الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بعد أن هدأت العاصفة ، هل استوعب مسيحيوا العراق مضار المادة 50 حول الاقليات ؟

ثامر قلو

2008 / 11 / 11
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير



يبدوا أن البرلمان العراقي مرر قانون الاقليات قبل ايام، وصار قانونا معترفا به بعد موافقة الرئاسة عليه ، وصار للمسيحيين حقوق نيل بضعة مقاعد يتيمة ودائمية في مجالس بعض المحافظات العراقية ، والحصة المقررة لهم كما صار معلوما ، لم ترض لا قياداتهم الدينية ولا السياسية ، ولا جماهيرهم ، وبالطبع نتج هذا القحوط في القبول ، من الغبن في الاعداد المقررة لهم في مجالس حكم المحافظات ، فمثلا مقعدا واحدا للمسيحيين في محافظة بغداد يرون انه لا يعبر عن ثقلهم السكاني في العاصمة ، وهكذا في الموصل وغيرها .
تعرض المسيحيون في العراق منذ عقود للتمييزمن قبل كل الانظمة المتعاقبة ، وتفاقم الاستبداد والتنكيل بهم وحثهم على الهجرة بصور ووسائل مختلفة بعد سقوط النظام الدكتاوتوري في العام 2003 ، وصار اغلبهم يعيشون كما الرهائن في بيوتهم ومناطقهم ، لا سيما في الموصل وبغداد وغيرها ، تحت سطوة العصابات الارهابية وخصوصا العصابات الدينية التي اقدمت على خطف وقتل بعضهم ، وتشريد الكثيرين منهم للهجرة خارج البلاد ، لكن الامر الذي يؤسف له أن تتم هذه الجرائم بحق المسييحين دون تحرك السلطات الحاكمة لكبحها او الحد منها بصورة فعالة ومؤثرة .

لا شك أن العراق يجتاز مرحلة عسيرة من تاريخه ككيان سياسي وجغرافي ، وفي الافق هناك مشروعان سياسيان لبناء الدولة العراقية الجديدة ، أحدهما يرى العراقيون نتائجه على أرض الواقع ، وهو بناء دولة الطوائف والكانتونات ، وتفتيت الكيان المركزي للدولة العراقية كما يجري في ظل الحكومة العراقية الحالية ، والمشروع الاخر هو المشروع الحضاري لبناء الدولة العراقية ، بما يعني بناء دولة المواطنة بعيدا عن تصنيف الانسان على خلفياته الدينية والعرقية ، ورغم عدم اختمار كل الممهدات الضرورية للنهوض بالمشروع الحضاري للدولة العراقية وهو المشروع العلماني المستقبلي ، الا ان الخطوات العملاقة للتمهيد والانطلاق له تكتسب كل يوم منزلة جديدة وحضور قوي لدى غالبية كبيرة من أبناء الشعب العراقي بمختلف مكوناتهم .

كان يقتضي من مسيحيي العراق ، وقبل غيرهم من الاقليات ، دراسة الحالة العراقية الجديدة وتطور مخاضاتها بعد السقوط المدوي للدكتاتورية في العام 2003، بتأني في الافق والاستراتيج والمساهة في الاحداث السياسية بالطريقة التي توفر لهم سبل العيش الكريم والمستقر في بلادهم ، وحسب الاعتقاد فان كثيرين منهم فطنوا للامر وصوتوا للقائمة العراقية في الانتخابات البرلمانية الاخيرة في العام 2005 ، التي طرح القائمون عليها بعض من المشروع الوطني العلماني للدولة العراقية ، متجاوزين بذلك النظرة الضيقة للامور بتجاوزهم لاحزابهم العرقية والدينية ، وبذلك كانوا ينشدون تفضيل المشروع الاستراتيجي العلماني لبناء الدولة العراقية على المشاريع الطائفية .

عندما يختار المسيحيون نظام الكوتا ، الذي وفر لهم مقاعد يتيمة في بعض مجالس المحافظات ، وربما يمنح لهم هذا النظام مقعدا يتيما اخر او اثنين في احسن الاحوال في الانتخابات البرلمانية المقبلة ، فانهم بذلك يشرعون كما الاخرين للحصول على مزايا ومكتسبات الدولة العراقية بصورة محاصصة ، ، وحسب هذا المفهوم فان المسيحيين يسعون لنيل مكتسبات على قدر حضورهم السكاني لا غيرعلى اعتبار انهم قوم مسالم ويمدون أرجلهم على قدر طول لحافهم ، فهل يتم لهم الحصول على حقهم المخمن حسب الطريقة الطائفية لادارة الدولة العراقية ؟

هذا هو السؤال وغيره كثير !
ان النهج الطائفي لتوزيع مكتسبات الدولة العراقية ، خلف صراعا مريرا بين المكونات العراقية، و لا تزال الجماهير العراقية تعيش ملابساته في كل الاتجاهات حتى هذه الآوان، وقد وقع المسيحيون في العراق ضحية له اكثر من غيرهم، ليس فقط نتيجة خطف وتغييب الكثيرين منهم ، وانما لهجرة اعداد هائلة من سكانهم الى خارج العراق انقاذا لارواحهم والبحث عن دول توفر لهم بعض الامان والاستقرار المفقود في بلادهم .

الاخطر على المسيحيين في العراق في هذه المرحلة ، هو ادامة النهج الطائفي للدولة العراقية ، مما يعني المزيد من الفوضى ، والمزيد من العنف ، ثم المزيد من هجرتهم خارج العراق ، والجدير ذكره ، هو ان انبراء المسيحيين وقادتهم لنيل بعض المكتسبات من قبيل الكوتا الانتخابية وغيرها ، لا يمكن تحميلهم وزر تخبطات ما آل وما يؤول اليه الوضع العراقي ، لكن المرارة هي انهم المكتوون اكثر من غيرهم بكل تخبط يصيب الساحة السياسية العراقية الامر الذي يقتضي منهم الحذر اكثر من غيرهم للحفاظ على بقاء وجودهم الفعال في العراق .

علي أية حال ، قد تكون منة البرلمان العراقي بمنح المسيحيين بعض المقاعد اليتيمة في مجالس بعض المحافظات ، حافزا لهم لتبصر الامور المحيطة بوجودهم في العراق ، والانطلاق لتجاوز هذه المقاعد المحددة عبر توحيد صفوفهم والتراصف مع القوى الحضارية في العراق في الانتخابات المحلية القادمة لتيسير مهمة انطلاق المشروع العلماني العراقي مستقبلا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أمريكا تزود أوكرانيا بسلاح قوي سرًا لمواجهة روسيا.. هل يغير


.. مصادر طبية: مقتل 66 وإصابة 138 آخرين في غزة خلال الساعات الـ




.. السلطات الروسية تحتجز موظفا في وزارة الدفاع في قضية رشوة | #


.. مراسلنا: غارات جوية إسرائيلية على بلدتي مارون الراس وطيرحرفا




.. جهود دولية وإقليمية حثيثة لوقف إطلاق النار في غزة | #رادار