الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دعوات المالكى بين الجدية والدعاية الانتخابية

عبدالله مشختى

2008 / 11 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


شهدت الايام الاخيرة من الحياة السياسية على الساحة العراقية جملة من القضايا المهمة والتى كانت ولا تزال مدار الخلاف بين الكتل السياسية المختلفة بدأ من الاتفاقية العراقية الامريكية وتمثيل الاقليات الدينية والعرقية فى مجالس المحافظات والمشادات والمشاحنات الساخنة التى دارت حولها اضافة الى قانون النفط والغاز الذى لم يثر بعد والخلافات بين سلطات اقليم كردستان والحكومة الاتحادية ، والتى من اجلها توصل الطرفان الكردى والحكومة الاتحادية الى نتيجة مفادها تشكيل خمس لجان لبحث هذه الخلافات وتقديم تقاريرها الى السلطات الرئاسية خلال شهر . ولكن الغريب فى الامر ان السيد المالكى رئيس الحكومة العراقية لم ينتظر تقارير اللجان الخمسة بل اطلق مجموعة من التصريحات والقرارات تمس بعلاقة السلطة المركزية والاقاليم ، ومنها دعوته الى اجراء تعديلات فى الدستور العراقى بما يضمن تقليص صلاحيات الاقاليم والمحافظات لئلا تتحول الامور الى دكتاتورية الاقاليم على حد تعبيره ، وارى ان عكس ذلك سيؤدى الى دكتاتورية المركز ، الم يكن من المفترض ان ينتظر السيد المالكى اعمال ودراسة اللجان المشكلة وان يبادر الى دراسة تلك التقارير ومن ثم التحدث عن هذه القضايا ، ان السيد نورى المالكى اذا كان يعتبر ان الدستور قد كتب على عجل فانه يمكن قد نسى امورا كون اعداد الدستور العراقى قد استغرق حوالى الثلاث سنوات لاقراره وثانيا انه بنفسه كان مسؤولا عن ملف الدستور فكيف قبل بان يتخلل الدستور ثغرات كبيرة كالتى يتحدث سيادته عنها ، ام ان السيد رئيس الوزراء قد اكتشف الان بان الدستور يتضمن صلاحيات كبيرة للاقاليم ، طبعا ان سيادته يقصد اقليم كردستان بالذات لان ليس هناك اقاليم فى العراق غير اقليم كردستان وانه يرغب بتقليص هذه الصلاحيات لجمع كل القضايا بيد الحكومة الاتحادية والذى يطلق عليها سيادته بالحكومة المركزية وليس الاتحادية كما ورد فى نصوص الدستور وكأنه بدا يتراجع عن هذا الدستور الذى صوت له حوالى 80% من الشعب العراقى .
السيد المالكى ادرى من غيره بانه هناك لجنة للتعديلات الدستورية فى مجلس النواب العراقى وهى تدرس الدستور بصورة دائمة وتدرس امكانية اجراء تعديلات دستورية لتتماشى والضروف الجديدة التى يمر بها العراق وما تتطلبه هذه المرحلة وهذه التعديلات خاضعة لضوابط وقوانين لايمكن لاى كان ان يتجاوزها او يتلاعب بها وان اى تعديل للدستور ينبغى موافقة مجلس النواب ومن ثم موافقة الشعب العراقى بكل اطيافه ، وهو ايضا على علم بان كل القرارات السياسية والمصيرية فى العراق تمرر ومنذ 5 سنوات بالتوافقات اى توافق كل الاطراف والكتل والقوى السياسية العراقية عندما يصعب تمريرها وفق الاسس الديمقراطية البرلمانية كما حدث للتصويت على المادة 24 من قانون انتخابات مجالس المحافظات والمادة 50 من ذلك القانون . اذا كان السيد المالكى تواقا لجمع كل السلطات بين يديه كما يفعل اى رئيس نظام شمولى دكتاتورى فى اى بلد عربى ا وان سيادته يريد الانفراد ببعض الصلاحيات والممارسات السلطوية ارى بانه سيرتكب خطأ جسيما لان هذا النمط من الحكم والسلطة لن تقوم له قائمة فى العراق الجديد بعد ان انطلق الشعب العراقى وقواه السياسية من عقدة الاستسلام للسلطة المركزية والشمولية التى تريد ان تتحكم برقاب الشعب فى كل اموره الكبيرة والصغيرة فمثل هذا النمط من الحكم قد عفى عليه الزمن اقله فى العراق اليوم وارى بان تقليص صلاحيات الاقاليم لن تجلب الامن للعراق فلو كان العراق برمته يعيش حالة بغداد والمدن الاخرى الغير المستقرة فهل كان بامكان السيد المالكى ان يحافظ على الحكم فى جميع ارجاء العراق ؟ ورغم ان الامن قد استقر بنسبة محددة وليس بالكثير فى العراق ونشهد لجهود السيد رئيس الحكومة على مبادراته فى هذا الاتجاه وتمكن من تحقيق بعض الامن والاستقرار فى بعض المناطق الساخنة الى ان الامن لم يتحقق بالكامل ويقتضى ذلك فترة زمنية اكبر مما يتوقعه السيد المالكى وغيره من المسؤولين وخاصة ان قوى الارهاب والعداء للعراق الجديد قد تنفست الصعداء قليلا بنبأ احتمال انسحاب القوات الامريكية من العراق وبدأت من جديد بتجميع صفوفها ووضع خطط واستراتيجيات جديدة لاعمالها الاجرامية فى تخريب وتدمير العراق .
ان دعوة المالكى بتعديل الدستور بما يضمن تقليص صلاحيات الاقاليم والمحافظات ستجابه بمعارضة شديدة وقد بدأت هذه المعارضة بالظهور كما ورد فى رد محافظ البصرة وسكانها الذين ينوون اقامة اقليم خاص بهم وكذلك من التحالف الكردستانى كون دعوات المالكى موجهة ضد اقليم كردستان بالذات كونه مزود بصلاحيات مقررة فى الدستور العراقى . ان هذه الدعوة والتى سبقتها قرار تشكيل مجالس الاسناد فى الموصل وكركوك وقرارات اخرى فردية اتخذها المالكى بنقل الضباط الكرد الى الوسط والجنوب والغاء الدراسة الكردية فى جامعة كركوك كلها تصب فى خانة الاساءة الى الكرد ثان مكون فى العراق ان هذه الخطط لن تخدم المصلحة العراقية بل تؤدى الى المزيد من التباعد والحساسية وتأزيم الاوضاع والتى لن تكون فى مصلحة العراق والعملية السياسية والديمقراطية الجارية منذ 5 سنوات بل ستؤدى بالعراق الى التراجع الى المربعات الاولى والتى سيستغلها القوى المعروفة بعدائها للعراق . ان هذه الخطوات التى يقدم عليها السيد المالكى فى رايى انها تستخدم لاغراض تقوية نفوذه ونفوذ حزبه خاصة فى المناطق التى تجرى فيها الانتخابات القادمة ، فالحساسية الدائرة الان بين حزب الدعوة والمجلس الاعلى على النفوذ فى الوسط والجنوب يشعر المالكى بالضعف من قاعدته الحزبية لهذا عمد الى تشكيل مجالس الاسناد فى المحافظات لتكون ذراع حزب الدعوة مقابل منظمة البدر التى تسيطر على معظم المراكز فى الجنوب ومناطق من الوسط ، فاملا منه بترجيح كفة الميزان لابد له من كسب اصدقاء وحلفاء جدد وخاصة والعراق مقبل على الاتنخابات لمجالس المحافظات والاقضية والنواحى فلا بد والحالة هذه ان يلجأ الى قوى هى فى ذاتها تحمل معارضة لبنود من الدستور العراقى كبعض القوى السنية والتى هى اصلا تعارض النصوص التى تؤكد على الفيدرالية كنظام سياسى للبلد وتعارض تمتع اقليم كردستان بالفيدرالية ، لذا فهذه القوى ستنحاز الى جانب السيد المالكى فى حملته وقد يمكن ان يفيده فى الانتخابات عبر تحالفات مؤقتة قد تعقد لهذا الغرض .ان المناطق المختلف عليها فى ديالى وكركوك والموصل وتكريت هى مناطق يجب على الحكومة ان لا تلجأ الى اثارة المشاكل والتناحر فيها كونها مناطق تتطلب حلولا نهائية وجذرية لانهاء المشاكل العالقة فيها ومن يتم البث فى امورها الاخرى فان تشكيل مجالس الاسناد فى هذه المناطق الحساسة والمتوترة اصلا ستزيد من الطين بلة ولن تحل وتخمد مشاكلها بقوات الاسناد او مجالسها لما تترتب على هذه المجالس من اعمال وخروقات وتسلل عناصر الارهاب اليها مما يؤدى الى احتقان الاجواء التناحر الطائفى والعرقى والمذهبى والدينى و.....الخ كون هذه المناطق تعانى من مشاكل عويصة يتطلب حلها هدوءا ودراية واتفاقات فى ظل اجواء تنعم بالهدوء والاخوة فى اطار المصلحة العامة للعراق ككل .نامل ان لا تكون دعوات السيد المالكى جدية وان تكون مادة اعلامية ودعاية انتخابية ولو لم تكن ذلك فان المصلحة الوطنية العراقية لن تكون بخير وستفرز هذه الدعوات نتائج غير صالحة للعملية السياسية الجارية التى تتطلب التهدئة والاقتراب بين القوى السياسية العراقية لايصال سفينة العراق التى تتلاطمها الامواج من كل جانب الى بر الامان والبناء والتنمية الشاملة ، لان الابطال المخلصين هم القادرون لوحدهم انجاز المهمات الصعبة واخراج العراق وشعبه من الوضع الحالى الذى يعيشه .
[email protected]









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رغم تحذيرات الحكومة من تلوث مياهها... شواطئ مغربية تعج بالمص


.. كأس أمم أوروبا: فرنسا تسعى لتأكيد تفوقها أمام بلجيكا في ثمن




.. بوليتيكو: ماكرون قد يدفع ثمن رهاناته على الانتخابات التشريعي


.. ردود الفعل على قرار الإفراج عن مدير مجمع الشفاء الدكتور محمد




.. موقع ناشونال إنترست: السيناريوهات المطروحة بين حزب الله وإسر