الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سوريا وأيران ....ما بين لبنان والعراق ( الأتفاقية الأمنية والرؤيا الماركسية )

هيبت بافي حلبجة

2008 / 11 / 15
السياسة والعلاقات الدولية


يقول الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين في مؤلفه – المتون العشرة – بصدد باب حد قطاع الطريق : وهم الذين يعرضون للناس بالسلاح في الصحراء والبنيان ، فيغصبونهم المال مجاهرة لاسرقة . فمن منهم قتل مكافئاً أو غيره كالولد والعبد والذمي وأخذ المال : قتل ثم صلب حتى يشتهر ، وإن قتل ولم يأخذ المال : قتل حتماً ولم يصلب ... أجل أيها الشيخ الجليل أن النظامين السوري والإيراني يغصبانهم المال ، يقتلانهم ، يذبحانهم مجاهرة لاسرقة ، يتحدان إرادة شعوب الشرق الأوسط بالكذب والأفتراء والنفاق والدجل ، لايتورعان أيداًعن إتيان أي فعل شائن يخدم مصالحهم الضيقة المبتورة . هذا التحدي المطلق الأرعن والتدخل السافر الغليظ في شؤون الشرق الأوسط ولاسيما – العراق ، لبنان ، فلسطين ، والمملكة العربية السعودية – يضفيان على الأحداث طابعاً مأساوياً يفضي بها إلى مستنقع مليء بالجرذان والجراد . وآخر ما أستجدت قريحة ذينك النظامين هو موقفهما المتشدد الأخرق ضد توقيع الأتفاقية الأمنية ما بين الولايات المتحدة الأميركية والعراق الشقيق وأعتبارها موجهة ضد أمنهما الخاص . وما يسحق الألباب ويروع الطمأنينة وما ترتعش له الأفئدة إدراك المرء وتيقنه إن النظامين لا يجندان فقط بطرق أستخباراتية فريدة الأسلاميين المفرج عنهم لتنفيذ عمليات أرهابية في لبنان والعراق ( وفي سوريا بسيناربوهات أستخباراتها مسبفة الإعداد ) إنما يصنعان الأرهاب ، وهما من خلال أستحكامهما المطلق في الحدود اللبنانية والعراقية يهربان جهارة – يا فضيلة الشيخ الجليل – الأسلحة والمال والعناصرالمجندة والأرهابية ، على غرار شاكر العبسي وجماعة فتح الأسلام . وما يدمي اللب ويمزق الأحشاء إذ لاينهرهما ناهر ولايزجرهما زاجر في قتل وأغتيال كل من يصمد أمام بطشهما ويقاوم أستبدادهما . إزاء هذا الأرهاب ، إزاء هذا الطاغوت ، إزاء صناعة الأغتيال والدمار ألا يحق للعراق المكلوم أن يهرع رغماً عنه إلى ملاذ يعثر فيه على شيء من الطمأنينة والأستفرار ؟!!. ثم ما هي هذه الأتفاقية الأمنية ما بين الدولتين ؟ !!. مع العلم إن التساؤل هنا مزدوج ، فهل ثمت على الصعيد العراقي مخاطر، هواجس ، مساوئ لهذه الأتفاقية ؟ أم أنها لأستتباب الأمن في العراق وحمايته من الأرهاب السوري الإيراني وخططهما الجحيمية ومآسيهما المقيته ؟ . لنحلل المسألة إلى عواملها الأولية لنتلمس أين هي مباضع الجراح ، مراكز الكارثة . العامل الأول : الولايات المتحدة الأميركية . من حيثيات الوقائع التاريخية تتقلد الولايات المتحدة الدور الوظائفي في عملية استتباب – الأمن والسلم – العالميين ، ليس فقط لأنها القطب الوحيد في السياسة الدولية فهذه قضية جزئية ، بل لأنها الدولة الرأسمالية الأولى وتمثل بصرامة قوة الرأسمال المالي وتمركزه وتمظهره والديمقراطية الليبرالية البرلمانية التمثيلية كمرحلة نهائية في التاريخ البشري الأقتصادي ( حسسب منظريها طبعاً ) . وهذه هي القضية المحورية في التحركات الأميركية لتلبية مقتضيات ومطالب هذا الرأسمال ( الشركات متعددة أو فوق القومية ، الكارتلات ، التروستات ) . وبعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر عام 2001 أنطعنت الولايات المتحدة في أهم مجالين على الأطلاق ، قضية الأمن القومي ومسألة هذا الرأسمال ( أسامة بن لادن أسقط صدام حسين وضعضع قوة الرأسمال المالي ) . لكن هذه الهيمنة ليست منفلتة أو غير محدودة فثمة عوامل تقيدها وأخرى تساعدها ، من العوامل التي تقيدها : المسطحات الرملية للرأسمال المالي ، القوة الشرائية للدخل السنوي للفرد الأميركي ، السياسة البراجماتية للميول الشعب الأميركي ، قوة التيارات الفعلية في الكونجرس الأميركي تحديداً دون غيره . ومن العوامل التي تساندها ، ضعف الشرق الأوسط ، غياب الديمقراطية ، الأنظمة الأستبدادبة ، إشكالية الفكر في الشرق الأوسط ، إشكالية الوعي لدى الفرد الشرق أوسطي . العامل الثاني : الحكومة العراقية . بعد أن أنقبر صدام حسين ونظامه الأسود ، كابد الشعب العراقي الويلات والنوائب على يد مجموعات إرهابية متسلطة كالوحوش على فريسة وديعة كالحمامة البيضاء وتداخل الحابل بالنابل لأن العملية السياسية كمنظور علمي معرفي تراكمي لم تكن مدركة لدى الجميع على نفس المسافة الزمنية ، فمنهم من أنحاز بالنتائج لضرب العملية السياسية ، ومنهم من غدا ضحية لإشكالية عقائدية ، وما بينهم سالت دماء عراقية حتى الركب . لكن رغم ذلك أستطاع بعض الساسة العراقيون قراءة الموضوعة السياسية بشكل منهجي سليم وفويم ، إذ لم تبرزفي المنطقة قوة سياسية ديمقراطية تدعم الحكومة العراقية للتغلب على معضلاتها العديدة ، بل بالعكس تكالبت سوريا وأيران على نحر العراق حتى النهاية مستغلين الشعور العدائي ضد الولايات المتحدة الأميركية ومستثمرين المجموعات الأرهابية والصداميين والجيش المهدي ومليشيات مقتدى الصدر. العامل الثالث : الأحتلال . منذ البداية أصدرت الأمم المتحدة قرارها إزاء التوصيف القانوني لوجود قوات الولايات المتحدة على الأراضي العراقية بصورة قطعية ووصمته بالأحتلال وأقرت بكل ما يترتب على ذلك من نعوت قانونية وحالات أستثنائية . إي إشكالية السيادة وسلطة الشعب والسلطة التقديرية للحكومة ونقصان الإرادة الموضوعية ومسألة التبعية وما يعقب ذلك من تحديات جسيمة في المستوى العملي والتي تتعلق بالأمور الرئيسة ، كالديمقراطية ، محاربة الأرهاب ، محتوى النظام الفدرالي ، علاقة الأطراف بالمركز ، إعادة إنشاء المؤسسات الأصلية الأستخبارات والجيش ..الخ . لذا أجتبى هؤلاء السادة حلول الأتفاقية الأمنية محل الأحتلال ، أي أستبدال مفهوم إيجابي بمفهوم سلبي ، مع الإدراك الأكيد إن الظروف الموضوعية والمخاطر الجسيمة التي تحدق بالعراق تقتضي بحكم وعي الضرورة التاريخية إقرار الأتفاقية الأمنية والمصادقة عليها . العامل الرابع : القوى الظلامية ، الخفافيش . من المؤكد إن الجهات التي تدمر الشرق الأوسط في هذه المرحلة هي العلة الأولى في أستمرارية بقاء قوات الولايات المتحدة في العراق وهي المستفيدة الوحيدة من أستمرار الأحتلال الأميركي له وهي الجمهورية الأسلامية الإيرانية ، سوريا ، جبش المهدي ، مليشيات مقتدى الصدر ، حزب الله ، حركة حماس . وهذه الجهات لاتؤمن لابالديمقراطية ولا بالحوار بل تبطش بكل الشرائح ، تدمر الكيان الأجتماعي ، تبدد كل طاقات المجتمع ، زاعمة إفتراءً ونفاقاً معاداتها للأحتلالين ، وفي الحقيقة هي تبتهل وتتضرع لرب العالمين أن يدوم الأحتلال أحقاباً . ويكفي أن نذكر هنا أن من يريد تحرير القدس الشريف و الديار المقدسة لايفترس لبنان ولا يبتلع جنوب العراق ولا يدمر كردستان والأحواز ولا يصدر الأرهاب إلى إهله وإخوانه في المنطقة بل يتجه مباشرة إلى فلسطين !! . العامل الخامس : إشكالية المعتقد . ماكادت مسودة مشروع الأتفاقية الأمنية أن تلوح في الآفاق حتى هرع موروث المعتقد لأجهاضها خدمة للسياسي الفارسي المطلوب ، فبادر المرجع الشبعي الأيراني كاظم الحسيني الحائري بإصدار فتوى تقضي بتحريم الموافقة على هذه الأتفاقية لإن الله جل وعز لن يغفر لمن يصادق عليها . وأستكملها صادق الحسيني الشيرازي بقوله إنها مخالفة للشرع وللشريعة فهي تنتقص من سيادة العراق المسلم كما أنها تجعل سلطة الكفار على المؤمنين !! لكن أن يبادر هذا الكافر إلى إقامة الديمقراطية في العراق ويبادر ذاك المسلم إلى تمزيق وحدنه وأبتلاع البصرة فهذا أمر محلل يتطابق مع الشرع والشريعة !!!. العامل السادس : الأتفاقية الأمنية . وهي مكونة من ثلاثين مادة كلها تضمن وتثبت مضمون السيادة وتركز على سلطة الحكومة العراقية في إقرار الأمور الجوهرية ، فقد ورد في المادة الرابعة ، البند الثاني ، تجري جميع العمليات العسكرية التي يتم تنفيذها بموجب هذه الأتفاقية بموافقة الحكومة العراقية وبالتنسيق الكامل مع السلطات العراقية ... وورد في المادة الخامسة ، البند الأول ، يمتلك العراق جميع الأنشاءات والمباني والهياكل غير المنقولة المتصلة بالأرض والقائمة في المنشآت والمساحات المتفق عليها .....وورد في المادة الثالثة ، البند الأول ، يلتزم أفراد القوات المسلحة الأميركية بواجب احترام القوانين والأعراف .....وورد في المادة الخامسة والعشرين ، البند الثاني ، تنسحب قوات الولايات المتحدة المقاتلة من المدن والقرى العراقية في تاريخ لايتعدى نهاية حزيران عام 2009 ... وورد في البند الأول ، تنسحب قوات الولايات المتحدة من الأراضي العراقية في تاريخ لايتعدى نهاية عام 2011 ...كما أن عنوان الأتفاقية له دلالاته الأكيدة – نص أتفاقية حول الوجود المؤقت للقوات الأميركية في العراق وأنشطتها فيه وإنسحابها منه ما بين الولايات المتحدة والجمهورية العراقية .....فهل في هذا ما يستحق غضب رب العالمين !! ثم لماذا لم يغضب رب العالمين حينما وقعت قطر على الأتفاقية مع هذا الكافر !!!!. العامل السابع : الرؤيا الماركسية . ينطلق ماركس في رؤيته للطابع الديلكتيكي ما بين الأبعاد الفاعلة ولمنح مبدأ التناقض فحواه الأكثر تطابقاً مع النقاط الحرجة من دالة آسرة إن العيني لايمكن أن يرتقي إلى الموضوعي إلا من خلال الجهد والنشاط البشريين ، إذ رغم إن علاقات الأنتاج ( وما يصاحبها من وسائل وأدوات الأنتاج والعلاقة المتضادة مابين قوة العمل والأجور) لها الأولوية وهي التي تحدد مشكلة الوعي ، إلا إن العلاقة ما بين العيني والموضوعي ليست آلية أو حتمية أو محددة المراحل ، إنما لامناص من مشاركة عوامل أخرى تؤوب في منطوقها إلى الجهد والنشاط البشريين ، وهذا ما فات تروتسكي ، وروزا لوكسمبورج ، وكاونسكي ، وهذا ما لايدركه اليساري البسيط ، ناهيك إن المعضلة تتسع وتتعمق لدى القسم الأعظم من الساسة العراقيين وبعض المثقفين ......








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أحداث قيصري-.. أزمة داخلية ومؤامرة خارجية؟ | المسائية-


.. السودانيون بحاجة ماسة للمساعدات بأنواعها المختلفة




.. كأس أمم أوروبا: تركيا وهولندا إلى ربع النهائي بعد فوزهما على


.. نيويورك تايمز: جنرالات في إسرائيل يريدون وقف إطلاق النار في




.. البحرين - إيران: تقارب أم كسر مؤقت للقطيعة؟ • فرانس 24 / FRA