الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بوسعدية قاب قوسين أو أدنى من حكم العالم

أحمد الفيتوري

2008 / 11 / 29
كتابات ساخرة


تابعت في سنين العمر الأولي قضية الزنوج في أمريكا التي كما لو كانت زرائب العبيد في حي الصابري في مدينة بنغازي حيث أقطن، وكان مارتن لوثر كينج كما بوسعدية الزنجي الذي تلفع العظام وعلب الصفيح الفارغة ويدق طبله في عيد الزنوج في حيهم زرائب العبيد ، هذا الـ بوسعدية الذي يجعلنا نمسك نحن الأطفال كل منا ظهر الآخر مغمضي العيون نردد :
وين حوش بوسعدية
ما زال لاقدام شوية .
هكذا كانت قضية الزنوج في الولايات المتحدة الأمريكية قضية شبابي الأول ، وكأن حريتهم قوت يومي وأفق عالمي ؛ أمريكا بعد الحرب الثانية قائدة العالم وأمريكا مجتمع إنساني لا مثيل له في تاريخ البشرية ،من هذين كانت تعشش هذه القضية في صدور قاطني الكرة الأرضية حتى زرائب العبيد في حي الصابري.
لذا كان القس مارتن لوثر كينج كما نبي عصري يلهج بما في صدور الناس كافة ، ولم يكن بعيدا عنا كان الترانزيستور قد تكفل باختصار الطريق . ووقتها كما كان النبي أسود كان الشيطان أسود؛ تشومبي عميل الاستعمار من غدر بباتريس لومومبا الثائر الأفريقي، لقد كانت نهضة العالم من بوتقة سوداء .
هذا في سنين العمر الأولي ولم يمر عن ذلك الكثير؛ بين العقد السادس في القرن العشرين والعقد الأول في القرن الواحد والعشرين سنوات قليلة، كي يظهر مارتن لوثر كينج ليس كقائد لحركة الزنوج في أمريكا قائدة العالم فحسب، ولكن كإمكانية مضطردة لقيادة العالم من خلال منصب رئيس للولايات المتحدة ذاتها، التي اغتالت القس الزنجي بالأمس القريب واليوم تنقاد لحفيده اوباما .
فأي تغير عظيم حدث في العالم .
كنا كأطفال في حينا نتقبل أن يكون رسول فرحنا بوسعدية الزنجي الذي نبحث عن بيته في لعبتنا تلك ، كأننا نبحث عن بيت كنز الفرح . لكن للكبار نظرة أخرى ليس أقلها أن الزنوج يكنون بالعبيد ازدراء كما يُكن الغبي بأنه ربع دماغ كما عبد أسود.
كانت ثقافة أهلنا عنصرية الطابع كما كانت طفولتنا خلو من تلكم الثقافة لذا أحببنا دنقة العبيد، طبل الزنوج بوق فرحنا.
وفي شبابي الأول كان هذا الطبل بوق الحرية. لقد كان زنوج أمريكا تلك اللحظة يعيدون صياغة العالم دون أن ندرى، ولم يكن ذلك يتسنى لهم في غير العالم الجديد أندلس عصرنا أي الولايات المتحدة الأمريكية المجتمع الإنساني الجديد؛ مجتمع قوس قزح .
ما طرا من تغير ليس ما طرا لقطة علي صفيح ساخن، هو أعظم لأنه في نخاع عظم العالم، وكل التغضن الذي نرى علي وجه هيلاري كلينتون هو نتاج الدهشة من أن الشعب الأمريكي قد تجاوز تابو اللون والجنس معا ، وأن كونها امرأة ثم بيضاء لا يكفيان لترجيح الكفة .
لذا كانت ارتباكاتها مما جعلها تغترف من معين الدن القديم في مواجهتها مع اوباما، ولعل هذا بالذات مما يساهم في هزيمتها: أنها لم تعي المتغيرات التي ترفعها كشعار لحملتها الانتخابية.
وأن نجاح أوباما حتى الساعة صدقيته ووعيه بهكذا متغيرات.
إن الدرس الرئيس أن ما حدث في العالم قد حدث في فترة وجيزة وظرف زمان ساخن، لذا لا بد من وعى في نفس المستوى وفعل لا يستكين لمرجعية أفقدها المحك مصدقيتها.
اوباما ابن لهكذا وعى وأيقونة لهكذا تغير.
فالمجتمع الأمريكي الذي يقود العالم منذ عقود يمتلك قدرة اختزالية للزمن ؛ وفي مقدوره في فترة وجيزة أن يحدث نقلات نوعية ليس بمستطاع المجتمعات ذات الثقافة والتاريخ القديمين أن تفعلها. لأن تلك المجتمعات تنتمي لماضي البشرية ويثقلها تاريخها في ذلك .
إن مارتن لوثر الجد الروحي لاوباما؛ لم يظن لبرهة أن القس الزنجي قد افتدى بروحه ودمه تحولا يشبه الأسطورة : الأسطورة تصوغ ما مضى في لحظة شعرية راهنة لذا هي روح المستقبل .
اوباما أيقونة لن تغير السياسية الأمريكية ذات المؤسسات المحافظة حيث من طبيعة الدول الكبرى المحافظة كما الإنسان في كبره وجبروته،لكن هذه الأيقونة هي ساسة التغيير ذاتها، لقد فتح الباب علي مصراعيه.
وإذا كان لا أحد توقع هزيمة ماركس فكذلك لا أحد توقع نجاح مارتن لوثر كينج ، لكن الأول كان من الطوباوويين الذين يساهمون في نجاح الثاني الذي هو من الواقعيين الذين ينزلون طوباوية الأول من السماء إلي الأرض .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مارتن لوثر كنج جونيور Martin Luther King JR . ولد في 15 يناير عام 1929 - و توفى في 14 أبريل 1968). زعيم أمريكي من أصول أفرقية ، قس وناشط سياسي إنساني، من المطالبين بإنهاء التمييز العنصري ضد بني جلدته، في عام 1964 م حصل على جائزة نوبل للسلام، وكان أصغر من يحوز عليها. اغتيل في الرابع من أبريل عام 1968، ويعد يوم الاثنين الثالث من كل شهر يناير (تقريبا موعد ولادته) عطلة رسمية في الولايات المتحدة الأمريكية اعتبر مارتن لوثر كنج من أهم الشخصيات التي دعت إلى الحريه وحقوق الأنسان.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم السرب يتخطى 8 ملايين جنيه في شباك التذاكر خلال 4 أيام ع


.. الفنان محمد عبده يكشف عبر برنامج -تفاعلكم- أنه يتلقى الكيماو




.. حوار من المسافة صفر | الفنان نداء ابو مراد | 2024-05-05


.. الشاعر كامل فرحان: الدين هو نفسه الشعر




.. جريمة صادمة في مصر.. أب وأم يدفنان ابنهما بعد تعذيبه بالضرب