الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اعادة قراءة لمشروع قانون الموازنة

فهمي الكتوت

2008 / 11 / 18
الادارة و الاقتصاد


تشكل الموازنة العامة الركيزة الاساسية لخطة الدولة وبرنامجها الاقتصادي والاجتماعي خلال عام, فهي تعكس رؤية الحكومة الحقيقية تجاه الشرائح والفئات الاجتماعية وبغض النظر عن الطروحات السياسية والاعلامية في المجالين الاقتصادي والاجتماعي لاي حكومة, فالمعيار الحقيقي لتوجهاتها وسياساتها في هذا المجال, ما تترجمه ارقام الموازنة بشكل ملموس حول الابواب الاساسية من مصادر ايراداتها, واولويات نفقاتها, ما هي المصادر الرئيسية للخزينة? هل هي من مقومات الدولة الاساسية, عائدات الثروات الوطنية ومساهمات الدولة في بعض القطاعات المولدة للدخل? وما نسبة مساهمة الضرائب في ايرادات الخزينة? ما هي نسبة الضرائب المباشرة, ضريبة الدخل من مجموع الايرادات الضريبية. في المقابل ما هي ابواب انفاق الخزينة, ما نصيب وزارة التربية والتعليم, نصيب وزارة الصحة والخدمات الاجتماعية, ودعم المواد الاساسية, ونصيب الفروع الاخرى من الموازنة, وهل مفهوم اعادة توزيع الدخل, بوساطة ضريبة الدخل, يحقق قدرا من العدالة الاجتماعية, وبالتدقيق في مشروع قانون الموازنة يتضح ما يلي:
بلغت الايرادات المحلية المقدرة 4782924 دينارا منها 3257414 دينارا ايرادات ضريبية, وبلغت ايرادات ضريبة الدخل 664316 دينارا, اما الايرادات المحلية غير الضريبية والبالغ قيمتها 1525510 دنانير ويشكل بند ايرادات بيع السلع والخدمات بقيمة 759601 دينارا البند الاهم في الايرادات غير الضريبية, ومن هذا البند 249550 دينارا رسوم تسجيل الاراضي, والباقي عبارة عن رسوم ترخيص مركبات ورسوم محاكم ورخص, وهي مسميات مختلفة لضرائب تتقاضاها الخزينة من المواطنين, اما اهم وابرز عائدات الدولة من غير الضرائب فهي 191275 دينارا من هيئة تنظيم قطاع الاتصالات, وهو رقم استثنائي يبدو ان له علاقة برسوم ترخيص الجيل الثالث من الاتصالات الخلوية, حيث تقدر قيمة ايرادات العام الماضي بحوالي 97 مليون دينار وعائدات التعدين قدرت ب¯ 50 مليون دينار
اما المنح وتقدر بحوالي 684 مليون دينار معظمها من العربية السعودية وامريكا, وقروض محلية بحوالي 688 مليون لتغطية العجز المقدر, بذلك تكتمل الصورة حول الايرادات الاساسية لخزينة الدولة, ويتضح ان معظم مصادر الايرادات من الضرائب والمنح والقروض, وتشكل الايرادات الضريبية حوالي 68% من اجمالي الايرادات المحلية, اما ايرادات ضريبة الدخل تقدر بحوالي 14% واذا اضفنا بند بيع السلع الى الايرادات الضريبية تصبح نسبتها حوالي 84% من الايرادات المحلية, وتتجه السياسة العامة للحكومة نحو زيادة الايرادات الضريبية في السنوات القادمة, مما يشكل العبء الضريبي اهم عائق امام النمو الاقتصادي الحقيقي, ويمثل رافعة لزيادة التضخم, ويسهم بزيادة الفوارق الاجتماعية كون مساهمة ضريبة الدخل متواضعة مقارنة مع اجمالي الايرادات الضريبية, اما الخلل الخطير في الموازنة عدم اعتمادها على ايرادات معقولة من الثروات الوطنية والتي قدرت بحوالي 50 مليون دينار رغم مضاعفة قيمة هذه الايرادات في هذا العام قياسا للاعوام الماضية. الامر الذي يقتضي وقفة جادة واعادة النظر من مضاعفة قيمة هذه الايرادات في هذا العام قياسا للاعوام الماضية. الامر الذي يقتضي وقفة جادة واعادة النظر بالنهج الاقتصادي السائد, والتوجه نحو سياسات اقتصادية تستند الى الثروات الوطنية, وتعظيم دور الاقتصاد الحقيقي باسهامات مباشرة للحكومة بمشاريع استثمارية تنموية بالتعاون مع القطاع الخاص, فقد سقطت سياسات التنظير الليبرالية القائمة على مغادرة الدولة القطاع الاقتصادي, وتثبت صحة الافكار التي طالبت بتدخل الدولة لتحقيق تنمية اقتصادية عبر انشاء قطاع مختلط من القطاعين العام والخاص لاستثمار الثروات الوطنية.
من الطبيعي ان يظهر مشروع قانون الموازنة اولويات الحكومة في الانفاق استنادا لتوجهاتها العامة في الميادين الاقتصادية والاجتماعية, ولمعرفة هذه الاولويات وبالتدقيق على اهم ابواب انفاق 6155471 مليون دينار منها 4790475 مليون دينار نفقات جارية و 1364996 مليون دينار نفقات رأسمالية, تبين ان الحكومة خصصت 816 مليون دينار تعويضات العمال من رواتب واجور وضمان اجتماعي و 714 مليون دينار تقاعد وتعويضات, وبذلك تشكل رواتب العاملين والمتقاعدين حوالي 32% من قيمة النفقات الجارية, في حين شكلت نسبتها في موازنة 2008 اعادة تقدير 26.6% بنسبة نمو حوالي 25% وقد بلغت قيمة الفوائد على الدين العام الداخلي والخارجي حوالي 435 مليون دينار حوالي 9% وشكلت من موازنة 2008 اعادة تقدير 8.4%, وبنسبة نمو حوالي 12% ومخصصات الجهاز العسكري حوالي 1620 مليون دينار وتشكل حوالي 33.8% وكانت في موازنة 2008 اعادة تقدير 28.7% وبنسبة نمو 22.5% وقد اظهرت ابواب الانفاق المبينة اعلاه زيادة ملحوظة في نفقاتها, لكن اللافت ان الحكومة تتحدث عن زيادة سنوية للموظفين تقدر بحوالي 7% على الراتب الاساسي, بينما نسبة الزيادة في نمو حصة الرواتب تصل الى حوالي 25%. يبدو ان هناك توجها لدى الحكومة بالتوسع في التوظيف خلال العام المقبل, اما ابواب الانفاق التي شهدت انخفاضا في حصتها من النفقات الجارية مقارنة مع عام 2008 اعادة تقدير هي: دعم المؤسسات الحكومية ودعم المواد التموينية, وشبكة الامان الاجتماعي فقد بلغت حصتها في المشروع 278 و 215 و 167 مليون دينار على التوالي, علما انها بلغت في موازنة 2008 اعادة تقدير و 352 و 375 و 466 مليون دينار, وقد شكلت نسبة الانخفاض في مخصصاتها 45% وذلك بتأثير الانخفاض العالمي للاسعار الناجم عن حالة الركود الاقتصادي.
اما النفقات الرأسمالية فقد استحوذت المباني والانشاءات والاراضي على 52.5% من النفقات الرأسمالية وقدرت بحوالي 717 مليون دينار ونفقات ادامة وتشغيل حوالي 11% ومعدات وآلات ومركبات حوالي 8.3% وقد شكل نصيب وزارتي الصحة والتعليم 210605 مليون دينار حوالي 15.4% من اجمالي النفقات الرأسمالية.
يتضح مما تقدم تراجع نصيب النفقات المتعلقة بدعم المواد التموينية وشبكة الامان الاجتماعي بحوالي 459 مليون دينار, وتخفيض حصة دعم المؤسسات الحكومية بحوالي 74 مليون دينار, وبذلك تبلغ قيمة التخفيضات على البنود الثلاثة 533 مليون دينار, كان يفترض الاستفادة من هذه التخفيضات لصالح تخفيض عجز الموازنة والبالغ قيمته 688 مليون دينار لكي يتراجع العجز الى 155 مليون دينار, اما النفقات الرأسمالية والتي لا يتوفر لها تمويل من المفترض حصرها بالنفقات الاكثر اهمية, مثل حصة وزارتي الصحة والتعليم والنفقات الضرورية المتعلقة بالصيانة والادامة والتشغيل, وما يحتل اولوية للبنية التحتية المرتبطة بالزراعة والمشاريع الاستثمارية, وانهاء فكرة تمويل مشاريع - عن طريق القروض, ليست ضرورية من حيث الاهمية لدولة تعاني من عجز كبير في الموازنة ومديونية مرتفعة, وبذلك يمكن تخفيض جزء من النفقات الرأسمالية والمتعلقة بالانشاءات والاراضي والسيارات للسيطرة على عجز الموازنة وتقديم موازنة بلا عجز في حال وفاء الدول المانحة بتحويل المساعدات كما هي واردة في مشروع قانون الموازنة, مع الاعتقاد السائد بان قيمة المساعدات الواردة مبالغ بها على ضوء الازمة الاقتصادية التي طالت الدول المانحة.
تحتاج الموازنة الى اعادة هيكلة واعادة توزيع للنفقات بصورة اكثر ملاءمة مع تخفيض ملموس في الانفاق العام, مع الاخذ بعين الاعتبار ان جزءا من الايرادات المقدرة قد لا تتحقق بسبب الركود الاقتصادي. ان سياسة اعادة توزيع الدخل تحتاج الى تصويب لزيادة عائدات الفئات الدنيا والوسطى من الدخل القومي عن طريق زيادة الخدمات وتحسين مستواها وتعميمها بشكل اوسع خاصة ما يتعلق بالتعليم والصحة, وزيادة الاهتمام في القطاع الزراعي, صحيح ان هذا القطاع نال نصيبا اكبر في الموازنة الحالية لكنه يحتاج لرعاية واهتمام لاهمية دور هذا القطاع في البلاد, حيث يفترض ان يسهم بتحقيق الامن الغذائي, كما ان نسبة الزيادة الواردة على رواتب الموظفين بحدود 7% على الراتب الاساسي لا تشكل تغطية لنسبة التضخم المتوقعة, لذلك يفترض ان تكون على اجمالي الراتب وليس على الاساسي.
يتحدث خطاب الموازنة عن عملية اصلاح مستمرة ويؤكد ان النهج الاصلاحي الذي اختطته الحكومة لا يعني بحال من الاحوال تخلي الدولية عن دورها الاجتماعي هذه الاقوال تحتاج الى مراجعة وتدقيق, من ناحية ان السياسات التي اتخذتها الحكومة بوحي من الليبراليين الجدد قد سقطت ويفترض التحلي بالجرأة والاعلان رسميا عن التخلي عن هذه السياسات وبخطوات ملموسة, منها اعادة وزارة التموين للاشراف على اسعار المواد الاساسية, بدليل ان الوزير يطالب ويناشد القطاع الخاص بالاستجابة للانخفاض العالمي, من دون مجيب. ليس بالتمنيات تحل القضايا الاقتصادية, ومع ذلك يعلن وزير المالية ان الحكومة ستواصل حث القطاع الخاص على التجاوب مع الانخفاضات العالمية.. ! نعتقد ان الحكومة بلا غطاء قانوني في هذا المجال وهي في وضع لا تحسد عليه, وعليها التعامل مع هذه القضايا باكثر واقعية وباصدار قوانين لحماية المستهلك.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلمة أخيرة - وزير التموين: سنكون سعداء لو طبقنا الدعم النقدي


.. كلمة أخيرة - وزير التموين: صندوق النقد لم يطلب خفض الدعم.. و




.. منصة لتجارة الذهب إلكترونياً بالحلال


.. البنك المركزي اليمني يوقف التعامل مع 6 بنوك لم تلتزم بقرار ن




.. عيار 21 الآن.. سعر الذهب اليوم السبت 1–6-2024 بالصاغة