....
من يسرق القليل يصبح لصاً ومن يسرق الكثير يصبح ملكاً.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حيوان راكون يقتحم ملعب كرة قدم أثناء مباراة قبل أن يتم الإمس


.. قتلى ومصابون وخسائر مادية في يوم حافل بالتصعيد بين إسرائيل و




.. عاجل | أولى شحنات المساعدات تتجه نحو شاطئ غزة عبر الرصيف الع


.. محاولة اغتيال ناشط ا?يطالي يدعم غزة




.. مراسل الجزيرة يرصد آخر التطورات الميدانية في قطاع غزة