الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من غير زعل : حرب القناعات

اسماء محمد مصطفى
كاتبة وصحفية وقاصّة

(Asmaa M Mustafa)

2008 / 11 / 16
حقوق الانسان


التوافق الدائم والتطابق الكامل في الآراء ووجهات النظر أمران مستحيلا التحقق في كل الاوقات وعند كل المواقف والظروف ما دام العقل البشري ليس واحداً بأفقه ووعيه واتجاهاته ، كأصابع اليد تماماً إذ لا تتساوى ، لذا فإن ّ طرح وجهات نظر متعددة حول موضوع واحد ـ قد تكون متكاملة احيانا او متقاطعة تماماً اومتسمة بالتضاد في جوانب معينة احياناً اخرى ـ عملية تغلب على معظم علاقاتنا الوظيفية والاجتماعية والأسرية والشخصية .
وكثيراً ما تطفو على سطح الحوارات والمناقشات مسألة التعنت في الرأي .
لكن ليس بالضرورة أن تُعَد هذه المسألة مأخذاً على صاحبها إذ قد يكون رأيه صائباً يستحق أن يستميت في الدفاع عنه بينما يتصوره الآخرون مخطوءًا .
قد يقول قائل ان ّ التعنت في الرأي سلوك سلبي حينما يكون الرأي مغلوطاً .
وأقول إنّ السلبية نسبية هنا ، إذا كان تصحيح الخطأ وارداً بفعل المناقشات المستمرة التي تمنح المخطئ فرصة أن يرى الحقائق بوضوح ، فيرجع عن رأيه بعد حين ، لكن الخطأ الأكبر والسلبية المتناهية تكمنان في اتخاذ احدهم موقفاً متعصباً ومضاداً من الآخر الذي طرح رأياً مخالفاً لقناعات الأول الذي يتناسى أو يتجاهل إن ّ من حق كل انسان ابداء الرأي ، بيد إن ّ هذا الحق لايفهمه البعض الذي يتلبسه هاجس مصادرة آراء الآخرين من جراء ضعف نظرته وضيق أفقه الذي لايسمح له بالتفاعل مع الآراء الاخرى محاولاً فرض رأيه عنوة وبعصبية ، ولربما يستخدم كلمات غير لائقة ينعت بها المختلفون معه في الرأي محاولاً التقليل من شأنهم مما يدل على ضحالة فكره ورثاثة آرائه .
إن ّ مثل هذا ، عليه أن يتوقف قليلاً ويلتقط هواءً نظيفاً ينقي ليس رئته وإنما عقله عسى أن يرتقي بوعيه ، فيبدي آراءه بموضوعية ويتقبل المناقشة بحياد دون ان يحاول إلغاء حق الآخر في التفكير بصوت عال ٍ .
إن ّ الاختلاف في الرأي لايفسد للود قضية ، ولا يحولنا الى اعداء ، ولا يحيل المساحة التي نقف عليها الى حلبة حروب وصراعات شخصية ،
بل هو مدعاة لنستفيد من الوعي الآخر ، وليفهم بعضنا بعضاً ، فقد تكون ثمة حقائق غائبة عن آفاقنا يتيسر لنا اكتشافها من خلال وجهات نظر مخالفة لوجهات نظرنا ، طرحها احد الاقرباء اوالزملاء او الاصدقاء او .. حتى الآخرين الذين لاتربطنا بهم أي علاقة .
ولولا تبادل الآراء وتعدد الافكار وتفاعلها ما تطورَ الانسان ، وما أتسعَ افقه ، وما انتعشت العلاقات الانسانية ،
لكن ماذا عسانا نقول لضعاف البصيرة الذين لايجيدون طرح آرائهم بودٍ ولطف ٍ وبطريقة منطقية مُجرَدة من الانفعال والانحياز للذات ؟
وماذا نفعل لهم وهم لايتطورون ، إذ يبقون يدورون في حلقات تعصبهم الاعمى وذاتيتهم المصابة بالحَوَل ؟!!
إذ لاينظرون الى ذوات الآخرين بإستقامة ، لأنهم لايرون بوضوح سوى قناعاتهم ، ولايسمعون إلاّ اصواتهم ومن غير ان يفكروا للحظة إن قناعاتهم قد تكون بلا منطق ، وأصواتهم بلا أصداء ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أردنيون يتظاهرون وسط العاصمة عمان ضد الحرب الإسرائيلية على ق


.. كيف يمكن وصف الوضع الإنساني في غزة؟




.. الصحة العالمية: المجاعة تطارد الملايين في السودان وسط قتال ع


.. الموظفون الحكوميون يتظاهرون في بيرو ضد رئيس البلاد




.. مؤيدو ترامب يطالبون بإعدام القاضي وبحرب أهلية