الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل بوسع حازم جواد أن يقول الحقيقة ؟!

كريم عبد

2004 / 2 / 29
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


( تعليقاً على ما ورد في مذكرات حازم جواد في جريدة الحياة بين 9 إلى 18 شباط - فبراير )

     إذا كانت ( المؤامرة ) التي تحدثنا عنها نحن العراقيين وما نزال بصفتنا ضحاياها، تعني ( الخديعة ) و ( الغدر ) فإن حازم جواد لم يتحدث عن عملية ( الغدر ) التي تعرض لها جلال الأوقاتي قائد القوة الجوية الضابط العراقي المعروف بالجدارة والنـزاهة، إذ كانت أول عمل قام به البعثيون في تلك الصبيحة المريبة صبيحة 8 شباط ( فبراير ) 1963 !! ليتبعها بعد ذلك بيوم، الغدر بعبد الكريم قاسم وإعدامه دون محاكمة، لتكون النتيجة بمثابة المقدمة لكل ما جاء بعد ذلك، أي غدر العراق كله وتحويله إلى مقابر جماعية وأقبية وسجون لا يعرف العراقيون أبوابـها !!
ولم يتحدث حازم جواد عن عملية ( الخديعة ) التي مارسها  الضابط البعثي عبد الكريم نصرت، بل أطراه كثيراً !!  عندما هب العراقيون في تلك الصبيحة المريبة وأوقفوا دبابات الانقلابيين وأرادوا أن يحرقوها، لكن عبد الكريم نصرت وبقية الضباط البعثيين كانوا يعرفون بأن انقلابـهم ليس ضد عبد الكريم قاسم كشخص ولا من أجل الوحدة العربية المزعومة، بل هو واحد من تلك الثورات المضادة التي اضطلعت بـها المخابرات الأمريكية في العديد من بلدان العالم الثالث وقت ذاك، لذلك كان لا بد أن يقترن الغدر بالخديعة لتكتمل هوية الانقلاب.
هل هذه حقائق واقعية أم وجهة نظر ؟!
 لقد كانوا لصوصاً أرادوا أن يكسروا شوكة الشعب العراقي ليتمكنوا من سرقة الدولة وأحلام الناس والتاريخ، فقد هيئوا ( الخديعة ) مسبقاً. وحين حاصر العراقيون دبابات الانقلاب، قام عبد الكريم نصرت بإخراج صور عبد الكريم قاسم من دبابته وعرضها على الجمهور الغاضب ثم وضعوا صور الزعيم على دباباتـهم وحين تفرق العراقيون مطمئنين، يقول عبد الكريم نصرت متفاخراً : ( استدرنا وسحقناهم سحقاً ).
وهذا ما لم يستطع حازم جواد أن يذكره أيضاً.
وبعد ذلك بقليل ولكي يعلنوا عن هويّتـهم كحزبيين وعسكريين مغامرين، قاموا باعتقال عالِم الفيزياء العراقي الكبير عبد الجبار عبد الله عميد جامعة بغداد وسجنوه في المراحيض ثم ربطوه في إسطبل مع الخيول !! فهل هناك حقد على الإنسان العراقي أكثر من هذا ؟!
كل هذا حدث بتخطيط وتنفيذ وأوامر من حازم جواد ورفاقه في القيادة القطرية. فكيف نتوقع من قاتل الحقيقة التي لم يتمكن منها إلا بالغدر والخديعة والانتقام، أن يقول الحقيقة لضحاياه ؟! وهل يعرف الغدارون والمخادعون ومن سيطرت عليهم غرائز الانتقام، أن يفهموا معنى الحقيقة حقاً ؟!
 ألم تحولوا العراق إلى حمام دم في تلك الأيام السود ؟!
وبالنسبة للضحايا مثخني الجراح، هل هناك فرق حين يكون آخر مشهد رأوه وهم يستقبلون رصاص القتلة : هو نظارات حازم جواد أم شوارب صالح مهدي عماش ؟!
    أبعدَ كلِّ ما جرى تقول يا حازم جواد : ( لا دم على يديَّ ) !! إذن من خطط للخديعة ؟! ومن أمر بتنفيذ الغدر ؟! وإذا كنت أنت وحزبك على حق، فهل كان الشعب العراقي على باطل ؟! ربما !! لأنه فقط بـهذه الطريقة يمكن أن تسلموا من حساب التاريخ، أي فقط عندما تنقلب الحقيقة على رأسها، فتصبحون أنتم الضحايا ونؤدي نحن القتلى والمنفيين داخل البلاد وخارجها، دور الجلادين !!
فهل تعجبك هذه الكوميديا السوداء ؟!
لهذا قال مظفر النواب : ( المقلوبون يرون العالم بالمقلوب )
أن أخطر التباس عشناه نحن العراقيين مع هذه الشخصيات المغامرة، هو في الجدار الذي تشكله الثقافة الغريزية العدوانية لهؤلاء البعثيين المتوقدة عقولهم شراً. الذين لا يفرقون بين الشجاعة وبين الشراسة !! الذين لا يفرقون بين صناعة التاريخ وقتل التاريخ !! ولا بين الاعتراض على حاكم يصفونه بالديكتاتورية وبين براءة شعب ينهض تواً من قرون الحروب المحلية والدولية والانقطاع الحضاري المرير !!
لقد حوّل البعثيون العراق إلى حقل تجارب لكل أنوع الغدر والغش والخداع، فسرقوا الدولة وأحلام الناس وأطفئوا بريق الأمل في عيون الأطفال !!
لست شيوعياً، وليس من مهمتي الدفاع عن أحد، لكن ووفقاً للتجربة، فقد كان قتل المشروع الوطني الديمقراطي بحاجة إلى كبش فداء، ليتم لاحقاً تبرير الاستبداد يميناً وشمالاً !
وبعد أربعين سنة من القهر والرعب والدمار، لم يبق بعدها في قلوب الناس مكان يراهنون على النفاذ منه لتطوير الخديعة والغدر . بعد أن سقطت الأقنعة، هاهم يعودون للحديث عن الحقيقة والتاريخ بدل أن يتحدثوا عن ظلام الغدر وبؤس الخديعة !!
هل يستطيع الجلاد أن يقول الحقيقة عندما يتحدث عن ضحاياه أو معهم ؟! بل هل يعرف الجلاد المعنى الأخلاقي لمفهوم الحقيقة بطريقة تجعله يرتد إلى الوراء خطوتين أو ثلاثة قبل أن يمد يديه المرعوبتين لتشويه وجهها ؟!
إذا كان هناك من يعتقد بأن في وسعه أن يقلب الحقيقة على رأسها، فعليه أن يتأكد بأنـها ستصرخ من كثرة الجروح، جروح الناس وألم التاريخ، ستصرخ حتماً لتقول : لا يمكن أبداً أن يكون المرء مجرماً وبطلاً في نفس الوقت.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ريبورتاج: تحت دوي الاشتباكات...تلاميذ فلسطينيون يستعيدون متع


.. 70 زوبعة قوية تضرب وسط الولايات المتحدة #سوشال_سكاي




.. تضرر ناقلة نفط إثر تعرضها لهجوم صاروخي بالبحر الأحمر| #الظهي


.. مفاوضات القاهرة تنشُد «صيغة نهائية» للتهدئة رغم المصاعب| #ال




.. حزب الله يعلن مقتل اثنين من عناصره في غارة إسرائيلية بجنوب ل