الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


همسات مقدسة-المعرض الشخصي الأول للفنانة ابتسام الخليفة في لندن

كريم النجار

2004 / 3 / 2
الادب والفن


تحت عنوان (همسات مقدسة) أقامت الفنانة العراقية ابتسام الخليفة معرضها الشخصي الأول على قاعة المركز البولندي "بوسك" في لندن مؤخرا.

يضم المعرض 26 عملا هي حصيلة رؤيتها الفنية بعد دراستها التصميم الفني في لندن مما أثر على أسلوبها ومعالجاتها البصرية، حيث اعتمدت الخليفة التعبيرية التجريدية بأقصى حالاتها للتعبير عن دواخلها في فهم البيئة والمحيط وثقل الأشياء التي تحيط بالمدينة العصرية (لندن كمثال). فهي هنا ترصد الحركة النابضة بسرعتها الضوئية أمام الهياكل الصماء التي تثقل بكتلها على المدينة بتفجرات لونية متداخلة ببعضها لتعطينا صورة بصرية متعددة الأوجه والأبعاد.

وبقدرتها على استدراج اللون وكثافته للتعبير عن همساتها وحوارها المتداخل مع أضواء وفوضى المدينة الضاجة كتعبير مقدس لهذا الحوار واستنطاق مضمونه الإنساني وما خفي في المهمل منه، كرؤية إعادة تركيب الصور المعمارية، وتدفق تلك الصور عبر خيال خصب يجهد لترتيب هذه الأشياء المبعثرة، تعطينا مثالا للعلاقة الروحية بين الكائن ومكانه.. ربما تتلمس غربتها الدائمة وفقدانها للمدينة البعيدة هناك التي حلمت بها ولم تطأ قدمها أرضها السحرية، حيث بقيت عيونها شاخصة نحو (بغداد) التي تركتها طفلة لا تتجاوز العامين من العمر ولم تكتشف أسرارها التي ظلت تؤرقها طوال غربتها ومنافيها لأكثر من عشرين عاما، هي خلاصة عمرها الفتي.

مجرد التمعن في أعمالها يعطي للرائي دفقا لا شعوريا للاسترخاء واستدراج الذات وحوارها عبر الرموز والعلامات المكثفة التي تضخها بسخاء في ثنايا كتلها وصورها المتداخلة.. رموز لعلامات نعيشها في تفاصيل حياتنا اليومية بصور تتداخل ببعضها.. أثر لعجلات حافلة مطبوع على أسفلت الشارع دلالة لخطا سائرة دون توقف.. كتل صماء في ساحة أو حديقة هي النقيض لحركة العجلات والأقدام، خطوط خشنة تركها عابر على حائط مهمل، شجر يقاوم العاصفة، مساقط ضوء تهندس ثقوب الفضاء.

كما تسري الموسيقى بين ثنايا أعمالها لتلامس الروح وتنبض الوانها بهارموني متسامي ومتساوق مع صورها المتدفقة بتواليات لا نهائية، هي أقرب للصور الشعرية منها للرسم، وكأن تداخل غير قصدي مازج بين اللون والموسيقى والشعر في وحدة حساسية نادرة التجسد. 

لا غرابة أن تكون انطلاقة الفنانة ابتسام الخليفة بهذا الوعي الفني وحسها العالي بتجسيد الأشياء المحيطة حولها ومحاولة تفسيرها بإعادة تفكيكها وفض رموزها كي تعيد التوازن المختل في معادلة الوجود والمكان والواقع المعاش، إذا علمنا أن لها تجارب ومشاركات فنية منذ الصغر، حيث شاركت في معارض شبابية في الجزائر وانكلترا زادتها خبرة ودربة بدراستها لفن التصميم.
ويبقى حلم الفنانة الخليفة أن يكون معرضها القادم على إحدى القاعات في بغداد.. تلك المدينة التي تختزن في ذاكرتها وتعرش فيها كلما تناهى سمعها شيئا منها.

غادرت الفنانة ابتسام الخليفة وهي طفلة مع والديها العراق عام 1980 إلى الجزائر.
تقيم في لندن منذ 15 عاما.
درست فن التصميم وتعمل في مجال التصميم الالكتروني التلفازي في لندن.        
    








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أمسيات شعرية- الشاعر فتحي النصري


.. فيلم السرب يقترب من حصد 7 ملايين جنيه خلال 3 أيام عرض




.. تقنيات الرواية- العتبات


.. نون النضال | جنان شحادة ودانا الشاعر وسنين أبو زيد | 2024-05




.. علي بن تميم: لجنة جائزة -البوكر- مستقلة...وللذكاء الاصطناعي