الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قريباً من دجى المنفى بعيداً عن حمى أهلي*

سعد تركي

2008 / 11 / 11
الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة


المنفى والغربة خيار من لا خيار له، وطريق مجهول محفوف بالمخاطر والأهوال لمن سُدت بوجهه السبل والدروب..الغربة آخر الحلول دوما كما أن الكي آخر العلاج..المنفى عيش وسط أغراب لا يمكن لك أن تألفهم ويألفوك،وفي أفضل الأحوال يغدون(الأغراب)بعد أن كانوا أغرابا..
الغربة تيه في أوطان الآخرين التي لن تصبح يوما وطنك..المنفى والغربة في أبسط مفاهيمهما ابتعاد عن الأهل والأحبة،عن الشوارع الأليفة والوجوه المحبة،ابتعاد عن السماء الأولى كما قال سعدي يوسف.والعراقي كالسمكة(هكذا كان)ما ان يغادر الوطن للدراسة أو العلاج أو السياحة فأنه سرعان ما يعود يأكله الحنين والشوق الى البيت الذي شهد بكاءه الأول وضحكته الأولى،الى الشوارع التي ألفها وألفته،الى السماء يعد نجومها في ليالي سهره وأرقه..
تجربة العراقي مع الغربة والمنافي قصيرة ونادرة ولم تتسع الا مع بدايات الحصار الذي فُرض على العراق أوائل تسعينات القرن الماضي لتبدأ معه الهجرة الواسعة الى المنافي والتغرب في أصقاع المعمورة (يستجدون) تأشيرات الدخول وتصاريح الاقامة..ولأجل هذه الغاية ركبوا المخاطر وامتطوا الأهوال فمنهم (من قضى نحبه)ومنهم من ظل يحاول ويعيد الكرة دون أن يفكر ولو لمرة واحدة في العودة الى الوطن!!
الوطن ليس فكرة مجردة..الوطن أرض وسماء وأناس يجمعهم الحب والود والتآلف..فمن يدفعه جاره الى الرحيل عن داره يفقد الأرض التي تجعل من الأوطان شيئا مقدسا..ومن لا يمتلك شبرا من الأرض في وطنه ليست له سماء يحصي نجومها اذا برحه السهر..لقد تحملنا الا نجد في أرضك الواسعة الرحيبة مكانا صغيرا نعيش فيه ونسميه بيتا،لكننا لا نستطيع تحمل الا نجد فيك لمختطف مغدور قبرا -ليس جماعيا- يضمه بين أضلاعه..
ألم تبحث عن وطن يوفر لك لقمة العيش وتحت قدميك تنام ثروة تكفي لاطعام سكان نصف المعمورة،وجرح أن ترحل لأن طاغية ما مغرم بقتل الخيول البرية التي ترفض اللجام،وطعنة نجلاء في القلب أن يطردك جارك من بيتك ناسيا الخبز والملح ولهو أطفالكما و(عشرة السنين)..
وعلى الرغم من ذلك فأن(الملاذات الآمنة) لم تجلب لك شيئا غير اذلال الأشقاء ومنة الأصدقاء وفتات موائد البلدان الغريبة..فصرت عنوان محنة تتفاخر عواصم الجلادين فيها على شعوبهم بأنهم وفروا لقمة لم يوفرها جارهم لأبنائه،وأمنا ضاع في حرب لا رابح فيها،وشيئا أسمه بيت ما زال شاخصا حين تهدم على بعد خطوة بيت جارهم،صرت مثلا يُضرب لمن تجرأ على حكامه الطغاة ورفض اللجام والرسن..
عد-يا ابن بلدي- فقد أدركنا بعد سنوات خمس أن العيش في الوطن لا يمكن أن يُحتمل من دون ألوانه المتعددة المتناسقة..عد فمن دافع طيلة عمره عن أوطان الآخرين لا ينبغي أن يفقد وطنه..عد فقد عاد الأعظمي يتسوق من الكاظمية،وذهب الكاظمي الى الدورة لزيارة أصدقائه،وتزوج علي من عائشة..
عد فقد عاد أمرؤ القيس الى دياره بعد تجربة مرة قائلا بأسف:
ولقد طوفت في الآفاق حتى رضيت من الغنيمة بالاياب


**************************
*بتصرف من قصيدة(قصائد عن حب قديم) للشاعر محمود درويش








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مقتل حسن نصر الله وقصف إسرائيلي مستمر على الضاحية الجنوبية


.. حسن نصرالله.. نظرة على مسيرة قائد حزب الله منذ بروزه قبل ثلا




.. خرق استخباراتي لحزب الله.. هكذا وصلت إسرائيل لمكان حسن نصر ا


.. عماد الدين أديب عن مقتل نصر الله: قتلته إيران بالتخلي عنه




.. عاجل| الجيش الإسرائيلي: نفذنا قبل قليل عمليتي اغتيال في بيرو