الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لا أهمية لانسحاب أمريكي بدون إعادة للتوازن في المنطقة والعراق

أمير المفرجي

2008 / 11 / 11
الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني


تتعالى في الوقت الحاضر خصوصا بعد انتخاب الرئيس الأمريكي الجديد, العديد من الأصوات مطالبة بخروج القوات الأمريكية المُحتلة من العراق في الوقت الذي لم يختلف فيه اثنان من العراقيين على وجود هذا الاحتلال ومسؤوليته الكاملة في الدمار والقتل في بلدنا إلا كان ثالثهم أكثر حماسا وتوترا رافعا يديه غاضبا وهاتفا بأن أمريكا وإيران هما السبب في خراب العراق وتدمير مجتمعه وان عملية تحرير الشعب العراقي ودخول القوات الغازية عام 2003 ما كانت إلا لعبة أمريكية أكل عليها الدهر وشرب غرضها الاحتلال واستعباد الشعوب.

وان كان خروج الاحتلال من العراق هو المطلب الوطني الرئيسي لأغلبية الشعب العراقي, فقد يظن البعض انه في حالة تنفيذ الرئيس الأمريكي المنتخب باراك اوباما لوعوده التي قطعها للشعب الأمريكي والعالم فأن القوات العسكرية الأمريكية ستخرج في ليلة وضحاها وتهرب متوارية من أرض العراق. وعلى سبيل الافتراض وليس الجزم قد يكون هذا ممكنا, وقد يستيقظ الإنسان العراقي في صباح يوم من هذا الأسبوع أو هذا الشهر و(الله أعلم) ليرى من أحد شبابيك داره فرار هذه القوات وهي مسرعه تاركة الأراضي العراقية لتنهي وجودها الاستعماري ألاحتلالي من على هذه الأرض الكريمة.

الحقيقة... هذه هي أمنية كل العراقيين وليس هناك أي مجال للنقاش أو اللف والدوران حولها, ولكن السؤال المهم الذي وجب من طرحه من الآن فصاعدا هو الأتي : في حالة خروج الاستعمار الأمريكي من العراق وسحب قواته العسكرية الكبيرة, هل سيرجع العراق حرا ومستقلا أو بمعنى أخر هل أن الولايات المتحدة الأمريكية هي التي فقط احتلت هذا البلد أو إن هناك دولة أجنبية استعمارية أخرى قد وكما يقول المثل( بنت أعشاشها ووضعت بيضوها) في أماكن الدولة السياسية والحساسة . موضوعياً لقد اتفق العراقيون قاطبة كبيرهم وصغيرهم بوجود إحتلالين شرسين في العراق: الأول غربي أمريكي عسكري معلن, والثاني إيراني سياسي ديني مُبطن. ولنفرض بأن في حالة خروج أو هروب الجيش الأمريكي فهل هناك قوة عراقية قادرة على إرجاع الأمور والسيادة للعراق وشعبه؟ وهل أن عراق ما قبل 2003 بجيشه وتنظيمه السيادي هو نفس عراق اليوم بحكومته ومليشيات الفوضى الطائفية الإيرانية الممولة من إيران ؟ هل إن الذي سوف يقود مقاومة الشعب العراقي لإعادة بناء الوطن سيكون باستطاعته من تفعيل صوت عراقي وطني واحد تساهم وتصب في روافده مرجعيات العراق الدينية والسياسية قاطبة؟ هل فهم الإنسان العراقي عمق الكارثة التي يعيشها بعد أن"تشرذم" العراق طائفيّاً ومذهبيّاً، وبات منقسماَ بغياب حكومة وطنية وبوجود ميليشيات وصحوات تعمل بمعزل عن الدولة ومؤسساتها؟

لا أعتقد بأن أي مرجعية دينية أو سياسية معينة تستطيع من إنقاذ العراق وشعبه الواحد من البصرة إلى الموصل في الوقت الحاضر خصوصا بعد أن عبث المُحتل بالعراق وشعبه, وبعد أن فُرق وقتل الملايين من أبناء هذا الوطن الواحد وسمح بالتالي لإيران من بناء قوتها السياسية في وطننا والاستيلاء على مناصب الدولة السياسية والسيادية. أين هي مرجعية الوطن العظمى الوطنية والتي وجب أن نكون جميعا تحت لوائها شيعة وسنة ومسيحيين وصابئة ... إن الذي يُعجل في إعطاء ورجوع السيادة للعراق والعراقيين هو صوت عراقي وطني مُستقل واحد. وإلا فنحن أمام عراق جديد تابع لإيران . لقد قلبت إيران وأمريكا الموازين بالحديد والنار وأشعلا الطائفية والاختلاف بين العراقيين وهي الكارثة التي لا يريد (البعض) من سماعها بل وحتى رؤيتها. إن أحداث العراق لم تكن هينة ولهذا وجب معالجتها بشرف ومسؤولية الانتساب للوطن ولا بديل عن الوطن ومرجعيته.

إن نجاح أي انسحاب أمريكي من العراق لإرجاع السيادة والاستقلال يأت أولا من جُهد وقابلية القوى الوطنية المناضلة العراقية من الانسجام والتوحد ونبذ التطرف الطائفي والولاء للأجنبي. وإلا ما معنى من أن يترك الاحتلال الأمريكي بلدنا في الوقت نرى ونسمع نفوذ إيران في قلب العراق ومدنه وقصباته. لقد أدخلت الخمسة سنوات الماضية من عمر الاحتلال العديد من التغيرات السياسية والطائفية الخطيرة لتجعل في النهاية من عراقنا العزيز بلدا ضعيفا وتابعا لإيران وحكامها.

وعلى ضوء هذه الحقائق, وجب على جيران العراق وجميع الأطراف العربية في منطقة الشرق ألأوسط ناهيك تلك الدول العالمية المهمة والموثرة وبضمنها القوى العظمى على تحمل المسؤولية والأخذ بعين الاعتبار من هذا التوسع الإيراني في منطقة الشرق الأوسط بصورة عامة وفي العراق بصورة خاصة عن طريق الضغط على حكام إيران وإرجاع التوازن السياسي للعراق والمنطقة بعد هذا التغلغل الإيراني في العمق العربي العراقي وتكوينه التاريخي. إن أي خروج أمريكي من الساحة العراقية وجب ربطه وتنفيذه بأجندة انسحاب واضحة ترافقها خطوات مسئولة للهيئات الدولية كالأمم المتحدة والجامعة العربية للحفاظ على التوازن الدولي والضغط على إيران وطردها من العراق بعد أن استغلت فرصة تدميره وضعف مجتمعه المُحتل للسيطرة عليه وحكمه.

فلا أهمية لأي انسحاب أمريكي بدون إزاحة للوجود الإيراني من أرض الرافدين وإعادة التوازن الطبيعي في منطقة الخليج والعراق كما كانت في فترة ما قبل الاحتلال من أجل أن يتمكن هذا البلد في النهاية في أن يصبح دولة القانون والسيادة وعراق للعراقيين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صحن طائر أو بالون عادي.. ما هي حقيقة الجسم الغريب فوق نيويور


.. دولة الإمارات تنقل الدفعة الـ 17 من مصابي الحرب في غزة للعلا




.. مستشار الأمن القومي: هناك جهود قطرية مصرية جارية لمحاولة الت


.. كيف استطاع طبيب مغربي الدخول إلى غزة؟ وهل وجد أسلحة في المست




.. جامعة كولومبيا الأمريكية تؤجل فض الاعتصام الطلابي المؤيد لفل