الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ارفع رأسك .. أنت سعودي!

إكرام يوسف

2008 / 11 / 15
حقوق الانسان


" وإن يظهروا عليكم لا يرقبوا فيكم إلاً ولا ذمة".. عندما يصعد على السطح الصلف المدجج بسلاح المال، من دون أن تواجهه قوة تتسلح بالكرامة والكبرياء، فقل على الدنيا السلام!..
لست متفائلة كثيرا بأن تتراجع حكومة السعودية في أمر سجن الطبيبين المصريين وجلدهما.. فما الذي يدعوها للتراجع عن حكم وحشي، لا يبرره شرع ولاقانون، تفوح منه رائحة الانتقام واضحة؟ بينما الطبيبان ليسا من رعايا حكومة"ضبطت" ولو لمرة واحدة، متلبسة بجرم احترام كرامة مواطنيها، والعياذ بالله! .... وحين يستأنف طبيب الحكم عليه بالسجن سبع سنوات والجلد 700 جلدة، يأتي حكم الاستئناف ـ الفريد في نوعه ـ مدفوعا بشهوة التشفي ليضاعف من العقوبة لتصبح خمسة عشر عاما و1500 جلدة.. وعندما يناشد أهل المحكومين وذويهم حكام المملكة عبر وسائل الإعلام، تتغول الرغبة في الانتقام ليتقرر تنفيذ حكم الجلد في الطريق على طبيب مريض في عقده السادس، ارتكب ـ في حال إدانته ـ خطأ مهنيا، ولم تشفع له سنوات سخر فيها علمه وخبراته لعلاج أبنائهم.
وإذا كان أحد الطبيبين اللذين صدر الحكم المجحف بشأنهما حظي بثقة من كان يعمل لديهم حتى صارت إقامته في قصرهم لمدة ثلاث سنوات ترجح توقعات اطلاعه خلالها على ما يخشى افتضاحه، وترددت أقاويل عن علاقة بين الطبيب الآخر وإحدى صاحبات العصمة، فهي أسباب تفسر وحشية الحكم في مجتمع جاهلي، وليس لها مكانا في مجتمع متحضر، إلا إذا كانت بقايا ثقافة الجاهلية مازالت تعشش داخل عقول يمتلك أصحابها السطوة لفرضها.
فما الذي يمكن أن يكون مهندس البرمجيات يوسف عشماوي اقترفه بعد سفره للعمل في المملكة ببضع شهور، ما أدى لاختفائه الغامض؟ وبعد جهود مضنية من والده تبلغه الخارجية المصرية أنه محتجز علي ذمة قضية سرية وقد يستمر التحقيق معه لشهور!. وماهو السبب ـ ياترى ـ وراء حكم بسجن صيدلي مصري يبلغ 64 عاماً، لمدة 5 سنوات و900 جلدة، رغم التدهور الشديد في صحته وكبر سنه؟
قارن هذه الأحكام الهمجية، بماحدث عندنا في العام الماضي، عندما قادت فتاة متهورة سيارتها بأقصى سرعة قبل الفجر فأودت بحياة سائق تاكسي فقير وأصابت شابين، وما أن أظهرت جواز سفرها السعودي حتى لقيت كل احترام،وسرعان ما سويت القضية على النحو الذي يريح أصحاب الجواز السعودي.. وماحدث مرارا من أميرة سعودية كانت تقيم بالهيلتون وجرى تهريبها بعد تورطها وزوحها أكثر من مرة في تعذيب الخدم المصريين وفي سرقة مجوهرات.. وماوقع أيضا من أسرة سعودية كانت تقضي أجازتها في القاهرة،اختلفت مع طبيبة مصرية، بسبب الإصرار على "ركن" سيارتهم مكان سيارة الطبيبة، وبعد أقل من ساعة فوجئت الطبيبة وزوجها بالسعوديين يقتحمون شقتهما ويحطمون محتوياتها ويعتدون عليهما بالضرب، وعندما لجأت الطبيبة وزوجها للشرطة، تم تسوية الأمر كالعادة على خير ما يرغب "الضيوف"!.. وهكذا يطبق "الأشقاء" عمليا شعارا باتوا يرددونه على مواقع الانترنت "ارفع رأسك أنت سعودي .. غيرك ينقص وانت تزودي".. ويبدو أن القوم مقتنعين أنهم لايستطيعون رفع رؤوسهم إلا لأن غيرهم "ينقص"!.. وفي النهاية فاللوم ليس عليهم.. وإنما على من "ينقص"، فلو كان من تولوا أمرنا ـ في غفلة من الزمن ـ يدركون حقا مكان مصر ومكانتها، وقبمة شعبها وقامته، لما حدث ماحدث.
وتختزن ذاكرة كل منا العديد من قصص الهوان نعايشها داخل الوطن.. فهل ننتظر من نفس هذه الحكومة أو من سفاراتها في الخارج أن تتدخل لضمان حقوق مواطنينا في الغربة وكرامتهم؟..
أعود فأقول أن حقوق أبنائنا ، لن تستردها حكومة، مرغت بكرامتنا الأرض في الداخل، فصار الأشقاء يعايروننا علنا وعلى صفحات الجرائد، بما يحدث لمواطنينا على أيدي الشرطة وفي داخل أقسامها، ويستكثرون علينا أن نطالب بمراعاة كرامتنا في بلادهم!.
لم تبد حكومتنا ـ حتى الآن ـ أي تحرك جاد، ولا أي نوع من الغضب ـ ولو على سبيل التظاهر ـ من استباحة كرامة مواطنيها.. وليس من المتوقع أن تبدي شيئا من النخوة أو الغيرة، من باب التغيير. فهي تتجاهل ـ عامدة ـ حقيقة أن كل إهانة يتلقاها مواطن مصري في الخارج؛ هي صفعة على وجه كرامتها، وركلة على مؤخرة هيبتها!..
ليس إذا أمامنا سوى أن نتصرف من أنفسنا وبمعزل عن هذه الحكومة.. ليكن يوم الجلد الأسبوعي للطبيبين المصريين، يوم حداد عام على كرامة الطبيب، وليقف كل العاملين بمجال الطب والصيدلة وقفة احتجاجية ولو خمس دقائق اسبوعيا في موعد الجلد، يرتدي كل منهم شارة سوداء ولا بأس أن يكتب عليها "احتجاجا على جلد زملائنا بالسعودية وموقف حكومتنا المتخاذل".. ويقف المهندسون وقفة مماثلة مطالبين بالبحث عن زميلهم المختفي..ولنجمع التوقيعات المنددة بهذه الأحكام الوحشية لرفعها إلى المؤسسات الدولية، وليدرس المحامون سبل رفع دعاوى قضائية في المحاكم الدولية.. خلاصة القول: هذه حكومة لاتحترم نفسها، وتقبل استباحة كرامتها مقابل المعونات، علينا أن نتحرك من تلقاء أنفسنا، كل في مجاله..
"من يهن يسهل الهوان عليه.. مالجرح بميت إيلام"








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلمة الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي في الجمعية ا


.. موجز أخبار السابعة مساءً - الأونروا: غارات الاحتلال في لبنان




.. لبنانيون ولاجئون هجّرتهم الغارت الإسرائيلية يروون معاناتهم و


.. طلاب جامعة السوربون بفرنسا يتظاهرون من أجل غزة ولبنان




.. شاهد| دبلوماسيون يغادرون قاعة الأمم المتحدة بعد بدء خطاب نتن