الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بعيداً عن الثرثرة السياسية

عبد اللطيف المنيّر

2008 / 11 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


ما طرحه المرشح الفائز أوباما، من خلال خطاب الفوز الذي القاه عقب إعلان نتائج الانتخابات الأميركية في مدينة شيغاغو بولاية الينوي، انما ينضوي على عدة نقاط هامة حددت مسار خطة عمله في مرحلة السنوات الأربع القادمة، وخلال 18 دقيقة وبعيدا عن الثرثرة السياسية، كانت كل لفظة فيه حجر أساس لفكر أوبامي جديد ستجد طريقها بالانتشار العولمي السريع.

لكن مايلفت النظر في خطابه الدقيق، نقطة في غاية الأهمية، وتعتبر قمة الهرم في العمل السياسي الذي سيتّبعه أوباما، والتي يفتقدها بعض من حُكامنا وسياسي المنطقة في الشرق الأوسط، عندما قال واعداً: " سأكون صادقا معكم حول التحديات التي تواجهنا، وسوف أكون مستمعاً جيدا، وخصوصاً عندما لا نتفق ! " أو بترجمة اخرى "عندما نختلف ".

المصارحة مع حُسن الاستماع، النقطة الغائبة في مجتمعاتنا، وفي حياتنا السياسية. الاستماع الذي يؤطر لمفهوم الحوار للوصول إلى الهدف المنشود. إن غياب هذه النقطة في كبرياء الآنا المتعاظمة في شخصيتنا العربية، مع وجود التعتيم الممنهج والمقصود، وعدم إعطاء فرصة للاستماع للطرف الآخر المختلف من قبل الأنظمة الحاكمة، كان من نتائجها العنف، والاضطراب في حياتنا الاجتماعية، والذي انعكس على شكل وهن سياسي أخّرنا عن الأمم، واعاقنا عن اللحاق بالركب الحضاري.

بيد أننا لا نستطيع أن نقول أن اميركا بدأت بالتغيير، في نجاح أوباما كرئيس قادم للولايات المتحدة الأميركية. بل التغيير بدأ منذ تحرير العبيد في أميركا، وبلغ ذروته في تطبيق قوانين الفصل والتمييز العنصري، مرورا بأحلام مارثن لوثر كينغ في خطابه الشهير عام 1963 في شهر آب/اغسطس. لكن نستطيع أن نقول أن فترة اوباما القادمة ستكون تطبيقاً وتتويجا لهذه القوانين والأحلام على أرض الواقع. وإن صح القول واستطاع الرئيس الجديد تنفيذ ذلك كما وعدنا، تكون أميركا قد دخلت منعطفا تاريخياً، كما دخلتها في الانتخابات الأخيرة الرئاسية.

الأوبامية هي حصاد لثقافة الديمقراطية التي تأصلت لدى الشعب الأميركي منذ عقود، لكن استطاع أوباما أن يحرر هذا الشعب من سيطرة الإعلام على عقله، وفك قيود اليمين المتطرف الذي عششت في تلافيف بعض العقول المؤيدة للنهج البوشي. ويضع يده بذكاء على مفاصل التطور الحضاري المتاحة ليستفيد منها في مشروعه كنهج جديد آت.

في معظم المؤتمرات واللقاءات التي كُنت أدْعى إليها، وحتى في المحاضرات التي ألقيتها، كان التركيز دائما أن الديمقراطية مطلب كل الشعوب، لكنها لا تفرض بين عشية وضحاها على دول الشرق الأوسطية، وينام الشعب في ظل الاستبداد السياسي والظلم، ولا يستطيع أن يطوي عقوداً من القمع وسلب الحريات في غمضة عين أو اقل منها، ويصحو صباحاً ليجد نفسه في بلد ديمقراطي! والديمقراطية ليست مادة معلبة للتصدير، أو وجبة سريعة للتناول.

وفي محاضرة القيتها في جامعة ميرلاند الشهر الماضي لطلاب الدراسات العليا- الماجستير، ومن خلال أسئلة الطلاب في نهاية المحاضرة، التي كانت غنية النقاش، أوضحت تماما إذا كانت أميركا تتطالب الأنظمة الحاكمة في الشرق الأوسط بتطبيق الديمقراطية، فيجب أن يسبقها برامج تؤسس لثقافة الديمقراطية لدى الفرد أولا، ومن ثم يأتي تطبيقها على المجتمعات تاليا.

هو نفسه المفهوم الثقافي، الذي أخذ من أميركا الوقت الكافي، وامتد لعقود طويلة حتى وصلت إلى نتائجه باليوم التاريخي في فوز المرشح الديمقراطي أوباما، وحتى نتدارك ما حصل في العراق، فإن مَثل الديمقراطية كمَثل، ان تعطي مفتاح أول سيارة لإبنك عندما يبلغ السن القانونية لقيادتها، يجب التأكد أنه يستطيع أن يقودها بسلام، وإلا ستكون خطراً عليه وعلى غيره !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القضية الفلسطينية ليست منسية.. حركات طلابية في أمريكا وفرنسا


.. غزة: إسرائيل توافق على عبور شاحنات المساعدات من معبر إيريز




.. الشرطة الأمريكية تقتحم حرم جامعة كاليفورنيا لفض اعتصام مؤيد


.. الشرطة تقتحم.. وطلبة جامعة كاليفورنيا يرفضون فض الاعتصام الد




.. الملابس الذكية.. ماهي؟ وكيف تنقذ حياتنا؟| #الصباح