الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مقترح للشاعر سعدي يوسف لأجل الحوار

كريم النجار

2004 / 3 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


لا جدال في أن الوضع العراقي الراهن يمر بأصعب الظروف وأعقدها، لا أريد سرد تفاصيله لأنها باتت معروفة للجميع. لكن ما أريد قوله أننا نعيش مرحلة انتقالية لم يمر بها البلد منذ زمن طويل، قوى احتلال تهيمن على كل مفاصل الدولة وتتحكم بشؤونها الإدارية والاقتصادية والسياسية والأمنية بعد أن انفردت بالإطاحة بنظام صدام دون الاعتماد على قوى المعارضة العراقية، ومقابل ذلك هناك مجلس حكم عينه الاحتلال (مرغما) يضم اغلب الأحزاب والفصائل الوطنية، تلك التي قارعت الدكتاتورية عبر زمن حكمها الذي جاوز الثلاثة عقود، والذي لا مثيل لقسوته في التاريخ المعاصر لبلدان العالم النامي.. لكن مهمة هذا المجلس ستنتهي عما قريب بعد أقرار قانون الحكم الإداري للدولة العراق الجديد وتسليم السلطة فيما بعد لهيئة عراقية سواء عبر توسيع تشكيلة مجلس الحكم الحالي ليشمل أوسع فئات وقوى الشعب، أو تشكيلة تحظى بانتخابات جزئية وصولا إلى مرحلة أعداد الدستور العراقي وتهيئة الانتخابات العامة. وهذه التجربة مرت بها بلدان مهمة كـ(المانيا واليابان وكوريا الجنوبية) في الزمن الماضي القريب، لكنها في النهاية حازت على استقلالها ونهضت من جديد.
ومما لا شك فيه أن الكثير من العراقيين، وأنت وأنا من ضمنهم لدينا ملاحظاتنا وأسئلتنا وشكوكنا بقوى الاحتلال وفي بعض الرموز السياسة الحاكمة الآن، ومدى ارتباطاتها السابقة والحالية بالمشروع الأمريكي الذي يريد فرض التغيير بالمداهنة والقوة وفرض الأمر الواقع على المنطقة برمتها.
لكن.. كيف يكون رد فعلنا إزاء هذه الأحداث، والمقبل منها، والعراق يواجه جملة مشاكل أساسية منها مخاطر تتعلق في تغيير بنيته وتركيبته الاجتماعية والثقافية وتقاليد كانت راسخة عبر الأجيال باعتباره شعبا منفتحا على الآخر ودولة رغم توالي الطغاة عليها سنت قوانين تحفظ التوازن بين القوميات والمذاهب وتعطي بعض المكاسب للمرأة وفي مجالي التعليم والصحة. وبين قوى ظلامية اجتمعت أهدافها مع أهداف أزلام النظام البائد لأحداث بلبلة وعدم استقرار دائم في العراق لأجل إرجاع الحكم الاستبدادي الذي لم يبخل بعدائه الإنسان والأرض والبيئة والطير.. ودول الجوار.
هل علينا أن نواجه هذه المرحلة.. وكذلك مستقبل العراق بعقل منغلق؟؟. لا يكون للحوار الحضاري الذي يقرب المسافات ويشرح الأحداث بصدق وانتقاد مخلص لأجل أحداث النقلة المهمة في تاريخ البلاد، وهي الاستقلال والاستقرار وبناء عراق ديمقراطي يعيش فيه الإنسان حرا كريما يستطيع التعبير وإبداء الرأي والمشاركة في كل مفاصل الحياة داخل بلده.
نحن نمتلك الآن.. ولأول مرة تعددية سياسية متنوعة ومختلفة المشارب لا مثيل لها في المنطقة كلها، من أقصى اليمين لأقصى اليسار.. وشعب فاعل لا يستكين على الخطأ والظلم والاستغلال.
ما ينقصنا هنا هو الحوار.. الحوار الموضوعي الذي يشير للأخطاء ويعالج الاشكالات الكبرى.. ولا أشك للحظة أن رموز ثقافتنا الوطنية.. وأنت أحدهم، يمتلكون الشجاعة في مواجهة هذه المسألة بروح مخلصة واعية.. لا شكاكة أو متفرجة على الأحداث من بعد.
تذكرني هذه المسألة بحوار شفاف ورائع دار بين أثنين من أهم شعراء فلسطين المعاصرين في أواسط الثمانينات، وهم بالتأكيد (أصدقائك).. جرى ذلك على صفحات مجلة اليوم السابع التي كانت تصل العراق وقتها بين الشاعر الذي يعيش المنفى آنذاك (محمود درويش) وبين الشاعر الذي يعيش قساوة الاحتلال ويواجهه يوميا (سميح القاسم). حوار في شؤون القضية والوطن والداخل والمنفى والشعر والمرأة والحلم والمستقبل.. كنا نتمتع بقراءته والحرص على متابعته وتعلم أشياء جديدة كانت غائبة عنا وقتها.
لم يتعرض فيه الشاعرين بالسب والشتم لخصومهما السياسيين.. بل كان حوارا قيّماً ومثمراً وكاشفاً.
لذا.. ونتيجة بعض التشابه الذي يجمع بين وضع العراق الحالي ووضع فلسطين المحتلة ذلك الوقت وحاليا أدعوك.. (وأنت أهل لها) بفتح حوار مع أحد مثقفي العراق ممن بقي داخله أبان نظام التسلط والقهر وحتى اللحظة، وهم كثر كما تعلم.. منهم على سبيل المثال لا الحصر في بصرتك وبصرة العراق الجميل القاص الرائع محمد خضير أو القاص محمود عبد الوهاب.. أو في بغداد مثل رفيقك الشاعر الفريد سمعان الذي واجه جبروت النظام بالصمت والممانعة ونزاهة اليد والسمعة.
أو أقترح أنت ما شأت من الأسماء التي تحترمها داخل العراق كي نطلع ونتفهم بشكل واضح لا لبس فيه مجريات الأمور التي تحدث في العراق الآن ونعرف حقيقة مشاعرها ومشاعر وهواجس من هو في المغترب وعينه على العراق الذي يحب.               








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. روسيا تعلن أسقاط 4 صواريخ -أتاكمس- فوق أراضي القرم


.. تجاذبات سياسية في إسرائيل حول الموقف من صفقة التهدئة واجتياح




.. مصادر دبلوماسية تكشف التوصيات الختامية لقمة دول منظمة التعاو


.. قائد سابق للاستخبارات العسكرية الإسرائيلية: النصر في إعادة ا




.. مصطفى البرغوثي: أمريكا تعلم أن إسرائيل فشلت في تحقيق أهدف حر