الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ماذا بعد رفض -الإصلاح- من الخارج؟

باتر محمد علي وردم

2004 / 3 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


ربما لم يتفق العالم العربي، بمكوناته السياسية والثقافية الرسمية والشعبية معا على موقف ما خلال العقود القليلة الماضية كما اتفقوا على رفض مشروع "الشرق الأوسط الكبير" الذي تطرحه الإدارة الأميركية كأداة للإصلاح الديمقراطي في العالم العربي.
وقد تمت كتابة مئات بل آلاف المقالات في انتقاد هذا المشروع، ومنهم لكاتب هذه السطور، وصدرت العشرات من التصريحات للقادة السياسيين في العالم العربي وجواره الإسلامي تنتقد المشروع الأميركي، ولكن من المفيد بعد هذه الحملة أن نلتقط الأنفاس ونحاول تحليل دوافع هذه الانتقادات.
هناك ثلاث دوافع رئيسية لانتقاد المشروع الأميركي تقودها ثلاث تجمعات سياسية وثقافية في العالم العربي. الموقف الأول نابع من رفض ثقافي-ايديولوجي لمفهوم الديمقراطية والتعددية السياسية واحترام الرأي الآخر ويستند إلى وهم امتلاك الحقيقة المطلقة وسيادة الرأي الواحد في ، وتمثل هذه الفئة الأحزاب والتيارات الإسلامية والقومية وبعض التجمعات اليسارية المعادية لكل طروحات الولايات المتحدة.
الموقف الثاني هو موقف النظام العربي الرسمي الخائف على مزاياه ومكتسباته السياسية من الضغوطات الخارجية ويريد الدفاع عن القمع والاستبداد وغياب الحريات والتعددية بارتداء ثوب الدفاع عن ما يسمى "الخصوصية العربية" في وجه قوى التغيير الخارجي، وهناك الكثير من الإعلاميين والمثقفين من وعاظ السلاطين والمدافعين عنهم ممن ينتقدون المشروع الأميركي.
الفريق الثالث، وتمثله التيارات الديمقراطية الليبرالية واليسار الجديد في العالم  العربي ومنهم كاتب هذه السطور يؤمن بأن الديمقراطية والتعددية والحريات العامة والعدالة والتنمية هي السبيل الوحيد للإصلاح في العالم العربي، ولكنه متأكد بأن الولايات المتحدة ليست ابدا هي الطرف صاحب المصداقية في قيادة هذا التوجه وأن تدخل الإدارة الأميركية يقوض كل جهود التيار الديمقراطي الإصلاحي العربي الذي دفع رموزه سنوات كثيرة من حياتهم في سجون أنظمة تؤيدها الولايات المتحدة أو دفعوا حياتهم بسبب رصاصات من فكر متطرف دعمت صعوده الولايات المتحدة أيضا.
رفض الإصلاح من الخارج خطوة وتوجه صحيح ولكن لا يجب أبدا أن يمثل النهاية، ولا أن تلتف القوى السياسية العربية على جوهر ومبدأ الإصلاح الديمقراطي بحجة أنه تدخل من الولايات المتحدة. الإصلاح السياسي والثقافي، والذي نفهمه بأنه يتضمن التعددية السياسية وإطلاق الحريات العامة والعمل على مكافحة الفساد وتوعية المجتمع وتقوية القدرات الذاتية للعالم العربي وتنمية المعرفة والموارد البشرية هو مطلب العالم العربي ولا يمكن ابدا أن يبقى العالم العربي في حالة ثنائية الاستبداد والاستلاب القائمة حاليا ما بين غياب الحريات بفعل الحكم الأوحد أو بسبب الاحتلال الأجنبي.
لا مهرب ولا مفر أمام الدول العربية من تبني الإصلاح السياسي بجدية، والمكابرة ومحاولة تجاهل الواقع لن تؤدي في النهاية إلا إلى تأزم الموقف الداخلي وزيادة فرص التدخل الخارجي، ولكن السؤال الهام الذي يطرح نفسه وبمنتهى الصراحة هو عن قدرة الشعوب العربية فعلا من خلال الوعي الثقافي والسياسي السائد لديها في العمل على تحقيق إصلاحات ديمقراطية حقيقية، وهذا سؤال يحتاج إلى حديث مستقل!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. خبراء عسكريون أميركيون: ضغوط واشنطن ضد هجوم إسرائيلي واسع بر


.. غزة رمز العزة.. وقفات ليلية تضامنا مع غزة في فاس بالمغرب




.. مسيرة إسرائيلية تستهدف سيارة مدنية شمال غرب مدينة رفح جنوب ق


.. مدير مكتب الجزيرة في فلسطين يرصد تطورات المعارك في قطاع غزة




.. بايدن يصف ترمب بـ -الخاسر-