الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مدى خطورة استخدام المرتزقة في قوة الجيش الأمريكي

خالد عيسى طه

2008 / 11 / 11
الارهاب, الحرب والسلام


الجيوش عادة تخضع الى ضبط وانضباط وفق قانون وتعليمات الجيش الذي تنتمي اليه خاصة اذا كان الجيش غازيا محتلا لبلد آخر، اذ ان أتفاقيات جنيف تلزم الجيوش أثناء الحروب بالتمسك بأتفاقيات جنيف التي ولدت بعد الحرب العالمية الأولى، وتضمنت هذه الأتفاقيات التي وصلت اليها بعد صراعات طويلة مروعة حدثت أثناء الحرب وقسى البشر على البشر ومثل به خاصة في حالات الأسر، ولولا هذه الأتفاقيات التي هي مظهرا من مظاهر التقدم الحضاري بفرض الرحمة والقانون بين الجيوش المتحاربة مع شدة وضراوة الحرب في معارك طاحنة قدم العالم الملايين من أفراده وقودا للصراعات الأقتصادية والتوسعات الأقليمية. ولأصبحت قوانين الغابة هي السائدة لتجاوز المنتصرون كل القسوة والوحشنة.
من الضروري أن نشير كيف ومتى نشأت أتفاقيات جنيف الأولى. وجد المتحاربون أثناء الحرب العالمية الأولى أنه ليس هناك أقسى من البشر على البشر، فالحيوانات لا تضاهي الأنسان في القسوة، فالأسد مثلا يتعفف عن افتراس ضحيته وهو ليس بحاجة الى طعام، ولا يمثل بالجثة التي يريد أن يفترسها الا بالقدر الذي يشبعه، أما البشر فقد وجد نفسه أثناء الحروب أنه يتلذذ في قتل الأسرى الذين لا حول لهم ولا قوة وهم عزل، في حين من المفروض أن يكون تحت حماية الجيش الذي يأسره، بل وجد علماء النفس في الحروب تتغلب روح القطيع على مجموعات واسعة في معركة واحدة فيبدأون بقتل جماعي ولايكتفون بالقتل بل يمثلون بجثث القتلى، والتاريخ ملئ بالشواهد التي تدل على قسوة الأنسان. ويحكى في هذا التاريخ من أحداث أن الشعب النورماندي وهو يمثل الدول الأسكندنافية وهولندا وبلجيكا وكان يطلق عليهم ( الفايكنك ) الذين يملكون شعرا كثا طويلا يهاجمون الجزر البريطانية وكان يطلق على الأنكليز (الفايكونك). وبعد الأنتصار على الجيش يأخذون بسبي النساء وقتل الأطفال كما انهم يبدأون بقطع رؤوس أسراهم من النكليز وبعد تنظيفها وتجفيفها يبدأون بشرب ( الواين الأحمر ) بقحف الجمجمة يستعملونه كقدح يتلذذون السكر ممجدين انتصارهم العسكري.
مثل هذه القسوة جعلت المنظمات الأنسانية تنشط للتخفيف من ويلات الحرب، وفي خلال القرن الثامن عشر بدأت جمعية الصليب الأحمر تلطف من أجواء الحرب وتقوم بتخفيف الويلات وتحافظ على الأسرى وتعمل على تبادلهم البعض مع البعض، وتمركزت هذه الجمعية وانتشرت بسرعة لحاجة البشرية لها ولوجود وعي، ان الأفراط في القسوة ذو حدين ينوش طرفي القتال، وهكذا بدأت اجتماعات جنيف وحصل نتيجة هذه الأجتماعات اتفاقيات مهمة ومنها أتفاقية عام 1949 وتعديلاتها عام 1977، ومن أهم ما أتفق عليه والتي هي ملزمة لكل فريق حضر الأجتماع ووافق على البنود ووقع عليها، وحصلت الموافقات الدستورية من تلك الدول التي وقعت الأتفاق، لتصبح ملزمة للدول التي اعتبرت نفسها عضوا في الأتفاقيات، والعراق من الدول المهمة التي ارتضت لنفسها الموافقة والتوقيع عليها بشكل شرعي وقانوني بعد توثيقها والمصادقة عليها من مصادر التشريع في دولتها، ومن أهم المبادء التي جاءت بها بأختصار هي الآتي:
1- على الدولة الغازية المحتلة أن تضمن مقومات الحياة للشعب الذي تحتله ومنها:
أ‌- توفير الحماية للشعب بصورة مطلقة.
ب- توفير مقومات الحياة من ماء وكهرباء ومستشفيات وغيرها.
ج- توفير كل مستلزمات عدم انتشار الآفات الأجتماعية والكوارث الطبيعية منها الأمراض الوبائية.
2- العمل على حصر التشريعات بالحد الأدنى مما يؤمن الحفاظ على أفراد الجيش، والجيش المحتل لا يملك صلاحية التشريع وانما عليه العمل بالقوانين القديمة المعمول بها ويترك امر تعديلها الى حكومة مستقلة لها سلطة التشريع.
3- على الجيش المحتل أن يفرق بين أسير الحرب ومجرم الحرب، فعليه أن يعامل أسير الحرب وفق نصوص أتفاقيات جنيف ويندرج بها الأمور التالية:
ا- معاملة الأسير بكل أحترام ولايجوز تعذيبه وأنتزاع الأعتراف منه بالأكراه المادي أو المعنوي ( الملجأ وغير الملجـأ ) ونعني بالأكراه المادي استعمال القسوة البدنية من ضرب وتعذيب، أما الأكراه المعنوي هو منعه من النوم فترات طويلة أو ربطه من الخلف بحبل معلق بالسقف وغيرها. هذا الأكراه يحاسب عليه القانون وتمنع الجيوش من الأتيان به، وللأسف الشديد القوات الأمريكية لم تراعي هذا البند من الأتفاقية.
ب- لا يجوز للجيش المحتل ان يعرض صور الأسير وبأي وضعية كانت تقلل من قيمته وشخصيته وتقلل من شأن البلد الذي ينتمي اليه، وللأسف أن الجيش الأمريكي ضرب كل هذه القوانين عرض الحائط.
ج- يجب اجراء محاكمة الأسرى وفق قوانين البلد المحتل وفي محاكم ذلك البلد، ولا يجوز غير ذلك الا بقرار من مجلس الأمن كما حدث في محاكمات دولية مثل (نورنبرغ ) و( ميلوزفيج ) التي حصلت بأرادة قانونية دولية.
د- يجب أن يحصل من يحال للمحاكمة على محام يدافع عنه الا اذا رفض ذلك تحريريا، وهي تطابق ( ميلوزوفيج ) الذي فضل أن يدافع عن نفسه بنفسه.
هـ- أن يسمح للأسير بالأتصال بأهله ومراسلتهم خلال سبعة أيام من أسره.
وهناك جوانب كثيرة على جيش الأحتلال مراعاتها وهي ارادة دولية نظمت بأتفاقيات دولية لها نفاذ القانون وقوته. والواقع نحن كمحامين بلا حدود في حيرة من تفسير ما يأتي به الجيش الأمريكي من أساليب وبأي باب قانوني يمكن وضعها، وأول هذه الحالات التي تفلقنا هي وجود عشرات الآلاف من العراقيين خلف أسوار السجون، فهل هؤلاء أسرى حرب ؟ واذا كانوا كذلك فأين التحالف المحتل من أتفاقيات جنيف ؟ وما هي حقوقهم المنصوص عليها قانونا خاصة ويقال أن مئات منهم قد ماتوا تحت التعذيب. وما هو التكييف القانوني للنساء العراقيات الكثير عددهن القابعات في السجون وتقول بعض الهمسات أن بعض الجنود يعتدون على بكارتهن، فما هو المسوغ القانوني وما هي الحالة القانونية وبأي تهمة يساق هؤلاء الجنود مع قياداتهم لو تهيأ للعراق أن يحرك الدعوى الجزائية ضدهم ؟
ثم ما هو مصير القوانين التي قام بتشريعها الحاكم بريمر التي زاد عددها على (56) قانونا والتي منعت تشريعها أتفاقيات جنيف وليس كل هذه القوانين جاءت لمصلحة الشعب العراقي وخاصة قانون الأستثمار الذي باع العراق بالمزاد العلني الدولي للكارتلات الرأسمالي.
ثم حالة أخرى هو ما حق ذوي المدمرة بيوتهم وقتل أبنائهم نتيجة القصف، والعراق لم يعلن الحرب على أمريكا.
وهناك عشرات الحالات القانونية والأسئلة تتراقص أمام ذهنية رجل القانون المتابع لأيجاد حلول عادلة قانونية للتخبط الذي أجراه الأحتلال.
ولكن المهم في هذا المقال ان هذا الجيش الذي كان وجوده في العراق دون شرعية، وكان تصرفه مخالفا للمشروعية من ابتداء القصف حتى اعلان بوش انهاء العمليات العسكرية في العراق، وهناك تصرفات فردية يقوم بها أفراد الجيش المريكي خاصة في الوسط والشمال من مداهمات واعتداءات والقتل العشوائي والقتل بعتاد ذكي والقتل بقذيفة صديقة وغيرها. كل هؤلاء الضحايا يجب أن تدرس كيفية تعويض ما فقدوه.
ولكن الأخطر من كل هذا وذاك أن أمريكا أعلنت على لسان البنتاكون بأنها تحتاج الى مئات الآلاف من المترجمين وأفراد الحراسة وذوي الختصاصات في التعقيب والتفتيش عن صدام وزمرته ودخولهم للعراق وفق عقود مع الشركات العالمية وهي عقود قانونية موثقة مكنتهم دخول العراق، ولكن ليس هناك أي ضابط لتصرفاتهم في العراق سواء كانت مصدرها اتفاقيات جنيف أو أي قانون آخر، اذ لايخضعون لأي مسؤولية قانونية أو ارتباط مع جهة عسكرية، اذ ان الجيش المريكي لا يملك أي سلطة على هؤلاء المرتزقة فهي تستخدم لأغراضها فقط ولاتتحمل مسؤولية تصرفاتهم، وهكذا وجدنا في العراق النسبة العالية من تصرفات غير قانونية حتى حدا باللجنة التحقيقية في الكونكرس الأمريكي أن تستجوب المسؤولين عن هذه التصرفات، انها برأيي أخطر على العراق من جيش الأحتلال، فاذا كان هناك أملا بالرجوع على الجيش المحتل ومطالبته بالأضرار فعلى من ترجع على أعمال العنف من المرتزقة الذين أغراهم أرتفاع الراتب والكسب السريع في جسم فريسة أسمها دولة العراق.
علينا مناشدة المنظمات الأنسانية منها منظمة حقوق الأنسان ومنظمة العفو الدولية وكافة المنظمات التي تعود لهيئة الأمم المتحدة أن تقف بصلابة وعلانية لسحب هؤلاء من ساحات القتال العراقية. انها كارثة لم يشهد التاريخ لها من قبل، فالشعب العراقي يحارب ثلاث جهات شرسة، الجيش المحتل، العراقيون الآتون على ظهور الدبابات الأمريكية وهم المرتزقة وثالثهم جيش المرتزقة الواسع وهم كثيرون ومتعددوا المهام ومنهم القناصة والمترجمون والجواسيس ومنهم سراق المتاحف.
على كل عراقي يملك هاجسا وطنيا أن يقف معنا ويصطف ليعلن صوته عاليا انه ضد الأحتلال ويطالب بخروج المحتل وطرد من دخل ضد ارادة الشعب العراقي، وسيكون صوت العراق في المحافل الدولية يوم تنقشع هذه الغمة عن هذه الأمة صوتا عاليا علو الأعلام ذات الرواسي الشاهقة حتى يكون نبراسا لكل الشعوب التي تطالب بالحرية والسيادة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تداعيات دعم مصر لجنوب إفريقيا ضد إسرائيل


.. طالبة بجامعة جنوب كاليفورنيا تحظى بترحيب في حفل لتوزيع جوائز




.. الاحتلال يهدم منازل قيد الإنشاء في النويعمة شمال أريحا بالضف


.. الجيش الإسرائيلي: قررنا العودة للعمل في جباليا وإجلاء السكان




.. حماس: موقف بايدن يؤكد الانحياز الأمريكي للسياسة الإجرامية ال