الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لا تنتحر ولا تذهب إلى المملكة!

رمضان متولي

2008 / 11 / 14
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


ماذا تفعل لو كنت عاطلا وفقيرا يحاصرك من كل اتجاه غلاء الأسعار والبذخ المستفز للأغنياء ولم تكن قادرا على، أو راغبا في، أن تصبح لصا أو قاطع طريق؟ ماذا تفعل لو داهمك إحساس بالغبن وبأن عمرك يسرق أمام عينيك وأنت محلك سر، وأن فرص الحياة الكريمة في وطنك تضاءلت أمامك بسبب سياسات دولة تنحاز إلى حفنة من ملاك الثروة الفاسدين وأصحاب النفوذ وتجند ضدك كل ما تمتلك الدولة من قدرة على القمع والتنكيل؟

لا تنتحر … ولا ترمي بنفسك إلى التهلكة، ألم تستمع إلى قوله تعالى: "ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها"؟ أمامك فرصتان لا ثالث لهما: إما أن تذهب إلى السعودية – أرض الحرمين الشريفين، أو أن تسافر إلى إسرائيل. انتظر! هذا مجرد افتراض جدلي لا يهدف إلا إلى المقارنة بين دولتين يذهب إليهما المصريون الآن بحثا عن الرزق وفرصة للحياة.

نصيحتي بالتأكيد أن ترفض الاثنتين، وأن تنهش الصخر والأرض والناس في بلدك حتى تحصل على حقوقك المهدرة والمنهوبة حتى لو تحولت إلى وحش حقيقي بكل معنى الكلمة. غير أن التحول إلى وحش يحتاج أيضا إلى قدرات وتدريب ومعاناة لا تتوافر للكثيرين من المسالمين الحالمين الراغبين في حياة هادئة ومستقبل أفضل. إن كنت كذلك، فلا يسعني إلا أن أتركك تختار بنفسك – نظرا لصعوبة هذا الاختيار – وإن كنت تعلم، فسوف تفضل الذهاب إلى إسرائيل.

لا تتسرع وتتهمني بالترويج للتطبيع. فهذا التطبيع أرفضه رفضا تاما، حتى وإن دافعت عنه الحكومة وزرعت سفارة للعدو الصهيوني على أرضنا، ووقعت مع هذا العدو اتفاقيات للتجارة، والمناطق الصناعية المؤهلة وتصدير الغاز إليه بأسعار أقل من بيعها للمصريين. أنا فقط وضعت هذا الافتراض لننظر على بينة أيهما أسوأ – الحياة في إسرائيل أم الحياة في السعودية حيث المدينة المنورة ومكة المكرمة وقبر الرسول الكريم.

لا تتعجب، فالمقارنة ليست في صالح أرض الحجاز التي مازالت تحكمها سلطة قبلية، وتفرض على الوافدين شروطا عبودية في العمل أو التنقل أو السكن وغيرها. إذا التحقت بعمل في إسرائيل لن يفرضوا عليك كفيلا يتحكم في حركتك ذهابا وإيابا بين المدن أو يبخسك حقك أو يملك أن يجبرك على مغادرة البلاد وأن ينهي التعاقد معك في أي لحظة. وإذا طالبت بحقك، ستجد نفسك مشردا وذليلا وضعيفا. بل إن بعض السعوديين يحصلون على تأشيرات لاستقدام عمالة على كفالتهم ثم يطالبون هؤلاء بالبحث عن عمل في السعودية وسداد مبالغ شهرية من رواتبهم لهم لمجرد السماح لهم بالعمل والبقاء في المملكة.

إسرائيل لا يوجد فيها كفيل. وتستطيع أن تعمل فيها لدى أي صاحب عمل وفقا لتعاقد قانوني واضح خاضع للعرض والطلب في سوق العمل، وإذا قررت ترك العمل في أي وقت والالتحاق بآخر أو الحصول على فرصة أفضل فلن تتعرض لأي مضايقات من صاحب العمل، لن يضطرك إلى مغادرة البلاد، ولن يسلبك حقوقك، ولن يفرض عليك أي إتاوات.

إذا ارتكبت خطأ مهنيا في السعودية، أو "ظن" بعضهم أنك ارتكبت خطأ مهنيا، فسوف يحكم عليك بالسجن أو الجلد أو الاثنين معا، فنظامهم القانوني ينتمي إلى القرون الوسطى، وهو أيضا كنظم القرون الوسطى لا يطبق على الجميع. فليس كل البشر سواسية أمام القانون في السعودية، ونحن المصريون من الفئات الدنيا والمستضعفة هناك – مثل الوافدين من إندونيسيا أو الفلبين. ولسنا من أصحاب الدم الأزرق مثل الأوروبيين والأمريكان، الذين لا يمكن تطبيق مثل هذه العقوبات الهمجية عليهم. إنتظر … لا تتسرع وتزعم أنهم يحكمون وفقا للشريعة. فلا يوجد في الشريعة حكم يصل إلى 1500 جلدة التي حكم بها على أطباء مصريين هناك لشبهة خطأ مهني، كما أن الشريعة لا تميز بين عربي أو أعجمي في أحكامها، ولا توجد أحكام بالسجن في الشريعة. الأطباء المصريون حكم عليهم بقضاء 20 عاما في السجن إضافة إلى 1500 جلدة. وإذا استأنفت حكما أو تظلمت منه تضاعف لك العقوبة في السعودية. فنظامها نظام متخلف وعنصري ضد الفقراء والمستضعفين، جبان أمام الأوروبيين والأمريكان، رغم تمسحه بالدين.

إسرائيل أيضا كيان عنصري ويتمسح بالدين. لكن الفرق أن لديها نظاما قانونيا وسياسيا حديثا يوفر مساحة أفضل لاحترام الإنسان – إذا لم يكن هذا الإنسان فلسطينيا بالتأكيد، وإذا كان على استعداد للاعتراف بها وعدم تهديدها على مستوى الوجود. هذا النظام القانوني لا يطبق عقوبات القرون الوسطى مثل الجلد، ولا يأخذ بالاشتباه، ولا يعاقبك على تظلمك من حكم صدر ضدك بمضاعفة العقوبة مثلما يحدث من قضاة السعودية ونظامها المخبول. لم نسمع أن حكم بالجلد على مصري يعمل في إسرائيل. ولم نسمع أن استغله "كفيل" واستعبده لكي يعمل لصالحه أو يشرده ويطرده من البلاد. فأيهما أكثر عنصرية وأكثر رجعية وتخلفا – السعودية أم إسرائيل؟

انتظر! لا تتذرع بخدمة مصالح القوى الاستعمارية في منطقتنا. فالسعودية وإسرائيل ومصر لا يختلفون عن بعضهم في هذا المجال. السعودية تستضيف أكبر قوة استعمارية في العالم على أرضها والتي انطلقت منها لغزو العراق وتدميره. والسعودية هي الذراع الأطول حاليا في محاولة إضعاف النظام الإيراني وتركيعه أمام القوى الاستعمارية متمثلة في الولايات المتحدة، ومحاولة تقويض قوى المقاومة في لبنان حماية لمصالح وأمن إسرائيل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وصلت مروحيتان وتحطمت مروحية الرئيس الإيراني.. لماذا اتخذت مس


.. برقيات تعزية وحزن وحداد.. ردود الفعل الدولية على مصرع الرئيس




.. الرئيس الإيراني : نظام ينعيه كشهيد الخدمة الوطنية و معارضون


.. المدعي العام للمحكمة الجنائية: نعتقد أن محمد ضيف والسنوار وإ




.. إيران.. التعرف على هوية ضحايا المروحية الرئاسية المنكوبة